ألموريات أخمدت زنادي

ألموريات أخمدت زنادي

​ألموريات أخمدت زنادي​ المؤلف جبران خليل جبران


ألموريات أخمدت زنادي
والمرثيات أنضبت مدادي
وكاد لا يترك إلا لونه
في أعيني تعاقب الحداد
يا ملهم الشعر طغى الحزن على
فكري فهل فضل من الإمداد
ألعلم الخفاق في الشرق هوى
عن طوده الموفي على الأطواد
أأصبح اليوم فقيد قومه
من عاش فيهم فاقد الأنداد
واعمرا أسامع يوم النوى
آهة مصر وأنين الوادي
أسامع في أمة والهة
شكوى الأسى من رائح وغاد
إسكندرية التي آثرتها
ما نالها من ألم البعاد
وكنت فيها موردا مباركا
ومصدرا للخير والإسعاد
في النوب والسودان قوم رزئوا
أكفى نصير وأبر هاد
شد بما أوتيه من القوى
أواخي الإلف والاتحاد
بكل قطر عربي نزلت
نازلة تفت في الأعضاء
ما بالحجاز والسوادين وما
بالشام من تصدع الأكباد
ألم تكن أوحى وأقوى ناصر
لكل شعب ناطق بالضاد
وهل أبيح من حمى في الشرق لم
يفز بذخر منك أو عتاد
أعظم بما خلفت في الجيل الذي
عايشته من خالد الأيادي
ألست أول الميامين الأولى
دعوا إلى تحرر البلاد
يجفزك الإيمان بالحق وما
تثنيك عنه صولة لعادي
وإنما الاراء أن تجلوها
ما تفعل السيوف في الأغماد
أي أمير كنت ما أتقى وما
أنقى وما أهدى إلى السداد
أي وفي لا وفي مثله
أي همام مسعف جواد
أي أب للفقراء وأخ
للضعفاء عاجل الإنجاد
أي حكيم لم يكدر صفوه
تخالف الرأي والاعتقاد
ويرأب الصدوع في أمته
بحكمة تشفي من الأحقاد
ويجعل الخلف بما في وسعه
زيادة في الإلف والوداد
كم جد في صيانة السواد من
غوائل التأويد والفساد
بمنحه الأخلاق قسطا وافرا
من همم تعطي بلا نفاد
ألجهل والخمر وآفاتهما
ألسن من أسلحة الأعادي
كان البدار دأبه عناية
بشأن من يرعى من العباد
أجائز لي ذكر إحسان له
عندي وفي الحق به اعتدادي
ما أخطأتني كتبه في فرح
أو ترح بحسن الافتقاد
عوارف هيهات أن تنسى وقد
يضاعف الجميل لطف البادي
في عمرك الميمون كم من مسجد
عمرته ومعهد وناد
وكم جماعة وكم نقابة
ألت بها مرافق العباد
لم تدخر نصحا ولا عزيمة
في سبل المعاش والمعاد
عنيت بالزرع وبالزراع ما
فرطت في جهد ولا اجتهاد
عنيت بالفنون والآداب لم
تضن بالعطف على مجواد
وكنت للعدل نصيرا يقظا
وكنت للظالم بالمرصاد
هذا وكم عانيت في ضحاك من
جهد وفي دجاك من سهاد
فجئت بالآيات تعيا دونها
عزائم الجموع لا الآحاد
من كتب أخرجتها وصحف
دبجتها للهدي والإرشاد
وسير بعثتها فجددت
مفاخر الاباء والأجداد
وذكر نشرت من مطويها
مآثر الجيوش والقواد
وقبسات من هدى الأسفار في
حواضر الدنيا وفي البوادي
وصور تجلو بها ما غيبت
أيدي البلى فكل خاف باد
وأثر ترده من غربة
وقد بذلت فيه بذل الفادي
تلك ذخائر لتاريخ الحمي
لولاك ظلت طرفا بداد
يا من سما بنفسه كما سما
بشرف المحتد والميلاد
فارقت دنياك ولم تأبه لها
مجتزئا عنها بخير زاد
أثابك الله بما أسلفت من
محامد تبقى على الآباد
وزاد نجليك كمالا وعلى
في الأمراء النجب الأمجاد