أمكنت عاذلتي من صمت أباء

أمكنتُ عاذلتي من صمتِ أباءِ

​أمكنتُ عاذلتي من صمتِ أباءِ​ المؤلف ابن المعتز



أمكنتُ عاذلتي من صمتِ أباءِ،
 
ما زادَهُ النّهيُ شيئاً غيرَ إغراءِ
أينَ التورعُ من قلبٍ يهيمُ إلى
 
حاناتِ لَهوٍ غَدا بالعُود والنّاءِ
و صوتِ فتانة ِ التغريدِ، ناظرة ٍ
 
بعينِ ظَبْيٍ تُريدُ النّومَ، حوراءِ
جرتْ ذيولَ الثيابِ البيض حينَ مشتْ،
 
كالشّمس مُسبِلَة ً أذيالَ لألاءِ
و قرعِ ناقوسِ ذيريٍ على شرفٍ
 
مُسبِّحٍ في سَوادِ اللّيلِ دَعّاءِ
وكأسِ حَبريّة ٍ شكّتْ بِمبزَلِها
 
أحشاءَ مُشعَلَة ٍ بالقارِ جَوْفاءِ
ترفو الظلالَ بأغصانٍ مهدلة ٍ
 
سودِ العناقيدِ في خضراءَ لفاءِ
أجرى الفراتُ إليها من سلاسلهِ
 
نهراً تمشّى على جرعاءَ مَيثاءِ
وطافَ يَكلأها من كلّ قاطفَة ٍ،
 
راعٍ بعينٍ وقلبٌ غيرُ نساءِ
موكلٌ بالمساحي في جداولها،
 
حتى يدلّ عليها حية َ الماءِ
فآبَ في أبَ يجنيها لعاصرها،
 
كأنّ كفيه قد علت بحناءِ
فَظَلّ يرْكُضُ فيها كلّ ذي أشَرٍ،
 
قاسٍ عَلى كبِدِ العُنقودِ وَطَّاءِ
ثمّ استقرتْ وعينُ الشمسِ تلحظها،
 
في بطنِ مختومة ٍ بالطينِ كلفاءِ
حتى إذا بردَ الليلُ البهيمُ لها
 
وبلّها سحراً منه بأنْداءِ
صَبّ الخريفُ عليها ماءَ غادية ٍ
 
أقامها فوقَ طينٍ بعدَ رمضاءِ
يَسقِيكَها خَنِثُ الألحاظِ ذو هَيَفٍ،
 
كأنّ ألحاظَهُ أفرَقنَ من داءِ
 
سَبيكة ٍ من بناتِ التّبرِ صَفراءِ
يا صاحِ إن كنتَ لم تعلم، فقد طُرِحَت
 
شرارة ُ الحبّ في قلبي وأحشائي
أما تَرَى البَدْرَ قد قامَ المُحاقَ به
 
من بعدِ إشراقِ أنوارٍ وأضواءِ
و قد عست شعراتٌ في عوارضهِ،
 
تُزْري عَلى عارِضَيْهِ أيَّ إزْراءِ
أعيَتْ مناقشة ً إلاّ عَلى ألمٍ،
 
وكلَّ يوم يُغاديها بإخفاءِ
فانظُرْ زَبْرجدَ خدٍّ صارَ من سَبَجٍ،
 
و صبّ دمعاً عليه كلُّ بكاءِ
يا ليتَ إبليسَ خلاّني لنُدبتِه،
 
و لم يصوبْ لألحاظي بأشياءِ
ما لي رَأيتُ فِلاح النّاسِ قد كثُروا،
 
و لم يقدرْ بهم إبليسُ إغوائي
فكيفَ أُفلِحُ مع هذا وذاك وذا،
 
أم كيفَ يثبتُ لي في توبة ٍ رائي