البداية والنهاية/الجزء الرابع/فصل استخلاف كلثوم بن حصين الغفاري على المدينة



فصل استخلاف كلثوم بن حصين الغفاري على المدينة


قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: ثم مضى رسول الله لسفره، واستخلف على المدينة أبا رهم، كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري.

وخرج لعشر مضين من شهر رمضان، فصام وصام الناس معه حتى إذا كان بالكديد بين عسفان وأمج، أفطر.

ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف من المسلمين.

وقال عروة بن الزبير: كان معه اثنا عشر ألفا.

وكذا قال الزهري، وموسى بن عقبة.

فسبعت سليم، وبعضهم يقول: ألفت سليم، وألفت مزينة، وفي كل القبائل عدد وإسلام.

وأوعب مع رسول الله المهاجرون والأنصار، فلم يتخلف عنه منهم أحد.

وروى البخاري عن محمود، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري نحوه.

وقد روى البيهقي من حديث عاصم بن علي، عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، أخبرني عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس أن رسول الله غزا غزوة الفتح في رمضان.

قال: وسمعت سعيد بن المسيب يقول مثل ذلك، لا أدري أخرج في ليال من شعبان فاستقبل رمضان، أو خرج في رمضان بعد ما دخل؟

غير أن عبيد الله بن عبد الله أخبرني أن ابن عباس قال: صام رسول الله حتى بلغ الكديد - الماء الذي بين قديد وعسفان - أفطر، فلم يزل يفطر حتى انصرم الشهر.

ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، عن الليث، غير أنه لم يذكر الترديد بين شعبان ورمضان.

وقال البخاري: ثنا علي بن عبد الله، ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن طاووس، عن ابن عباس قال: سافر رسول الله في رمضان، فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بإناء فشرب نهارا ليراه الناس، فأفطر حتى قدم مكة.

قال: وكان ابن عباس يقول: صام رسول الله في السفر وأفطر، فمن شاء صام، ومن شاء أفطر.

وقال يونس: عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: مضى رسول الله لسفرة الفتح، واستعمل على المدينة أبا رهم كلثوم ابن الحصين الغفاري.

وخرج لعشر مضين من رمضان، فصام وصام الناس معه، حتى أتى الكديد - بين عسفان وأمج - فأفطر، ودخل مكة مفطرا، فكان الناس يرون آخر الأمرين من رسول الله الفطر، وأنه نسخ ما كان قبله.

قال البيهقي: فقوله خرج لعشر من رمضان، مدرج في الحديث.

وكذلك ذكره عبد الله بن إدريس، عن ابن إسحاق.

ثم روي من طريق يعقوب بن سفيان، عن جابر، عن يحيى، عن صدقة، عن ابن إسحاق أنه قال: خرج رسول الله لعشر مضين من رمضان سنة ثمان.

ثم روى البيهقي من حديث أبي إسحاق الفزاري، عن محمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: كان الفتح لثلاث عشر خلت من شهر رمضان.

قال البيهقي: وهذا الإدراج وهم، إنما هو من كلام الزهري.

ثم روي من طريق ابن وهب، عن يونس، عن الزهري قال قال: غزا رسول الله غزوة الفتح - فتح مكة - فخرج من المدينة في رمضان، ومعه من المسلمين عشرة آلاف، وذلك على رأس ثماني سنين ونصف سنة من مقدمه المدينة، وافتتح مكة لثلاث عشرة بقين من رمضان.

وروى البيهقي من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس أن رسول الله خرج في رمضان، ومعه عشرة آلاف من المسلمين، فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر.

فقال الزهري: وإنما يؤخذ بالأحدث فالأحدث.

قال الزهري: فصبح رسول الله مكة لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان، ثم عزاه إلى الصحيحين من طريق عبد الرزاق، والله أعلم.

وروى البيهقي من طريق سعيد بن عبد العزيز التنوخي، عن عطية بن قيس، عن قظعة بن يحيى، عن أبي سعيد الخدري قال:

آذننا رسول الله بالرحيل عام الفتح ليلتين خلتا من رمضان، فخرجنا صواما حتى بلغنا الكديد، فأمرنا رسول الله بالفطر، فأصبح الناس مرحى، منهم الصائم ومنهم المفطر، حتى إذا بلغنا المنزل الذي نلقى العدو فيه، أمرنا بالفطر فأفطرنا أجمعين.

