إعراب القرآن للسيوطي/العاشر

إعراب القرآن المؤلف السيوطي
(العاشر) ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين


(العاشر) ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين

وقد ذكر سيبويه ذلك في الكتاب حيث يقول في باب ما يجوز فيه الرفع مما ينتصب في المعرفة: وذلك قولك: هذا عبد الله منطلق.

حدثنا بذلك يونس وأبو الخطاب عمن يوثق به من العرب.

وزعم الخليل أن رفعه يكون على وجهين: فوجه أنك حيث قلت: هذا عبد الله منطلق أضمرت هذا أو هو فكأنك قلت: هذا عبد الله هو منطلق.

والوجه الآخر: أن تجعلهما جميعاً خبراً ل هذا كقولك: هذا حلو حامض.

لا تريد أن تنقص الحلاوة ولكن تزعم أنه قد جمع الطعمين.

قال الله تعالى: " كلا إنها لظى نزاعة للشوى " وزعم أنها في قراءة ابن مسعود: " وهذا بعلي شيخ ".

وقال الشاعر:

من يك ذا بت فهذا بتى ** مقيظ مصيف مشتى

انتهت الحكاية عن سيبويه.

فمن ذلك قوله تعالى: " آلم.

ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين " ف ذلك مبتدأ والكتاب عطف بيان أي جمع أنه لا شك فيه وأنه هدى.

وكان أبو علي يقول: إنك إذا قلت: هذا حلو حامض فالعائد إلى المبتدأ ضمير من مجموعهما.

ألا ترى أنهم فسروه بقوهم: هذا مز.

وكان عثمان يقول: قد قال هذا.

وعندي أن الضمير يعود إليه من كل واحد منهما.

وبينهما كلام طويل ذكرته في الاختلاف.

ومن ذلك قوله تعالى: " إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " ف " الَّذِينَ كَفَرُوا " اسم " إِنَّ " بمنزلة المبتدأ.

" سَوَاءٌ عَلَيْهِم " ابتداء.

وقوله " أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ " استفهام بمعنى الخبر في موضع الرفع: خبر سواء.

والتقدير: سواء عليهم الإنذار وترك الإنذار.

والجملة خبر الذين.

وقوله " لاَ يُؤْمِنُونَ " جملة أخرى خبر بعد خبر أي: إن الذين كفروا فيما مضى يستوي عليهم الإنذار وترك الإنذار لا يؤمنون في المستقبل.

وهذا يراد به قوم خاص كأبي جهل وأصحابه ممن لم ينفعهم الإيمان وليس على العموم.

فإن قلت: فإن قوله: " أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ " إذا كان خبرا ل سواء فليس في هذه الجملة ما فالجواب أن هذه جملة في تقدير المفرد على تقدير: سواء عليهم الإنذار وترك الإنذار.

ولو صرح بهذا لم يكن ليحتاج فيه إلى الضمير فكذا إذا وقع موقعه جملة.

وقد قوم أن الإنذار مبتدأ وترك الإنذار عطف عليه وسواء خبر.

والأولى أوجه ولكنه على هذا المخبر عنه مقدر وليس في اللفظ.

وعلى الأول المخبر عنه في اللفظ.

ومثله: " سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ".

والتقدير: سواء عليكم الدعاء والصموت.

ويجوز أن يكون هدى خبر مبتدأ مضمر أي: هو هدى.

لأن سيبويه جوز في المسألة المتقدمة هذا.

ومن إضمار المبتدأ قوله: " وقولوا حطة " والتقدير: قولوا: مسألتنا حطة أو إرادتنا حطة فحذف المبتدأ.

وأما قوله تعالى: " قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر " فحمله أبو إسحاق مرة على حذف المبتدأ أي: لا هي فارض ولا بكر.

وحمله مرة أخرى على أن فارض صفة لبقرة كما حكاه سيبويه: مررت برجل لا فارس ولا شجاع.

وفي التنزيل: " وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة " فجر مقطوعة صفة ل فاكهة.

ومن هذا الباب قوله تعالى: " بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا " ف أن يكفروا مخصوص بالذم.

والمخصوص بالمدح والذم في باب بئس ونعم فيه قولان: أحدهما: أنه مبتدأ وبئس خبر على تقدير: بئس كفرهم بئسما اشتروا به أنفسهم.

والقول الثاني: أنه خبر مبتدأ مضمر لأنه كأنه لما قيل: بئسما اشتروا به أنفسهم قيل: ما ذلك قيل: أن يكفروا.

والقول الثاني: أي: هو أن يكفروا أي: هو كفرهم.

وعلى هذا فقس جميع ما جاء من هذا الباب من قوله تعالى: " فنعما هى ".

وقوله: " بئسما اشتروا به أنفسهم " وغير ذلك.

ومن ذلك قوله تعالى في قراءة أبي حاتم " لا ذلول تثير الأرض ".

ألا ترى أنه يقف على ذلول ثم يبتدئ فيقرأ تثير الأرض على: فهي تثير الأرض.

وقال قوم: هذا غلط لأنه لو قال وتسقى الحرث لجاز ولكنه قال: " ولا تسقي الحرث " وأنت لا تقول: يقوم زيد ولا يقعد وإنما تقول: يقوم زيد لا يقعد.

وقد ذكرنا في غير موضع من كتبنا: أن الواو واو الحال أي: تثير الأرض غير ساقية.

والحسن أن يكون تثير داخلاً في النفي.

وإن شئت كان قوله: لا ذلول أي: لا هي ذلول مسلمة خبر بعد خبر.

ومن حذف المبتدأ قوله تعالى: " فعدة من أيام أخر " أي: فالواجب عدة.

وكذلك: فما استيسر من الهدى " أي: فالواجب ما استيسر من الهدى.

وأما قوله تعالى: " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " من رفع رفثاً ولا فسوقاً ونصب لا جدال في الحج فإن خبر المرفوعين مضمر على قول الأخفش لأنه يزعم أن رفعهما بالابتداء ويجعل الناصب جدال نفس " لا " ولا يجعل لا مع جدال مبتدأ كما هو مذهب سيبويه وإنما يجعل لا بمنزلة أن فلا يجوز أن يشترك المنصوب المرفوع في الخبر وعلى هذا مذهب سيبويه خبر الجميع قوله في الحج لأن الجميع مبتدأ.

وعلى هذا الخلاف قوله: فلا لغو ولا تأثيم فيها وما فاهوا به أبداً مقيم ومن ذلك قوله تعالى: " لمن اتقى واتقوا الله " أي: هذا الشرع وهذا المذكور لمن اتقى أي: كائن لمن اتقى.

ومن ذلك قوله تعالى: " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف " أي: فالواجب إمساك بمعروف.

ومنه: " فنصف ما فرضتم " أي: فالواجب نصف ما فرضتم.

فأما قوله تعالى: " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن " فإن أبا إسحاق وأبا العباس حملا قوله يتربصن على أنه خبر ابتداء محذوف مضاف إلى ضمير الذين على تقدير: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً أزواجهم يتربصن.

والجملة خبر الذين.

والعائد إلى الذين من الجملة المضاف إليه الأزواج.

وقد جاء المبتدأ محذوفاً في قوله تعالى: " لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل " أي تقلبهم متاع قليل فحذف المبتدأ. في مواضع.

وقال الأخفش: التقدير في الآية: يتربصن بعدهم فحذف بعدهم العائد إلى الذين وإن كان متصلاً بالظرف لأنه قد جاء مثل ذلك كقوله تعالى: " ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا ".

التقدير: وكأن لم يلبثوا قبله. لا بد من إضمار قبله.وسترى ذلك في مواضع إن شاء الله.

وقال الكسائي: إن قول يتربصن جرى خبراً عن الاسم الذي تقدم في صلة الموصول لأن الغرض من الكلام: أن يتربصن هن.

وأنشد الفراء: لعلى إن مالت بي الريح ميلة على ابن أبي الذبان أن يتندما فأخبر عن ابن أبي الذبان الذي تعلق بقوله: إن مالت بي الريح فقال: أن يتندما.

ولا حجة له في البيت لأنه قد عاد من جملة الكلام إلى ياء المتكلم ضمير وهو قوله إن مالت بي الريح فبطل حجته بالبيت.

وصح قول أبي الحسن وقول أبي العباس ومن ذلك قوله تعالى: " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ".

قال سيبويه: قال الله عز وجل: " فلا تكفر فيتعلمون " فارتفع لأنه لم يخبر عن الملكين أنهما قالا: فلا تكفر فيتعلموا لنجعل قولهما لا تكفر سبباً للتعلم ولكنه قال فيتعلمون أي فهم يتعلمون.

ومثله: " كن فيكون " كأنه قال: إنما أمرنا ذاك فيكون أي: فهو يكون.

قال أبو علي: تقدير قولك: لا تقرب الأسد فيأكلك ها هنا غير سائغ.

