أدر المدامة بالكبير

أدر المدامة بالكبير

​أدر المدامة بالكبير​ المؤلف ابن معصوم المدني



أدر المدامة بالكبير
 
فالوقتُ ضاقَ عن الصَّغيرِ
واستَجْلها في كأسِها....
 
كالشمس في البدر المنيرِ
نزلتْ من الفَلَك المُدارِ
 
تلوح في كف المدير
لولا شِباكُ حَبابها
 
كادَت تطيرُ من السُّرور
بكرٌ تتيح لك المسرة
 
في المساءِ وفي البُكورِ
صدرَت بأنْسِ وُرُودها
 
خيلُ الهموم من الصُّدُورِ
تُعشي العيونَ إذا انجلت
 
بالضوءِ من نارٍ ونُورِ
ذهبية ٌ لهبية ٌ
 
عصرت بأحقاب العصور
وافت بسورة نشوة ٍ
 
ذهبت بألباب الحضُورِ
يَسقيكَها ساقٍ أغرُّ
 
يميسُ كالظَّبي الغَريرِ
ويُريكَ من إشراقِه
 
قمراً على غصنٍ نضير
يرتاحُ من مَرَحِ الصِّبا
 
ويتيه من فرط الغرور
نَشوانُ يَمزجُ أنسَه
 
عند التكلُّم بالنُّفُور
يَرنو إليكَ بمقلة ٍ
 
وَسْنَى الجُفون من الفُتورِ
لو قِيلَ من سَلَبَ النُّهى
 
لم تَعْدُهُ كفُّ المُشيرِ
تثني الرياحُ غصونَها
 
ثنيَ المعاطِفِ والخُصورِ
 
والزهر مفترٌ الثغور
قد غردت فيها المثاني
 
قبل تغريد الطيور
ولرب ليلٍ بته
 
بين النحور إلى السحور
من غانياتٍ كالرباب
 
قاصرات الطَّرفِ حُورِ
طلعت به كأس المدامة
 
مطلع الشعرى العبور
والبدر في كبد السماء
 
كَسابحٍ وَسطَ الغَديرِ
وسَنَى المجرَّة في الدُّجى
 
كالنَّهر ما بينَ الزَّهورِ
والليل شمر للسرى
 
والصبح آذن بالسفور
من كلِّ أروع ماجدٍ
 
عَفِّ الشَّبيبة ِ والضَّميرِ
فالراح في لهواته
 
كالشَّمس تَغربُ في ثَبيرِ
كانت ليالي عهدهم
 
غرر الليالي والشهور
خِلاَّنُ صدقٍ إن عرا
 
خطبٌ بمكروه الأمور
ذهبوا فأخلفتِ اللَّيالي
 
عنهم خلان زور
لم يبقَ لي خلٌّ يَتمُّ
 
بأنسِ صحبته سُروري
إلاَّ حسينٌ عينُ أعيانِ
 
العلى صدر الصدور
السيِّدُ الشهمُ الهمامُ
 
الفرد مفقود النظير
فخرُ المفاخِرِ والمآثِر
 
والأعاصير والدهور
نافت مآثره العلى
 
شرفاً على الفلك الأثيري
وزها به دست الوزارة
 
منذ لقب بالوزير
وعَنا لمفخَرِه المؤثَّلِ
 
كل مختالٍ فخور
لو جُسِّمَت أخلاقُه
 
أغنتك عن نور البدور
في كفه كف العدى
 
وبفكِّه فَكُّ الأسيرِ
كم صاغ مِن مِننٍ له
 
أضحت قلائد للنحور
وأبان من عزمٍ أباد
 
عزائم اللَّيث الهَصُورِ
أغناهُ عن مَدح الورى
 
ما حاز من مَجدٍ شَهيرِ
طالت بيوت جدوده
 
وهُمُ ذوو النَّسب القَصيرِ
قومٌ بَنَوا شرفَ العُلى
 
بين الخُورْنقِ والسَّدير
وردوا الفرات فأخجلوه
 
ببحرِ جودِهُمُ الغَزيرِ
قل للمكاثر مجدهم
 
أين القليل من الكثير
سَلِّمْ لجيرانِ الوصيِّ
 
وسِرْ سَبيلَ المُسْتجيرِ
فهم هداة أولي الضلال
 
وهم ضياءُ المُسْتنيرِ
يا سيِّداً كَلماتُه
 
شرف المهارق والسطور
لله درك من خطيبٍ
 
شاعرٍ نَدبٍ خطيرِ
أهديتَ لي دُرَرَ الكلام
 
فخلتها درر النحور
أبيات سعرٍ كالقصور
 
وليس فيها من قُصُورِ
ما حاز رقَّة َ لفظِها
 
شِعرُ الفرزدقِ أو جَريرِ
بل لا مقاماتُ البَديع
 
ولا مقامات الحريري
وافتْ كما وافى النسيمُ
 
بطيب أنفاس العبير
وشفَتْ فؤاداً لم يزلْ
 
من حر شوقك في سعير
فوردت من سلسالها
 
أحلى من العذب النمير
وإليكها منظومة ً
 
وافتكَ من فِكرٍ حَسيرِ
نظَّمتُها نظمَ العُقودِ
 
وصُغْتُها صوغَ الشُّذُورِ
واسلَمْ ودُمْ في نعمة ٍ
 
غرَّاءَ في دارِ السُّرُورِ
ما لاح طيفٌ في الكرى
 
أو ناحَ طيرٌ في الوُكورِ