وقد رواه الإمام أحمد عن أبي المغيرة، عن سعيد بن عبد العزيز، حدثني عطية بن قيس، عمن حدثه عن أبي سعيد الخدري قال: آذننا رسول الله بالرحيل عام الفتح لليلتين خلتا من رمضان، فخرجنا صواما حتى بلغنا الكديد، فأمرنا رسول الله بالفطر، فأصبح الناس منهم الصائم ومنهم المفطر، حتى إذا بلغ أدنى منزل يلقى العدو أمرنا بالفطر فأفطرنا أجمعون.

قلت: فعلى ما ذكره الزهري من أن الفتح كان يوم الثالث عشر من رمضان، وما ذكره أبو سعيد من أنهم خرجوا من المدينة في ثاني شهر رمضان، يقتضي أن مسيرهم كان بين مكة والمدينة في إحدى عشرة ليلة.

ولكن روى البيهقي، عن أبي الحسين بن الفضل، عن عبد الله بن جعفر، عن يعقوب بن سفيان، عن الحسن بن الربيع، عن ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري ومحمد بن علي بن الحسين، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعمرو بن شعيب، وعبد الله بن أبي بكر وغيرهم قالوا: كان فتح مكة في عشر بقيت من شهر رمضان سنة ثمان.

قال أبو داود الطيالسي: ثنا وهيب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، عن عبد الله قال: خرج رسول الله عام الفتح صائما، حتى أتى كراع الغميم، والناس معه مشاة وركبانا، وذلك في شهر رمضان فقيل: يا رسول الله إن الناس قد اشتد عليهم الصوم، وإنما ينظرون كيف فعلت؟

فدعا رسول الله بقدح فيه ماء، فرفعه فشرب والناس ينظرون، فصام بعض الناس، وأفطر البعض حتى أخبر النبي أن بعضهم صائم، فقال رسول الله : «أولئك العصاة».

وقد رواه مسلم من حديث الثقفي، والدراوردي، عن جعفر بن محمد.

وروى الإمام أحمد من حديث محمد بن إسحاق: حدثني بشير بن يسار، عن ابن عباس قال: خرج رسول الله عام الفتح في رمضان، فصام وصام المسلمون معه، حتى إذا كان بالكديد، دعا بماء في قعب وهو على راحلته فشرب والناس ينظرون، يعلمهم أنه قد أفطر، فأفطر المسلمون.

تفرد به أحمد.