ألا ترى أن كفر من نهى عن أن يكفر في الآية ليس سبباً لتعلم من يتعلم ما يفرق به بين المرء وزوجه وذلك أن الضمير الذي في قوله فيتعلمون لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون راجعاً إلى الناس من قوله " يعلمون الناس " أو إلى " أحد ".

فإن كان راجعاً إلى الناس فلا تعلق له بقوله فلا تكفر لأمه لا معنى لقوله فيتعلمون إذا كان فعل الغير أن يحمل على لا تكفر لفساده في المعنى.

وإن كان راجعاً إلى أحد لم يكن فيتعلمون أيضاً جواباً لقوله فلا تكفر لأن التقدير: لا يكن كفر فتعلم.

والمعنى: إن يكن كفر يكن تعلم وهذا غير صحيح ألا ترى أنه يجوز أن يكفر ولا يتعلم فليس الأول سبباً للثاني فإذا لم يجز ذلك لم يخل من أحد أمرين: والفعل الذي قبله لا يخلو من أن يكون كفروا أو يعلمون أو يعلمان أو فعلا مقدراً محذوفاً من اللفظ وهو يأبون.

فإن عطفت على كفروا جاز ويكون موضعه رفعاً كموضع كفروا.

وإن عطفت على يعلمون الناس فيتعلمون جاز.

ويعلمون الناس يجوز أن يكون منصوباً على الحال من الواو في كفروا.

ويجوز أن يكون بدلاً عن كفروا لأن تعليم السحر كفر.

فأما ما اعترض به أبو إسحاق على المعطوف على يعلمون من أنه خطأ لأن قوله منهما دليل ها هنا على التعلم من الملكين خاصة فهو ساقط غير لازم من جهتين: إحداهما أن التعلم إن كان من الملكين خاصة لا يمنع أن يكون قوله فيتعلمون عطفاً على كفروا وعلى يتعلمون وإن كان متعلقاً ب منهما فكأن الضمير في منهما راجع إلى الملكين.

فإن قلت: كيف يجوز هذا وهل يسوغ أن يقدر هذا التقدير ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر فيتعلمون منهما. فتضمر الملكين قبل ذكرهما.

قيل له: أما المضمر فعلى ما ذكرته صحيح.

فأما الإضمار قبل الذكر فساقط هنا ليس يلزم على تقديره في قول سيبويه إضمار قبل الذكر.

ألا ترى أن منهما إذا كان ضميراً عائداً إلى الملكين فإن إضمارهما بعد تقدم ذكرهما وذلك شائع.

ونظيره قوله: " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات " فإن قال: إن المعطوف على قول سيبويه بعيد من المعطوف عليه وعلى قول غيره قريب ومهما احتملت الآية من غير تأويل كان أولى.

قيل: له: إن بعد المعطوف عن المعطوف عليه وتراخيه عنه لا يمنع من عطفه عليه وإتباعه إياه.

ألا ترى أن الناس " حملوا قوله تعالى: " وقيله يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون " فيمن جر على " وعنده علم الساعة " وعلم قيله وليس بعده من المعطوف عليه وتراخيه عنه بأقل من هذا وهذا كثير.

والجهة الأخرى وهي أن الضمير لهاروت وماروت والتقدير: " ولكن الشياطين هاروت وماروت كفروا يعلمون الناس السحر فيتعلمون منهما ".

فلا يعود إلى الملكين إنما يعود إلى هاروت وماروت وجاز يعلمون حملا على المعنى.

ويجوز عطف يتعلَّمون على ما يعلمان فيكون التقدير: وما يعلمان من أحد فيتعلمون منهما فيكون الضمير الذي في يتعلمون على هذا التأويل لأحد.

إلا أنه جمع لما حمل على المعنى كقوله تعالى: " فما منكم من أحد عنه حاجزين ".

وارتفاعه لا يمنع عطفك إياه على هذا الفعل الذي ذكرناه لأن هذا الفعل وإن كان منفيا في اللفظ فهو موجب في المعنى.

ألا ترى أن معناه: يعلمان كل أحد إذا قالا له: " إنما نحن فتنة فلا تكفر ".

ويجوز أن يكون معطوفاً على مضمر دل عليه الكلام وهو: يأبون فيتعلمون.

إلا أن قوله فلا تكفر نهى عن الكفر فدل فيتعلمون على إبائهم.

فأما كونه خبراً للمبتدأ المحذوف فعلى أن تقدره: فهم يتعلمون منهما فهذا ما احتملته هذه الآية.

ومن إضمار المبتدأ قوله تعالى: " صم بكم عميٌ " فأضمر المبتدأ وأخبر عنه بثلاثة أخبار.

وكان عباس بن الفضل يقف على صم ثم على بكم ثم على عمى فيصير لكل اسم مبتدأ والأول أوجه.

ودل قوله في الأخرى: " والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات " على أن الواو هنا مقدرة أيضاً وأنه في قولهم: هذا حلو حامض مقدر أيضاً.

والجار في قوله في الظلمات متعلق بمحذوف.

والتقدير: صم وبكم ثابتون في الظلمات.

ومن هذا الباب قوله تعالى: " الله لا إله إلا هو الحي القيوم ".

إذا وقفت على هو كان الحى خبر مبتدأ مضمر , ولا يجوز أن يكون الحي وصفاً ل هو لأن المضمر لا يوصف.

ويجوز أن يكون خبراً لقوله الله.

ويجوز أن يرتفع الحى بالابتداء والقيوم خبره.

ويجوز أن يكون الحي مبتدأ والقيوم صفة و " لا تأخذه سنة " جملة خبر المبتدأ.

ويكون قوله " ما في السموات وما في الأرض " الظرف وما ارتفع به خبر آخر فلا تقف على قوله " ولا نوم ".

ومن ذلك قوله تعالى: " للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ".

هذا خبر مبتدأ مضمر والتقدير فيه: وجوب صدقة البر للفقراء الذين أحصروا ".

وقيل اللام بدل من اللام في قوله تعالى: " وما تنفقوا من خير فلأنفسكم ".

" للفقراء الذين أحصروا ".

وهذا لا يصح لأن الفقراء مصرف الصدقة والمنفقون هم المزكون فإنما لأنفسهم ثواب الصدقة التي أدوها إلى الفقراء.

وإن قال: إن المراد بالعموم الخصوص يعني بالأنفس: بعض المزكين الذين لهم أقرباء فقراء فهو وجه ضعيف.

ومن ذلك قوله تعالى: " فإمساك بمعروف " أي: فالواجب إمساك بمعروف.

ومنه قوله تعالى: " ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة " أي: فالواجب تحرير رقبة.

وقوله بعده: " فتحرير رقبة " أي: فالواجب.

وكذلك فدية أي: فالواجب دية.

فأما قوله تعالى: " ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا " ف ذلك مبتدأ وجزاؤهم خبر ذلك وجهنم خبر ثان.

ويجوز أن يكون: ذلك خبر مبتدأ مضمر أي: ذلك جزاؤهم ثابتاً بما كفروا.

ومثله قراءة ابن مسعود " وهذا بعلي شيخ " في الأوجه المتقدمة.

فأما المخصوص بالذم والمدح فإنه على أحد الوجهين نحو قولهم: نعم الرجل زيد.

وقال قوم: زيد خبر مبتدأ مضمر لأنه لما قال: نعم الرجل كأنه قيل: من هو فقيل: زيد أي: هو زيد.

فعلى هذا يكون قوله: " ولنعم دار المتقين.

جنات عدن " أي: هي جنات عدن.

ومن قال جنات عدن مبتدأ ويكون قوله " ولنعم دار المتقين " خبراً عنه كان المقدر في نحو قوله تعالى " نعم العبد " " وبئس المهاد " " وبئس المصير " " وبئس مثوى الظالمين " " فلبئس مثوى المتكبرين ".

وفي الزمر والمؤمن: " فبئس مثوى المتكبرين " وقوله تعالى: " نعم الثواب وحسنت مرتفقا " و " بئس للظالمين بدلاً ".

فهذه الأشياء كلها على الوجه الأول حذف الخبر والمبتدأ جميعاً.

وعلى القول الثاني حذف فأما قوله تعالى: " وأسروا النجوى الذين ظلموا ".

فقيل: إن الذين ظلموا خبر مبتدأ مضمر كأنه قال: وأسروا النجوى.

قيل: من هم فقال: الذين ظلموا أي: هم الذين ظلموا.

وقيل: بل الذين ظلموا مبتدأ.

وقوله تعالى: " هل هذا إلا بشر مثلكم " في موضع الجر وقيل: هو بدل من الواو في وأسروا.

كقوله: " ثم عموا وصموا كثير منهم ".

وقوله تعالى: " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما " فيمن قرأ بالألف.

وقيل: إن كثيراً منهم مبتدأ وخبره: عموا وصموا أي: كثير منهم عموا وصموا.

ومما لا يتجه إلا على إضمار المبتدأ: قوله: " وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ".

فالجار يتعلق بمحذوف خبر ابتداء مضمر وهو هو أي: هو ثابت في كتاب مبين وإلا بمعنى لكن.

