أحقا رأيت الموت دامي المخالب

أحقاً رأيتَ الموتَ دامي المخالبِ

​أحقاً رأيتَ الموتَ دامي المخالبِ​ المؤلف مصطفى صادق الرافعي


أحقاً رأيتَ الموتَ دامي المخالبِ
وفي كلِّ نادٍ عصبةٌ حولَ نادبِ
وتحتَ ضلوعِ القومِ جمرٌ مؤججٌ
تسعر ما بينَ الحشا والترائبِ
وفي كلِّ جفنٍ عبرةٌ حينَ أرسلتْ
رأوا كيفَ تهمى مثقلاتُ السحائبِ
أبى الموتُ إلا وثبةٌ تصدعُ الدجى
وكم ليلةٍ قد باتها غيرُ واثبِ
فما انفلقَ الإصباحُ حتى رأيتهُ
وقد نشبتْ أظفارهُ بالكواكبِ
وكم في حشا الأيامِ من مدلهمةٍ
قد ازدحمتْ فيها بناتُ المصائبِ
هوى القمرُ الوهاجُ فاخبطْ معي السُّرى
إذ لاحَ ضوءُ الشمسِ بينَ الغياهبِ
ووطَّنَ على خوضِ المنياتِ أنفساً
تساوقها الآجالُ سوقَ النجائبِ
فهنَّ العواري استرجعَ الموت بعضها
وقصرُالبواقي ما جرى للذواهبِ
أبعدَ حكيمَ الشرقِ تذخرُ عبرةً
وما هو من بعدِ لرحيلِ بآيبِ
حثوا فوقَ خديهِ الترابَ وأرسلوا
عليهِ سحاباتِ الدموعِ السواكبِ
لتبكِ عليكِ الصحفُ في كلِّ معركٍ
إذا ما انتضى أقلامهُ كلُّ كاتبِ
فقدْ كانَ إن هزَّ اليراعَ رأيتهُ
يصولُ بأمضى من فرندِ القواضبِ
ولم يكُ هياباً إذا حميَ الوغى
ورفرفتِ الأعلامُ فوقَ الكتائبِ
وكانتْ سجاياهُ كما شاءَها الهدى
وشاءتْ لأهليها كرامُ المناقبِ
ولا بدعَ أن تعزى الكواكبُ للعلى
وقد نسبتهُ نفسهُ للكواكبِ
سلوا حامليهِ هل رأوا حولَ نعشهِ
ملائكةَ من حارب خلف حاربِ
وهل حملوا التقوى إلى إلى حفرةِ الثرى
وساروا بذاكَ الطودِ فوقَ المناكبِ
وهل اغمدوا في قبرهِ صارماً إذا
تجردَ راعَ الشرقَ أهلُ المغاربِ
فكم هزَّهُ الإسلامُ في وجهِ حادثٍ
فهزَّ صقيلَ الحدِّ عضبَ المضاربِ
أرى حسراتٍ في النفوسِ تهافتتْ
لها قطعُ الأحشاءِ من كلِّ جانبِ
وما بعجيبٍ إن ذا الدهرِ قُلَّبٌ
إذا كانَ في أهليهِ كلُّ العجائبِ