البداية والنهاية - الجزء الرابع
سنة ثلاث من الهجرة غزوة نجد | غزوة الفرع من بحران | خبر يهود بني قينقاع في المدينة | سرية زيد بن حارثة إلى ذي القردة | مقتل كعب بن الأشرف | غزوة أحد في شوال سنة ثلاث | مقتل حمزة رضي الله عنه | فصل نصر الله للمسلمين يوم بدر | فصل فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ من المشركين قبحهم الله | فصل رد رسول الله عين قتادة بن النعمان عندما سقطت يوم أحد | فصل مشاركة أم عمارة في القتال يوم أحد | فصل في أول من عرف رسول الله بعد الهزيمة كعب بن مالك | دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد | فصل سؤال النبي عليه السلام عن سعد بن الربيع أهو حي أم ميت | الصلاة على حمزة وقتلى أحد | فصل في عدد الشهداء | فصل نعي رسول الله لحمنة بنت جحش أخيها وخالها وزوجها يوم أحد | خروج النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه على ما بهم من القرح والجراح في أثر أبي سفيان | فصل فيما تقاول به المؤمنون والكفار في وقعة أحد من الأشعار | آخر الكلام على وقعة أحد | سنة أربع من الهجرة النبوية | غزوة الرجيع | سرية عمرو بن أمية الضمري | سرية بئر معونة | غزوة بني النضير وفيها سورة الحشر | قصة عمرو بن سعدي القرظي | غزوة بني لحيان | غزوة ذات الرقاع | قصة غورث بن الحارث | قصة الذي أصيبت امرأته يومذاك | قصة جمل جابر | غزوة بدر الآخرة | فصل في جملة من الحوادث الواقعة سنة أربع من الهجرة | سنة خمس من الهجرة النبوية غزوة دومة الجندل | غزوة الخندق أو الأحزاب | فصل نزول قريش بمجتمع الأسيال يوم الخندق | فصل في دعائه عليه السلام على الأحزاب | فصل في غزوة بني قريظة | وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه | فصل الأشعار في الخندق وبني قريظة | مقتل أبي رافع اليهودي | مقتل خالد بن سفيان الهذلي | قصة عمرو بن العاص مع النجاشي | فصل في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة | تزويجه بزينب بنت جحش | نزول الحجاب صبيحة عرس زينب | سنة ست من الهجرة | غزوة ذي قرد | غزوة بني المصطلق من خزاعة | قصة الإفك | غزوة الحديبية | سياق البخاري لعمرة الحديبية | فصل في السرايا التي كانت في سنة ست من الهجرة | فصل فيما وقع من الحوادث في هذه السنة | سنة سبع من الهجرة غزوة خيبر في أولها | فصل فتح رسول الله عليه السلام للحصون | ذكر قصة صفية بنت حيي النضرية | فصل محاصرة النبي عليه السلام أهل خيبر في حُصنيهم | فصل فتح حصونها وقسيمة أرضها | فصل تخصيص شيء من الغنيمة للعبيد والنساء ممن شهدوا خيبر | ذكر قدوم جعفر بن أبي طالب ومسلمو الحبشة المهاجرون | قصة الشاة المسمومة والبرهان الذي ظهر | فصل انصراف رسول الله إلى وادي القرى ومحاصرة أهله | فصل من استشهد بخيبر من الصحابة | خبر الحجاج بن علاط البهزي | فصل مروره صلى الله عليه وسلم بوادي القرى ومحاصرة اليهود ومصالحتهم | فصل تقسيم الثمار و الزروع في خيبر بين المسلمين و اليهود بالعدل | سرية أبي بكر الصديق إلى بني فزارة | سرية عمر بن الخطاب إلى تُرَبَة وراء مكة بأربعة أميال | سرية عبد الله بن رواحة إلى يسير بن رزام اليهودي | سرية أخرى مع بشير بن سعد | سرية بني حدرد إلى الغابة | السرية التي قتل فيها محلم بن جثامة عامر بن الأضبط | سرية عبد الله بن حذافة السهمي | عمرة القضاء | قصة تزويجه عليه السلام بميمونة | ذكر خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة بعد قضاء عمرته | فصل إرسال سرية ابن أبي العوجاء إلى بني سليم | فصل رد رسول الله عليه السلام ابنته زينب على زوجها أبي العاص | سنة ثمان من الهجرة النبوية | طريق إسلام خالد بن الوليد | سرية شجاع بن وهب الأسدي إلى هوازن | سرية كعب بن عمير إلى بني قضاعة | غزوة مؤتة | فصل إصابة جعفر وأصحابه | فصل عطف رسول الله عليه السلام على ابن جعفر عند إصابة أبيه | فصل في فضل زيد وجعفر وعبد الله رضي الله عنهم | فصل في من استشهد يوم مؤتة | ما قيل من الأشعار في غزوة مؤتة | كتاب بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الآفاق وكتبه إليهم | إرساله صلى الله عليه وسلم إلى ملك العرب من النصارى بالشام | بعثه إلى كسرى ملك الفرس | بعثه صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب مدينة الإسكندرية واسمه جريج بن مينا القبطي | غزوة ذات السلاسل | سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر | غزوة الفتح الأعظم وكانت في رمضان سنة ثمان | قصة حاطب بن أبي بلتعة | فصل استخلاف كلثوم بن حصين الغفاري على المدينة | فصل إسلام العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم | فصل نزول النبي عليه السلام إلى مر الظهران | صفة دخوله صلى الله عليه وسلم مكة | فصل عدد الذين شهدوا فتح مكة | بعثه عليه السلام خالد بن الوليد بعد الفتح إلى بني جذيمة من كنانة | بعث خالد بن الوليد لهدم العزى | فصل في مدة إقامته عليه السلام بمكة | فصل فيما حكم عليه السلام بمكة من الأحكام | فصل مبايعة رسول الله الناس يوم الفتح على الإسلام والشهادة | غزوة هوازن يوم حنين | الوقعة وما كان أول الأمر من الفرار ثم العاقبة للمتقين | فصل هزيمة هوازن | فصل في الغنائم | فصل أمره صلى الله عليه وسلم أن لا يقتل وليدا | غزوة أوطاس | من استشهد يوم حنين وأوطاس | ما قيل من الأشعار في غزوة هوازن | غزوة الطائف | مرجعه عليه السلام من الطائف | قدوم مالك بن عوف النصري على الرسول | اعتراض بعض أهل الشقاق على الرسول | مجيء أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة عليه بالجعرانة | عمرة الجعرانة في ذي القعدة | إسلام كعب بن زهير بن أبي سلمى وذكر قصيدته بانت سعاد | الحوادث المشهورة في سنة ثمان والوفيات