ولا يجوز أن يكون إلا في كتاب استثناء متصلاً بقوله " وما يعزب عن ربك " لأنه يؤدي إلى أن يكون: يعزب عن ربك مثقال ذرة إذا كان في كتاب مبين فثبت أن الجار خبر ابتداء مضمر

وكذلك في سورة سبأ.

فكذلك قوله تعالى: " ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب " أي: لكن هو في كتاب.

ومن هذا الباب قوله تعالى: " إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ".

فمن رفع متاع كان خبر مبتدأ مضمر محذوف أي: ذلك متاع الحياة الدنيا.

قال أبو علي في قوله: على أنفسكم يحتمل تأويلين: أحدهما: أن يكون متعلقاً بالمصدر لأن فعله يتعدى بهذا الحرف.

يدلك على ذلك قوله تعالى: " بغى بعضنا على بعض " و " ثم بغي عليه لينصرنه الله " فإذا جعلت الجار من صلة المصدر كان الخبر متاع الحياة الدنيا.

والمعنى: بغى بعضكم على بعض متاع الحياة الدنيا وليس مما يقرب إلى الله تعالى من الطاعات.

أن يجعل على متعلقاً بمحذوف في موضع الخبر ولا تجعله من صلة المصدر فإذا جعلته كذلك كان خبراً للمصدر.

وفيه ذكر يعود إلى المصدر كما أنك إذا قلت: الصلاة في المسجد كان كذلك.

المعنى: إنما بغى بعضكم على بعض عائد على أنفسكم.

فعلى هذا يتعلق بالمحذوف دون المصدر المبتدأ.

وهذا في المعنى كقوله تعالى: " ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " و " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ".

وفي قوله: ثم بغى عليه لينصرنه الله إبانة عن هذا المعنى ألا ترى أن المبغى عليه إذا نصره الله لم ينفذ فيه بغي الباغي عليه ولا كيده فإذا لم ينفذ فيه صار كالعائد على الباغي.

فإذا رفعت متاع الحياة الدنيا على هذا التأويل كان خبر مبتدأ محذوف كأنك قلت: ذلك متاع الحياة الدنيا أو هو متاع الحياة الدنيا.

ومن نصب متاع الحياة الدنيا احتمل النصب فيه وجهين: أحدهما: أن تجعل على من صلة المصدر فيكون الناصب للمتاع هو المصدر الذي هو البغي ويكون خبر المبتدأ محذوفاً.

وحسن حذفه لطول الكلام ولأن بغيكم يدل على تبغون فيحسن الحذف لذلك.

وهذا الخبر المقدر لو أظهرته لكان يكون مذموماً أو منهياً عنه.

والآخر: أن تجعل على من قوله على أنفسكم خبر المبتدأ.

فإذا حملته على هذا احتمل نصب متاع وجهين: أحدهما: تتمتعون متاعاً فيدل انتصاب المصدر عليه.

والآخر: أن تضمر تبغون لأن ما يجري مجرى ذكره قد تقدم كأنه لو أظهر لكان: تبغون متاع الحياة الدنيا فيكون مفعولاً به.

وأما قوله تعالى: " ويقولون طاعة " وقوله: " قل لا تقسموا طاعة معروفة ".

وقوله " طاعة وقول معروف ".

فالمبتدأ مضمر في جميع ذلك والتقدير: ويقولون أمرك طاعة وقل لا تقسموا أمرنا طاعة.

وكذلك: طاعة وقول معروف " أي: أمرنا طاعة.

فحذف المبتدأ كقوله " فصبر جميل " أي: فشأني صبر جميل.

وقدره قوم على أن الخبر مضمر أي: طاعة وقول معروف أمثل من غيرهما.

وقال أبو إسحاق: بل قوله: " طاعة وقول معروف " تقديره: ويقول الذين آمنوا: لولا أنزلت سورة ذات طاعة فحذف المضاف.

وأما قوله تعالى: " قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله " والتقدير: هي النار.

ويجوز أن يكون مبتدأ و وعدها الله خبره.

ومن ذلك قوله تعالى: " لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ " أي: ذلك بلاغ فحذف المبتدأ وأبقي الخبر.

وقال: " سورة أنزلناها " أي: هذه سورة أنزلناها.

وقال: " كتاب أنزل إليك " أي: هذا وقال الفراء: تقديره: " ألمص كتاب " أي: بعض حروف كتاب أنزل إليك فحذف الاسمين المضاف أحدهما إلى صاحبه.

وأنكره الزجاج وقال: حذف المبتدأ أحسن.

وقال: " آلر كتاب أنزلناه " أي: هذا كتاب أنزلناه.

وقال " تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم " أي: هذا تنزيل الكتاب والجار خبر بعد خبر.

ويجوز أن يكون: هو من الله.

وعلى هذا " حم تنزيل الكتاب " و " حم تنزيل من الرحمن الرحيم " و " ألم.

تنزيل الكتاب " أي: هذا تنزيل الكتاب ومثله: " تنزيل العزيز الرحيم " أي: هذا تنزيل العزيز.

ومثله: " تنزيل من رب العالمين ".

ومما جاء وقد حذف منه المبتدأ: قوله تعالى: " قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم " موضع الذين رفع بأنه خبر مبتدأ ولا يكون رفعا بأنه وصف ل هؤلاء.

ألا ترى أنك لو جعلته صفة لكان أغويناهم الخبر.

فإذا جعلته الخبر لم يستقم لأنك لا تفيد به إلا ما استفيد من المبتدأ فصار بمنزلة قولك: الذاهبة جاريته صاحبها ونحو ذلك.

فإن قلت: فهلا جعلت أغوينا الخبر وجعلت الذين صفة المبتدأ واستجزت أن يكون الخبر لاتصال كما به وجواز الكاف أن يكون وما اتصل به في موضع الخبر كما يكون في موضع الحال.

فإذا كان كذلك صار فيه فائدة لم تكن في قوله أغوينا الذي في الصلة.

قيل: لا يستقيم ذلك لأن الجزء الذي هو خبر ينبغي أن يكون مفيداً بنفسه فإذا افتقر إلى اتصال ما هو فضلة به لم يفد إلا كذلك لم يجز.

ألا ترى أنك لا تجيز: زيداً ضرب إذا كان الضمير الذي فيه لزيد لأن المفعول الذي هو فضلة يصير محتاجاً إليه وغير مستغنى عنه.

فإذا لم يجز ذلك في الفاعل لم يجز في خبر المبتدأ أيضاً لأن خبر المبتدأ كالفاعل عند سيبويه.

فقوله أغوينا جملة مستأنفة واستغنت عن حرف العطف لتضمنها الذكر مما تقدم.

ولا يجوز على حلو حامض فتجعل الذين أغوينا وأغويناهم كما غوينا خبرين ولم يجز أن تجعله كالمفرد ألا ترى أنك لم تستفد من قولك هذا حلو حامض واحداً من الخبرين.

ونظير ما منعنا منه في الخبر منع سيبويه منه في الصفة في قوله: إذا كان يوم ذو كواكب أشهبا قال عثمان: الفضلة قد تصير معتمد الكلام دون الخبر والصلة في نحو: قامت هند في داره.

ولولا الفضلة فسد الكلام وكذا: الذي قمت إليه قمت في داره.

فينبغي أن يصير " الذين أغوينا وفي التنزيل: " إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض " لولا الفضلة.

أعنى عليه.

لم يجز للجملة أن تجري على إن.

ومن حذف المبتدأ قوله تعالى: ذكر رحمة ربك أي: هذا ذكر رحمة ربك فحذف المبتدأ.

وقوله تعالى: " ذلك عيسى ابن مريم قول الحق " قرئ بالرفع والنصب.

فالرفع على أن قوله " ذلك عيسى ابن مريم كلام والمبتدأ المضمر ما دل عليه هذا الكلام أي: هذا الكلام قول الحق.

ويجوز أن تضمر هو وتجعله كناية عن عيسى فيكون الرافع قول الحق أي: هو قول الحق لأنه قد قيل فيه: روح الله وكلمته والكلمة قول.

ومن ذلك قوله تعالى: " رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده " يجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر أي: هو رب السموات والأرض.

ويجوز أن يكون بدلاً من اسم كان في قوله " وما كان ربك نسياً رب السموات والأرض ".

ويجوز على قول الأخفش أن يكون مبتدأ وخبره فاعبده لأنه يجيز إدخال الفاء في خبر المبتدأ.

وسيبويه لا يجيز ذلك في قوله: وقائلة خولان فانكح فتاتهم وأكرومة الحيين خلو كما هيا أي: هذه خولان.

ولم يجز أن يكون فانكح مسندا إلى خولان لأنه لا يرى الفاء في خبر المبتدأ إلا يا رب موسى أظلمى وأظلمه فاصبب عليه ملكاً لا يرحمه من أن التقدير: يا رب اظلمنا فاصبب على أينا أظلم ومن ذلك قوله تعالى: " يسألونك ماذا ينفقون قل العفو " أي: الذي ينفقون العفو فيمن رفع ومن نصب نصبه بفعل مضمر.

