أخفي هوى لك في الضلوع وأظهر

أخفي هوى لك في الضلوع وأظهر

​أخفي هوى لك في الضلوع وأظهر​ المؤلف البحتري


أُخْفي هَوًى لكِ في الضّلوعِ، وأُظهِرُ،
وأُلامُ في كَمَدٍ عَلَيْكِ، وأُعْذَرُ
وَأرَاكِ خُنتِ على النّوى مَنْ لَم يخُنْ
عَهدَ الهَوَى، وَهجَرْتِ مَن لا يَهجُرُ
وَطَلَبْتُ مِنْكِ مَوَدّةً لَمْ أُعْطَهَا،
إنّ المُعَنّى طالِبٌ لا يَظْفَرُ
هَلْ دَينُ عَلْوَةَ يُستَطَاعُ، فيُقتَضَى،
أوْ ظُلْمُ عَلْوَةَ يَستَفيقُ فَيُقْصَرُ
بَيْضَاءُ، يُعطيكَ القَضِيبَ قَوَامُهَا،
وَيُرِيكَ عَينَيها الغَزَالُ الأحْوَرُ
تَمشِي فَتَحكُمُ في القُلُوبِ بِدَلّها،
وَتَمِيسُ في ظِلّ الشّبابِ وفَتَخطُرُ
وَتَميلُ مِنْ لِينِ الصّبا، فَيُقيمُها
قَدٌّ يُؤنَّثُ تَارَةً، ويُذَكَّرُ
إنّي، وإنْ جانَبْتُ بَعضَ بَطَالَتي،
وَتَوَهَّمَ الوَاشُونَ أنّيَ مُقْصِرُ
لَيَشُوقُني سِحْرُ العُيُونِ المُجتَلَى،
وَيَرُوقُني وَرْدُ الخُدُودِ الأحْمَرُ
ألله مَكّنَ، للخَليفَةِ جَعْفَرٍ،
مِلْكاً يُحَسّنُهُ الخَليفَةُ جَعفَرُ
نُعْمَى مِنَ الله اصْطَفَاهُ بِفَضْلِها،
والله يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَيَقْدُرُ
فَاسْلَمْ، أميرَ المُؤمِنِينَ، وَلاَ تَزَلْ
تُعْطَى الزّيادَةَ في البَقَاءِ وَتُشكَرُ
عَمّتْ فَوَاضِلُكَ البَرِيّةَ، فالتَقَى
فيها المُقِلُّ عَلى الغِنَى والمُكثِرُ
بِالبِرّ صُمْتَ، وأنتَ أفضَلُ صَائِمٌ،
وَبسُنّةِ الله الرّضِيّةِ تُفْطِرُ
فَانْعَمْ بِيَوْمِ الفِطْرِ عَيْناً، إنّهُ
يَوْمٌ أغَرُّ مِنَ الزّمَانِ مُشَهَّرُ
أظهَرْتَ عِزّ المِلْكِ فيهِ بجَحْفَلٍ
لَجِبٍ، يُحَاطُ الدّينُ فيهِ ويُنصَرُ
خِلْنَا الجِبَالَ تَسِيرُ فيهِ، وقد غدتْ
عُدَداً يَسِيرُ بها العَديدُ الأكْثَرُ
فالخَيْلُ تَصْهَلُ، والفَوَارِسُ تدَّعي،
والبِيضُ تَلمَعُ، والأسِنّةُ تَزْهَرُ
والأرْضُ خَاشِعَةٌ تَمِيدُ بِثِقْلِهَا،
والجَوُّ مُعتَكِرُ الجَوَانِبِ، أغْبَرُ
والشّمسُ مَاتِعَةٌ، تَوَقَّدُ بالضّحَى
طَوْراً، ويُطفِئُها العَجاجُ الأكدرُ
حتّى طَلَعتَ بضَوْءِ وَجهِكَ فانجلتْ
ذاكَ الدّجَى وانجابَ ذاكَ العِثْيَرُ
يَجِدونَ رُؤيَتَكَ،التي فَازوا بها
مِنْ أنْعُمِ الله التي لا تُكْفَرُ
ذَكَرُوا بطَلْعَتِكَ النّبيَّ، فهَلّلُوا
لَمّا طَلَعتَ من الصّفوفِ،وَكَبّرُوا
حتّى انتَهَيْتَ إلى المُصَلّى،لابِسًا
نُورَ الهدى،يَبدو عَلَيكَ وَيَظهَرُ
ومَشَيتَ مِشيَةَ خاشعٍ مُتَوَاضِعٍ
لله لا يُزْهَى، وَلا يَتَكَبّرُ
فَلَوَ أنّ مُشتَاقَاً تَكَلّفَ غَيرَ مَا
في وُسْعِهِ لَمشَى إلَيكَ المِنْبَرُ
أُيّدْتَ مِنْ فَصْلِ الخِطَابِ بِخطبةٍ
تُنبي عَنِ الحَقّ المُبينِ وَتُخْبِرُ
وَوَقَفْتَ في بُرْدِ النّبيّ، مَذَكِّراً
بالله، تُنْذِرُ تَارَةً، وَتُبَشِّرُ
وَمَوَاعِظٌ شَفَتِ الصّدُورَ مِنَ الذي
يَعْتَادُها، وَشِفَاؤها مُتَعَذِّرُ
حتّى لقَد عَلِمَ الجَهُولُ، وأخلَصَتْ
نَفسُ المُرَوّى، واهتَدَى المُتَحَيّرُ
صَلَّوْا وَرَاءَكَ، آخِذِينَ بعِصْمَةٍ
مِنْ رَبّهِمْ وَبِذِمّةٍ لا تُخْفَرُ
فَسْعد بِمَغْفِرَةِ الإلَهِ، فلَمْ يَزَلْ
يَهَبُ الذُّنُوبَ لمَنْ يَشَاءُ، ويَغفِرُ
ألله أعْطَاكَ المَحَبّةَ في الوَرَى،
وَحَبَاكَ بالفَضْلِ الذي لا يُنْكَرُ
وَلأنْتَ أمْلأُ للعُيُونِ لَدَيْهِمِ،
وأجَلُّ قَدْراً، في الصّدُورِ، وأكبَرُ