ومن ذلك قوله تعالى: " ولا تقولوا ثلاثة " أي: لا تقولوا: هو ثالث ثلاثة أي: لا تقولوا: الله ثالث ثلاثة لأنه حكى عنهم في قوله: " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة " فنهاهم عن قول ما حكى عنهم.

فالمبتدأ مضمر والمضاف محذوف لأنهم لم ينتهوا عن قول ثلاثة التي تنقص عن أربعة.

ومثله: " كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين.

وما أدراك ما عليون " قد ثبت أن عليين موضع بقوله لفي عليين.

وبما في الحديث من قوله عليه السلام: إن أهل الجنة ليتراءون أهل عليين كما ترون الكوكب الذي في أفق السماء.

فالمعنى: إن كتاب الأبرار في هذا الموضع.

وقال: " وما أدراك ما عليون. كتاب مرقوم ".

وهذا الموضع يشهده المقربون من الملائكة.

وقال: " إن كتاب الفجار لفي سجين. وما أدراك ما سجين " فا لسجين فعيل من السجن كأنه موضع متأخر.

فالقول في كتاب مرقوم كالقول فيما تقدم ذكره.

قال ابن بحر: ظاهر التلاوة قد فسر السجين فقال: وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم فأخبر أن السجين كتاب مرقوم.

وكأن المعنى: إن الذي كتبه الله على الفجار أي أوجبه عليهم من الجزاء هو في هذا الكتاب المسمى سجينا.

ويكون لفظ تسميته من السجن والشدة واشتمال الصخرة على معنيين: أحدهما: أن مصير أصحابه إلى ضيق وشدة وسفال.

والآخر: أن يكون ما كتب عليهم لا يتبدل ولا ينمحى كالنقش في الحجر فإنه لا يزال باقيا كبقاء النقش في الحجر.

وقال في قوله تعالى إن كتاب الأبرار لفي عليين: ظاهر التلاوة يدل على أن عليين اسم للكتاب وإن كان على بناء الجمع أي الذي أوجبه الله للأبرار لفي كتابه المسمى: عليين وهو كتاب مرقوم يشهده الملائكة المقربون.

وذكر بعضهم أن عليين: الملائكة.

فإن كان في حديث صحيح فإن وجهه أن يكون قوله كتاب فعلى هذا يكون قد حذف المضاف وتكون اللام داخلة على الفضلة كقولهم: إن زيداً لطعامك آكل.

وكان هذا لا يصح لأن الاختيار إدخال اللام على الخبر دون الفضلة.

وشئ آخر وهو أنهم قالو: إن كل ما جاء في التنزيل من قوله وما أدراك فإنه فسره كقوله: " وما أدراك ما هيه. نار حامية ".

وما أدراك ما الحطمة. نار الله الموقدة "

" وما أدراك ما العقبة. فك رقبة "

وها هنا إذا جعلت كتاباً مرقوماً خبر إن لم يكن ل سجين ولا ل عليين تفسير.

وهذا نظير قولهم على هذا القول: إن زيداً فافهم ما أقول رجل صدق فيكون اعتراضاً بين اسم إن وخبره.

وهناك شئ آخر وهو أنك إذا قلت: إن التقدير: إن كتاب الأبرار كتاب مرقوم في عليين وجب أن تعلق الجار بمضمر يكون خبراً ثانياً على تقدير: كائن في عليين ثابت فيه.

ولا تعلقه ب مرقوم لأنك قدمته على الموصوف ب مرقوم وما تعمل فيه الصفة لا يتقدم على الموصوف لأنه يوجب تقديم الصفة على الموصوف لأن العامل يقع حيث يقع المعمول ولا يجوز أن تعلقه بمحذوف يكون صفة ل كتاب لما ذكرناه من أن الصفة لا تتقدم على الموصوف.

فإن جعلته خبر إن أعني في عليين وجعلت كتاباً مرقوماً خبراً أيضاً لم يجز لأنه لا فائدة فيه أكثر مما في الاسم وقد قالوا: إن الذاهبة جاريته صاحبها لا يجوز.

فثبت أن القول قول أبي علي وهو ما قدمناه.

ومن ذلك قوله تعالى: " كدأب آل فرعون " أي: دأبهم كدأب آل فرعون فحذف المبتدأ وقيل: بل الكاف في موضع النصب أي: يتوقدون في النار توقدا مثل توقد آل فرعون وكدأب آل فرعون.

ومنه قوله تعالى: " ذلك ومن يعظم " أي: الأمر ذلك.

وكذا: " ذلك ومن عاقب " أي الأمر ذلك.

فأما قوله تعالى: " ذلك بما قدمت أيديكم " فذلك مبتدأ والباء خبره.

ولا يجوز أن يكون التقدير: الأمر ذلك لأنه يبقى الباء لا تعلق له بشئ.

وأما قوله تعالى: " ويقولوا سحر مستمر " فالتقدير: هو سحر مستمر أو: هي سحر مستمر.

ومثله: " هذا ذكر وإن للمتقين " " هذا وإن للطاغين " أي: الأمر هذا.

وأما قوله " هذا فليذوقوه " اعتراض.

وقوله " حميم وغساق " خبر. والغساق هو الحميم.

كما يقول: زيد ظريف وكاتب فتجعل الكاتب صفة للظريف فتخبر عنه بهما.

ولو كان الحميم غير الغساق لوجب تثنية المبتدأ. الذي هو هذا.

وقال أبو إسحاق: حميم رفع من جهتين.

إحداهما على معنى: هذا حميم وعساق فليذوقوه.

ويجوز أن يكون هذا على معنى التفسير أي: هذا فليذوقوه.

ويجوز أن يكون هذا في موضع نصب على هذا التفسير.

ويجوز أن يكون في موضع رفع.

فإذا كان موضع نصب فعلى: فليذوقوه هذا فليذوقوه.

كما قال: " وإياي فاتقون ".

ومثله: هذا زيد فاضربه.

ومن رفع فبالابتداء ويجعل الأمر في موضع خبر الابتداء مثل: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ".

قال أبو علي: اعلم أنه لا يجوز أن يكون هذا في موضع رفع بالابتداء ويكون الأمر في موضع خبره لمكان الفاء ألا ترى أن الفاء قد دخل في الأمر فإذا كان كذلك لم يكن في موضع خبره ولو جاز هذا لجاز: زيد فمنطلق على أن يكون منطلق خبر الابتداء.

فأما تشبيهه له بالسارق والسارقة فلا يشبه قوله هذا فليذوقوه قوله والسارق والسارقة لأن في السارق والسارقة معنى الجزاء في الصلة وهو مثل قوله " والذين ينفقون أموالهم ".

ثم قال: " فلهم أجرهم عند ربهم ".

وليس في هذا الاسم معنى الشرط والجزاء ويجوز دخول الفاء فيما وقع موقع خبره ألا ترى أن سيبويه حمل قول من قال: وقائلة خولان فانكح فتاتهم على أن خولان من جملة أخرى فقال: كأنه قال: هذه خولان أو: هؤلاء خولان فيكون عطف جملة على جملة ولا يكون مثل: زيد فمنطلق.

وأما قوله تعالى: " وآخر من شكله أزواج " فالتقدير: ولهم آخر أي: عذاب آخر من شكله أزواج أي: ثابت من شكله أي: من شكل العذاب أنواع.

فيرتفع أزواج بالظرف لكون الظرف وصفا ل آخر فيرفع ما بعده بالاتفاق.

وجوز أن يكون وآخر فيمن أفرد مبتدأ والظروف مع ما ارتفع به خبر.

والعائد إلى المبتدأ الهاء المضاف إليه في من شكله كما تقول: زيد ما في داره عمرو.

ويجوز عندي أن يكون وآخر معطوفاً على غساق أي: وحميم وغساق.

وآخر من شكل الغساق أزواج ويكون من شكله وصفاً.

ومن قال: وآخر على الجميع فهو مبتدأ وأزواج خبره ومن شكله وصف أي من شكل الحميم.

وأما قوله " ذلكم فذوقوه وإن للكافرين عذاب النار " التقدير: الأمر ذلك والأمر أن للكافرين عذاب النار.

وقال أبو علي: إن شئت جعلت قوله " فَذُوقُوهُ " اعتراضاً بين الابتداء والخبر فأضمرت الخبر وإن شئت أضمرت الخبر بعدها ولم تجعل " فَذُوقُوهُ " اعتراضاً كما جعلت في الوجه الأول وعطفته على الوجهين جميعاً على خبر الابتداء المعنى أن الأمر هذا وهذا.

ومما يدل على الوجه الأول قوله تعالى " هذا فليذوقوه حميم وغساق ".

وإن شئت جعلت ذلكم ابتداء وجعلت الخبر ذوقوه.

على أن تجعل الفاء زائدة فإن جعلته كذلك احتمل أن يكون رفعاً على قول من قال: زيداً اضربه ونصبا على قول من قال: زيداً اضربه.

ومثله قوله تعالى: " قال كذلك الله يفعل ما يشاء ".

وقوله: " قال كذلك الله يخلق ما يشاء ".

وقوله: " قال كذلك قال ربك ".

التقدير في كلهن: الأمر كذلك فحذف المبتدأ.

ومن ذلك قوله: " يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة " التقدير: أي: هو عالم الغيب والشهادة.

فيجوز أن يرتفع " عالُم " بفعل دل عليه ينفخ أي: ينفخ فيه عالم الغيب كقوله تعالى: " يسبح له فيها بالغدو والآصال " فهو من باب قوله: لبيك يزيد ضارع لخصومه ألا ترى أنه حمل ضارع على إضمار فعل دل عليه ليبك.

فزعم أن هذا الكلام يدل على أن له باكيا فصار كأنه قال: ليبك ضارع به.

ومثله قراءة بعضهم: زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم " على أن يكون زين مرتباً للمفعول وارتفع قتل به مضافاً إلى أولادهم ويكون شركاؤهم محمولا على فعل آخر لأن التقدير كأنه قال: زينه شركاؤهم.

وهذه القراءة مروية عن السلمى والحسن ويحيى بن الحارث الذمارى عن أهل الشام.

وقال سيبويه: في هذا القول.

أبو علي: وأظنني مربى من كلام غلامه أنه حمل رفع شركائهم على المصدر أي: أن قتل أولادهم شركأوهم.

ويحكى ذلك أيضاً عن قطرب.

وهذا وإن كان محمولا على العامل الأقرب فإنما الإخبار في الآية عن تزيين الشركاء قتل أولاد المشركين.

وقراءة السلمى إنما يكون الشركاء قاتلين أولادهم بتشبيبهم وتربيتهم.

والكلام في هذا طويل.

والله أعلم.

ومن ذلك قوله تعالى: " قال موعدكم يوم الزينة وإن يحشر الناس ضحى " فيمن نصب.

تقديره.

موعدكم في يوم الزينة وموعدكم في حشر الناس.

فقوله: أن يحشر في موضع الرفع خبر مبتدأ محذوف دل عليه وقوله موعدكم الأول.

ومن رفع كان التقدير: موعدكم موعد يوم الزينة فحذف المضاف يدل على ذلك قوله: وأن يحشر أي: موعد حشر الناس أو: وقت حشر الناس فحذف.

وأما قوله تعالى: " اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة " فإن جعلت في لهم ضمير يعود إلى ما كان في رفع آلهة وجهان: أحدهما: إضمار هي أي: هي آلهة.

والآخر: إبدالها من الضمير في الظرف.

وزعم ابن عيسى أنه يجوز أن تكون ما كافة فيستأنف الكلام بعدها ويجوز في ما أن تكون موصولة بلهم كأنه قيل: اجعل لنا إلهاً كالذي لهم فيجوز الجر على هذا الوجه في آلهة كأنه قيل: اجعل لنا إلهاً كآلهة لهم.

ويجوز على هذا الوجه النصب في آلهة على الحال ففيه ثلاثة أوجه: الرفع والنصب والجر ولا يجوز على الكافة إلا الرفع.

ومن هذا الباب قوله تعالى: " الحق من ربك " أي: هذا الحق من ربك.

وقوله تعالى: " فالحق والحق أقول. لأملأن جهنم " أي: قال: فأنا الحق وأقول الحق.

ومن نصبهما قال: فأقول الحق حقاً.

ومن رفعهما جميعاً قال: فأنا الحق وقولي لأملأن جهنم الحق فيصير قولي في صلة الحق ويرتفع الحق باليمين وكأنه قال: والحق يميني ويكون الحق الأول خبر مبتدأ محذوف على التقدير الذي ذكرنا.

ويجوز أن يكون المبتدأ والتقدير: فالحق مني.

ويجوز أن يكون فيمن نصب الحق أن يكون حالا ل أملأن جواب قوله فالحق ويكون قوله والحق أقول اعتراضاً بين القسم وجوابه وجاز ذلك لأنه يوضح الأول ويكون التقدير: فبالحق لأملأن كما تقول: الله لأفعلن.

وأما قوله تعالى: " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به ".

فلا يجوز ارتفاع قوله وصد عن سبيل الله من أن يكون بالعطف على الخبر الذي هو كبير كأنه قال: قتال فيه كبير وصد وكفر أي: القتال قد جمع أنه كبير وأنه صد وكفر.

أو يكون مرتفعاً بالابتداء وخبره مضمر محذوف لدلالة كبير المتقدم عليه كأنه قال: والصد كبير كقولك: زيد منطلق وعمرو.

أو يكون مرتفعاً بالابتداء والخبر مظهر فيكون الصد ابتداء وما بعده من قوله وكفر به وإخراج أهله مرتفع بالعطف على المبتدأ والخبر قوله أكبر عند الله.

فلا يجوز الوجهان الأولان وهما أما الوجه الأول فلأن المعنى يصير: قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به.

والقتال وإن كان كبيراً فيمكن أن يكون صداً لأنه ينفر الناس عنه فلا يجوز أن يكون كفراً لأن أحداً من المسلمين لم يقل ذلك ولم يذهب إليه.

فلا يجوز أن يكون خبر المبتدأ شيئاً لا يكون المبتدأ ويمنع من ذلك أيضاً بعد " وإخراج أهله منه أكبر عند الله " ومحال أن يكون إخراج أهله منه أكبر من الكفر لأنه لا شئ أعظم منه.

ويمتنع الوجه الثاني أيضاً لأن التقدير فيه يكون: قتال فيه كبير وكبير الصد عن سبيل الله والكفر به وكذلك مثله الفراء وقدره فإذا صار كذلك فكأن المعنى: وإخراج أهل المسجد الحرام أكبر عند الله من الكفر فيكون بعض خلال الكفر أعظم منه كله وإذا كان كذلك امتنع الأول وإذا امتنع هذان ثبت الوجه الثالث وهو أن يكون قوله وصد عن سبيل الله ابتداء وكفر به وإخراج أهله معطوفان عليه وأكبر خبر.

فيكون المعنى: وصد عن سبيل الله أي: منعهم لكم أيها المسلمون عن سبيل الله وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم ولاته والذين هم أحق به منهم وكفر بالله من قتال في الشهر الحرام.

وأما قوله تعالى: " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم ".

قريء: والأنصار بالرفع: على أن يجعل الأنصار ابتداء ولا تجعلهم من السابقين الذين هم المهاجرون.

دليل هذه القراءة قوله " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " والذين جاءوا من بعدهم الأنصار.

والذين في موضع جر لأنه معطوف على قوله " للفقراء المهاجرين " ففي الآية من وجهين على أن المهاجرين هم السابقون: في قوله " والذين جاءوا من بعدهم " وقوله: " الذين سبقونا بالإيمان ".

وعلى هذا ما روى عن خالد بن الوليد أنه قال لعمار: إن كنت أقدم منى سابقة فليس لك أن تنازعني.

فالسابقون على هذا هم المهاجرون من دون الأنصار.

ويقوى ذلك ما روى من قوله عليه السلام: لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار.

ووجه الجر في الأنصار أن يجعل الأنصار مع المهاجرين السابقين.

والمعنى: أن كلا القبيلين سبقوا غيرهم ممن تأخر عن الإيمان إلى الإيمان.

ويقوى هذه القراءة أن في بعض الحروف: من المهاجرين ومن الأنصار. حكاه أبو الحسن.

وقوله تعالى: والذين اتبعوهم يجوز أن يكون مبتدأ ويكون الخبر رضى الله عنهم.

ويجوز أن يكون: والذين اتبعوهم عطفاً على الصنفين المتقدمين.

وإذا رفعت الأنصار بالابتداء يكون التقدير: هؤلاء في الجنة فأضحر الخبر.

ويجوز أن يكون والسابقون الأولون أي: وفيما يتلى عليكم والسابقون الأولون أو: منهم.

وأما قوله تعالى: " وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب " الجار يتعلق بمحذوف خبر ثان ل أن ولا يتعلق ب بادون إلا أن تعنى أنهم خرجوا إلى البدو وفيهم.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في بادون.

ويجوز في يسألون أن يكون صفة للنكرة وأن يكون حالا مما في بادون حكاية لحال أو من باب: صائداً به غداً من قولك: مررت برجل معه صقر صائداً به غدا.

وقوله " هدياً بالغ الكعبة ".

ومن ذلك قوله تعالى: " وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون " التقدير: بل هم عباد مكرمون فأضمر المبتدأ.

فأما ما ذهب إليه أبو إسحاق في قوله تعالى: " للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها " من أنه يجوز أن يرتفع جنات بإضمار مبتدأ على تقدير: ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار فحذف المبتدأ فباطل أن يبقى قوله خالدين فيها لا ناصب له ولا عامل يعمل فيه وإنما يرتفع جنات بالظرف على قول الأخفش فيكون خالدين حالا من المجرور باللام.

وإن رفعته بالابتداء وجعلت في الظرف ضميراً كان الحال عنه.

ومن ذلك قوله تعالى: " منها قائم وحصيد ".

قال أبو علي: يبين أن الخبر محذوف في نحو قوله: لاشئ في ريدها إلا نعامتها منها هزيم ومنها قائم باقي وكذلك: منها قسى وزائف.

لا يكون إلا على إضمار منها لأن القسى غير الزائف.

كما أن الهزيم غير القائم.

فكذلك الحصيد غير القائم والتقدير: ومنها حصيد.

ومن ذلك قوله في قول أبي إسحاق: إن هذان لساحران أي: إنهما ساحران فحذف المبتدأ.

وإنما أضمره عنده وعند عالمه لأنه يرى أن إن بمعنى نعم وهذان مبتدأ.

فلو حمل على الظاهر لدخل اللام على الخبر فأضمر المبتدأ.

فقال أبو علي: ليس هذا بصحيح لان الإضمار ضد التأكيد واللام للتأكيد.

فإنما تلا هذا على لغة من قال: إن أباها وأبا أباها قد بلغا في المجد غايتاها ومن ذلك قوله تعالى: " ماذا أراد الله بهذا مثلاً يضل به كثيراً " قال أبو علي: هذا خبر مبتدأ وليس بصفة ل مثلٍ بدلالة قوله: " كذلك يضل الله " في الأخرى.

ومن ذلك قوله تعالى: " عوان بين ذلك " أي: هي عوان ويكون بين ذلك بدلاً من عوان كحامض بعد حلو.

ومن ذلك قوله تعالى: " إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً " فقوله: منه اسمه المسيح ابن مريم أي: هو ابن مريم خبر ابتداء مضمر.

قال أبو علي: ينبغي أن يكون عيسى بدلاً من المسيح من المبدل الذي هو هو ولا يكون إلا كذلك.

ألا ترى أن المسيح اسم وأن الاسم مبتدأ فيجب أن يكون خبره إذا كان مفرداً شيئاً هو هو في المعنى ولا يجوز أن يكون عيسى خبراً أيضاً من حيث كان الاسمان له لأنه لو كان كذلك لكان أسماه على المعنى أو أسماه على الكلمة.

وإذا كان على ما ذكرنا لم يجز أن يكون ابن مريم وصفاً لعيسى في هذا الموضع وإن كان يجوز أن يكون وصفاً له في غير هذا الموضع وإنما كان كذلك لأن عيسى هنا عبارة عن غير شخص.

ألا ترى أنه خبر عن الاسم والاسم لا يكون الشخص فوجب من هذا أن يكون ابن مريم في هذه الآية خبر مبتدأ محذوف. أو مبتدأ محذوف الخبر أي هو ابن مريم أو ابن مريم هذا المذكور.

ومن ذلك قوله تعالى: " فيه آيات بينات مقام إبراهيم " أي: منها مقام إبراهيم.

وأما قوله تعالى: " إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله " إذا للمفاجأة وفريق مبتدأ وإذا خبره ويخشون خبر ثان.

أو حال من الضمير في إذا عند سيبويه وعند الأخفش من فريق. أي: فبالحضرة فريق.

وأما قوله تعالى: " إن ربك هو أعلم من يضل " ف من استفهام مرفوع بالابتداء وخبره يضل ويجوز فيه النصب بفعل مضمر ولمجئ الجار في موضع آخر.

ومثله: " أعلم من جاء بالهدى " و " أعلم بمن جاء بالهدى " من هو ومن يكون ومن ذلك قوله تعالى: " أو آباؤنا الأولون " فمن فتح الواو كان الخبر مضمراً أي: مبعوثون.

أو يكون محمولاً على موضع أن أو على الضمير في مبعوثون.

ومنه قوله تعالى: " عن اليمين وعن الشمال قعيد " أي: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد.

ومن ذلك قوله: " لا أقسم بيوم القيامة " فيمن قصر عن ابن كثير والحسن. وتقديره: لأنا أقسم.

فاللام لام المبتدأ والمبتدأ محذوف. هذا هو الصحيح.

واضطرب كلامه فقال مرة: اللام لام القسم وإن لم يدخل النون واحتج بأن النون ينفرد عن اللام واللام ينفرد عن النون كقوله. وقال مرة: إنها رد.

ثم رجع عن هذا وتذكر قول الخليل في قوله: " والشمس وضحاها. والقمر " من أن القمر لا يدخل على القسم فقال: اللام زيادة مثلها في قراءة ابن جبير " إلا أنهم ليأكلون " بالفتح وقوله: ولكنني من حبها لكميد ومن ذلك قوله تعالى: " ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض ".

فقوله طوافون خبر مبتدأ مضمر أي: أنتم طوافون.

وقوله بعضكم بدل من الضمير في قوله طوافون أي: أنتم يطوف بعضكم بعض.

هذا أيضاً من طرائف العربية لأن الضمير في قوله طوافون يعود إلى أنتم وأبدل منه قوله بعضكم.

وقد مررت بك المسكين ممتنع.

ولكن يكون من باب قوله: وما ألفيتني حلمي وأوعدني رجلي وزعم الفراء أن التقدير: هم طوافون وأنت لا تقول: هم يطوف بعضكم على بعض.

ولو قلت: إن المبدل منه في تقدير الثبات كحاجبيه معين فربما يمكن أن يقال ذلك.

وحمل قوم قوله: بعضكم على بعض على الابتداء والخبر أي بعضكم من بعض وجعل على بمنزلة من.

وقال قوم: يدخل بعضكم على بعض فأضمر يدخل لأن ذكر الطواف يدل عليه.

وأما قوله تعالى: " قالوا سلاماً قال سلام " فقد قال أبو علي في نصب الأول: إنه لم يحك شيئاً تكلموا به فيحكى كما يحكى الجمل.

ولكن هو معنى ما تكلمت به الرسل كما أن المؤذن إذا قال: لا إله إلا الله.

قلت: حقاً وقلت: إخلاصاً أعملت القول في المصدرين لأنك ذكرت معنى ما قال ولم تحك نفس الكلام الذي هو جملة تحكى فلذلك نصب سلاماً في قوله: قالوا سلاماً لما كان معنى ما قيل ولم يكن نفس المقول بعينه.

وقوله: قال سلام أي: أمرى سلام كقوله: " فاصفح عنهم " وقل سلام أي: أمرى سلام فحذف المبتدأ وقدر مرة حذف الخبر أي: سلام عليكم كما حذف من قوله فصبر جميل يبين ذلك قوله تعالى: " قالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم ".

وأكثر ما يستعمل سلام بغير ألف ولام وذلك أنه في موضع الدعاء.

فهو مثل قولهم: خبر بين يديك لما كان المعنى المنصوب استجيز فيه الابتداء بالنكرة.

ومن ذلك قوله تعالى: " قال سلام عليك سأستغفر لك ربي " وقال: " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم ".

وقال: " سلام على نوح في العالمين ".

" سلام على إبراهيم " " وسلام على عباده الذين اصطفى ".

وقد جاءت بالألف واللام قال الله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام: " والسلام علي يوم ولدت " فمن ألحق الألف واللام حمله على العهد ومن لم يلحقه حمله على غير المعهود.

قال سيبويه: وزعم أبو الخطاب أن قولك للرجل سلاماً وأنت تريد: تسلماً منك كما تقول: براءة منك تريد: ألا ألتبس بشئ من أمرك.

وزعم أن أبا ربيعة كان يقول: إذا لقيت فلاناً فقل له سلاماً.

فزعم أنه سأله وفسر له معنى براءة منك.

وزعم أن هذه الآية " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " بمنزلة ذلك لأن الآية فيما زعموا مكية ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ولكنه على قولك براءة منكم أو تسلما لا خير بيننا وبينكم ولا شر.

انتهت الحكاية عن سيبويه.

وفي كتاب أبي علي هذا غلط وإيضاح هذا ووجهه أنه لم يؤمر المسلمون يومئذ بقتال المشركين إنما كان شأنهم المناركة ولكنه على قوله براءة.

ومما يقرب من هذا الباب قول عدي: أنت فانظر لأي ذاك تصير ذكر فيه وجوهاً منها حمله على حذف الخبر أي: أنت الهالك ولم يحمله على حذف المبتدأ على تقدير: هذا أنت لأنك لا تشير إلى المخاطب إلى نفسه ولا يحتاج إلى ذلك فإنما تشير إلى غيره.

ألا ترى أنك لو أشرت إلى شخصه فقلت: هذا أنت لم يستقم.

وقال في حد الإضمار: وزعم الخليل أن ها هنا التي مع ذا قلت: هذا وإنما أرادوا أن يقولوا: هذا أنت ولكنهم جعلوا أنت بين ها وذا وأرادوا أن يقولوا: أنا هذا وهذا أنا.

فقدموها وصارت: أنت وأنا بينهما.

وزعم أبو الخطاب أن العرب الموثوق بهم يقولون: أنا هذا وهذا أنا.

وبمثلها قال الخليل هذا البيت: انا اقتسمنا المال نصفين بيننا فقلت لها هذا لها وهذا ليا كأنه أراد أن يقول: وهذا ليا فصير الواو بين ها وذا زعم أن مثل ذلك: أي: ها الله ذا إنما هو هذا.

وقد يكون ها في ها أنت ذا غير مقدمة وإنما تكون بمنزلتها للتنبيه في هذا.

يدلك على ذلك قوله تعالى: " ها أنتم هؤلاء " فلو كانت " ها " ها هنا هي التي تكون أولا إذا قلت هؤلاء لم تعد ها ها هنا بعد أنتم.

حدثنا يونس تصديقاً لقول أبي الخطاب أن العرب تقول: هذا أنت تقول كذا وكذا ولم ترد بقولك: هذا أنت أن تعرفه نفسه كأنك تريد أن تعلمه أنه ليس غيره. هذا محال. ولكنه أراد أن ينبههه كأنه قال: الحاضر عندنا أنت والحاضر القائل كذا وكذا أنت وإن شئت لم تقدم ها في هذا الباب.

قال الله تعالى: " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم " قال أبو سعيد: ها أنا ذا وها نحن أولاء وها هو ذاك وها أنت ذا وها أنتم هؤلاء وها أنتن أولاء فها للتنبيه والأسماء بعدها مبتدآت والخبر أسماء أشارة ذا وذاك.

وإن شئت جعلت الضمير المقدم هو الخبر والإشارة هي الاسم.

وأما ها فيجوز أن يكون مع ذا وفصل بينهما بأنت المراد ب هذا أن يكون مع ذا والتقدير: أنا هذا ويجوز أن يكون التنبيه للضمير لأنهما مشتركان في الإبهام.

فأما من قدرها مع ذا وإن فصل بينهما فإنه يحتج بقول زهير: تعلمن ها لعمر الله ذا قسماً فاقدر بذرعك وانظر أين تنسلك وفقلت لهم: هذا لها ها وذاليا والتقدير: هذا لها وذا لى فصير الواو بين ها وذا.

ويحتج أيضاً بقولهم: لا ها الله ذا واسم الله ظاهر لا يدخل عليه هاء التنبيه كما لا يدخل على زيد ونحوه.

وإنما معناه: لا والله هذا.

وإن من يقدر أن ها داخلة على أنت غير منوى دخولها على ذا فإنه يحتج بقوله: ها أنتم هؤلاء فأتى ب ها فأدخلها على أنتم ثم أعادها في الأولاء.

فلو كانت ها أولاء بمعنى الاولى منوياً بها التأخير لكانت ها الأولى والثانية جميعاً لأولاء.

وهذا بعيد. وهذه حجة سيبويه.

ومعنى قوله: وقد يكون ها في ها أنت ذا غير متقدمة أي موضعها ل أنت غير متقدمة من ذا إلى أنت.

قال أبو سعيد: وإنما يقول القائل: ها أنا ذا إذا طلب رجل لم يدر أحاضر هو أم غائب فقال: المطلوب: ها أنا ذا. أي: الحاضر عندك أنا. وإنما يقع جواباً.

لقول القائل: أين من يقوم بالأمر فيقول له الآخر.

ها أنا ذا أو: ها أنت ذا.

أي أنا في الموضع الذي التمست فيه من التمست أو أنت في ذلك الموضع.

وأكثر ما يأتي في كلام العرب هذا بتقديم ها والفصل بينها و بين ذا بالضمير المنفصل.

والذي حكاه أبو الخطاب عن العرب من قوله: هذا أنا و أنا هذا.

هو في معنى: أنا ذا.

ولو ابتدأ إنسان على غير الوجه الذي ذكرناه فقال: هذا أنت وهذا أنا يريد أن يعرفه نفسه كان محالاً لأنه إذا أشار له إلى نفسه بالإخبار عنه ب أنا و بأنت لا فائدة فيه لأنك إنما تريد أن تعلمه أنه ليس خبره.

ولو قلت: ما زيد غير زيد وليس زيد غير زيد كان لغواً لا فائدة فيه.

أو قلت: هذا أنت والإشارة إلى غير المخاطب كان معناه: هذا مثلك كما تقول: زيد عمرو على معنى: زيد مثل عمرو.

والذي حكاه يونس عن العرب هذا أنت تقول: أنت تفعل كذا وكذا.

هو مثل قوله " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم " لأن قولهم: هذا أنت كقولك: أنت هذا أحدهما مبتدأ والآخر خبره أيهما شئت جعلته المبتدأ والآخر الخبر وقوله: تفعل كذا وكذا في موضع الحال عند البصريين كأنك قلت: هذا زيد فاعلاً كذا.

والعامل فيه معنى التنبيه.

وعند الكوفيين أن المنصوب في هذا بمنزلة الخبر لأن المعنى عندهم: زيد فاعل كذا.

ثم أدخلوا هذا للوقت الحاضر كما يدخلون كان لما مضى.

فإذا ادخلوا هذا وهو اسم ارتفع به زيد وارتفع هذان به على ما لو اختير حكم المبتدأ والخبر والذي بعده.

فارتفاع زيد بهذا.

ويسمى أهل الكوفة هذا: التقريب.

ومنزلة ها عند منزلة كان لأن كان دخلت على: زيد قائم به فانتصب به.

ولا يجوز إسقاط المنصوب لأن الفائدة به معقودة والقصد إليه.

ويجوز عند الكوفيين: هذا زيد القائم كما يجوز كان زيد القائم.

ولا يجوز عند البصريين: هذا زيد القائم لأن مجراه عندهم مجرى الحال بخلاف خبر كان إذ ليس هو بحال.

وأما قوله تعالى: " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم " ففيه ثلاثة أقوال: أحدها مذهب أصحابنا وهو أن أَنْتُمُ و هَؤُلاء مبتدأ وخبر.

وتقتلون أنفسكم في موضع الحال تقديره: قاتلين أنفسكم.

وعلى مذهب الكوفيين تقتلون خبر التقريب على ما ذكرناه من مذهبهم.

وقال ثعلب: هؤلاء في معنى الذين وتقتلون في صلتها.

كأنه قال: ثم أنتم تقتلون أنفسكم كما قال ابن مفرع: وكان ينبغي على ما قدره ثعلب أن يقرأ: " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم " على تقدير: أنتم الذين تقتلون أنفسكم.

ويجوز عند البصريين: ثم أنتم الذين أنفسكم في الضرورة وليس بالمختار.

وأنشدوا فيه لمهلهل: وإن الذي قتلت بكر بالقنا ويركب منها غير ذات سنام والوجه: وإن الذي قتل.

والآخر: يا أيها الذكر الذي قد سؤتنى وفضحتني وطردت أم عياليا والوجه: يا أيها الذي قد ساءني.

والآخر: يا مرو يابن واقع ياأنتا أنت الذي طلقت عام جعتا حتى إذا اصطبحت واغتبقتا أقبلت مرتاداً لما تركتا والوجه: الذي طلق عام جاع لأن الضمير في طلق يعود إلى الذي وهو غائب فوجب أن يكون ضمير غائب.

ومثله: " ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم " و " ها أنتم أولاء تحبونهم " فيها الوجوه التي ذكرنا.

فإن قال قائل: إذا زعمتم أن قوله: " تقتلون أنفسكم " في موضع الحال والحال فضلة في الكلام فهل يجوز أن يقول: ثم أنتم هؤلاء.

قيل له: إذا كان المقصد الإخبار فما أوجب حكم اللفظ فيه أن يكون حالاً وجب أن يجري لفظه على الحال وتصير الحال لازمة عما أوجبه المعنى كما أن الصفة في بعض المواضع لازمة كقولك بمن صالح ويا أيها الرجل: فصالح والرجل لازمتان لا يجوز إسقاطهما من الكلام وإن أصل الصفة أن تكون مستغنى عنها.

وأيضاً فإنا رأينا الحال مع المصادر لا يستغنى عنها في مثل قولك: شربك السويق ملتوتاً ونحوه.

وأما قوله: هذا لها وذاليا.

بمعنى: وهذا ليا فإنما جاز تقديم ها على الواو لأن ها تنبيه والتنبيه قد يدخل على الواو إذا عطفت بها جملة على جملة كقولك: ألا إن زيداً خارج ألا إن عمراً مقيم ونحو هذا فاعرفه.

وأما القول في الهاء التي في ها أنتم هؤلاء فقد روى بالمد والقصر.

فوجه ها أنتم أنه قد أبدل من الهمزة الهاء أراد أنتم فأبدل من الهمزة الهاء.

ولا يمتنع أن تبدل من الهمزة الهاء كما لم يمتنع إبدال الواو والتاء والباء في القسم وإن كان على حرف واحد ولا يحمل على حرف الألف من ها هنا في هلم فإنه جاز لأن اللام في تقدير السكون لأن الحركة نقلت إليها من غيرها فحذفت الألف لالتقاء الساكنين.

وهذا الاستفهام بمعنى التقرير.

وأما ها أنتم فإنها للتنبيه ولحقت الجملة كما لحقت يا في ذا البيت: يا قاتل الله صبياناً تجئ بهم أم الضبيغس من زند لها وارى ويجوز أن تكون في ها أنتم بدلاً من همزة الاستفهام كما كان بدلاً منها في قول من قال ها أنتم وتكون الألف التي تدخل بين الهمزة لتفصل بينهما لأن الهاء بمنزلة الهمزة في حمراء في حكم الألف بدلالة ترك الصرف.

ومما أضمر فيه المبتدأ قولهم من مسائل الكتاب: لا سواء والتقدير هذان لا سواء فحذفوا المبتدأ وصارت لا كافة عوضاً منها وسواء خبر المبتدأ وكما صارت لا هنا عوضاً عن المبتدأ صارت كذلك عوضاً عنه في قولك " أزيد عندك أم لا قال: التقدير أم هو لا فلم يظهر لأن لا قد صار عوضاً عنه كما صار عوضاً في سية قوله: لا سواء.

والمعنى: لا هما سواء ولا هذان سواء.

فلم يكرر لا لم يستقبح ذلك كما استقبحوا لا زيد عندك حتى يقال: ولا عمرو لأنه كما أنه لو أظهر المبتدأ لم يلزم تكرير لا كذلك لم يلزم تكريره فيما هو بدل منه.

وأما خبر المبتدأ المضمر فاستغنى عن إظهاره كما استغنى عن إظهار الخبر نحو زيد عندك وعمرو.

وحسن هذا الكلام أن لا قد حذفت بعدها الجمل في نحو قول ذى الرمة: خليلى هل من حيلة تعلمانها تقديره: هل من حيلة تعلمانها أو لا حيلة لكم واعلم أن أم لا تخلو من أن تكون الكائنة مع الهمزة بمنزلة أى أو المنقطعة فلو كانت التي بمعنى أى مع الألف لوجب أن يكون بعدها اسم أو فعل كقولك: أزيد قام أم عمرو. و أقام زيد أم عمرو قعد.

ولو كانت المنقطعة لوجب أن يكون بعدها جملة كقولك: عندك زيد أم عمرو.

فلم يجئ واحد من الضربين

إعراب القرآن للسيوطي
1 ما ورد في التنزيل من إضمار الجمل | 2 ما جاء من حذف المضاف في التنزيل | 3 ما جاء في التنزيل معطوفاً بالواو والفاء | 4 فمن ذلك قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} | 5 وفي بعض ذلك اختلاف | 6 ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال | 7 ما جاء في التنزيل من أسماء الفاعلين مضافة إلى ما بعدها بمعنى الحال أو الاستقبال | 8 ما جاء في التنزيل من إجراء غير في الظاهر على المعرفة | 9 ما جاء في التنزيل من كاف الخطاب المتصلة ولا موضع لها من الإعراب | 10 ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين | 11 ما جاء في التنزيل من الاشمام والروم | 12 ما جاء في التنزيل ويكون الجار والمجرور في موضع الحال محتملاً ضميراً من صاحب الحال | 13 ما جاء في التنزيل دالاً على جواز تقدم خبر المبتدأ | 14 ما جاء في التنزيل وقد حُذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه | 15 ما جاء في التنزيل من حذف الجار والمجرور | 16 وحذف الهمزة في الكلام حسن جائز إذا كان هناك ما يدل عليه | 17 ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين | 18 ما جاء في التنزيل من لفظ مَنْ ومَا والَّذي وكُلُّ وأحَدٍ وغير ذلك | 19 ما جاء في التنزيل من ازدواج الكلام والمطابقة والمشاكلة وغير ذلك | 20 ما جاء في التنزيل من حذف المفعول والمفعولين وتقديم المفعول الثاني على المفعول الأول وأحوال الأفعال المتعدية إلى مفعوليها و غير ذلك مما يتعلق به | 21 ما جاء في التنزيل من الظروف التي يرتفع ما بعدهن بهن على الخلاف وما يرتفع ما بعدهن بهن على الاتفاق | 22 ما جاء في التنزيل من هو وأنت فصلاً | 23 ما جاء في التنزيل من المضمرين إلى أي شيء يعود مما قبلهم | 24 ما جاء في التنزيل وقد أبدل الاسم من المضمر الذي قبله والمظهر على سبيل إعادة العامل أو تبدل إن وأن مما قبله | 25 ما جاء في التنزيل من همزة ساكنة يترك همزها أبو عمرو وما لا يترك همزها | 26 ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع | 27 ما جاء في التنزيل لحقت إن التي للشرط ما ولحقت النون فعل الشرط | 28 ما جاء في التنزيل عقيب اسمين كني عن أحدهما اكتفاء بذكره عن صاحبه | 29 ما جاء في التنزيل صار الفصل فيه عوضاً عن نقصان لحق الكلمة | 30 ما جاء في التنزيل وقد حمل فيه اللفظ على المعنى وحكم عليه بما يحكم على معناه لا على اللفظ | 31 ما جاء في التنزيل من حذف أن وحذف المصادر والفصل بين الصلة والموصول | 32 ما جاء في التنزيل من حذف حرف النداء والمنادى | 33 ما جاء في التنزيل قد حذف منه المضاف إليه | 34 ما جاء في التنزيل من حروف الشرط دخلت عليه اللام الموطئة للقسم | 35 ما جاء في التنزيل من التجريد | 36 ما جاء في التنزيل من الحروف الزائدة في تقدير وهي غير زائدة في تقدير آخر | 37 ما جاء في التنزيل من التقديم والتأخير وغير ذلك | 38 ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل | 39 ما جاء في التنزيل نصباً على المدح ورفعاً عليه | 40 المحذوف خبره | 41 ما جاء في التنزيل من إن المكسورة المخففة من إن | 42 ما جاء في التنزيل من المفرد ويراد به الجمع | 43 ما جاء في التنزيل من المصادر المنصوبة بفعل مضمر دل عليه ما قبله | 44 ما جاء في التنزيل من دخول لام إن على اسمها وخبرها أو ما اتصل بخبرها وهي لام الابتداء دون القسم | 45 باب ما جاء في التنزيل وفيه خلاف بين سيبويه وأبي العباس وذلك في باب الشرط والجزاء | 46 باب ما جاء في التنزيل من إدخال همزة الاستفهام على الشرط والجزاء | 47 باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا | 48 باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية | 49 باب ما جاء في التنزيل منصوبا على المضاف إليه | 50 | 51 باب ما جاء في التنزيل من المضاعف وقد أبدلت من لامه حرف لين | 52 باب ما جاء في التنزيل من حذف واو العطف | 53 باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض | 54 باب ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل المضاف إلى المكنى | 55 باب ما جاء في التنزيل في جواب الأمر | 56 باب ما جاء في التنزيل من المضاف الذي اكتسى | 57 من شيء محذوف | 58 باب ما جاء في التنزيل معطوفا وليس المعطوف مغايرا للمعطوف عليه وإنما هو هو أو بعضه | 59 باب ما جاء في التنزيل من التاء في أول المضارع فيمكن حمله على الخطاب أو على الغائبة | 60 باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل | 61 باب ما جاء في التنزيل من حدف هو من الصلة | 62 باب ما جاء في التنزيل من إجراء غير اللازم مجرى اللازم وإجراء اللازم مجرى غير اللازم | 63 باب ما جاء في التنزيل من الحروف المحذوفة تشبيها بالحركات | 64 باب ما جاء في التنزيل أجرى فيه الوصل مجرى الوقف | 65 باب ما جاء في التنزيل من بناء النسب | 66 باب ما جاء في التنزيل أضمر فيه المصدر لدلالة الفعل عليه | 67 باب ما جاء في التنزيل ما يكون على وزن مفعل بفتح العين ويراد به المصدر ويوهمك أنه مكان | 68 باب ما جاء في التنزيل من حذف إحدى التاءين في أول المضارع | 69 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الاسم على الموضع دون اللفظ | 70 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه ما بعد إلا على ما قبله | 71 باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب | 72 باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه | 73 باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته | 74 باب ما جاء في التنزيل مما يتخرج | 75 باب ما جاء في التنزيل من القلب والإبدال | 76 باب ما جاء في التنزيل من إذا الزمانية | 77 باب ما جاء في التنزيل من أحوال النون عند الحروف | 78 باب ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم | 79 باب ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره | 80 باب ما جاء في التنزيل عبر عن غير العقلاء بلفظ العقلاء | 81 باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل الحذاق فيغفلون عنه | 82 باب ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة ما من أي قسمة هي | 83 باب ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم | 84 نوع آخر إضمار قبل الذكر | 85 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الفعل على موضع الفاء في جواب الشرط فجزم | 86 واستعمل ما هو فرع | 87 باب ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه | 88 مسألة قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " | 89 باب ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب