الحماسة البصرية - باب النسيب والغزل

الحماسة البصريةالجزء الثانيباب النسيب والغزل


وقال أبو دُواد عَدِيّ بن الرِّقاع

أموي الشعر، هو عَدِي بن زَيْد بن مالِك بن عَدِيّ بن الرِّقاع

لَوْلا الحَياءُ وأَنَّ رَأْسِيَ قد عَسا * * * فيه المَشِيبُ لَزُرْتُ أُمَّ القاسِـمِ

فكأَنَّها بَيْنَ النِّسـاءِ أعـارَهـا * * * عَيْنَيْهِ أَحْوَرُ مِن جَآذِرِ جاسِـمِ

وَسْنانُ أَقْصَدَهُ النُّعاسُ فَرَنَّقَـتْ * * * في عَيْنِهِ سِنَّةٌ ولَـيْسَ بِـنـائِمِ

يَصْطادُ يَقْظانَ الرِّجالِ حَدِيثُهـا * * * وتَطِيرُ لَذَتُهُ بِـرُوحِ الـنّـائِمِ

ومنَ الضَّلالَة بَعْدَما ذَهَبَ الصِّبا * * * نَظَرِي إلى حُورِ العُيُونِ نَواعِمِ

وقال قَيْس بن الخَطِيم

أموي الشعر

تَبَدَّتْ لَنا كالشَّمْس تَحْتَ غَمـامَةٍ * * * بَدا حاجِبٌ مِنْها وضَّنتْ بحاجِبِ

ولَمْ أَرَها إلا ثلاثاً على مِـنـىً * * * وأُحْسِنْ بِها عَذْراءَ ذات ذوائِبِ

دِيارُ التي كادَتْ ونحنُ على مِنىً * * * تَجُلُّ بِنا لَوْلا نَجاءُ الـرَّكـائِبِ

وقال أبو حَيَّة النُّمَيْرِي

وأَخْبَرَكِ الوَاشُـونَ أَنْ لا أُحِـبَّـكُـمْ * * * بَلَى وسُتُورِ اللـهِ ذاتِ الـمَـحـارِمِ

أَصُدُّ، وما الصَّدُّ الذي تَعْـلَـمـينَـهُ * * * عَزاءً بِنا إلاَّ ابْـتِـلاعُ الـعَـلاقِـمِ

حَياءً وبُـقْـيا أنْ تَـشِـيعَ نَـمِـيمَةٌ * * * بِنا وبِكُـمْ، أُفٍّ لأَهْـلِ الـنَّـمـائِمِ

وإنَّ دَماً لو تَعْـلَـمِـينَ جَـنَـيْتِـهِ * * * على الحَيِّ جانِي مِثْلِهِ غيرُ سـالِـمِ

أَما إنَّه لو كـانَ غـيْرُكِ أَرْقَـلَـتْ * * * إليه القَنا بالرَّاعِـفـاتِ الـلَّـهـاذِمِ

ولكنْ لَعَمْرُ اللهِ ما طَلَّ مُـسْـلِـمـاً * * * كَغُرِّ الثَّنايا واضِحاتِ الـمَـلاغِـمِ

إذا هُنَّ ساقَطْنَ الأَحادِيثَ للـفَـتَـى * * * سِقاطَ حَصَى المَرْجانِ مِن كَفِّ ناظِمِ

رَمَيْنَ فأْنَفَذْنَ القُـلُـوبَ فـلا تَـرَى * * * دَماً مائِراً إلاّ جَوىً فـي الـحَـيازِمِ

وقال آخر وتُرْوَى لذِي الرُّمَّة

وإنَّـا لـيَجْـرِي بَـيْنَــنـــا حـــينَ نَـــلْـــتَـــقِـــي * * * حَدِيثٌ لــه وَشْـــيٌ كَـــوَشْـــي الـــمَـــطـــارِفِ

حَدِيثٌ كَوقْعِ القَطْرِ في المَحْلِ يُشْتَفَى * * * بِهِ مِن جَوىً في داخِلِ القَلْبِ شاعِفِ

وقال حسّان بن ثابت الأنصارِي

يا لَقَوْمِي هل يَقْتُلُ المَرَْ مِثْلِي * * * واهِنُ البَطْشِ والعِظامِ سَؤُومُ

شَأْنُها العِطْرُ والفِراشُ ويَعْلُو * * * ها لُجَيْنٌ ولُؤْلُؤٌ مَـنْـظُـومُ

لو يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مَنَ وَلَدِ الذَّرِّ * * * عَلِيها لأَنْدَبَتْهـا الـكُـلُـومُ

لَمْ تَفُقْها شَمْسُ النَّهارِ بِشَيْءٍ * * * غَيْرَ أَنَّ الشَّبابَ لـيس يَدُومُ

وقال جَرِير بن عَطِيّة

بن الخَطَفَي، أموي الشعر واسم الخَطَفَي حُذَيْفَة بن بَدْر اليَرْبُوعِيّ

إنَّ العُيُونَ التي في طَرْفِها مَرَضٌ * * * قَتَلْنَنا ثمَّ لَـمْ يُحْـيِينَ قَـتْـلانـا

يَصْرَعْنَ ذا اللُّبِّ حتَّى لا حِراكَ بهِ * * * وهُنَّ أَضْعَفُ خَلْقَ اللهِ إنْسـانـا

يا حَبَّذا جَبَلُ الرَّيّانِ مِـن جَـبَـلٍ * * * وحَبَّذا ساكنُ الرَّيّانِ مَـنْ كـانـا

وحَبَّذا نَفَـحـاتٌ مِـن يَمـانِـيَةٍ * * * تأْتِيكَ مِن قِبَلِ الـرَّيانِ أَحْـيانـا

هَبَّتْ شَمالاً، فذِكْرى ما ذَكَرْتُكُـمُ * * * عِنْدَ الصَّفاةِ التي شَرْقِيَّ حَوْرانـا

يا رُبَّ غابِطِنا لو كان يَطْلُـبُـكُـمْ * * * لاقَى مُباعَدَةً مِنْكُمْ وحِـرْمـانـا

ما كنتُ أَوّلَ مُشْتاقٍ أخِي طَـرَبٍ * * * هاجَتْ له غَدَواتُ البَيْنِ أَحْـزانـا

حَيِّ المَنازِلَ، إذْ لا نَبْتَغِـي بَـدَلاً * * * بالدَّارِ دَاراً ولا الجِيرانِ جِيرانـا

هل يَرْجِعَنَّ، ولَيْسَ الدَّهْرُ مُرْتَجَعاً، * * * عَيْشٌ بها طالَما احْلَوْلَى وما لانـا

وقال امرُؤُ القَيْس

بن حُجْر الكِنْدِيّ، جاهلي

كأَنَّ المُدَامَ وصَوْبَ الغَـمـامِ * * * ورِيحَ الخُزامَى ونَشْرَ القُطُرْ

يُعَـلَّ بـهِ بَـرْدُ أنْـيَابِـهـا * * * إذا غَرَّدَ الطَّائِرُ المُسْتَـحِـرّ

فلمّـا دَنَْـتُ تَـسـدَّيْتُـهـا * * * فَثوْبٌ نَسِيتُ وثَـوْبٌ أُجُـرّ

وقدْ رابَنِي قَوْلُهـا: يا هَـنـا * * * هُ، ويْحَكَ أَلْحَقْتَ شَرّاً بِشَـرّ

وقال جَرِير بن عَطِيّة بن الخطَفَي

لَقَد طالَ كِتْمانِي أُمامَةَ حُـبَّـهـا * * * فَهذا أَوانُ الحُبِّ تَبْدُو شَواكِـلُـهُ

وإنِّي، وإن لامَ العَواذِلُ، مُـولَـعٌ * * * بحُبِّ الغَضا مِن حُبِّ مَنْ لا يُزايِلُهْ

ولمّا اسْتَقَرَّ الحَيُّ أَلْقِيَتِ العَـصـا * * * وماتَ الهَوى لمَّا أُصِيبَتْ مَقاتِلُـهْ

وقُلْنَ: تَرَوَّحْ، لا تكُنْ لـكَ حـاجَةٌ * * * وقَلْبَكَ لا تَشْغَل، وهُنَّ شواغِـلُـهْ

وقال جَمِيل بن عبد الله

بن قَمِيئَة العُذْرِيّ

إنّي لأَحْفَظُ غَيْبَكُمْ ويَسُـرُّنِـي * * * لو تَعْلَمِينَ بصالِحٍ أنْ تُذْكَـرِي

ويَكُون يومٌ لا أَرَى لكِ مُرْسَـلاً * * * أو نَلْتَقِي فيه عليَّ كأَشْـهُـرِ

وكأَنَّ طارِقَها على عَلَلِ الكَرَى * * * والنَّجْمُ وَهْناً وقد دَنا لِتَـغَـوُّرِ

يَسْتافُ رِيحَ مُدامَةٍ مَـعْـلُـولَةٍ * * * بِرُضابِ مِسْكٍ في ذَكِيِّ العَنْببَرِ

يا لَيْتَنِي أَلْقَى المَـنِـيّةَ بَـغْـتَةً * * * إنْ كانَ يومُ لِقائِكُمْ لـمْ يُقْـدَرِ

ما أنتِ والوَعْدَ الذي تَعِدِينَـنِـي * * * إلاَّ كَبَرْقِ سَحابَةٍ لم تُمْـطِـرِ

وقال أيضاً

نَصُـدُّ إذا مـا الـنَّـاس بـالـــقَـــوْلِ أَكْـــثَـــرُوا * * * عَلَـيْنـا، وتَـجْـرِي بـالـصَّـفـــاءِ الـــرَّســـائِلُ

فإنْ غَـفَـلَ الـواشُـونَ عُـدْنـا لِـــوَصْـــلِـــنـــا * * * وعـادَ الـتَّـصـافِـي بَـيْنَـنــا والـــتَّـــراسُـــلُ

فيا حُسْنَها إذْ يَغْسِلُ الدَّمْعُ كُحْلَها * * * وإذْ هي تُذْرِى الدَّمْعَ مِنْها الأَنامِلُ

أَلاَ رُبَّ لاحٍ لو بَلَى الحُبَّ لَمْ يَلُمْ * * * ولـكـنَّـه مِـن سَــوْرَةِ الـــحُـــبِّ جـــاهِـــلُ

وقال قَيْس بن المُلَوّح

ولَمْ أَرَ لَيْلَى بَعْدَ مَـوْقِـفِ سـاعَةٍ * * * بَخيْفِ مِنىً تَرْمِي جِمارَ المُحَصَّبِ

ويُبْدِي الحَصا مِنْها إذا قَذَفَـتْ بـهِ * * * مِن البُرْدِ أَطْرافَ البَنانِ المُخَضَّبِ

فأَصْبَحْتُ مِن لَيْلَى الغَداةَ كناظِـرٍ * * * مع الصُّبْحِ في أَعْقابِ نَجْمٍ مُغرِّبِ

أَلاَ إنَّمـا غـادَرْتِ يا أُمَّ مـالِـكٍ * * * صَدّي أيْنَما تَذْهَبْ به الرِّيحُ يَذْهَبِ

وقال الكُمَيْت بن مَعْروف الأسَدِيّ

أموي الشعر

يَمْشِينَ مَشْيَ قَطا البِطاحِ تَأَوُّداً * * * قُبَّ البُطُونِ رَواجِحَ الأَكْفالِ

وإذا أَرَدْنَ زِيارَةً فكأَنَّـمـا * * * يَنْقُلْنَ أَرْجُلَهُنَّ مِن أَوْحـالِ

مِن كُلِّ آنِسَةِ الحَدِيثِ حَـيِيَّةٍ * * * لَيْسَتْ بفاحِشَةٍ ولا مِتْـفـالِ

وتكُونُ رِيقَتُها إذا نَبَّهْتَـهـا * * * كالشَّهْدِ، أو كسُلافَةِ الجِرْيالِ

أَقْصَى مَذاهِبِها إذا لاقَيْتَهـا * * * في الشَّهْرِ بَيْنَ أَسِنَّةٍ وحِجالِ

وقال الأعْشَى مَيْمُون بن قَيْس

من قَيْس بن ثَعْلَبَة، جاهلي

غَرّاءُ فَـرْعـاءُ مَـصْـقُـــولٌ عَـــوارِضُـــهـــا * * * تَمْشِـي الـهُـوَيْنـى كـمـا يَمْـشِـي الـوَجَـى الـوَحِـلُ

كأَنَّ مِـشْـيَتَـهـا مِـــن بَـــيْتِ جـــارَتِـــهـــا * * * مَرُّ الـــسَّـــحـــابَةِ لا رَيْثٌ ولا عَـــجَـــــلُ

صِفْرُ الوِشاحِ، ومِلْءُ الدِّرْعِ، بَهْكَنَةٌ، * * * إذا تَأَتَّى يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ

وقال ابن أُبي بن مُقْبِل

يَمْشِين هَيْلَ النَّقا مالَتْ جوانِبُـهُ * * * يَنْهالُ حِيناً، ويَنْهاهُ النَّدى حِينـا

يَهْزُزْنَ للمَشي أَعْطافاً مُنَعَّـمَةً * * * هَزَّ الجَنُوبِ ضُحىً عِيدانَ يَبْرِينا

أو كاهْتِزازِ رُدَيْنِيٍّ تَـجـاذَبَـهُ * * * أيْدِي الكُماةِ فزادَتْ مَتْنَهُ لِـينـا

بِيضٌ يُجْرّدْنَ مِن أَلْحاظِهِنَّ لَنـا * * * بِيضاً، ويَغْمِدْنَ ما جَرَّدْنَهُ فِينـا

إذا نَطَقْنَ رَأَيت الدُّرَّ مُنْـتَـثِـراً * * * وإنْ صَمَتْنَ رَأَيْتَ الدُّرَّ مَكْنُونـاً

وقال آخر

أَبَتْ الرَّوادِفُ والثُّدِيُّ لِقُمْصِهـا * * * مَسَّ البُطُونِ وأنْ تَمَسَّ ظُهُوراً

وإذا الرِّياحُ تَناوَحَتْ بِنَسِيمِـهـا * * * نَبَّهْنَ حاسِدَةً وهِجْـنَ غَـيورَا

وقال رجُل من بَنِي كِلاب

ألا يا سَنا بَرْقٍ عَلا قُلَلَ الحِمَى * * * لَهِنَّكَ مِن بَرْقٍ علـيَّ كَـرِيمُ

لَمَعْتَ اقْتِذاءَ الطَّيْرِ والقَوْمُ هُجَّعٌ * * * فهَيَّجْتَ أَحْزاناً وأَنتَ سَـلِـيمُ

فبِتُّ بحدِّ المِرْفَقَـيْنِ أَشِـيمُـهُ * * * كأَنِّي لِبقٍ بالسِّـتـارِ حَـمِـيمُ

فهَلْ مِن مُعِيرٍ طَرْفَ عَيْنٍ جَلِيَّةٍ * * * فإِنْسانُ طَرْفِ العامِرِيِّ سَقِـيمُ

رَمَى قَلْبَهُ البَرْقُ المُلالِيُّ رَمْيَةً * * * بذِكْرِ الحِمَى وَهْناً فَباتَ يَهِـيمُ

وقال أَعْرابِيّ مِن طَيئ

خَلِيلَيَّ بالله اقْعُدا فَـتَـبـيَّنـا * * * وَمِيضاً أَرَى الظَّلْماءَ عنه تَقَدَّدُ

يُكَشِّفُ أَعْراضَ السَّحابِ كأَنَّهُ * * * صَفِيحَةُ هِنْدِيٍّ تُسَلُّ وتُغْـمَـدُ

فبِتُّ على الأجْبالِ لَيْلاً أَشِيمُـهُ * * * أَقُومُ له حتَّى الصَّباحِ وأَقْعُـدُ

وقال آخر

صَبا البَرْقُ نَجْدِياً فهاجَ صَباتَنِـي * * * كأَنِّي لِنَجْدِيِّ البُـرُوقِ نَـسِـيبُ

بَدا كانْصِداعِ اللَّيْلِ عن وَجْهِ صُبْحِهِ * * * وتَطْرُدُهُ بَـيْنَ الأَراكِ جَـنُـوبُ

فطَوْراً تَراهُ ضاحِكاً في ابْتِسـامَةٍ * * * وطَوراً تَراهُ قد عَلاهُ قُـطُـوبُ

إذا هاجَ بَرْقُ الغَوْرِ غَوْرِ تِهـامَةٍ * * * تَهَيَّجَ مِن شَوْقِي عليَّ ضُـرُوبُ

وقال سُحَيْم بن المُحَرَّم

ألا أيُّها البَرْقُ، الذي باتَ يَرْتَقِي * * * ويَجْلُو دُجَى الظَّلْماءِ، أَذْكَرْتَنِي نَجْداً

وهَيَّجْتَنِي مِن أَذْرِعاتٍ ولا أَرَى * * * بنَـجْـدٍ عـلــى ذِي حـــاجَةٍ طَـــرِبٍ بُـــعْـــدا

ألَـمْ تَـرَ أَنَّ الــلَّـــيلَ يَقْـــصُـــرُ طُـــولُـــهُ * * * بنَـــجْـــدٍ وتَـــزدادُ الـــرِّياحُ بـــه بَــــرْدا

فأَشْـهَـدُ لَـوْلا أنـتِ قـد تَـــعْـــلَـــمِـــينَـــهُ * * * وحُـبِّـيكِ مـــا بـــالَـــيْتُ أَنْ لا أَرَى نَـــجْـــدا

وقال آخر

فوا كَـبِـدِي مِــمّـــا أُحِـــسُّ مِـــن الـــهَـــوَى * * * إذا مـا بَـدا بَــرْقٌ مِـــن الـــلَّـــيْلِ يَلْـــمَـــحُ

لَئِنْ كانَ هذا الدَّهْرُ نَأْياً وغُرْبَةً * * * عن الأَهْلِ والأَوطانِ، فالمَوْتُ أَرْوَحُ

وقال جامِع الكِلابيّ

أَعِنِّي على بَرْقٍ أُرِيكَ وَمِـيضَـهُ * * * تُضِيءُ دُجُنّاتِ الظَّلامِ لَوامِـعُـهْ

إذا اكْتَحَلَتْ عَيْنا مُحبٍّ بـضَـوْئِهِ * * * تَجافَتْ به حتّى الصَّباحِ مَضاجِعُهْ

فباتَ وِسادِي ساعِدٌ قَلَّ لَـحْـمُـهُ * * * عن العَظْمِ حتّى كادَ يَبْدُو أَشاجِعُه

وقال أعْرابِيّ قُدِّمَ لتُضْرَبَ عُنُقُه

تأَلَّقَ البّرْقُ نَجْدِياً، فقلـتُ لـه: * * * يا أيُّها البَرْقُ إنِّي عَنْكَ مَشْغُولُ

أَلَيْسَ يَكْفِيكَ هذا ثائِرٌ حَـنِـقٌ * * * في كَفِّهِ صارِمٌ كالمِلْحِ مَسْلُولُ

وقال جَمِيل بن مَعْمَر

أَلاَ إنَّ ناراً دُوَنها رَمْلُ عالِـجٍ * * * وهَضْبُ النَّقا مِن مَنْظَرٍ لَبَعِيدُ

تَبَدَّتْ كما يَبْدُو السُّها غَيْرَ أَنَّها * * * أَنارَتْ بِبِيضٍ عَيْشُهُنَّ رَغِـيدُ

يُمَنِّينَنا وصْلاً بَعِـيدً قَـرِيبُـهُ * * * وأكْثَرُ وَصْلِ الغانِياتِ صُدُودُ

وقال قَيْس بن المُلَوِّح العُذْرِيّ

وإنِّي لِنارٍ، دُونُها رَمْلُ عـالِـجْ * * * على مابِعَيْنِي مِن قَذىً، لَبصِـيرُ

كأَنَّ نَسِيمَ الرِّيح حـينَ يُنِـيرُهـا * * * كَنَجْمٍ خَفِيٍّ في الظَّـلامِ يُنِـيرُ

متى تُذكَري للقَلْبِ يَنْهَضْ بِرَوْعَةٍ * * * جَناحُ الهَوَى حتَّى يَكـادَ يَطِـيرُ

وقال الشِّمّاخ بن ضِرار

وتُرْوَى لأخِيه مُزَرِّد

لِلَيْلَى بالعُنَيْزَةِ ضَـوْءُ نـارٍ * * * تَلُوحُ كأنَّها الشِّعْرَى العَبُورُ

إذا ما قُلْتُ قد خَمَدَتْ، زَهاها * * * سَوادُ اللَّيْل والرِّيحُ الدَّبُـورُ

وقال كُثَيِّر بن أبِي جُمْعَة الخُزاعِيّ

نَظَرْتُ وأَصْحابِي بأَيْلَةَ مَوْهِنـاً * * * وقَد حانَ مِن نَجْمِ الثُّرَيّا تَصَوُّبُ

لَعَزَّةَ ناراً ما تَبُـوخُ كـأَنَّـهـا * * * إذا ما رَمَقْناها مِن البُعْدِ كَوْكَبُ

إذا ما خَبَتْ مِن آخِرِ اللَّيْلِ خَبْوَةً * * * أُعِيدَ لَها بالمَنْدَلِيِّ فتَـثْـقَـبُ

وقال عبد الله بن الدُّمَيْنَة

ألاَ أيُّها الرَّكْبُ الذين دَلَيلُهُمْ * * * سُهَيْلٌ، أما مِنْكُمْ عليَّ دَلِيلُ

أَلِمُّوا بأَهْلِ الأَبْرَقَيْنِ فَسَلِّمُوا * * * وذاكَ لأَهْلِ الأَبْرَقَيْنِ قَلِيلُ

وقال أيضاً

إذا ما سُهَيْلٌ أَبْـرَزَتْـهُ غَـمـامَةٌ * * * على مَنْكِبٍ مِن جانِبِ الطُّورِ يَلْمحُ

دَعا بَعْضُنا بَعْضاً فبِتْنـا كـأَنَّـنـا * * * رَأَيْنا حَبِيباً كـانَ يَنْـأَى ويَنْـزَحُ

وذلك أَنّا واثِـقُـون بِـقُـرْبِـكُـمْ * * * وأَنَّ النَّوَى عَمّا قَلِيل تَـزَحْـزَحُ

وقال عبد الله بن شَبِيب

هَوَى صاحِبِي رِيحَ الشَّمالِ إذا جَرَتْ * * * وأَهْوَى لِنَفْسِيَ أَنْ تَهُبَّ جَـنُـوبُ

يَقُولُونَ: لو عَزَّيْتَ قَلْبَكَ لارْعَـوَى، * * * فقُلْتُ: وهَلْ للعاشِـقِـينَ قُـلُـوبُ

وقال الأَقْرَع بن مُعاذ العامِرِيّ

ويُكْنَى أبا جُوثَة

إذا راحَ رَكْبٌ مُصْعِدُونَ، فقَلْبُهُ * * * مع الرَّائِحِين المُصْعِدِينَ جَنِيبُ

وإِنْ هَبَّ عُلْوِيُّ الرِّياحِ وَجَدْتُنِي * * * كأَنِّي لِعُلْوِيّاتِـهِـنَّ نَـسـيبُ

وقال قَيٍس بن المُلَوِّح

أيا جَبَلَىْ نَعْمانَ بالـلـهِ خَـلِّـيا * * * طَرِيقَ الصَّبا يَخْلُصْ إليَّ نَسِيمُها

أَجِدْ بَرْدَها، أو تَشْفِ منِّي صَبابَةً * * * على كَبِدٍ لم يَبْقَ إلاّ صَمِيمُـهـا

فإنَّ الصَّبا رِيحٌ إذا ما تَنَسَّـمَـتْ * * * على نَفْسِ مَهْمُومٍ تَجَلَّتْ هُمُومُها

أَلا إنَّ أَهْوائِي بلَـيْلَـى قَـدِيمَةٌ * * * وأَقْتَلُ أَدْواءِ الرِّجالِ قَدِيمُـهـا

وقال عبد الله بن الدُّمَيْنَة

ألا يا صَبا نَجْدٍ مَتى هِجَتِ مِن نَجْدِ * * * لقَدْ زادَنِي مَسْراكِ وَجْداً على وَجْدِ

أَأَنْ هَتَفَتْ وَرْقاءُ في رَوْنَقِ الضُّحَى * * * على فَنَنٍ عَضِّ النَّباتِ مِن الرَّنْدِ

بَكَيْتَ كما يَبْكِي الوَلِيدُ، ولَمْ تكُنْ * * * جَلِيداً، وأَبْدَيْتَ الذي لَمْ تكُنْ تُبْدِي

وقَدْ زَعَمُوا أَنَّ المُحِبَّ إذا دَنَا * * * يَمَلُّ، وأَنَّ النَّأْيَ يَشْفِي مِن الوَجْدِ

بِكُلِّ تَداوَْنا، فلم يُشْفَ ما بِنا * * * علـى أنَّ قُـرْبَ الـدّارِ خَــيْرٌ مـــن الـــبُـــعْـــدِ

علـى أَنَّ قُـــرْبَ الـــدَّارِ لَـــيْسَ بـــنـــافِـــعٍ * * * إذا كـــانَ مَـــنْ تَـــهْـــواهُ لَـــيْسَ بِــــذِي وُدِّ

وقال القَتّال الكِلابيّ

إذا هَبَّتِ الأرْواحُ، كان أَحَبُّهـا * * * إِليَّ التي مِن نَحْوِ نَجْدٍ هُبُوبُهـا

وإنّي لَتَدْعُونِي إلى طاعَةِ الهَوَى * * * كَواعِبُ أَتْرابٌ مِراضٌ قُلُوبُها

كأنَّ الشِّفاهَ الحُوَّ مِنْهُنَّ حُمِّلَـتْ * * * ذَرَى بَرَدٍ يَنْهَلُّ مِنْها غُرُوبُهـا

بِهِنَّ مِن الدَّاءِ الذي أَنا عـارفٌ * * * وما يَعْرِفُ الأَدْواءَ إلاّ طَبِيبُهـا

وقال جَحْدَر العُكلِيّ

رَأَيْتُ بِذِي المَجازَةِ ضَوْءَ نـارٍ * * * تَلأْلأُ وهْيَ نازِحَةُ المَـكـانِ

فَشَبَّهَ صاحِبايَ بِهـا سُـهَـيْلاً * * * فقلْتُ: تَبَيَّنا مـا تَـنْـظُـرانِ

أناراً أوقِـدَتْ لِـتَـنَـوَّراهـا * * * بَدَتْ لكُما أَمِ البَرْقُ اليَمـانِـي

كَأَنَّ الرِّيحَ تَرْفَعُ مِن سَنـاهـا * * * بنـائِقُ حُـلَّةٍ مـن أرْجُـوانِ

ومِمّا هاجَنِي فازْدَدْتُ شَـوْقـاً * * * بُكاءُ حَمامَتَـيْنِ تَـجـاوَبـانِ

تَجاوَبَتا بلَـحْـنٍ أَعْـجَـمِـيٍّ * * * على غُصْنَيْنِ مِن غَرْبٍ وبانِ

فكانَ البانُ أَنْ بانَتْ سُلَـيْمَـى * * * وفي الغَرْبِ اغْتِرابٌ غَيْرُ دانِ

أَلَيْسَ اللَّيْلُ يَجْمَعُ أُمَّ عَـمْـرو * * * وإيّانـا، فـذاكَ لَـنـا تَـدانِ

نَعَمْ، وتَرَى الهِلالَ كمـا أَراهُ * * * ويَعْلُوها النَّهارُ كما عَـلانِـي

وقال آخر في مَعْناه

رَأَيْتُ غُراباً ساقِطاً فَوْقَ هَـضْـبةٍ * * * مِنَ القَضْبِ لم يَنْبُتْ له وَرَقٌ نَضْرُ

فقلتُ: غُرابٌ لاغْتِرابٍ، وقَـضْـبَةٌ * * * لِقَضْبِ النَّوَى، هَذِي العِيافَةُ والزَّجْرُ

وقال أبو صَخْر الهُذلِيّ

بِيَدِ الذي شَعَفَ الفُؤادَ بِكُـمْ * * * تَفْرِيجُ ما أَلْقَى مِنَ الـهَـمِّ

ويُقِرُّ عَيْنِي وهْـيَ نـازِحَةٌ * * * ما لا يُقِرُّ بعَيْنِ ذِي الحِلْـمِ

أَنِّي أَرَى وأَظُنُّ أَنْ سَتَـرى * * * وَضَحَ النَّهارِ وعالِيَ النَّجـمِ

وَلَليْلَةٌ مِنْها تَـعُـودُ لَـنـا * * * فِي غَيْرِ ما رَفَثٍ ولا إِثْـمِ

أَشْهَى إلى نَفْسِي ولَوْ نَزَحَتْ * * * مَمّا مَلَكْتُ ومِنْ بَنَى سَهْـمِ

قد كانَ صُرْمٌ في المَماتِ لَنا * * * فَعَجِلْتِ قَبْلَ المَوْتِ بالصُّرْمِ

ولَما بَقِيتِ لَيَبْـقَـيَنَّ جَـوَى * * * بَيْنَ الجَوانِحِ مُضْرِعٌ جِسْمِي

فَتَعلَّمِي أَنْ قد كَلِفْتُ بِـكُـمْ * * * ثُم افْعَلِي ما شِئْتِ عن عِلْمِ

وقال جَمِيل بن مَعْمَر العُذْرِيّ

وإنِّي لأَرْضَى مِن بُثَـيْنةَ بـالـذي * * * لَوَ أيْقَنَهُ الواشِي لَقَرَّتْ بَلابِـلُـهْ

بِلا، وبأَنْ لا أَسْتَطِيعُ، وبالمُـنَـى، * * * وبالأَمَلِ المَرْجوِّ قد خابَ آمِـلُـهْ

وبالنَّظْرَةِ العَجْلَى، وبالحَوْلِ تَنْقَضِي * * * أَواخِرُهُ لا نَـلْـتَـقِـي وأَوائِلُـهْ

وقال قَيْس بن الخَطِيم

رَدَّ الخَلِيطُ الجِمالَ فانْصَرَفُوا * * * ماذا عليهِمْ لَوَ أنَّهُمْ وَقَفُـوا

لو وَقَفُوا ساعَةً نُسـائِلُـهُـمْ * * * رَيْثَ يُضَحِّي جِمالَهُ السَّلَفُ

فِيهِمْ رَقُودُ العِشاءِ، آنِسَةُ الدَّ * * * لِّ، عَرُوبٌ يَسُوءُها الخُلُفُ

تَغْتَرِقُ الطَـرْفَ وهْـيَ لاهِـيَةٌ * * * كأَنَّما شَـفَّ وَجْـهَـهـا نُـزُفُ

بَيْنَ شُكُولِ النِّساءِ خِـلْـقَـتُـهـا * * * حَذْواً، فلا جَبْـلَةٌ ولا قَـضَـفُ

قَضَى لها اللهُ حينَ صَـوَّرَهـا ال * * * خالِـقُ أَلاَّ يُجِـنَّـهـا سَــدَفُ

تَنامُ عن كِبْـرِ شَـأْنِـهـا، فـإذا * * * قامت تَمَشَّى تَكـادُ تَـنْـغَـرِفُ

خَوْدٌ، يَغِثُّ الحَدِيثُ ما صَمَـتَـتْ، * * * وهْوَ بِـفِـيهـا ذُو لَـذَةٍ طَـرِفُ

تَخْزِنُهُ، وهْوَ مُشْتَـهـىً حَـسَـنٌ * * * وهْوَ إذا ما تَـكَـلَّـمَـتْ اُنُـفُ

حَوْراءُ، جَيْداءُ، يُسْتَضـاءُ بِـهـا، * * * كأَنَّهـا خُـوطُ بـانةٍ قَـصِـفُ

كَأَنَّـهـا دُرَّةٌ أَحـاطَ بِـهــا ال * * * غَّوَاصُ، يَجْلُو عن وَجْهِها الصَّدَفُ

واللهِ ذِي المَسْجِدِ الـحَـرَامِ ومـا * * * جُلِّلَ مِن يُمْـنَةٍ لَـهـا خُـنُـفُ

إنِّي لأَهْـواكِ غَـيْرَ مـا كَـذِبٍ * * * قد شُفَّ مِنِّي الأحْشاءُ والشَّغَـفُ

إنِّي على ما تَرَيْنَ مِـن كِـبَـرِي * * * أعْلَمُ مِن أَيْنَ تُؤْكَـلُ الـكَـتِـفُ

يا رَبِّ لا تُـبْـعِـدَنْ دِيارَ بَـنِـي * * * عُذْرَةَ حيثُ انْصَرَفْتُ وانْصَرَفُـوا

وقال ذُؤَيْب الهُذَلِيّ

وإنّ حَدِيثاً مِنْكِ لو تَـبْـذُلِـينَـهُ * * * جَنَى النَّحْلِ في أَلْبانِ عُوذٍ مَطافِلِ

لَعَمْرِي لأَنْتَ البَيْتُ أُكْرِمَ أَهْـلُـهُ * * * وأَقْعُدُ في أَفْـيائِهِ بـالأصـائِلِ

وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَأْوِي مَلِيكُهـا * * * إلى طُنُفٍ أَعْيا بِـراقٍ ونـازِلِ

بأَطْيَبَ مِن فِيها إذا جِئْتُ طارِقـاً * * * وأَشْهَى إذا نامَتْ كِلابُ الأَسافِلِ

وتلكَ التي لا يَبْرَحُ القَلْبَ حُبُّهـا * * * ولا ذِكْرُها ما أَرْزَمَتْ أُمُّ حـائِلِ

وحتّى يَؤُوبَ القارِظانِ كِلاهُمـا * * * ويُنْشَرَ في القَتْلَى كُلَـيْبٌ لِـوائِلِ

وقال ذُو الرُّمّة

وَقَفْنا فقُلْنا: إِيهِ عـن أُمِّ سـالِـمٍ * * * وما بالُ تَكْلِيمِ الدِّيارِ البَـلاقِـعِ

فما كَلَّمَتْنا دارُهـا غـيرَ أَنَّـهـا * * * ثَنَتْ هاجِساتٍ مِن خَبالٍ مُراجِعِ

هي الشَّمْسُ إشْراقاً إذا ما تَزَيَّنَتْ * * * وشِبهُ النَّقا مُغْتَرَّةً في المَـوادِعِ

ولمَّا تَلاقَيْنا جَرَتْ مِن عُيُونِـنـا * * * دُمُوعٌ كَفَفْنا ماءَها بالأصـابِـعِ

ونِلْنا سِقاطاً مِن حَـدِيثٍ كـأَنَّـهُ * * * جَنَى النَّحْلِ مَمْزُوجاً بماءِ الوَقائِعِ

وقال أيضاً

وما يَرْجِعُ الوَجْدُ الزَّمانَ الذي مَضَـى * * * ولا للفَتَى مِن دِمْنَةِ الـدّارِ مَـجْـزَعُ

عَشِيَّةَ مـالِـي حِـيلَةٌ غَـيْرَ أنَّـنِـي * * * بِلَقْطِ الحَصَى والخَطِّ في التُرْبِ مُولَعُ

أخُطُّ وأَمْـحُـو الـخَـطَّ ثُـم أُعِـيدُه * * * بِكَفَّيَّ، والغِرْبانُ فـي الـدَّارِ وقَّـعُ

لَيالِـيَ لا مَـيٌّ بَـعِـيدٌ مَـزارُهـا * * * ولا قَلْبُهُ شَتَّى الهَـوَى مُـتَـشَـبَّـعُ

وتَبْسِمُ عن عَـذْبٍ كـأَنَّ! غُـرُوبَـهُ * * * أَقاحٍ تَرَوّاها مِن الـرَّمْـلِ أَجْـرَعُ

كأَنَّ السُّلافَ المَحْضَ مِنْهُنَّ طَعْـمُـهُ * * * إذا جَعَلَتْ أَيْدِي الكَواكِبِ تضْـجَـعُ

وقال أبو صَخْر الهُذَلِيّ

ألا أيُّهـا الـرَّكْـبُ الـمُـخِـبُّـونَ هـــل لـــكُـــمْ * * * بسـاكِـنِ أَجْـراعِ الـحِـمَـى بَـعْـدَنــا خُـــبْـــرُ

فقـالُـــوا: طَـــوَيْنـــا ذاكَ لَـــيلاً، وإنْ يكُـــنْ * * * به بَـعْـضُ مَـنْ تَـهْـوَى فـمـا شَـعَـرَ الـسَّـفْــرُ

أمـا والـذي أَبْــكَـــى وأَضْـــحَـــكَ، والـــذي * * * أمـــاتَ وأَحْـــيا، والـــذي أَمْـــرُهُ الأَمْــــرُ

لقَدْ تَرَكَتْنِي أَحْسُدُ الوَحْشَ أَنْ أَرَى * * * أَلِيفَيْنِ مِنْها لا يَرُوعُهُما الذُّعْرُ

هَجَـرْتُـكِ، حـتّـى قِـيلَ: لا يَعْـــرِفُ الـــهَـــوَى * * * وزُرْتُـكِ، حـتّـى قِـيلَ: لَــيْسَ لـــه صَـــبْـــرُ

وإنِّـي لَـتَـعْــرُونِـــي لِـــذِكْـــرِاكَ رِعْـــدَةٌ * * * كمـا انْـتَـفَـضَ الـعُـصْـفُـور بَـلَّـلَـهُ الـقَـطْــرُ

فيا هَـجْـرَ لَـيْلَـى قـد بَـلَـغْـتَ بِـيَ الـــمَـــدى * * * وزِدْتَ عـلـي مـا لَـمْ يكُـنْ بَـلَـغَ الــهَـــجْـــرُ

فيا حُـبَّــهـــا زِدْنِـــيَ جَـــوىً كُـــلَّ لَـــيْلَةٍ * * * ويا سَـلْـوَةَ الأَياّمِ مَــوْعِـــدُكِ الـــحَـــشْـــرُ

عَجِبْتُ لسَعْي الدَّهْرِ بَيْنِي وبَيْنَها * * * فَلمَّا انْقَضى ما بَيْنَنا سَكَنَ الدَّهْرُ

لَقَدْ كنتُ آتِيها وفي النَّفْسِ هَجْرُها * * * بَتاتاً لأخْرَى الدَّهْرِ ما طَلَعَ الفَجْرُ

فما هو إلاَّ أنْ أراها فُجاءَةً * * * فُبْــهَـــتُ، لا عُـــرْفٌ لَـــدَيَّ ولا نُـــكْـــرُ

وأَنْـسَـى الـذي قـد كـنـتُ فِـيه هَـجَـرْتُـــهـــا * * * كمـا قـد تُـنَـسِّـي لُـبَّ شـارِبِـهـا الـخَـــمْـــرُ

تَكـادُ يَدِي تَـنْـدَى إذا مـا لَــمَـــسْـــتُـــهـــا * * * ويَنْـبُـتُ فـي أَطْـرافِـهـا الـوَرَقُ الـخُـــضْـــرُ

وقال قَيْس بن دَرِيح

أَلاَ يا غُرابَ البَيْنِ مالَكَ كُـلَّـمـا * * * تَذَكَّرْتُ لُبْنَى طِرْتَ لي عن شِماليا

أعندَكَ عِلْمُ الغَيْبِ، أمْ أنتَ مُخْبِرِي * * * عن الحَيِّ إلاّ بالذي قد بَـدا لِـيا

فلا حَمَلَتْ رِجلاكَ عُشَّا لِـبَـيْضَةٍ * * * ولا زالَ عَظْمٌ مِن جَناحَيكَ واهِيا

أُحِبُّ مِن الأَسْماءِ ما وافَقَ اسْمَهـا * * * وأَشْبَهَهُ أو كانَ مِـنْـه مُـدانِـيا

وما ذُكِرَتْ عِنْدِي لَها من سَـمِـيّةٍ * * * مِن النّاسِ إلاّ بَلَّ دَمْـعِـي رِدائِيا

سلِي النَّاسَ هل خَبَّرْتُ سِرَّكِ منهُم * * * أخا ثِقَةٍ أو ظاهِرَ الغِـشِّ بـادِيا

وأَخْرُجُ مِن بَيْنِ البُيُوتِ لَعَلَّـنِـي * * * أُحَدِّثُ عنكِ النَّفْسَ في السِّرِّ خالِيا

وإنِّي لأَسْتَغْشِي وما بِـيَ نَـعْـسَةٌ * * * لَعَلَّ خَيالاً مِنْكِ يَلْـقَـى خَـيالِـيا

أقولُ إذا نَفْسِي مِن الوَجْدِ أَصْعَدَتْ * * * بَها زَفرَةٌ تَعْتادُها هي مـا هِـيا

أَشوْقاً ولمَّا تَمْضِ لي غـيرُ لَـيْلَةٍ * * * رُوَيْدَ الهَوَى حتَّى يُغِـبَّ لَـيالِـيا

تَمُرُّ اللَّيالِي والشُّـهُـورُ ولا أَرَى * * * غَرامِي بكُـمْ يَزْدادُ إلاّ تَـمـادِيا

فقَد يَجْمَعُ الله الشِّتِيتَيْنِ بَـعْـدَمـا * * * يَظُنّانِ كُلَّ الظَّـنِّ أنْ لا تَـلاقِـيا

تَساقَطُ نَفْسِي حينَ أَلْقاكِ أَنْفُـسـاً * * * يَرِدْنَ فَما يَصْـدُرْنَ إلاّ صَـوادِيا

فإنْ أَحْيَ أو أَهْلِكْ فَلَسْـتُ بـزائِلٍ * * * لكُمْ حافِظاً ما بَلَّ رِيقٌ لِـسـانِـيا

وقال أيضاً

فأُقْـسِـمُ مـا عُـمْـــشُ الـــعُـــيُونِ شَـــوارِفٌ * * * روائِمُ بَـوٍّ حـائِمـــاتٌ عـــلـــى سَـــقْـــبِ

بأَوْجَدَ مِنّي يَوْمَ وَلَّتْ حُمُولُها * * * وقَدْ طَلَعَتْ أُولَى الرِّكابِ مِن النَّقْبِ

وكُلُّ مُلِمّاتِ الزَّمانِ وَجدْتُها * * * سِوَى فُـرْقَةِ الأحْـبـابِ، هَــيِّنَةَ الـــخَـــطْـــبِ

وقـلـتُ لـقـلْـبِـي حـينَ لَـجَّ بِـــيَ الـــهَـــوَى * * * وكَـلَّـفَـنِـي مـا لا يُطِـــيقُ مِـــن الـــحُـــبِّ

ألا أيُّهـا الـقَـلْــبُ الـــذي قـــادَهُ الـــهَـــوَى * * * أَفِـقْ، لا أَقَـرَّ الـلـه عَـيْنَــكَ مِـــن قَـــلْـــبِ

وقال مُضَرس بن قُرْط المُزَنِيّ

أَرُدُّ سَوَامَ الطَّرْفِ عَنْكِ، ومالَـهُ * * * إلـى أَحَـدٍ إلاّ إلـيكِ طَـرِيقُ

فَلوْ تَعْلَمِينَ الغَيْبَ أَيْقَنْتِ أَنَّـنِـي * * * وَرَبِّ الهَدايا المُشْعَراتِ صَدُوقُ

تَتُوقُ إليكِ النَّفْـسُ، ثُـم أَرُدُّهـا * * * حَياءً، ومِثْلِي بالحَـياءِ حَـقِـيقُ

سَلِي هل قَلانِي مِن عَشِيرٍ صَحِبْتُهُ * * * وهَلْ ذَمَّ رحَلْي في الرِّحالِ رَفِيقُ

سَعَى الدَّهْرُ والواشُون بَيْنِي وبَيْنَها * * * فقُطّعَ حَبْلُ الوَصْلِ وهْوَ وَثِـيقُ

تَكادُ بِـلادُ الـلـه يا أمَّ مَـعْـمَـرٍ * * * بِما رَحُبَتْ يوماً عـلـيَّ تَـضِـيقُ

وهَيَّجَنِي للوَصْـلِ أَيّامُـنـا الأُلَـى * * * مَرَرْنَ عَلَـيْنـا والـزَّمـانُ ورَيِقُ

أَتَجْمَعُ قَلْباً بـالـعِـراقِ فَـرِيقُـهُ * * * ومِنْـهُ بـأطْـلالِ الأراكِ فَـرِيقُ

فكَيْفَ بِها، لا الدَّارُ جامِعَةُ الهَـوَى * * * ولا أنْتَ يَوماً عن هَـواكَ تُـفِـيقُ

صَبُوحِي إذا ما ذَرَّتِ الشمسُ ذِكْرُكُمْ * * * ولِي ذِكْرُكُمْ عِنْدَ المَساءِ غَـبُـوقُ

وخَبَّرْتِني يا قَلْـبُ أنَّـكَ صـابِـرٌ * * * على البُعْدِ مِن سُعْدِي، فسوفَ تَذُوقُ

فمُتْ كَمَداً، أو عِشْ وحِيداً، فإنَّـمـا * * * أراكَ تُكَلِّفُنِي ما لا أَراكَ تُـطِـيقُ

وقال ابن مَيّادة

تُرى إنْ حَجَجْنا نَلْتَقِي يا أمَّ مالِكٍ * * * وتَجْمَعُنا والنَّخْلَـتَـيْنَ طَـرِيقُ

وتَصْطَكُّ أَعْناقُ المَطِيِّ وبَيْنَنـا * * * حَدِيثٌ وسِرٌّ لَمْ يُذِعْهُ صَـدِيقُ

وقال المُضَرَّب

عُقْبَة بن كَعْب بن زُهَيْر

ولمَّ قَضَيْنا مِن مِنىً كُلَّ حـاجَةٍ * * * ومَسَّح بالأرْكان مَن هو ماسِحُ

وشُدَّتْ على حُدْبِ المَطايا رِحالُنا * * * ولا يَنْظُرُ الغادِي الذي هو رائِحُ

أَخّذْنا بأَطْرافِ الأحادِيثِ بَيْنَـنـا * * * وسالَتْ بأَعْناقِ المَطِيِّ الأباطِحُ

وقال آخر

ولمَّا قَضَيْنا مِن مِنىً كُلُّ حاجَةٍ * * * ولمَم يَبْقَ إلاَّ أنْ تُزَمَّ الرَّكائِبُ

وَقَفْنا فسَلَّمْنـا سَـلامَ مُـوَدَّعٍ * * * فرَدَّتْ عَلَيْنا أَعْيْنٌ وحَواجِـبُ

وقال كثير بن أبي جمعة

رَمَتْنِي بُعْدٍ بُثَيْنَةُ بَـعْـدَمـا * * * تَوَلَّى شَبابِي وارْجَحَنَّ شَبابُها

بعَيْنَيْنِ نَجْلاوَيْنِ لو رَقْرَقْتُهما * * * لِنَوْءِ الثُّرَيَّا لاسْتَهَلَّ سَحابُهـا

ولكَّنما تَرْمِينَ نَفْساً كَـرِيمَةً * * * لِعَزَّةَ مِنْها صَفْوُها ولُبابُهـا

وقال

سَوَادَة بن كِلاب القُشَيْرِيّ

أَلا حَـبَّـذا الـوادِي الـذي قـابَـــلَ الـــنَّ?قَـــا * * * ويا حَـبَّـذا مِـن أَجْـلِ ظَـمْــياءَ حـــاضِـــرُهْ

إذا ابْتَسَمَتْ ظَمْياءُ واللَّيْلُ مُسْدِفٌ * * * تَجَلَّى ظَلامُ اللَّيْلِ حينَ تُباشِرُهْ

أَلَمَّتْ بأَصْحابِ الرِّكابِ فَنَبَّهتْ * * * بنَـفْـحَةِ مِـسْـكٍ أَرَّقَ الـرَّكْـــبَ تـــاجِـــرُهْ

لو سَـأَلَـتْ لـلـنّـاسِ يَوْمـاً بـوَجْـــهِـــهـــا * * * سَحـابَ الـثُّـرَيّا لاسْـتَـهَـلَّــتْ مَـــواطِـــرُهْ

وقال الرَّمّاح بن مَيّادَة

وما اخْتَلَجَتْ عَيْنايَ إلاّ رَأَيْتُـهـا * * * على رَغْمْ واشِيها وغَيْظِ المُكاشِحِ

فيا لَيْتَ عَيْنِي طالَ مَنْها اخْتِلاجُها * * * فكَمْ يَوْمِ لَهْوٍ لِي بذلكَ صـالِـحِ

وقال الأُقَيْشِر

أيا صاحِبِي أَبْشِرْ بِزَوْرَتِنا الحِمَى * * * وأَهْلَ الحِمَى مِن مُبْغِضٍ ووَدُودِ

قد اخْتَلَجَتْ عَيْنِي فدَلَّ اخْتِلاجُهـا * * * على حُسْنِ وَصْلٍ بَعْدَ قُبْحِ صُدُودِ

وقال الاُقَيْشَرِ أيضاً

وما خَدِرَتْ رِجْلايَ إلاّ ذَكَرْتُكُمْ * * * فَيَذْهَبُ عن رِجْلَيَّ ما تَجِـدانِ

وما اخْتَلَجَتْ عَيْنايَ إلاَّ تَبادَرَت * * * دُمُوعُهما بالسَّحِّ والهَـمَـلانِ

سُرُوراً بما جَرَّبْتُهُ مِن لِقائِكُـمْ * * * إذا اخْتَلَجَتْ عَيْنايَ كُـلَّ أَوانِ

وقال جَمِيل بن مَعْمَر العُذْرِيّ

ألا لَيْتَ أَيَّام الصَّـفـاءِ جَـدِيدُ * * * ودَهْرٌ تَـوَلَّ يا بُـثَـيْنَ يَعُـودُ

عَلِقْتُ الهَوَى مِنْها وَلِيداً فلم يَزَلْ * * * إلى اليومِ يَنْمِي حُبُّـهـا ويَزِيدُ

وأَفْنَيْتُ عُمْرِي في انْتِظارِ نَوالِها * * * وأَفْنَتْ بذاكَ الدَّهرَ وهْوَ جَـدِيدُ

فلا أنا مَرْدُودٌ بِما جِـئْتُ طـالِـبـاً * * * ولا حُـبُّـهـا فِـيمـا يَبِـيدُ يَبِـيدُ

إذا قلتُ: ما بِي يا بثـينةُ قـاتِـلِـي * * * مِن الحبِّ، قـالَـتْ ثـابِـتٌ ويَزِيدُ

وإنْ قلتُ: رُدِّي بَعْضَ عَقْلِي أَعِشْ به * * * مع النَّاسِ، قالَتْ: ذاكَ منكَ بَـعِـيدُ

يموتُ الهَوَى مِنِّي إذا ما لَقِـيتُـهـا * * * ويَحْـيا إذا فـارَقْـتُـهـا ويَعُـودُ

وما أَنْسَ مِلْ أَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَـهـا، * * * وقد قَرًَّبَتْ نِضْوِي: أَمِصْـرَ تُـرِيدُ

ولا قَوْلَها: لَوْلا العُيُونُ التـي تَـرَى * * * لَزُرْتُكَ، فاعْذِرْنِي فَـدَتْـكَ جُـدُودُ

خَلِيلَيَّ ما أُخْفِي مِنَ الوَجْدِ ظـاهِـرٌ * * * ودَمْعِي بِما قُلْتُ الـغَـداةَ شَـهِـيدُ

لكُـلِّ حَـدِيثٍ بَـيْنَـهُـنَّ بَـشـاشَةٌ * * * وكُلُّ قَـتِـيلٍ بَـيْنَـهُـنَّ شَـهِـيدُ

أَلاَ ليتَ شِعْرِي هـل أَبِـيتَـنَّ لَـيْلَةً * * * بِوادِي القُرَى إِنِّـي إِذَنْ لَـسَـعِـيدُ

وهَلْ أَلْقَيَنْ سُعْدَى مِن الدَّهْرِ لُـقْـيَةً * * * وما رَثَّ مِن حَبْلِ الوِصـالِ جَـدِيدُ

فقدْ تَلْتَقِي الأَهْواءُ بَـعْـدَ تَـفـاوُتٍ * * * وقَدْ تُطْلَبُ الحاجاتُ وهْـيَ بَـعِـيدُ

وقال آخر

ولمّا شَكَوْتُ الحُبَّ، قالَتْ: أَما تَرَى * * * مَناطَ الثُّرَيَّا، وهْيَ مِنْـكَ بَـعِـيدُ

فقُلْتُ لها: إنَّ الـثّـرَيَّا وإِنْ نَـأَتْ * * * يَصُوبُ مِراراً نَوْؤُهـا فَـيجُـودُ

وقال عبد الله بن الدُّمَيْنَة

قِفِي يا أُمَيْمَ القَلْبِ نَقْرَ تَحِيَّةً * * * ونَشْكُ الهَوَى، ثَم افْعَلِي مـا بَـدا لَـكِ

سَلِي البانَةَ الغَنّاءَ بالأَجْرَعِ الذي * * * به الـــبـــانُ هـــل حَـــيَّيْتُ أَطْـــــلالَ دارِكِ

وهَـلْ قُـمْـتُ فـي أَطْـــلالِـــهِـــنَّ عَـــشِـــيَّةً * * * مَقـامَ أَخِـي الـبَـــأْســـاءٍ واخْـــتَـــرْتُ ذلـــكِ

وهَـلْ هَـمَـلَـتْ عَـيْنـــايَ فـــي الـــدَّارِ غُـــدْوَةً * * * بدَمْـعٍ كـنـظْـمِ الـلُـؤْلـؤِ الـمُـــتـــهـــالِـــكِ

أَيا بـــانَةَ الـــوادِي أَلَـــيْسَ مُــــصِـــــــيبَةً * * * مِن الـلـه أَنْ تُـحْـمَــى عـــلـــيَّ ظِـــلالُـــكِ

أَرَى الـنَّــاسَ يَرْجُـــونَ الـــرَّبِـــيعَ وإنَّـــمـــا * * * رَبِـيعِـي الـذي أرْجُـو جَـــدي مِـــن نَـــوالِـــكِ

أرى الـنـاس يخـشـون الــســـنـــين وإنـــمـــا * * * سنـى الـتـي أخـشـى صـروف احـتـــمـــالـــك

تَعـالَـلْـتِ كـي أشْــجَـــى، ومـــا بِـــكِ عِـــلَّةٌ * * * تُرِيدِينَ قَـتْـلِــي، قـــد ظَـــفِـــرْتِ بـــذلـــكِ

وقَـوْلُـكِ لـــلـــعُـــوَّادِ: كَـــيْفَ تَـــرَوْنَـــهُ؟ * * * فقـالُـوا: قَـتِـيلاً، قُــلْـــتِ: أَهْـــوَنُ هـــالِـــكِ

لَئِنْ سـاءَنِـي أَنْ نِـلْــتِـــنِـــي بَـــمَـــســـاءَةٍ * * * لقَـدْ سَـرَّنِـي أَنِّـي خَـــطَـــرْتُ بـــبـــالِـــكِ

عَدِمْتُكِ مِن نَفْسٍ، فأنْتِ سَقَيْتِنِي * * * بكَأْسِ الهَوَى مِن حُبِّ مَنْ لَمْ يُبالِـكِ

ومَنَّيْتِنِي لُقْيانَ مَنْ لَسْتُ لاقِياً * * * نَهـــارِي ولا لَـــيْلِـــي ولا بَـــيْنَ ذلـــــــكِ

لِيَهْـنِـكِ إمْـسـاكِـي بـكَـفِّـي عـلـى الــحَـــشـــا * * * ورَقْـــراقُ عَـــيْنِـــي رَهْـــبَةً مِـــن زِيالِـــكِ

فَلوْ قُلْتِ: طَأْ في النَّارِ، أَعْلَمُ أَنَّهُ * * * رِضىً مِنك أو مُدْنٍ لَنا مِن وِصالِكِ

لَقَدَّمْتُ رِجْلِي نَحْوَها فَوَطِئْتُها * * * هُدىً مِـنـكِ لــي أْو ضَـــلَّةً مِـــن ضَـــلالِـــكِ

فوالـلـهِ مـا مَـنَّـيْتِـنـا مــنـــكِ مَـــحْـــرَمـــاً * * * ولـكـنَّـمـا أَطْـمَـعْـتِـنـــا فـــي حَـــلالِـــكِ

وقال أيضاً

أَيا رَبِّ أَدْعُـوكَ الـعَـشِـيَّةَ مُــخْـــلِـــصـــاً * * * لِتَـعْـفُـوَ عَـن نَـفْـسٍ كَـثِـيرٍ ذُنُــوبُـــهـــا

قَضَـيْتَ لـهـا بـالـبُـخْـلِ ثـم ابْـتَـلَـيْتَــهـــا * * * بحُـبِّ الـغَـوانِـي، ثُـم أَنـتَ حَـسِــيبُـــهـــا

خَلِـيلَـيَّ مـا مِـن حَـوْبَةٍ تَـعْـلـمــانِـــهـــا * * * بِجِـسْـمِـيَ إلاَ أُمُّ عَـمْـرٍو طَـبِـــيبُـــهـــا

وقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الرِياحَ إذا جَرَتْ * * * يَمانِيَةً يَشْفِي المُحِبَّ دَبِيبُها

وقَدْ كَذَبُوا، لاَ، بَلْ يَزِيدْ صَبابَةً * * * إذا كـانَ مِـن نَـحْـوِ الـحَـبِـيبِ هُـبُـوبُــهـــا

أَهُمُّ بجَذِّ الحَـبْـلِ ثُـم يَرُدُّنِـي * * * مِن القَصْدِ رَيّاً أُمُّ عَمْرٍو وطِيبُها

وقال تَوْبَة بن الحُمَيِّر

وأُغْبَطُ مِن لَيْلَى بِـمـا لا أنـالُـهُ * * * ألا كُلُّ ما قَرَّتْ به العَيْنُ صالِـحُ

فَلْو أَنَّ لَيْلَى الأَخْيَلِـيَّةَ سَـلَّـمَـتْ * * * عليَّ ودُونِي جَـنْـدَلٌ وصَـفـائِحُ

لَسَلَّمْتُ تَسْلِيمَ البَـشـاشَةِ، أو زَقـا * * * إلَيْها صَدَىً مِن جانِبِ التُرْبِ صائِحُ

فهَلْ في غَدٍ، إنْ كانَ في اليومِ عِلَّةٌ، * * * شِفاءٌ لِما تَلْقَى النُّفُوسُ الطَّوامِـحُ

وهَلْ تَبْكِيَنْ لَيْلَى إذا مُتُّ قَبْـلَـهـا * * * وقامَ على قَبْرِي النِّساءُ الـنَّـوائِحُ

كما لَوْ أَصابَ المَوْتُ لَيْلَى بَكَيْتُهـا * * * وجادَ لَها جارٍ مِن الدَّمْعِ سـافِـحُ

وقال مَعْقِل بن جَناب

وتروى لجَعْدَة بن مُعاوِية العُقَيْلِيّ

أقُولُ لصاحِبِي والعِيسُ تَهْوِي * * * بِنا بَيْنَ المُنِيفَةِ فالضِّـمـارِ

تَمَتَّعْ مِن شَمِيمِ عَرارِ نَجْـدٍ * * * فما بَعْدَ العَشِيَّةِ مِن عِـرارِ

أَلاَ يا حَبَّذا نَفَحـاتُ نَـجْـدٍ * * * ورَيَّا رَوْضِهِ غِبَّ القِطـارِ

وأَهْلُكَ غذْ يَحُلُّ الحَيُّ نَجْـداً * * * وأنتَ على زَمانِكَ غيرُ زارِ

شُهُورٌ يَنْقَضِينَ وما شَعَرْنـا * * * بِأَنْصافٍ لهُـنَّ ولا سِـرارِ

وقال شَيْبان بن الحارِث

تَصَدَّتْ بأَسْبابِ المَـوَدَّةِ بَـيْنَـنـا * * * فلمَّا حَوَتْ قَلْبِي ثَنَتْ بِـصُـدُودِ

فلَوْ شِئْتَ يا ذا العَرْشِ حينَ خَلَقْتَنِي * * * شَقِيّاً بِمَنْ أهْواهُ غَـيْرَ سَـعِـيدِ

عَطَفْتَ عَلَيَّ القَلْبَ مِنْها برَحْـمَةٍ * * * ولَوْ كانَ أَقْسَى مِن صَفاً وحَـدِيدِ

وقال الرَّمّاحُ بن مَيّادَة

أُمَوِي الشعر

يُمَنُّونَنِي منكِ اللِّـقـاءَ وإِنَّـنِـي * * * لأَعْلَمُ ما أَلْقاكِ مِن دُونِ قـابِـلِ

ولَمْ يَبْقَ مِمّا كانَ بَيْنِي وبَيْنَـهـا * * * مِن الوُدِّ إلاّ مُخْفَياتُ الرَّسـائِلِ

فما أَنْسَ مِلْ أَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها * * * وأَدْمُعُها يُذْرِينَ حَشْوَ المَكاحِـلِ

تَمَتَّعْ بِذا اليومِ القَصِـيرِ فـإنَّـهُ * * * رَهِينٌ بأَيّامِ الشُّهُـورِ الأطـاوِلِ

وعَطَّلْتُ قَوْسَ اللَّهْوِ مِن شَرَعاتِها * * * وعادَتْ سِهامِي بَيْنَ رَثٍّ وناصِلِ

وقال أيضاً

وكَواعِبٍ قد قُلْـنَ يومَ تـواعُـدٍ * * * قَوْلَ المُجِدِّ وهُنَّ كـالـمُـزَّاحِ

يا لَيْتَنا مِـنْ غَـيْرِ أَمْـرٍ نـائِرٍ * * * طَلَعَتْ عَلَيْنا العِيسُ بالـرِّمـاحِ

بَيْنا كذاكَ رَأَيْنَنِي مُتَـعَـصِّـبـاً * * * بالبُرْدِ فَـوْقَ جُـلالَةٍ سِـرْداحِ

فيهِنَّ صَفْراءُ التَّرائِبِ طَـفْـلَةٌ * * * بَيْضاءُ مِثْلُ غَرِيضَة التُّـفّـاحِ

فنَظَرْنَ من خَلَِ السُّتُورِ بأُعـيُنٍ * * * مَرْضَى مُخالِطُها السَّقَامُ صِحاحِ

وارْتَشْنَ، حينَ أَرَدْنَ أَنْ يَرْمِيَنَنِي، * * * نَبْلاً مُـقَـذَذَةً بِـغَـيْرِ قِـداحِ

وقال أيضاً

وإنِّي لأَخْشَى أن أُلاقِي مِن الـهَـوَى * * * ومِنْ زَفَراتِ الحُـبِّ حـينَ تَـزُولُ

كما كانَ لاقَى في الزَّمانِ الذي مَضَى * * * عُرَيَّةُ مِن شَحْطِ النَّـوَى وجَـمِـيلُ

وإنِّي لأَهْوَى، والـحَـياةُ شَـهِـيَّةٌ، * * * وَفاتِي إذا قِـيلَ الـحَـبِـيبُ يَزُولُ

وتَخْتَصُّ مِن دُونِي به غَرْبَةُ الـنَّـوَى * * * ويُضْمِـرُهُ بَـعْـدَ الـدُّنُـوِّ رَحِـيلُ

فإنْ سَبَقَتْ قَبْلَ البِـعـادِ مَـنِـيَّتِـي * * * فإنِّي، وأَرْبـابِ الـغَـرَمِ، نَـبِـيلُ

وقال أيضاً

ألا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ إلى جَـحْـدَرٍ * * * سَبِيلٌ، فأمَّا الصَّبْرُ عَنْها فلا صَبْرا

يَمِيلُ بِنا شَحْطُ النَّوَى ثُم نَلْتَـقِـي * * * عِدادَ الثُّرَيّا صادَفَتْ لَيْلَةً بَـدْرا

وإنِّي لأستَنْشِي الحَدِيثَ مِن أجْلِها * * * لأسْمَعَ مِنْها، وهي نازِحَةٌ، ذِكْرا

فبَهْراً لقَوْمِي إذْ يَبِيعُونَ مُهْجَتِـي * * * بغانَيِةٍ بَهْراً لَهُمْ بَعْدَها بَـهْـرا

وقال عُرْوَة بن أُذَيْنَة القُرَشِيّ

بِيضٌ نَواعِمُ ما هَمَمْنَ بِرِيبَةٍ * * * كَظِباءِ مَكَّة صَيْدُهُنَّ حَرامُ

يُحْسَبْنَ مِن لِينِ الكَلامِ زَوانِياً * * * ويَصُدُّهُنَّ عن الخَنا الإسْلامُ

وقال إسماعيل بن يَسار

من مخضرمي الدولتين

أَوفِي بما قُلْتِ ولا تَنْـدَمِـي * * * إنَّ الوَفِيَّ الـقَـوْلِ لا يَنْـدَمُ

آيَةَ ما جئْتُ عـلـى رِقْـبَةٍ * * * بَعْدَ الكَرَى، والحَيُّ قد هَوَّمُوا

حتّى دَخَلْتُ البَيْتَ فاسْتَذْرَفَـتْ * * * مِن شَفَقٍ عَيْناكِ لِي تَسْـجُـمُ

ثم انْجَلَى الحُزْنُ ورَوْعـاتُـهُ * * * وغِّيبَ الكاشِحُ والـمُـبْـرِمُ

ولَيْسَ إلاّ الله لي صـاحِـبٌ * * * إليكُمُ والصَّـارِمُ الـلَّـهْـذَمُ

فبِتُّ فِيما شِئْتُ مِن غِـبْـطَةٍ * * * يَمْنَحُنِيها نَحْـرُهـا والـفَـمُ

حتّى إذا الصُّبْحُ بَـدا ضَـوْؤهُ * * * وغابَتِ الجَوْزاءُ والـمِـرْزَمُ

خَرَجْتُ، والوَطْءُ خَفِيٌّ، كمـا * * * يَنْسابُ مِن مَكْمَنِـهِ الأَرْقَـمُ

وقال وَضَّاح اليَمَن

قالَتْ: لقَدْ أَعْيَيْتَنـا حُـجَّةً * * * فَاْتِ إذا هَجَعَ السّـامِـرُ

واسْقُطْ عَلَيْنا كسُقُوطِ النَّدى * * * لَيْلَةَ لا نـاهٍ ولا آمِــرُ

وقال عُمَر بن أبِي رَبِيعة

القُرَشيّ

حتّى، إذا ما اللَّيْلُ جَنَّ ظَلامُهُ * * * ونَظَرْتُ غَفْلَةَ كاشِحٍ أَنْ يَغْفُلا

واسْتَنْكَحَ النَّوْمُ الذين نَخافُـهُـمْ * * * وسَقَى الكَرَى بَوّابَهُمْ فاسْتُثْقِلا

خَرَجَتْ تَأَطَّرُ في الثِّيابِ كَأنَّها * * * أَيْمٌ يَسِيبُ على كَثِيبٍ أَهْـيَلا

وقال أيضاً

أَمِـنْ آلِ نُـعْــمٍ أنـــتَ غـــادٍ فـــمُـــبْـــكِـــرُ * * * غَداةَ غَـــدٍ أم رائحٌ فـــمُـــهَــــــجَّـــــــرُ

تَهِيمُ إلى نُعْمٍ، فلا الشَّمْلُ جامِعٌ، * * * ولا الحَبْلُ مَوْصُولٌ، ولا القَلْبُ مُقْصِرُ

ولا قُرْبُ نُعْمٍ إنْ دَنَتْ لكَ نافِعٌ، * * * ولا بُـعْـدُهـا يُسْـلِـــي، ولا أنـــتَ تَـــصْـــبِـــرُ

إذا زُرْتُ نُـــعْـــمـــاً لـــم يَزَلْ ذُو قَـــــــرابَةٍ * * * لَهـا كُـلَّـمـــا لاقَـــيْتُـــهـــا يَتَـــنـــمَّـــرُ

أَشـارَتْ بـمِـدْراهـا وقالـــت لـــتِـــرْبِـــهـــا * * * أَهــذا الـــمُـــغَـــيْرِيُّ الـــذي كـــان يُذْكَـــرُ

فقالَتْ: نَعَمْ، لا شَكَّ غَيَّرَ لَوْنَهُ * * * سُرَى اللَّيْلِ يُحْيِي نَصَّهُ والـتَّـهَـجُّـرُ

لَئِنْ كانَ إيَّاهُ لقَدْ حالَ بَعْدَنا * * * عن الـعَـهْـــدِ، والإنْـــســـانُ قـــد يَتَـــغَـــيَّرُ

رَأَتْ رَجُـلاً أمَّـا إذا الـــشَّـــمـــسُ عـــارَضَـــتْ * * * فَيَضْـحـى، وأمَّـا بـالـعَــشِـــيِّ فـــيَخْـــصَـــرُ

أخـا سَـــفَـــرٍ، جَـــوابَ أَرْضٍ، تَـــقَـــاذَفَـــتْ * * * به فَـلَــواتٌ فـــهْـــوَ أَشْـــعَـــثُ أَغْـــبَـــرُ

قَلِـيلٌ عـلـى ظَـهْــرِ الـــمَـــطِـــيَةِ ظِـــلّـــهُ * * * سِوَى مـا نَـفَـى عَـنْـهُ الــرَّداءُ الـــمُـــحَـــبَّـــرُ

فلـمَّـا فَـقَـدْتُ الـصّـوْتَ مِـنْــهُـــمْ، وأُطْـــفِـــئَتْ * * * مَصـابـيحُ شُـبَّـــتْ بـــالـــعِـــشـــاءِ وأَنْـــوُرُ

وغـابَ قُـمَـــيْرٌ كـــنـــتُ أَهْـــوَى غُـــيُوبَـــهُ * * * ورَوَّحَ رُعْـــيانٌ، ونَـــــوَّمَ سُـــــــمَّـــــــرُ

وبـاتَـتْ قَـلُـوصِـي بـالـعَـــراءِ، ورَحْـــلُـــهـــا * * * لِطــارِقِ لَـــيْلٍ أو لِـــمَـــنْ جـــاءَ مُـــعْـــوِرُ

ونَفَّضْتُ عنِّي النَّوْمَ أَقْبَلْتُ مِشْيَةَ * * * الحُبابِ ورُكْنِي خِيفَةَ الـحَـيّ أَزْوَرُ

وقالتْ، وعَضَّتْ بالبَنانِ: فَضَحْتَنِي * * * وأنـتَ امــروءٌ مَـــيْسُـــورُ أمْـــرِكَ أعْـــسَـــرُ

أَرَيْتَـكَ إذْ هُــنّـــا عـــلـــيكَ، أَلَـــمْ تَـــخَـــفْ * * * رَقِـيبـاً، وحَــوْلِـــي مِـــن عَـــدُوِّكَ حُـــضَّـــرُ

فو الـــلـــه مـــا أَدْرِي أَتَـــعْـــجِـــيلُ حـــاجَةٍ * * * سَرَتْ بِـكَ أَمْ قـد نـامَ مَـــن كـــنـــتَ تَـــحْـــذَرُ

فقـلـتُ لَـهـا: بـل قـادَنِـي الــشَّـــوْقُ والـــهَـــوَى * * * إلـيكِ، ومـا عَـيْنٌ مِــن الـــنّـــاسِ تَـــنْـــظُـــرُ

فبِـتُّ قَـرِيرَ الـعَــيْنِ أُعْـــطِـــيتُ حـــاجَـــتِـــي * * * أُقَـبِـلُ فـاهـا فـــي الـــخَـــلاءِ فـــأُكْـــثِـــرُ

فيالَـكَ مِـــن لَـــيْلٍ تَـــقَـــاصَـــرَ طُـــولُـــهُ * * * ومـا كـانَ لَـيْلِـــي قَـــبْـــلَ ذلـــكَ يَقْـــصُـــرُ

يَمُـجُّ ذَكِـيَّ الـمِـسْـكِ مِــنْـــهـــا مُـــفَـــلَّـــجٌ * * * رَقِـيقُ الــحَـــواشِـــي ذُو غُـــرُوبٍ مُـــؤَشَّـــرُ

يَرِفُّ إذا تَـــفَـــتَـــرُّ عَـــنْـــهُ كـــأَنَّــــــهُ * * * حَصَـــى بَـــرَدٍ أو أُقْـــحُـــوانٌ مُـــنَــــــوِّرُ

وتَـرْنُـو بـعَــيْنـــيْهـــا إلـــيَّ كـــمـــا رَنـــا * * * إلـى رَبْـــرَبٍ وَسْـــطَ الـــخَـــمِـــيلَةِ جُـــؤْذَرُ

فلـمَّـا تَـــقَـــضَّـــى الـــلـــيلُ إلاّ أَقَـــلَّـــهُ * * * وكـادَتْ تَـوالِــي نَـــجْـــمِـــهِ تَـــتَـــغَـــوَّرُ

أَشـارَتْ بـأَنَّ الـحــيَّ قـــد حـــانَ مِـــنْـــهُـــمُ * * * هُبُــوبٌ، ولـــكـــنْ مَـــوْعِـــدٌ لـــكَ عَـــزْوَرُ

فمـــا راعَـــنِـــي إلاَّ مُـــنـــادٍ بـــرحْـــــلَةٍ * * * وقَـدْ لاحَ مَـفْـتُـوقٌ مِـن الــصُّـــبْـــحِ أَشْـــقَـــرُ

فلـمَّـا رَأَتْ مَـن قــد تَـــنَـــبَّـــهَ مـــنـــهُـــمُ * * * وأَيْقـاظَـهُـمْ، قـالَـــتْ: أَشِـــرْ كـــيفَ تَـــأْمَـــرُ

فقـلـتُ: أُبـــادِيهـــمْ، فـــإمّـــا أَفُـــوتُـــهُـــمُ * * * وإمّـــا يَنـــالُ الـــسَّـــيْفُ ثَـــأْراً فـــيَثْــــأَرُ

فقـالَـتْ: أَتَـحْـقِـيقـاً لِـــمـــا قـــالَ كـــاشِـــحٌ * * * عَلَـيْنـا، وتَـصْـــدِيقـــاً لِـــمـــا كـــانَ يُؤْثَـــرُ

فإنْ كـانَ مــمـــا لا بُـــدَّ مِـــنْـــهُ، فـــغَـــيْرُهُ * * * مِن الأَمْـرِ أَدْنَــى لـــلـــخَـــفـــاءِ وأَسْـــتَـــرُ

أَقُـصُّ عـلـــى أُخْـــتَـــيَّ بَـــدَْ حَـــدِيثـــنـــا * * * ومـالـيَ مِـن أنْ تَـعْـــلَـــمـــا مُـــتَـــأَخَّـــرُ

فقـالَـتْ لأُخْـتَـيْهـا أَعِـينـــا عـــلـــي فـــتـــىً * * * أَتَـــى زائِراً، والأَمْـــرُ لـــلأَمْــــرِ يُقـــــــدَرُ

فقالَتْ لَها الصُّغْرَى سأُعْطِيهِ مُطْرَفِي * * * وبُرْدِي وهذا الدِّرْعَ، إنْ كان يَحْذَرُ

يَقُومُ فيَمْشِي بَيْنَنا مُتَنَكِّراً * * * فلا سِـــرُّنـــا يَفْـــشُـــو ولا هُـــو يُبْـــصَـــرُ

فكـانَ مِـجَـنِّــي دُون مَـــنْ كـــنـــتُ أتـــقـــى * * * ثلاث شـخـوص كــاعـــبـــان ومـــعـــصـــر

فلمَّا أجَزْنا ساحَةَ الرَّكْبِ قُلْنَ لِي: * * * أَما تَتَّقِي الأعْداءَ واللَّـيْلُ مُـقْـمِـرُ

وقال عُبَيْد بن أوْس الطَّائِيّ

في أخْت عَدِيّ بن أوْس

قالَتْ: وعَيْشٍ أَهخي وحُرْمَةِ والِدِي * * * لأُنَبِّهَنَّ الحَـيَّ إنْ لَـمْ تَـخْـرُجِ

فخَرَجْتُ خَوْفَ يَمِينِها، فَتَبَسَّـمَـتْ * * * فَعلِمْتُ أنَّ يَمِينَهـا لَـمْ تَـحْـرَجِ

وَتناوَلَتْ رَأْسِي لِتَعْـرِفَ مَـسَّـهُ * * * بِمُخضَّبِ الأَطْرافِ غَيْرِ مُشَنَّـجِ

فَلثَمْتُ فاهاً آخِـذاً بـقُـرُونِـهـا * * * شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْد ماءِ الحَشْرَجِ

وقال عُمَر بن أَبِي رَبِيعة

أَأَلْحَقُ، إنْ دارُ الرَّبابِ تَبـاعَـدَتْ * * * أوِ انْبَتَّ حَبْلٌ، أَنَّ قَلْـبَـكَ طـائِرُ

أَفِقْ، قد أَفاقَ العاشِقُونَ وفارَقُوا ال * * * هَوَى واسْتَمرَّتْ بالرَِّجالِ المَرائِرُ

أَمِتْ حُبَّها، واجْعَلْ قَدِيمَ وصالِهَـا * * * وعِشْرَتِها كبَعْضِ مَنْ لا تُعاشِـرُ

زَعِ القلْبَ، واسْتَبْقِ الحَياءَ، فإنَّمـا * * * تُباعِدُ أو تُدْنِي الرَّبابَ المَـقـادِرُ

وَهْبَها كشَيْء لم يَكُنْ، أو كنـازِحٍ * * * به الدّارُ، أو مَنْ غَيَّبَتْهُ المَقـابِـرُ

وكالنّاسِ عُلِّقْتَ الرَّبابَ، فلا تَكُـنْ * * * أَحادِيثَ مَنْ يَبْدُو ومَنْ هُو حاضِرُ

وقال النَّجاشِيّ الحارِثِيّ

وكَذَبْتُ طَرْفِي فِيكِ، والطَّرْفُ صادِقٌ * * * وأسْمَعْتُ أُذنِي عنكِ ما لَيْسَ يُسْمَـعُ

ولَمْ أَسْكُنِ الأَرْضَ التي تَسْكُنِينَـهـا * * * لِئَلاَّ يقُولُوا: صابِـرٌ لـيس يجْـزَعُ

فلا كَمَدِي يَفْنَـى، ولا لـكِ رِقَّةٌ، * * * ولا عنكِ إقْصارٌ، ولا فيكِ مَطْمَعُ

وقال قَيْس بن ذَرِيح

فإنْ تكُنِ الدُّنْيا بُلبْنَى تَقَلَّـبَـتْ * * * فلِلدَّهْرِ والدُّنْيا بطُونٌ وأَظْهُرُ

لقَدْ كانَ فِيها للأَمانَةِ مَوْضِعٌ، * * * وللكَفِّ مُرْتادٌ، وللعَيْنِ مَنْظَرُ

وللحائِمِ الصَّدْيانِ رِيٌّ بِقُرْبِهـا * * * وللمَرِحِ الذَيّالِ طِيبٌ ومُسْكِرُ

وقال قَيْس بن مُعاذ

ويُروى لنُصَيْب بن رَباح، والأوَّل أكثر

كَأنَّ القَلْبَ لَيْلَةَ قِـيلَ يُغْـدَى * * * بِلَيْلَى العـامِـرِيَّةِ أو يُراحُ

قَطاةٌ عَزَّها شَرَكٌ فبـاتَـتْ * * * تُجاذِبُهُ وقَدْ عَلِقَ الجَـنـاحُ

لَها فَرْخانِ قد تُركا بِـوَكْـرٍ * * * فَعُشُّهُما تُصَفِّـقُـهُ الـرَّياحُ

إذا سَمِعا هُبُوبَ الرِّيح نَصَّـا * * * وقَدْ أَوْدَى بِها القَدَرُ المُتـاحُ

فَلا في الليلِ نالَتْ ما تَمَنَّـتْ * * * ولا في الصُّبْحِ كانَ لَها بَراحُ

وقال ابن عَجْلان النَّهْدِيّ

حِجازِيُّ الهَوَى عَلِقٌ بَنَجْـدٍ * * * ضَمِينٌ لا يَعِيشُ ولا يَمُوتُ

تَخالُ فُؤادَهُ كَفَّـيْ طَـرِيدٍ * * * كأنَّهُما بِشاطِي البَحْرِ حُوتُ

وقال بَشّار بن بُرْد

أقولُ، ولَيْلَتِي تَـزْدادُ طُـولاً: * * * أما للَّيْلِ بَـعْـدَهُـمُ نَـهـارُ

جَفَتْ عَيْنِي عن التَغْمِيضِ حتَّى * * * كأَنَّ جُفُونَها عَنْهـا قِـصـارُ

كأَنَّ جُفُونَها كُحِلَتْ بِـشَـوْكٍ * * * فَليْسَ لِوَسْنَةٍ فِـيهـا قَـرارُ

تَخالُ فُـؤادَهُ كُـرَةً تَـنَـزَّى * * * حِذارَ البَيْنِ، لو نَفَعَ الحِـذارُ

يُرَوِّعُهُ السِّرارُ بكُـلِّ شَـيْءٍ * * * مَخافَةَ أن يكُونَ به السِّـرارُ

وقال المُؤَمَّل بن أُمَيْل المُحارِبِيِّ

من شعراء المَنْصُور

شَفَّ الـمُـؤَمَّـلَ يومَ الـــحِـــيرَةِ الـــنَّـــظَـــرُ * * * لَيْتَ الـمُـؤَمَّـلَ لـم يُخْــلَـــقْ لـــه بَـــصَـــرُ

صِفْ لـلأَحِـبَّةِ مـــا لاقَـــيْتَ مِـــن سَـــهَـــرٍ * * * إِنَّ الأَحِـــبَّةَ لا يَدْرُونَ مـــا الـــسَّـــهَــــــرُ

إِنْ كـنـتِ جـاهِـلَةً بـالـحُـبِّ فـانْـطَـــلِـــقِـــي * * * إلـى الـقُـبُـورِ، فـفـي مَـن حَـلَّـهــا عِـــبَـــرُ

أَمْـسَـيْتِ أَحْـسَـنَ خَـلْـقِ الـلـــه كُـــلِّـــهُـــمْ * * * فخـبـرينــا أشـــمـــس أنـــت أم قـــمـــر

لا تـمـسـينـي غـنـيا عـن مـحـــبـــتـــكـــم * * * إنِّـي إِلــيكِ، وإنْ أَيْسَـــرْتُ، مُـــفْـــتَـــقِـــرُ

إنَّ الحَبِيبَ يُرِيدُ السَّيْرَ في صَفَرٍ * * * لَيْتَ الشُّهُورَ هَوَى مِن بَيْنِها صَفَرُ

حَسْبُ الخَلِيلَيْنِ في الدُّنْيا عَذابُهُمُ * * * والـلـه لا عَـذَبَـتْـهُـمْ بَــعْـــدَهـــا سَـــقَـــرُ

لمَّـا رَمَـتْ مُـهْـجَـتِـي قـالَـتْ لِـجــارَتِـــهـــا: * * * إنِّـي قـتَـلْـتُ قَـتِــيلاً مـــا لَـــهُ خَـــطَـــرُ

قتَـلْـتُ شـاعِـرَ هـذا الـحَــيِّ مـــن مُـــضَـــرٍ * * * والـلـه يَعْـلَـمُ مـا تَـرْضَـــى بـــذا مُـــضَـــرُ

شَكَـوْتُ مـا بِـيَ مِـن هِـنْـدٍ فـمـا اكْــتَـــرَثَـــتْ * * * يا قَـلْـبَـــهـــا أُحَـــدِيدٌ أَنْـــتَ أم حَـــجَـــرُ

أَحْبَبْتُ مِن أَجْلِها قَوْماً ذَوِي إِحَنٍ * * * بَيْنِي وبَيْنَهُمُ النِّيرانُ تَـسْـتَـعِـرُ

وقال عبد الله بن عَمْرو العَرْجِيّ

أموي الشعر

مَحْجُوبَةٌ سَمِعَتْ صَوْتِي فأَرَّقَـهـا * * * مِن آخِرِ اللَّيْلِ لمَّا مَسَّها السَّـحَـرُ

تَثْنِي على جِيدِها ثِنْيَىْ مُعَصْـفَـرَةٍ * * * والحَلْيُ مِنْها على لَبّاتِها خَـصْـرُ

لَمْ يَحْجُبِ الصَّوْتَ أَحْراسٌ ولا حَلَقٌ * * * فدَمْعُها لطُرُوقِ الصَّوْتِ مُنْحَـدِرُ

في لَيلةِ النِّصْفِ لا يَدْرِي مُضاجِعُها * * * أَوَجْهُها عِنْدَه أَبْهَى أمِ الـقَـمَـرُ

لو خُلِّيَتْ لَمَشَتْ نَحْوِي علـى قَـدَمٍ * * * تكادُ مِن رِقَّةٍ للمَشْي تَنْـفَـطِـرُ

وقال آخر، ومنهم مَن يَنْسبها إلى يَزِيد بن مُعاوِية

وسِرْبِ نِساءٍ مِن عُقَيْلٍ وَجَدْنَنِـي * * * وَراءَ بُيُوتِ الحَيِّ مُرْتَجِزاً أَشْدُو

وفيهِنَّ هِنْدٌ، وهْيَ خَـوْدٌ غَـرِيرَةٌ * * * ومُنْيَةُ قَلْبِي، دُونَ أَتْرابِها، هِنْـدُ

فَسدَّدْنَ أَخْصاصَ البُيُوتِ بِأَعْـيُنٍ * * * حَكَتْ قُضْباً في كُلِّ قَلْبٍ لَها غِمْدُ

وقُلْنَ: أَلاَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَل ذا الفَتَـى * * * ومَنْشَؤُهُ إِمّا تِـهـامَةُ أَوْ نَـجْـدُ

وفي لَفْظِهِ عُلْوِيَّةٌ مِن فَـصـاحَةٍ * * * وقَدْ كادَ مِن أَعْطافِهِ يَقْطُرُ المَجْدُ

وقال أيضاً

وسِـرْبٍ كـعِـينِ الـرَّمْـلِ، مِـيلٍ إلـى الـــصِّـــبـــا * * * رَوادِعَ بـالـــجـــادِيِّ، حُـــورِ الـــمَـــدامِـــعِ

إذا مـا تَـنـازَعْـنَ الـحَـدِيثَ عـــن الـــصِّـــبـــا * * * تَبَـسَّـمْـنَ إِيمـاضَ الـــبُـــرُوقِ الـــلَّـــوامِـــعِ

سَمِـعْـنَ غِـنـائِي بَـعْـــدَمـــا نِـــمْـــنَ نَـــوْمَةً * * * من الـلَّـيلِ فـاقْـلَـوْلَـيْنَ فـوقَ الــمـــضَـــاجِـــعِ

قَنِـعْـتُ بِـطَـيْفٍ مــن خَـــيالٍ بَـــعَـــثْـــنَـــهُ * * * وكـنـتُ بـوَصْـلٍ مـنـــهـــمُ غـــيرَ قـــانِـــعِ

إذا رُمْتُ مِن لَيْلَى على البُعْدِ نَظْرَةً * * * لِتُطْفِي جَوىً بَيْنَ الحَشا والأَضالِعِ

يقولُ رِجالُ الحَيَِّ: تَطْمَعُ أَنْ تَرَى * * * مَحـاسِـنَ لَـيْلَـى، مُـتْ بـداءِ الـــمَـــطـــامِـــعِ

وتَـلْـتَـذُ مِـنْـهـا بــالـــحَـــدِيثِ وقـــدْ جَـــرَى * * * حَدِيثُ سِـواهـا فـي خُــرُوتِ الـــمَـــســـامِـــعِ

وكَـيْفَ تَـرَى لَـيْلَـى بـــعَـــيْنٍ تَـــرَى بِـــهـــا * * * سِواهـا ومـا طَـهَّـرْتَـهـــا بـــالـــمَـــدامِـــعِ

أُجِـلُّـكِ يا لَـيْلَـــى عـــن الـــعَـــيْنِ إِنَّـــمـــا * * * أَراكِ بـقَـلْـــبٍ خـــاشِـــعٍ لـــكِ خـــاضِـــعِ

وقال جَمِيل بن مَعْمَر العُذْرِيّ

إذا مـا تَـراجَـعْــنـــا الـــذي كـــان بَـــيْنَـــنـــا * * * جَرَى الـدَّمْـعُ مِـن عَـيْنَـيْ بُـثَـيْنَةَ بــالـــكُـــحْـــلِ

كِلانا بَكَى، أو كادَ يَبْكِي، صَبَابَةً * * * إلى إِلْفِهِ، واسْتَعْجَلَتْ عَبْـرَةً قَـبْـلِـي

فَلو تَرَكْتْ عَقْلِي مَعي ما طَلَبْتُها * * * ولـكـنْ طِـلابِـيهـا لِـمـا فـاتَ مِـــن عَـــقْـــلِـــي

فيا وَيْحَ نَـفْـسِـي حـسـب نـفـســـي الـــذي بـــهـــا * * * ياويح أهـــلـــي مـــا أصـــيب بـــه أهـــلـــي

خلـيلـي فـيمـا عِـشْــتُـــمـــا هـــل رَأَيْتُـــمـــا * * * قَتِـيلاً تـبَـكَـى مـن حُـبِّ قـاتِــلِـــهِ قَـــبْـــلِـــي

تَداعَيْنَ، واسْتَعْجَلْنَ مَشْياً بِذِي الغَضا * * * دَبِيبَ القَطا الكُدْرِيِّ في الدَّمِثِ السَّهْلِ

وقال أيضاً

ألا يا خَلِيلَ النَّفْسِ هل أَنتَ قـائِلٌ * * * لِبَثْنَةَ سِراً: هَلْ إِلـيكِ سَـبِـيلُ

فإِنْ هي قالَتْ: لا سَبِيلَ، فقُلْ لها: * * * عَناءُ الفََتَى العُذْرِيِّ منكِ طَـوِيلُ

وقال آخر

ولَيْسَ المُعَنَّى بالَّذِي لا يَهِـيجُـهُ * * * إلى الشَّوْقِ إلاَّ الهاتِفاتُ السَّواجِعُ

ولا بالذي إِنْ بانَ يوماً حَـبِـيبُـهُ * * * يقولُ، ويُبْدِي الصَّبْرَ: إِنِّيَ جازِعُ

ولكنَّهُ سُقْمُ الهَـوَى ومِـطـالُـهُ * * * وطُولُ الجَوَى ثُم الشُّؤُونُ الدَّوامِعُ

رِشاشاً وتَوْكـافـاً ووَبْـلاً ودِيمَةً * * * فذلك يُبْدِي ما تُجِـنُّ الأَضـالِـعُ

وقال امرؤُ القَيْس

أَمِنْ أَجْلِ نَبْهْانِيَّةٍ حَلَّ أَهْلُها * * * بجِزْعِ المَلا عَيْناكَ تَبْتَدِرانِ

فدَمْعُهُما سَكْبٌ وسَحٌّ ودِيمَةٌ * * * ووَبْلٌ وتَوْكافٌ وتَنْهِمِـلانِ

وقال

أبو حَيّة النُّمَيْرِيّ

نَظَرْتُ كأَنِّي مِن وَراءِ زُجـاجَةٍ * * * إلى الدّارِ مِن ماءِ الصّبابَةِ أَنْظُرُ

فعَيْنايَ طَوْراً تَغْرَقانِ مِن البُكـا * * * فأَعْشَى، وحِيناً تَحْسِرانِ فأُبْصِرُ

وقال جَمِيل بن مَعْمَر العُذْرِيّ

وممّا شَجانِي أَنَّـهـا يَوْمَ وَدَّعَـتْ * * * تَوَلَّت، وماءُ العَيْنِ في الجَفْنِ حائِرُ

فلمَّا أَعادَتْ مِن بَعِـيدٍ بـنَـظْـرَةٍ * * * إليَّ التِفاتاً أَسْلَمَتْهُ الـمَـحـاجِـرُ

وقال آخر

وكنتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رائِداً * * * لقَلْبِكَ يوماً أَتْعَبَتْكَ المَـنـاظِـرُ

رَأَيْتَ الذي لا كُلُّهُ أنـتَ قـادِرٌ * * * عليهِ، ولا عن بَعْضِهِ أنتَ صابِرُ

وقال كُثَيِّر بن عبد الرحمن الخُزاعِيّ

أموي، وفيها أبيات تروى لجَمِيل

إلى الله أَشْكو، لا إلى النّاسِ، حُبَّهـا * * * ولا بُدَّ مِن شَكْـوَى حَـبِـيبٍ يُوَدَّعُ

إذا قلتُ هذا حينَ أَسْلُو ذَكَـرْتُـهـا * * * فظَلَّتْ لها نَفْسِي تَتُـوقُ وتَـنْـزِعُ

أَلاَ تَتَّقِينَ الله فـي حُـبِّ عـاشِـقٍ * * * له كَبِدٌ حَرَّى عـلـيكِ تَـصَـدَّعُ

غَرِيبٌ مَشُوقٌ مُولَعٌ بِـادِّكـارِكُـمْ * * * وكُلُّ غَرِيبِ الدَارِ بالشَّوْقِ مُولَـعُ

وَجَدْتُ غَداةَ البَيْنِ إذْ بِنْـتِ زَفْـرَةً * * * كادَتْ لَها نَفْسِي عليكِ تَـقَـطَّـعُ

وأَصْبَحْتُ مِمَّا أحْدَثَ الدَّهْرُ خاشِعـاً * * * وكنتُ لرَيْبِ الدَّهْرِ لا أَتَضَعْضَـعُ

فَما في حَياةٍ بَعْدَ مَـوْتِـكِ رَغْـبَةٌ * * * ولا فِي وِصالٍ بَعْدَ هَجْرِكِ مَطْمَعُ

وما لِلهَوَى والحُـبِّ بَـعْـدَكِ لَـذَةٌ * * * وماتَ الهَوَى والحُبُّ بَعْدَكِ أَجْمَـعُ

فإنْ يَكُ جُثْمانِي بـأَرْضٍ سِـواكُـمُ * * * فإنَّ فؤادِي عِنْدَكِ الدَّهْرَ أَجْـمَـعُ

إذا قلتُ هذا حينَ أَسْلُو وأجْـتَـرِي * * * على هَجْرِها ظَلَّتْ لها النَّفْسُ تَشْفَعُ

وإنْ رُمْتُ نَفْسِي كيفَ آتِي لِهَجْرِها * * * ورُمْتُ صُدُوداً ظَلَّتْ العَيْنُ تَدْمَـعُ

فيا قَلْبُ خَبِّرْنِي ولَسْتَ بـفـاعِـلٍ * * * إذا لَمْ تنل واسْتَأْثَرتْ، كَيْفَ تَصْنَـعُ

وقَدْ قَرَعَ الواشُونَ مِنْها يَدَ العَصـا * * * وإنَّ العَصا كانتْ لِذِي الحِلْمِ تُقْـرعُ

وأعْجَبَنِي يا عَـزُّ مِـنْـكِ خـلائِقٌ * * * كِرامٌ، إذا عُدَّ الـخَـلائِقُ، أَرْبَـعُ

دُنُوُّكِ حتَّى يَرْفَعَ الجاهِلُ الصِّـبَـا * * * ورَفْعُكِ أَسْبابَ الهَوَى حِينَ يَطْمَـعُ

فيا رَبِّ حَبِّبْنِي إِلَيْها، وأَعْطِنِـي ال * * * مَوَدَّةَ مِنْها، أنتَ تُعْطِي وتَمْـنَـعُ

وقال أيضاً

حَيَّتْكَ عَزَّةُ يومَ البَيْنِ وانْصَرَفَتْ * * * فحَيِّ وَيْحَكَ مَن حَيَّاكَ يا جَمَـلُ

لو كنتَ حَيَّيْتَها ما زِلْتَ ذا مِـقَةٍ * * * عندي وما مسك الإدلاج والعمل

ليت التحية كانت لي فأشكرهـا * * * مكانَ يا جَمَلٌ حُـيِّيتَ يا رَجُـلُ

فحَنَّ مِن جَزَعٍ إذْ قلتُ ذاكَ لـه * * * ورامَ تَكْلِيمَها لو تَنْطِـقُ الإِبِـلُ

وقال أيضاً

خَلِيلَيَّ هذا رَبْعُ عَـزَّةَ فـاعْـقِـلا * * * قَلُوصَيْكُما ثُم انْظُرا حـيثُ حَـلَّـتِ

وما كنتُ أَدْرِي قَبْلَ عَزَّةَ ما البُـكـا * * * ولا مُوجِعات البَيْنَ حتّـى تَـوَلَّـتِ

وكانَتْ لقَطْعِ الحَبْلِ بَيْنِي وبَـيْنَـهـا * * * كناذِرَةٍ نَـذْراً فـأَوفَـتْ وحَـلَّـتِ

فقَلتُ لها يا عَـزُّ: كُـلُّ مُـصِـيبَةٍ * * * إذا وُطِّنَتْ يوماً لها النَّـفْـسُ ذَلَّـتِ

كأَنِّي أُنادِي صَخْرَةً حينَ أُعْرَضَـتْ * * * مِن الصُّمِّ لو تَمْشي بِها العُصْمُ زَلَّتِ

فلَيْتَ قَلُوصِي عـنـدَ عَـزَّةَ قُـيِّدَتْ * * * بحَبْلٍ ضَعِيفٍ غُرَّ مِنْها فَـضَـلَّـتِ

وغُودِرَ في الحَيِّ المُقِيمِينَ رَحْلُـهـا * * * وكانَ لها بـاغٍ سِـوايَ فـبَـلَّـتِ

وكنتُ كذِي رِجْلَيْنِ: رِجْلٍ صَحِـيحَةٍ * * * ورِجْلٍ رَمَى فِيها الزَّمانُ فشَـلَّـتِ

وكنتُ كذاتِ الظَّلْعِ لمَّا تَحـامَـلَـتْ * * * على ظَلْعِها بَعْدَ العِثارِ اسْتَـقَـلَّـتِ

هَنِيئاً مَـرِيئاً غـيرَ داءٍ مُـخـامِـرٍ * * * لِعَزَّة مِن أَعْراضِنا ما اسْتَـحَـلَّـتِ

فوالله ما قارَبْتُ إلا تَـبـاعَـدَتْ * * * بصُرْمٍ ولا أَكْثَرْتُ إلاّ أَقَـلَّـتِ

فإنْ تكُنِ العُتْبَى فأَهْلاً ومَرْحَبـاً * * * وحُقَّتْ لَها العُتْبَى لَدَيْنا وقَـلَّـتِ

وإنْ تكُنِ الأخْرَى فـإنْ وراءنَـا * * * مَنادِحَ لو سارَتْ بِها العِيسُ كَلَّتِ

أَسِيئِي بِنا أو أحْسِنِي لا مَـلُـومَةً * * * لَدَيْنا ولا مَقْلِـيَّةً إنْ تَـقَـلَّـتِ

فلا يَحْسِبُ الواشُونَ أنَّ صَبابَتِـي * * * بَعزَّةً كانتْ غَمْرَةً فَتَـجـلَّـتِ

فوالله ثُم اللهِ ما حَلَّ قَـبْـلَـهـا * * * ولا بَعْدَها مِن خُلَّةٍ حيثُ حَلَّـتِ

فيا عَجَباً للقَلْبِ كيْفَ اصْطِبـارُهُ * * * وللنَّفْسِ لمّا وُطِّنَتْ كَيْفَ ذَلَّـتِ

وإنِّي وَتهيامِي بعزَّةَ بَـعْـدَمـا * * * تَخَلَّيْتُ مِمّا بَيْنَنـا وتَـخَـلَّـتِ

لَكالْمُرْتَجى ظِلَّ الغَمامَةِ كُلَّـمـا * * * تَبَوَّأَ مِنْها لِلْمُقِيلِ اضْمَـحَـلَّـتِ

كأَنِّي وإيّاها سَحابَةُ مُـمْـحِـلٌ * * * رَجاها، فلمّا جاوَزَتْهُ اسْتَهَلَّـتِ

وقال عُمَر بن أبي رَبِيعَة القُرَشيّ

ولمَّا تَفاوَضْنا الحَدِيثَ، وأَسْفَـرَتْ * * * وُجُوهٌ زَهاها الحُسْنُ أَنْ تَتَقَنَّعـا

تَبالَهْنَ بالعِرْفانِ لمَّا عَرَفْـنَـنـي * * * وقُلْنَ امرؤٌ باغٍ أَكَلَّ وأَوْضَـعـا

وقَرَّبْنَ أَسْبابَ الهَـوَى لـمُـتَـيَّمٍ * * * يَقِيسُ ذِراعاً كُلَّما قِسْنَ إصْبَـعـا

وقُلْتُ لمُطْرِيهِنَّ بالحُسْنِ: إنَّـمـا * * * ضَرَرْتَ، فهلْ تَسْطِيعُ نَفْعاً فتَنْفَعا

وقال أيضاً

نَظَرْتُ إليها بالمُحَصَّبِ مِـن مِـنـىً * * * ولِي نَظَرٌ، لَوْلاَ التَّـحَـرُّجُ، عـارِمُ

فقلتُ: أشَمْسٌ أَمْ مَـصـابِـيحُ بِـيعَةٍ * * * بدَتْ لكَ خَلْفَ السِّجْفِ أمْ أنتَ حالِـمُ

بَعِيدَةُ مَهْوَى القُرْطِ، إمّـا لَـنَـوْفَـلٌ * * * أبُوها، وإما عَبْدُ شَمْـسٍ وهـاشِـمُ

ومَدَّ عَلَيْها السِّجْـفَ يومَ لَـقِـيتُـهـا * * * على عَجَلٍ تُبّـاعُـهـا والـخَـوادِمُ

فلَمْ أَسْتَطِعْها، غيرَ أنْ قد بَـدا لَـنـا * * * عَشِيَّةَ رحُنْا وَجْهُها والـمَـعـاصِـمُ

مَعاصِمُ لمْ تَضْرِبْ على البَهْمِ بالضُّحَى * * * عَصاها، ووَجْهٌ لم تَلُحْهُ الـسَّـمـائِمُ

إذا ما دَعَتْ أَتْرابَها فاكْتَـنـفْـنَـهـا * * * تَمايَلْنَ، أو مَلَتْ بِـهِـنَّ الـمَـآكِـمُ

طَلَبْنَ الصِّبا، حتَّى إذا ما أَصَـبْـنَـهُ * * * نَزَعْنَ، وهُنَّ البـادِئاتُ الـظَّـوالِـمُ

حازِم بن مِرْداس

إلى الله أَشْكُو طُولَ شَوْقِيَ إنَّنِي * * * أَهِيمُ بقَيْدٍ في الكُبُـولِ أَسِـيرُ

أَسِيرٌ أَبى إلاّ الصَّابَةَ والهَـوَى * * * له عَبَراتٌ نَحْوَكُـمْ وزَفِـيرُ

إذا رامَ بابَ السِّجْنِ أُرِتجَ دُونَهُ * * * وسُدَّ بأَغْلاقٍ لهُـنَّ صَـرِيرُ

وإِنْ رامَ مِنْه مَطْلعاً رَدَّ شَـأْوَهُ * * * أَمِينانِ في السَّاقَيْنِ فهْوَ حَصِيرُ

فيا لَيْتَ أَنَّ الرِّيحَ عِنْدَ هُبُوبِهـا * * * مُسَخَّرَةٌ لِي حيثُ شِئْتُ تَسِـيرُ

فتُبْلِغُنِي النَّكْباءُ عنكُـمْ رِسَـالَةً * * * وتُبْلِغُكُمْ مِنِّي السَّـلامَ دَبُـورُ

وقالت رَيَّا العُقَيْلِيَّة

وتُرْوى لضاحِيَة الهِلالِيَّة

فما وَجْدُ مَغْلُولٍ بتَيْماءَ مُوثَـقٍ * * * بِساقَيْهِ مِن ضَرْبِ القُيُونِ كُبُولُ

قَلِيلِ المَوالِي، مُسْلَمٍ بجَـرِيرَةٍ، * * * له بَعْدَ نَوماتِ العُيُونِ عَـوِيلُ

يقولُ له البَوَّابُ: أَنتَ مُـعَـذَبٌ * * * غَداةَ غَدٍ، أَو مُسْلَمٌ فـقَـتِـيلُ

بأَكْثَرَ مِنِّي لَوْعَةً يومَ بـانَ لِـي * * * فِراقُ حَبِيبٍ ما إِلـيه سَـبِـيلُ

عَشِيَّةَ أَمْشِي القَصْدَ، ثُم يَرُدُّنِـي * * * عن القَصْدِ رَوْعاتُ الهَوَى فأَمِيلُ

وقال جَعْفَر بن عُلْبَة الحارِثِيّ

هَوايَ مـع الـرَّكْـبِ الـيَمـانِــينَ مُـــصْـــعِـــدٌ * * * جَنِـيبٌ وجُـثْـمـانِــي بـــمَـــكَّةَ مُـــوثَـــقُ

عَجِـبْـتُ لِـمَـسْـراهـا وأَنَّـى تَـخَـــلَّـــصَـــتْ * * * إِلـيَّ، وبـابُ الـسَّـجْـنِ دُونِـــي مُـــغْـــلَـــقُ

أَلَـمَّـتْ فـحَـيَّتْ ثُــم قـــامَـــتْ فَـــوَدَّعَـــتْ * * * فَلـمَّـا تَـوَلَّـتْ كـادَتِ الـنَّـفْـــسُ تَـــزْهَـــقُ

فلا تَحْسَبِي أَنِّي تَخَشَّعْتُ بَعْدَكُمْ * * * بِشَيْءٍ، ولا أَنِّي مِنَ المَوْتِ أَفْرَقُ

ولا أَنَّ نَفْسِي يَزْدَهِيها وَعِيدُكُمْ * * * ولا أَنَّـنِـي بـالـمَـشْـي فـي الـــقَـــيْدِ أَخْـــرَقُ

ولـكـنْ عَـرَتْـنِـي مِـــن هَـــواكِ صَـــبـــابَةٌ * * * كمـا كـنـتُ أَلْـقـى مِـنْـكِ إِذْ أَنـا مُــطْـــلَـــقُ

وقال محمد بن صالِح العَلَوِيّ

متأخِّر

وبَدا له، مِنْ بَعْدِ ما انْدَمَلَ الهَوَى، * * * بَرْقٌ تَأَلَّقَ مَوْهِناً لَـمَـعـانُـهُ

بَبْدُو كَحاشِـيَةِ الـرِّداءِ، ودُونَـهُ * * * صَعْبُ الذُرَى مُتَمَنِّعٌ أَرْكـانُـهُ

ودَنا ليَنْظُرَ أَينَ لاحَ فلَـمْ يُطِـقْ * * * نَظراً إلـيه، ورَدَّهُ سَـجَّـانُـهُ

فالنَّارُ ما اشْتَمَلَتْ عليه ضُلُوعُـهُ * * * والماءُ ما سَمَحَتْ به أَجْفـانُـهُ

وقال سُحيْم

عَبْد بَنِي الحَسْحاَس، إسلامي

عُمَيْرَةَ وَدِّعْ إِنْ تَجَهَّزْتَ غادِيا * * * كَفَى الشَّيْبُ والإِسْلامُ للمَرْءِ ناهِـيا

تُرِيكَ غَداةَ البَيْنِ كَفَّاً ومِعْصَماً * * * ووَجْـهـاً كـدِينـارِ الـهِـرَقْـــلِـــيِّ صـــافِـــيا

كأَنَّ الـثُّـرَيّا عُـلِّـقَـــتْ فَـــوقَ نَـــحْـــرِهـــا * * * وجَـمْـرَ غَـضـىً هَـبَّــتْ لـــه الـــرِّيحُ ذاكِـــيا

فمـا بَـيْضَةٌ بـاتَ الــظَّـــلِـــيمُ يَحُـــفُّـــهـــا * * * ويَرْفَـع عَـنْـهـا جُـؤْجُــؤاً مُـــتَـــجـــافِـــيا

بأَحْـسَـــنَ مِـــنْـــهـــا يومَ قـــالَـــتْ: أَرائِحٌ * * * مع الـرَّكْـــبِ أَمْ ثـــاوٍ لَـــدَيْنـــا لَـــيالِـــيا

فإِنْ تَثْوِ لا تُمْلَلْ، وإِنْ تُضحِ غادِياً * * * تُزَوَّدْ، وتَرْجِعْ عن عُمَيْرَة راضِيا

أَلِكْنِي إِليها عَمْرَكَ اللهَ يا فَتىً * * * بآيَةِ مـــا جـــاءَتْ إِلـــينـــا تَـــهــــــادِيا

تَهـادِيَ سَـــيْلٍ مِـــن أَبـــاطِـــحَ سَـــهْـــلَةٍ * * * إذا مـــا عَـــلا صَـــمْـــداً تَـــفَــــرَّعَ وادِيا

أَمِـيلُ بِـهــا مَـــيْلَ الـــنَّـــزِيفِ، وأَتَّـــقِـــي * * * بهـا الـبَـرْدَ والـشَّـفّـانَ مِـن عـن شِـــمـــالِـــيا

تُوَسِّـدُنِـي كَـفّـاً، وتَـثْـنِــي بـــمِـــعْـــصَـــمٍ * * * علـيَّ، وتَـحْـنُـــو رِجْـــلَـــهـــا مِـــن وَرائِيا

فمـا زالَ بُـرْدِي طَــيِّبـــاً مِـــن ثِـــيابِـــهـــا * * * إلـى الـحَـوْلِ، حـتَّـى أَنْـهَـجَ الـبَـــرْدُ بـــالِـــيا

وهَـبَّـتْ شَــمـــالاً آخِـــرَ الـــلَّـــيْلِ قَـــرَّةً * * * ولا ثَــــــوْبَ إلاَّ بُـــــــرْدَهـــــــا ورِدائِيا

أَلا يا طَـبِـيبَ الــجِـــنِّ بـــالـــلـــهِ داوِنِـــي * * * فإنَّ طَـــبِـــيبَ الإنْــــــسِ أَعْـــــــياهُ دائِيا

فقـالَ: دَواءُ الـحُـبِّ أَنْ تَـلْـصَــقَ الـــحَـــشـــا * * * بأَحْـشـاءِ مَـنْ تَـهْـوَى إذا كـــنـــتَ خـــالِـــيا

تَجَـمَّـعْـنَ مِـن شَـتَّــى ثَـــلاثـــاً وأَرْبـــعـــاً * * * وواحِـدَةً حـتَّـى كَـــمَـــلْـــنَ ثـــمـــانِـــيا

سُلَـيْمَـى وسَـلْـــمَـــى والـــرَّبـــابُ وزَيْنَـــبٌ * * * وريَّا وأَرْوَى والـــمُـــنَـــى وقَـــطـــامِـــيا

وأَقْـبَـلْـنَ مِـن أَقْـصَـى الـخِــيامِ يَعُـــدْنَـــنِـــي * * * نَواهِـدَ لا يَعْـــرِفْـــنَ خَـــلْـــقـــاً سِـــوائِيا

يَعُـــدْنَ مَـــرِيضـــاً هُـــنَّ هَـــيَّجْــــنَ داءَهُ * * * أَلاَ إنَّـــمـــا بَـــعْـــضُ الـــعَـــــوائِدِ دائِيا

أَلاَ أيُّهـــا الـــوادِي الـــذي ضَـــمَّ سَـــيْلُـــهُ * * * إِلَـــيْنـــا نَـــوَى ظَـــيْمـــاءَ حُــــيِّيتَ وادِيا

فيا لَـيْتَـنِـي والـعَــامِـــريَّةَ نَـــلْـــتَـــقِـــي * * * نَرُودُ لأَهْـلِــينـــا الـــرِّياضَ الـــحَـــوالِـــيا

أَلا نــادِ فـــي آثـــارِهِـــنَّ الـــغَـــوانِـــيا * * * سُقِـينَ سِـمـامـاً، مـــا لَـــهُـــنَّ ومـــا لِـــيا

أشَارَتْ بِمِدْراها،وقالتْ لِتِرْبِـهـا * * * أَعْبدُ بَنِي الحَسْحَاسِ يُزْجِي القَوافِيا

رَأَتْ قَتَباً رَثَّاً وسَحْـقَ عَـمـامَةٍ * * * وأَسْوَدَ مِمَّا يَمْلِكُ النَّـاسُ عـارِيا

فلَوْ كنتُ وَرْداً لَوْنُهُ لَعَشِقْـنَـنِـي * * * ولكن ربي شانـنـي بـسـواديا

يرجلن أقواماً ويتركن لـمـتـي * * * وذاك هوان ظاهر قـد بـدا لـيا

وراهن ربي مثل ما قد وريننـي * * * وأَحْمَي على أَكْبادِهِنَّ المَـكـاوِيا

وقال إسْحَق بن إبراهيم المَوْصِلِيّ

حَيِّ طَـيْفـاً مِـن الأَحِـبَّةِ زارا * * * بَعْدَ ما صَرَّعَ الكَرَى السُّـمَّـارا

طارِقاً في الظَّلامِ تَحْتَ دُجى اللَّيْ * * * لِ بَخِـيلاً بـأَنْ يَزُورَ نَـهـارا

قلتُ: ما بالُنـا جُـفِـينـا وكُـنَّ * * * قَبْلَ ذاكَ الأسْماعَ والأَبْـصـارا

قالَ: إنّا كَما عَهِـدْتَ، ولـكِـنْ * * * شَغَلَ الحَلْيُ أَهْـلَـهُ أَنْ يُعـارا

وقال محمد بن بَشِير الخارِجِيّ

من بَنِي خارِجَة من الأنصار، وتُرْوَى لأبِي دَهْبَل الجُمَحِيّ

يا أَحْـــسَـــنَ الـــنَّـــاسِ إلاَّ أنَّ نـــائِلَـــهـــا * * * قِدْمـاً لـمَـنْ يَبْـتَـغِـي مَـعْـروفَـهــا، عَـــسِـــيرُ

هل تَـذْكُـرِينَ كـمـا لَـــمْ أَنْـــسَ عَـــهْـــدَكُـــمُ * * * وقَــدْ يَدُومُ لِـــوَصْـــلِ الـــخُـــلَّةِ الـــذِكَـــرُ

قَوْلِي، ورَكْبُكِ قد مالَتْ عَمائِمُهُمْ * * * وقَدْ سَقَى القَوْمَ كَأْسَ النَّعْسَةِ السَّهَرُ

يا لَيْتَ أَنِّي بأَثْوابِي وراحِلَتِي * * * عَبْـدٌ لأهْـلِـكِ طُـولَ الــدَّهْـــرِ مُـــؤْتَـــجَـــرُ

جِنِّــيَّةٌ أوْ لَـــهـــا جِـــنٌّ يَعَـــلِّـــمُـــهـــا * * * رَمَـى الـقُـلُـوبِ بِـقَــوْسِ مـــالَـــهـــا وَتَـــرُ

وقَـدْ نَـظَـرْتُ فـمـــا أَلْـــفَـــيْتُ مِـــن أَحَـــدٍ * * * يَعْـتـادُهُ الــشَّـــوْقُ إلاّ بَـــدْؤُهُ الـــنَّـــظَـــرُ

تَقْـضِـينَ فـيَّ ولا أَقْـضِــي عـــلـــيكِ كـــمـــا * * * يَقْـضِـي الـمَـلِـيكُ عـلـى الـمَـمْـلُـوكِ يَقْـتَـسِـــرُ

إنْ كـــان ذا قَـــدَراً يُعْـــطِـــيكِ نـــافِـــــلَةً * * * مِنّـا ويَحْـرِمُـنـا مـــا أَنْـــصَـــفَ الـــقَـــدَرُ

وقال آخر

لَعَـمُـركَ إِنِّـي يومَ بـانُــوا فـــلَـــمْ أَمُـــتْ * * * خُفـاتـاً عـلـى آثـارِهِـــمْ لَـــصَـــبُـــورُ

غَداةَ الـمُـنَـقَّـى إذْ رُمِـــيتُ بـــنَـــظْـــرَةٍ * * * ونـحـنُ عـلـى مَـتْـنِ الـطَّــرِيقِ نَـــسِـــيرُ

ففـاضَـتْ دُمُـوعُ الـعَـيْن حـتًّـى كــأَنَّـــهـــا * * * لِنـاظِـرِهــا غُـــصْـــنٌ يُراحُ مَـــطِـــيرُ

فقـلـتُ لـقَـلْـبِـي حِـينَ خَـفَّ بـه الــهَـــوَى * * * وكـادَ مِـن الـوَجْـدِ الـــمُـــبِـــير يَطِـــيرُ

فهّـذا ولـمَّـا تَـمْـــضِ لِـــي غـــيرُ لَـــيْلَةٍ * * * فكَـيْفَ إذا مَـــرَّتْ عـــلـــيهِ شُـــهُـــورُ

وأَصْــبَـــحَ أَعْـــلامُ الأَحـــبَّةِ دُونَـــهـــا * * * مِن الأرْضِ غَـــوْلٌ نـــازِحٌ ومَـــسِـــــيرُ

وأَصْبَحْتُ نَجْدِيَّ الهَوَى مُتْهِمَ النَّوَى * * * أَزِيدُ اشْتِياقاً أنْ يَحِنَّ بَعِيرُ

عَسَى الله، بَعْدَ النَّأْيِ، أنْ يُصْقِبَ النَّوَى * * * ويُجْـمَـعَ شَـمْـلٌ بَــعْـــدَهـــا وسُـــرُور

وقال كُثَيِّر عَزَّة

وقدْ زَعَمْت أَنِّي تَغَيَّرْتُ بَعْدَهـا * * * ومَنْ ذا الذي يا عَزُّ لا يَتَغَـيَّرُ

تَغَيَّرَ جِسْمِي، والخَلِيقَةُ كالـتـي * * * عَهِدْتِ، ولَمْ، يُخْبَرْ بسِرِّكِ مُخْبَرُ

وقال آخر

تَعَطَّلْنَ إِلاّ مِن مَـحـاسِـنِ أَوْجُـهٍ * * * فهُنَّ خَوالٍ في الصِّفاتِ عَـواطِـلُ

كَواسٍ عَوارٍ صامِتـاتٌ نَـواطـقٌ * * * بِعِفّ الـكَـلامِ بـاذِلاتٌ بَـواخِـلُ

بَرَزْنَ عَفافاً، واحْتَجَبْنَ تَـسَـتُّـراً، * * * وشِيبَ بقْولِ الحَقِّ منهُـنَّ بـاطِـلُ

فذُو الحِلْمِ مُرْتابٌ، وذُو الجَهْلِ طامِعٌ، * * * وهُنَّ عن الفَحْشاءِ حِـيدٌ نَـواكِـلُ

وقال آخر

ألاَ هل إلى أَجْبالِ سَلْمَى بِذِي اللِّوَى * * * لِوَى الرَّمْلِ مِن قَبْلِ المَماتِ مَعادُ

بِلادٌ بِها كُنَّا ونَحْنُ نُحِبُّها * * * إذِ الـــنَّـــاسُ نـــاسٌ والـــبِـــلادُ بِــــــلادُ

وقال كُثِّير عَزَّة

وأَدْنَيْتِنِي حتَّى إذا ما مَلَكْتِـنِـي * * * بِقَوْلٍ يُحِلُّ العُصْمَ سَهْلَ الأباطِحِ

تَجافَيْتِ عنِّي حينَ لا ليَ حِـيلَةٌ * * * وخَلَّفْتِ ما خَلَّفْتِ بَيْنَ الجَوانِـحِ

وقال آخر

أَحَبُّ بِلادِ الله ما بَيْنَ مَنْـعِـجٍ * * * إليّ وسَلْمَى أَنْ يَصُوبَ سَحابُها

بِلادٌ بِها نِيطَتْ عليَّ تَمـائِمِـي * * * وأَوَّلُ أَرْضٍ مَسَّ جِلْدِي تُرابُها

وقال آخر

ذَكَرْتُ بلادِي فاسْتَهَلَّتْ مَدامِـعِـي * * * لشَوْقِي إلى عَهْدِ الصِّبا المُتَـقـادِمِ

حَنَنْتُ إلى أرْضٍ بِها اخْضَرَّ شارِبي * * * وقُطِّعَ عنِّي قَبْلُ عَقْدُ الـتَّـمـائِمِ

وقال مَنْظُور بن عُبَيْد بن مَزْيَد

وتُرْوى لابن مَيّادَة

ألاَ لَيْتَ شِعْرِي هـل أَبِـيتَـنَّ لـيلةً * * * بحَرَّةِ لَيْلَى حيثُ رَبَّتَـنِـي أَهْـلِـي

بِلادٌ بِها نِيطَتْ عـلـيَّ تَـمـائِمِـي * * * وقُطِّعْنَ عنِّي حينَ اَدْرَكَنِي عَقْـلِـي

فإنْ كنتَ عن تلكَ المَواقِفِ حابِسِـي * * * فأَفْشِ علَيَّ الرِّزْقَ واجْمَعْ إذَنْ شَمْلِي

وقال بلال بن حَمامَة

ألا لَيْتَ شِعْرِي هل أبيتَن ليلةً * * * بفخٍّ وحَوْلِي إذْخَرٌ وجَـلِـيلُ

وهَلْ أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَـنَّةٍ * * * وهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شامَةٌ وطَفِيلُ

وقال سوار بن المعرب السعدي

سَقَى الله اليَمامَةَ مِن بِـلادٍ * * * نَوافِجُها كأَرواحِ الغَوانِـي

بها سُقْتُ الشَّبابَ إلى مَشِيبي * * * فَقُبِّحَ عِنْدَه حُسْنُ الزَّمـانِ

وجَوٌّ زاهِرٌ لـلـرِّيحِ فـيهِ * * * نَسِيمٌ لا يَرُوعُ التُـربَ وانِ

وقال أبو عَدِيّ العَبْلِيّ

أموي الشعر

أَحِنُّ إلى وادِي الأَراكِ صَبـابَةً * * * لعَهْدِ الصِّبـا وتَـذْكـار أوَّلِ

كَأنَّ نَسِيمَ الرِّيحِ في جَنَـبـاتِـهِ * * * نَسِيمُ حَبِيبٍ أو لقـاءُ مُـؤَمَّـلِ

فلّله مِن أرضٍ بها ذَرٍّ شارِقِي * * * حَياةٌ لذِي هُلْكٍ وخِصْبٌ لمُمْحِلِ

وقال آخر

ألا حَبَّذا نَجْدٌ وطِـيبُ ثَـرىً بـهِ * * * تُصافِحُهُ أَيْدِي الرِّياحِ الغَـرائِبِ

وَعهْدُ صِبّا فِيه يُنازِعُكَ الـهَـوَى * * * به لكَ أَتْرابٌ عِذابُ المشَـارِبِ

تَنالُ الرِّضَى مِنْهُنَّ في كُلِّ مَطْلَبٍ * * * عِذابُ الثَّنـايا وارِداتُ الـذَوائِبِ

وقال بَشّار بن بُرد

مَتَى تَعْرِفِ الدّارَ التي بانَ أَهْلُها * * * بسُعْدَِى، فإن العَهْدَ مِنْكَ قَرِيبُ

تُذَكِّرُكَ الأَهْواءَ إذْ أَنـتَ يافَـعٌ * * * لَدَيْها، فَمَغْناها إلـيكَ حَـبـيبُ

وقال مَرّار بن هَبّاش الطّائِيّ

وتروى للصِّمَّة القُشَيْرِي

سَقَى الله أَطْلالاً بأَكْثِبَةِ الحِمَـى * * * وإنْ كُنَّ قَدْ أَبْدَيْنَ للـنّـاسِ دائِيا

مَنازِلُ لو مَرَّتْ بِهِنَّ جَنـازَتِـي * * * لَقالَ الصَّدَى: يا حامِلَيِّ أرْبَعا بِيا

وقال أبو قَطِيفَة

ألاَ لَيْتَ شِعْرِي هل تَغَيَّرَ بَـعْـدَنـا * * * بَقِبعُ المُصَلَّى، أمْ كعَهْدِي القَـرائِنُ

وهَلْ أَدْوُرٌ حَوْلَ البَـلاطِ عَـوامِـرٌ * * * كَما كُنَّ، أْم هل بالمـدِينَةِ سـاكِـنُ

أَحِنُّ إلى تلكَ الـبِـلادِ وأَهْـلِـهـا * * * كَأنِّي أسِيرٌ في السَّلاسِـلِ راهِـنُ

بِلادٌ بِها أَهْلِي ولَهْـوِي ومَـوْلِـدِي * * * جَرَتْ لِي طُيُورُ السَّعْدِ فِيها الأَيامِنُ

إذا بَرَقَتْ نَحْوَ الحِجـازِ غَـمـامَةٌ * * * دَعا الشَّوْقَ مِنِّي بَرْقُها المُتَـيامِـنُ

وما إنْ خَرَجْنا رَغْبَةً عـن بـلادِنـا * * * ولكنَّـهُ مـا قَـدَّرَ الـلـه كـائِنُ

لعَلَّ قُرَيْشاً أنْ تَثُوبَ حُـلُـومُـهـا * * * فتَعْمُرُ بالسّاداتِ مِنْها الـمَـواطِـنُ

وقال عبد الله بن الدمينة

رِدا مـاءَ حُـزْوَى فـانْـشَـحـا نِـضْـوَتَـيْكُــمـــا * * * علـى حِـينَ يُخْـلِـي مـاءَ حُـزْوَى رَقِـيبُـــهـــا

وسُـوفـا الـثّـرَى حـتَّـى يُحَـلِّـىءِ عـنـكُـمـــا * * * غَلِـيلُ الـصَّـدَى بَـرْدُ الـحِـياضِ وطِـيبُـــهـــا

فإِنَّ عـلـى الـــمـــاءِ الـــذي تَـــرِدانِـــهِ * * * مُفَـلَّـجَةُ الأَنْـــيابِ دُرْمٌ كُـــعُـــوبُـــهـــا

فمـا مُـزنَةٌ بَـيْنَ الـسِّـمـاكَــيْنِ أَوْمَـــضَـــتْ * * * مِن الـغَـورِ ثـم اسْـتَـعْـرَضَـتْـهـا جَـنـوبُـهــا

بأَحْـسَـنَ مِـنْـهـا يومَ قـالَـتْ وحَـــوْلَـــنـــا * * * مِن الـنّـاسِ أَوْبـاشٌ يُخـافُ شُـغُـــوبُـــهـــا

تَغـانَـيْتَ فـاسْـتَـغْـنَـيْتَ عـنّـا بــغَـــيْرِنـــا * * * هَنِـيئاً لـمَـنْ فـي الـسِّـرِّ أنـتَ حَـبـيبُـــهـــا

فقـلـتُ لـهـا: أَنْـتِ الـحَـبِـيبَةُ فـاعْـلَــمِـــي * * * إلـى يَومِ يَلْـقَـى كُـلَّ نَـفْـسٍ حَـسِــيبُـــهـــا

ودِدْتُ، بلا مَقْتٍ مِن الله، أنَّها نَصِيبِي مِن الدُّنْيا وأَنِّي نَصِيْبُها

وقال ثَعْلَبَة بن أوْس الكِلابيّ

يَقِرُّ بعَيْنِي أَنْ أَرَى مَن مَكـانُـهُ * * * ذُرّى عَقِداتِ الأَبْرَقِ المُتَـقـاوِدِ

وأَنْ أَرِدَ الماءَ الـذي وَرَدَتْ بـه * * * سُلَيْمَى، وقَدْ مَلَّ السُّرَى كُلُّ واخِدِ

وأُلْصِقُ أَحْشائِي بِبَـرْدِ تُـرابِـهِ * * * وإنْ كان مَخْلُوطاً بِسُمِّ الأَسـاوِدِ

وقال عُرْوَة بن جافِي العَجْلانِيّ

أحِنُّ إلى أرضِ الحِجازِ، وحاجَتِي * * * بنَجْدٍ، بِلادٌ دُونَها الطَّرْفُ يَقْصُرُ

وما نَظَرِي مِن نَحْوِ نَجْدٍ بنافِعِـي * * * أَجَلْ لا، ولكنِّي على ذاكَ أَنظُرُ

أَفِي كُلِّ يومٍ نَظْرَةٌ ثُـم عَـبْـرَةٌ * * * لعَيْنِكَ حتّى مـاؤُهـا يَتَـحَـدَّرُ

مَتَى تَسْتَرِيحُ، القَلْبُ إِمّا مُجـاوِرٌ * * * حَزِينٌ وإِمَّـا نـازِحٌ يَتَـذَكَّـرُ

وقالت عُلَيَّة بنت المَهْدِيّ

ومُغْتَرِبٍ بالمَرْجِ يَبْكِي لـشَـجْـوِهِ * * * وقَدْ غابَ عنه المُسْعِدُونَ على الحُبِّ

إذا ما أتاهُ الرَّكْبُ مِن نَحْـوِ أرْضِـهِ * * * تَنَشَّقَ يَسْتَشْفِي بِـرائِحَةِ الـرَّكْـبِ

وقالت أيضاً

إذا كنتَ لا يُسْلِيكَ عَمَّنْ تُحِبُّهُ * * * تَناءٍ، ولا يَشْفِيكَ طُولُ تَلاقِ

فما أنتَ إلاّ مُستَعيرٌ حُشاشَةً * * * لِمُهْجَةِ نَفْسٍ آذَنَتْ بِفِـراقِ

وقال يَحْيى بن طالِب الحَنَفِيّ

من مخضرمي الدولتين

أحـقَّـاً عِـبـادَ الــلـــه أنْ لَـــسْـــتُ نـــاظِـــراً * * * إلـى قَـرْقَـرَى يومـاً وأَعْـلامِـهـــا الـــغُـــبْـــرِ

كأَنَّ فُـــؤادِي كـــلَّـــمـــا مَـــرَّ راكِـــــــبٌ * * * جَنـاحُ غُــرابٍ رامَ نَـــهْـــضـــاً إلـــى وَكْـــرِ

إذا ارْتَـحَــلَـــتْ نَـــحْـــوَ الـــيَمـــامَةِ رُفْـــقَةٌ * * * دَعـاكَ الـهَـوَى واهْـتـاجَ قَـلْـبُـــكَ لـــلـــذِكْـــرِ

فيا راكِـبَ الـوَجْـنـــاءِ أُبْـــتَ مُـــسْـــلَّـــمـــاً * * * ولا زِلْـتَ مِـن رَيْبِ الــحَـــوادِثِ فـــي سِـــتْـــرِ

إذا ما أَتَيْتَ العِرْضَ فاهْتِفْ بِجَوِّهِ * * * سُقِيتَ على شَحْطِ النَّوَى سَبَلَ القَطْرِ

فإنَّكَ مِن وادٍ إليّ مُرَحَّبٌ * * * وإنْ كُـنْـــتَ لا تُـــزْدارُ إلا عـــلـــى عُـــفْـــرِ

فقـالَ: لـقَـدْ يَشْـفِـي الـبُـكـــاءُ مِـــن الـــجَـــوَى * * * ولا شَـيَْ أَجْـدَى مِـــن عَـــزاءٍ ومِـــن صَـــبْـــرِ

وقال آخر

سَقَى الله أيّاماً لَنا لَسْـنَ رُجَّـعـاً * * * وسَقْياً لِعَصْرِ العامِرِيَّةِ مِن عَصْرِ

لَيالِيّ أَعْطَيْتُ البَطَالَةَ مِـقْـوَدِي * * * تَمُرُّ اللَّيالِي والشُّهُورُ ولا نِـدْرِي

وقال سُوَيْد بن كُراع العُكْلِي

خَلِيلَيَّ قُوما في عُطالَةَ فانْظُـرا * * * أناراً تَرَى مِن نَحْوِ يَبْرَين أمْ بَرْقا

وحُطَّا على الأطْلالِ رَحْلِيَ إنَّهـا * * * لأوَّلُ أَطْلالٍ عَرَفْتُ بِها العِشْقـا

وقال الصِّمَّة القُشَيْرِي

سَقَى الله أيّاماً لَنا ولَـيالِـياً * * * لَهُنَّ بأكْنافِ الشَّبابِ مَلاعِبُ

إذ العَيْشُ غَضٌّ. والزَّمانُ بِغِبْطَةٍ، * * * وشاهِدُ آفاتِ المُحِبِّـينَ غـائِبُ

وقال أيضاً

حَنَـنْـتَ إلـى رَيَّا، ونَـفْـــسُـــكَ بـــاعَـــدَتْ * * * مَزارَكَ مِـن ريّا وشَـعْـبـاكُـــمـــا مَـــعـــا

فَمـا حَـسَـنٌ أنْ تَـأْتِـــيَ الأَمْـــرَ طـــائِعـــاً * * * وتَـجْـزَعَ إنْ داعِـي الـصَّـبـابَةِ أَسْـــمـــعـــا

قَفـا وَدِّعـا نَـجْـداً ومَـنْ حَـلَّ بـالـــحِـــمـــى * * * وقَـلَّ لَـنَــجْـــدٍ عِـــنْـــدَنـــا أَنْ يُوَدَّعـــا

ولـمَّـا رَأَيْتُ الـبِـشْـــرَ أَعْـــرَضَ دُونَـــنـــا * * * وجـالَـتْ بَـنـاتُ الـشَّـوْقِ يَحْـنِــنَّ نُـــزَّعـــا

تلـفـت نـحـو الـمـي حـتـى وجـــدتـــنـــي * * * وجـعـت مـن الإصـفـاء لـيتـــا وأخـــدعـــا

تَلَفَّتُّ عَيْنِيَ اليُمْنَى فلمَّا زَجَرْتُها * * * عن الجَهْلِ بَعْدَ الحِلْمِ أَسْبَلَتا مَعا

وأَذْكُرُ أيَّامَ الحِمَى ثُمّ أنْثَنِي * * * علـى كَـبِـدِي مِـن خَـشْـيَةٍ أَنْ تَـــصَـــدَّعـــا

فلَـيْسَـتْ عَـشِـيّاتُ الـحِــمَـــى بـــرَواجِـــعٍ * * * علـيكَ، ولـكـنْ خَـلِّ عَـيْنَــيْكَ تَـــدْمَـــعـــا

ولَـمْ أرَ مِـثْـلَ الـعـامِـرِيَّةِ قَـــبْـــلَـــهـــا * * * ولا بَـعْـدَهـا يومَ ارْتَـحَـلْـــنـــا مُـــوَدِّعـــا

تُرِيكَ غَـــداةَ الـــبَـــيْنِ مُـــقْـــلَةَ شـــادِنٍ * * * وجِـيدَ غَـزالٍ فـي الــقَـــلائِدِ أَتْـــلَـــعـــا

فلَـيْتَ جِـمـالَ الــحَـــيِّ يومَ تَـــرَحَّـــلُـــوا * * * بِذِي سَـلَـمٍ أَضْـحَـتْ مَـزاحِـيفَ ظُـــلَّـــعـــا

كأنَّـكَ بِـدْعٌ لَـمْ تَـرَ الـبَـيْنَ قَـــبْـــلَـــهـــا * * * ولَـمْ تَـكُ بـالأُلاَّفِ قَـبْــلُ مُـــفَـــجَّـــعـــا

وقال قَيْس بن الحُدادِيَة الخُزاعِيّ

بَكَتْ مِن حَدِيثٍ نَـمَّـهُ وأشـاعَـهُ * * * ولَفَّقَهُ واشٍ مِن الـقـوْمِ راضِـعُ

وقالتْ، وعَيْناها تَفِيضانِ بالـبُـكـا * * * مِن الوَجْدِ: خَبِّرْنِي مَتَى أنتَ راجِعُ

فقُلْتُ لَها: تالله يَدْرِي مُـسـافِـرٌ، * * * إذا أَضْمَرَتْهُ الأرْضُ، مالله صانِـعُ

فلا يَسْمَعْن سِرِّي وسِـرَّكِ ثـالِـثٌ * * * فكُلُّ حَدِيثٍ جاوَزَ الإِثْنَـيْنِ شـائِعُ

وكَيْفَ يَشيعُ السِّرَّ مِـنِّـي ودُوَنـهُ * * * حِجابٌ، ومِن دُونِ الحِجابِ الأضالِعُ

وقال محمد بن عَبْد الأزْدِي

وتُرْوَى لرجل من بَنِي كِلاب

ولمَّا قَضَيْنا غُصَّةً مِن حَـدِيثِـنـا * * * وقَدْ فاضَ مِن بَعْدِ الحَدِيثِ المَدامِعُ

جَرَى بَيْنَنا مِـنَّ رَسِـيسٌ يَزِيدُنـا * * * سَقاماً إذا ما اسْتَيْقَنَتْهُ المَسـامِـعُ

فهَلْ مِثْلُ أيّامٍ تَسَلَّفْنَ بالـحِـمَـى * * * عَوائِدُ أو غَيْثُ السِّتـارَيْنِ واقِـعُ

وإنَّ نَسِيمَ الرِّيح مِن مَدْرجِ الصِّبـا * * * لأَورابِ قَلْبٍ شَفَّهُ الحُبُّ نـافِـعُ

وقال كُثيّر بن أبي جُمْعَة الخُزاعِيّ

إذا قِيلَ: هذا بَـيْتُ عَـزَّةَ، قـادَنِـي * * * إليه الهَوَى واسْتَعْجَلَتْنِـي الـبـوادِرُ

عَجِبْتُ لصَوْنِي الوُدَّ في مُضْمَرِ الحَشا * * * لمَنْ هو فيما قد حَـلا لِـيَ واتِـرُ

ألا لَيْتَ حَظِّي مِـنْـكِ يا عَـزُّ أَنَّـهُ * * * إذا بِنْتِ باعَ الصَّبْرَ لِي عنكِ تاجِـرُ

وأنتِ التي حَبَّبْـتِ كُـلَّ قَـصِـيرةً * * * إليَّ، ولم تَشْعُرْ بذاكَ الـقَـصـائِرُ

عَنَيْتُ قَصِيراتِ الحِجـالِ، ولَـمْ اُرِدْ * * * قِصارَ الخُطا، شَرُّ النِّساءِ البَحـاتِـرُ

وقال آخر

يا صاحِبَيَّ فَدَتْ نَفْسِي نُفُوسَكُما * * * وحَيْثُما كُنْتُما لُقِّيتُـمـا رَشَـدا

إِن تَحْمِلا حاجَةً لِي خَفَّ مَحْمَلُها * * * تَسْتَوجِبا نِعْمَةً مِنِّي بِـهـا ويَدَا

أَنْ تَقْرَآنِ على أَسْماءَ وَيْحَكُمـا * * * مِنِّي السَّلامَ وأَنْ لا تُخْبِرا أَحَدا

وقال الفَرَزْدَق هَمّام

هل تَذْكُرِين إذِ الرِّكابُ مُناخَةٌ * * * بِرحالِها لِرَواحِ أَهْلِ المَوْسِمِ

إذْ نحنُ نَسْتَرِقُ الحَدِيثَ وفَوْقَنا * * * مِثْلُ الظَّلامِ مِن الغُبارِ الأَقْتَمِ

ونَظَلُّ نُظْهِرُ بالحَواجِبِ بَيْنَنـا * * * ما فِي النُّفُوسِ ونحنُ لَمْ نَتَكلَّمِ

وقال عُمَر بن أبِي رَبِيعَة المَخْزُومِيّ

أَشارَتْ بطَرْفِ العَيْنِ خِيفَةَ أَهْلِها * * * إشارَةَ مَذْعُورٍ ولَمْ تَـتَـكَـلَّـمِ

فأَيْقَنْتُ أنَّ الطَّرْفَ قد قال مَرْحَباً * * * وأهْلاً وسَهْلاً بالحَبِيبِ المُـتَـيَّمِ

وقال آخر

إذا ما الْتَقَيْنا، والوشُاةُ بمَجْلِـسٍ * * * فأَلْسُنُنا حَرْبٌ وأَعْيُنـا سِـلْـمُ

وتَحْتَ مَجارِي الصَّدْرِ مِنّا مَوَدَّةٌ * * * تَطَلَّعُ سِرّاً حيثُ لا يَذْهَبُ الوَهْمُ

وقال عَدِيّ بن الرِّقاع

وترى لنُصَيْب بن رَباح

ونَـبَّـهَ شَـوْقِـي، بَـعْـدَ مـا كــانَ نـــائِمـــاً، * * * هَتُـوفُ الـضُّـحَـى مَـشْـغُـوفَةٌ بـالـتَّـرَنُّـــمِ

بَكَتْ شَـجْـوَهـا تـحـتَ الـدُّجَـى فَـتَـسـاجَـمَـتْ * * * إلـيهـا غُـرُوبُ الـدَّمْـعِ مِـن كُـلِّ مَـسْـجَـــمِ

فَلوْ قَبْلَ مَبْكاها بَكَيْتُ صَبابَةً * * * بسُعْدَى شَفَيْتُ النَّفْسَ قَبْلَ التَّنَدُّمِ

ولكنْ بَكَتْ قَبْلِي، فهَيَّجَ لِي البُكا * * * بُكـاهـا، فـقـلـتُ: الـفَـضْـلُ لـلـمُـتَـقَـــدِّمِ

وقال زِياد الأَعْجَم

تَغَنَّىْ، أنتِ في ذِمَمِي وعَهْدِي * * * وذِمَّةِ والِدِي أنْ لَنْ تُضارِي

وبَيْتُكِ فاصْلِحِيهِ ولا تَخافِـي * * * على زُغْبٍ مُصَعَّرَةٍ صِغارٍ

فإنَّكِ كُلَّما غَنَّـيْتِ صَـوْتـاً * * * ذَكَرْتُ أَحِبَّتِي وذَكَرْتُ دارِي

وإمّا يَقْتُلُوكِ طَلَـبْـتُ ثـأْراً * * * له نَبَأٌ لأنَّكِ فـي جِـوارِي

وقال طارِق بن نابِي

فيها أبياتٌ تروى لابن الدُّمَينَة وهي، وما وَجْدُ أعْرابية، وطارِق كان في زمن الرَّشِيد.

ألا قـاتَـلَ الـــلـــه الـــحَـــمـــامَة غُـــدْوةً * * * علـى الـغُـصْـنِ مـاذا هَـيَّجَـتْ حـينَ غَـــنَّـــتِ

تَغَـنَّـتْ بـصَـوْتٍ أَعْـجَـــمِـــيٍّ، وهَـــيَّجَـــتْ * * * جَوايَ الـذي كـانـتْ ضُـلُـــوعِـــي أَجَـــنَّـــتِ

فيا مُـنْـشِـرَ الـمَـوْتَـى أَعِـنِّـي عـلـى الـــتـــي * * * بِهـا نَـهَـلَـتْ نَـفْـسِـي سَـقـامـــاً وعَـــلَّـــتِ

لقَدْ بَخِلَتْ حتَّى لَوَ أنَّي سأَلْتُها * * * قَذَى العَيْنِ مِن سافِي التُّرابِ لَضَنَّتِ

حَلَفْتُ لَها بالله ما أُمُّ واحِدٍ * * * إذا ذَكَـرَتْـــهُ آخِـــرَ الـــلَّـــيْلِ حَـــنَّـــتِ

ومـا وَجْـدُ أَعْــرابِـــيَّةٍ قَـــذَفَـــتْ بِـــهـــا * * * صُرُوفُ الـنَّـوَى مِـنْ حَـيُْ لـمْ تـــكُ ظَـــنَّـــتِ

تَمَـنَّـــتْ أَحـــالِـــيبَ الـــرِّعـــاءِ وخَـــيْمَةً * * * بنَـجْـدٍ فـلـم يُقْـدَرْ لَـهـا مـــا تَـــمَـــنَّـــتِ

إذا ذَكَـرَتْ مــاءَ الـــعِـــضـــاهِ وطِـــيبَـــهُ * * * وبَـرْدَ الـحَـصَـى مِـن بَـطْـنِ خَــبْـــتٍ أرَنَّـــتِ

بأَعْـظَـمَ مِــنِّـــي لَـــوْعَةً غَـــيْرَ أَنَّـــنِـــي * * * أُجَـمْـجِـمُ أَحْـشـائِي عـلــى مـــا أُجَـــنَّـــتِ

وكـانَـتْ رِياحٌ تَـحْـمِـلُ الـحـــاجَ بَـــيْنَـــنـــا * * * فقَـدْ بَـخِـلَـتْ تِـلـــكَ الـــرِّياحُ وضَـــنَّـــتِ

وقال آخر

أحَقَّاً يا حَمامَةَ بَطْـنِ وَجٍّ * * * بِهذا النَّوْحِ أَنَّكِ تَصْدُقِينـا

فإنِّي مِثْلُ ما تَجِدِينَ وَجْدِي * * * ولكنِّي أُسِرُّ وتُعْلِـنِـينـا

غَلَبْتُك بالبُكاءِ بأَنَّ لَـيْلِـي * * * أُواصِلُهُ وأَنَّكِ تَهْجَعِينـا

وأَنَّى أَشْتَكِي فأَقُولُ حَقَّـاً * * * وأَنَّكِ تشْتَكِينَ فَتَكْذِبِـينـا

وقال عبد الله بن الدُّمَيْنَة

ألَيْسَ عَظِيماً أَنْ نكُونَ بِـبَـلْـدَةٍ * * * كِلانا بِها ثـاوٍ ولا نَـتَـكَـلَّـمُ

أَمِنَّا أناساً في الـمَـوَدَّةِ بَـيْنَـنـا * * * فَزادُوا علَيْنا في الحَدِيثِ وأَوْهَمُوا

وقالوا لَنا ما لَمْ يُقَلْ، ثُم أَكْـثَـرُوا * * * عَلَيْنا، وباحُوا بالذي كنتُ أَكْـتُـمُ

وقَدْ مُنِحَتْ عَيْنِي القَذَى لِفِراقِكُـمْ * * * وعادَ لَها تَهْتانُها فَهْيَ تَـسْـجُـمُ

مُنَعَّمَةٌ لو دَبَّ ذَرٌّ بـجِـلْـدِهـا * * * لكَانَ دَبِيبُ النَّمْلِ بالجِلْـدِ يَكْـلِـمُ

وقال إبراهيم بن هَرْمَة القُرَشِيّ

تقُـولُ، والـعِـيسُ قـد شُـدُّتْ بــأَرْحُـــلِـــنـــا: * * * أَلْـحَـقَّ أنَّـكَ مِـنّـا الـيومَ مُـــنْـــطَـــلِـــقُ

قلـتُ: نَـعَـمْ فـاكْـظِـمِـي، قـالَـتْ: ومـا جَـلَـــدِي * * * ومـا أَظُـنُّ اجْـتِـمـاعـاً حــينَ نَـــفْـــتَـــرِقُ

فارَقْـتُـهـا لا فُـــؤِادِي مِـــن تَـــذَكُّـــرِهـــا * * * سالِـي الـهُـمُـومِ، ولا حَـبْـلِـي لـهـا خَـــلَـــقُ

فاضَـتْ عـلـي إِثْـرِهِـمْ عَـيْنـاكَ أَدْمُـــعُـــهـــا * * * كمـا تَـتـابَـعَ يَجْـرِي الـلُّـؤْلُـؤُ الـــنَّـــســـقُ

فاسْتَبِق عَيْنَكَ لا يُودِي البُكاءُ بِها * * * واكْفُفْ مَدامِعَ مِن عَيْنَيْكَ تَسْتَبِقُ

ليس الشُّؤُونُ، وإنْ جادَتْ بِباقِيَةٍ * * * ولا الـجُـفُـونُ عـلـــى هـــذا ولا الـــحَـــدَقُ

وقال آخر، ليَزِيد

أقولُ لعَيْنِي حينَ جادَتْ بِمائِهـا * * * وإنْسانُها في لُجَّةِ الماءِ يَغْـرَقُ

خُذِي بنَصِيبٍ مِن مَحاسِنِ وَجْهِها * * * دَعِي الدَّمْعَ لليومِ الذي نَتَفـرَّقُ

وقال عَمْرو بن شَأْس

إذا نـحـنُ أَدْلَـجْـنـا وأنْــتِ أَمـــامَـــنـــا * * * كَفَـى لِـمَــطـــايانـــا بِـــرُؤْياك هـــادِيا

أَلَـــيْسَ يَزِيدُ الـــعِـــيسَ خِــــــفَّةَ أَذْرُعٍ، * * * وإنْ كُـنَّ حَـسْـرَى، أَنْ تـكُـونِـي أمـــامِـــيا

ذَكَرْتُكِ بالدَّيْرَيْنِ يَوْماً فأَشْرَفَتْ * * * بَناتُ الهَوى حتَّى بَلَغْنَ التَّراقِيا

أَعُدُّ اللَّيالِي لَيْلَةً بَعْدَ ليلةٍ * * * وقَـدْ عِـشْـتُ دَهْـراً لا أَعُـدُّ الـــلَّـــيالـــيا

إذا مـا طَــواكِ الـــدَّهْـــرُ يا أُمَّ مـــالِـــكِ * * * فشَـأْنُ الـمَـنـايا الـقـاضِـــياتِ وشـــانِـــيا

فَمـا مَـسَّ جِـلْـدِي الأَرْضَ إلاّ ذَكَــرْتُـــهـــا * * * وإلاّ وَجَـدْتُ طِـيبَــهـــا فـــي ثِـــيابِـــيا

وقال الوَليد بن يَزِيد الأموِيّ

لا أَسَأَلُ الله تَغْيِيراً لِما صَنَـعَـتْ * * * نامَتْ، وإنْ سَهِرَتْ عَيْنايَ، عَيْناها

فاللَّيْلُ أَطْوَلُ شَيءٍ حينَ أَفْقِـدُهـا * * * والليلُ أَقْصُرُ شيءٍ حينَ أَلْقاهـا

وقال يَزِيد بن عَبْد المَلك

لما وَقَف على قَبْر حَبابة

وكُـلُّ خَـلِـــيلٍ راءَنِـــي فـــهْـــوَ قـــائِلٌ: * * * مِن أجْـلِــكِ هـــذا هـــامَةُ الـــيومِ أو غَـــدِ

فإن تَسْلُ عنكِ النَّفْسُ أو تَدَعِ الصِّبَا * * * فبِالْيَأْسِ تَسْلُو عنكِ لا بالتَّجَلُّدِ

وقال آخر

أَيا رَبٍّ إنَّ المالِكِـيَّةَ حـاجَـتِـي * * * وأَنْتَ على أَنْ تَجْمَعَ الشَّمْلَ قـادِرُ

ولَمْ أَرَها إلاَّ بـنَـعْـمـانَ مَـرَّةً * * * وقَدْ عُطِّرَتْ مِنْها البُرَى والضَّفائِرُ

يقُولُونَ لي زُرْ حاجِراً واقْضِ حَقَّها * * * وإنْ لَمْ تَزُرْها قِـيلَ إنَّـكَ غـادِرُ

وما حاجِرٌ إلاَّ بلَيْلَـى وأَهْـلِـهـا * * * إذا لَمْ تَكُنْ لَيْلَى فلا كانَ حـاجِـرُ

وقال عبد الله بن الدُّمَيْنَة

أَلا يا حَمامات اللِّوَى عُدْنَ عَوْدَةً * * * فإنِّي إلى أَصْواتِـكُـنَّ حَـزِينُ

فعُدْنَ، فَلَمّا عُدْنَ كِدْنَ يُمِتْنَنِـي، * * * وكِدْتُ بأَسْرارِي لَـهُـنَّ أُبِـينُ

وعُدْنَ بَقْرقارِ الهَدِيرِ كـأَنَّـمـا * * * شَرِبْنَ حُمَيَّاً أو بِهِـنَّ جُـنـونُ

فَلَمْ تَرَ عَيْنِي قَبْلَهُنَّ حَـمـائِمـاً * * * بَكَيْنَ ولَمْ تَدْمَعْ لـهُـنَّ عُـيُونُ

وإنِّي لأَهْوَى النَّوْمَ مِن غَيْرَ نَعْسَةٍ * * * لَعَلَّ لِقاءً في المَـنـامِ يكُـونُ

تُحَدِّثُنِي الأَحْـلامُ أَنِّـي أَراكُـمُ * * * فيا لَيْتَ أَحْلامَ المَـنـامِ يَقِـينُ

شَهِدْتُ بأَنِّي لم أَحُلْ عن مَـوَدَّةٍ * * * وأنِّي بكُمْ لو تَعْلَمِـينَ ضَـنِـينُ

وأنَّ فُؤادِي لا يَلِينُ إلـى هَـوىً * * * سِواكِ، وإنْ قالُوا: بَلَى سَيَلِـينُ

وقال أيضاً

وإذا عَتِبْتِ عليَّ بِتُّ كأَنَّنِي * * * باللَّيْلِ مُخْتَلَسُ الرُّقادِ سَلِيمُ

ولَقَدْ أَرَدْتُ الصَّبْر عَنْكِ فَعاقَنِي * * * عَلَقٌ بقَلْبِي مِن هَـواكِ قَـدِيمُ

يَبْقَى على حَدَثِ الزَّمانِ ورَيْبِهِ * * * وعلى جَفائِكِ، إنَّـه لَـكَـرِيمُ

وقالت وَجِيهَة بنت أَوْس الضَّبِّيَّة

وعاذِلَةٍ هَبَّتْ بلَيْلٍ تَلُومُنِي * * * على الشَّوْقِ، لَمْ تَمْحُ الصَّبابَةَ مِن قَلْبِي

فما لِيَ إِنْ أَحْبَبْتُ أَرْضَ عَشِيرَتِي * * * وأَبْغَضْتُ طَرْفاءَ القُصَيْبَةِ مِن ذَنْبِ

فَلَوْ أَنَّ رِيحاً بَلَّغَتْ وَحْيَ مُرْسِل ٍ * * * حَفِيٍّ لناجَيْتُ الجَنُوبَ على النَّقَبِ

وقلتُ لها: أَدِّي إِليهمْ تَحِيَّتِي * * * ولا تَـخْـلِـطِـيهـا، طـالَ سَـعْـدُكِ، بـالــتُّـــرْبِ

فإِنِّـي إذا هَـبَّـتْ شَـمــالاً ســـأَلْـــتُـــهـــا * * * هلِ ازْدادَ صَـدَّاحُ الـنُّــمَـــيْرَةِ مـــن قُـــرْبِ

وقال عُرْوة بن أُذَيْنَة القُرَشِيّ

إنَّ التي زَعَمَتْ فُؤَادَكَ مَـلَّـهـا * * * خُلِقَتْ هَواكَ كما خُلِقْتَ هَوىً لَها

فبِكَ الذي زَعَمَتْ بِها، وكلاكُمـا * * * أَبْدَى لصاحِبِهِ الصَّبابَةَ كُـلَّـهـا

بَيْضاءُ، باكَرَها النَّعِيمُ فصاغَـهـا * * * بلَباقَةٍ، فـأَدَقَّـهـا وأَجَـلَّـهـا

لمَّا عَرَضْتُ مُسَلِّماً فـي حـاجَةٍ * * * أَرْجُو مَعُونَتَها وأَخْشَـى ذُلَّـهـا

حَجَبَتْ تَحِيَّتَها، فقلتُ لِصاحِبِـي: * * * ما كانَ أَكْثَرَها لنـا وأَقَـلَّـهـا

وإذا وَجَدْتُ لَها وَساوِسَ سَـلْـوَةٍ * * * شَفَعَ الضَّمِيرُ إلى الفُؤادِ فَسَلَّهـا

ويَبِيتُ بَيْنَ جَوانِحِي حُـبٌّ لَـهـا * * * لو كانَ تَحْتَ فِراشِها لأَقَـلِّـهـا

ولَعَمْرُها لون كان حُبُّكَ فَوْقَهـا، * * * يوماً وقَدْ ضَحِيَتْ، إِذَنْ لأَظَلَّهـا

وقال أبو الشِّيص الخُزاعِيّ

وَقَفَ الهَوَى بِي حيثُ أَنْتِ، فلَيْسَ لي * * * مُتَـأَخَّـرٌ عَـنْـهُ ولا مُـتَـقَـدَّمُ

أَجِدُ المَـلامَةَ فـي هَـواكِ لَـذِيذَةً * * * حُبَّاً لذِكْرِكِ، فلْيَلُـمْـنِـي الـلَّـوَّمُ

أَشْبَهْتِ أَعْدائِي فَصِرْتُ أُحِـبُّـهُـمْ * * * إذْ كانَ حَظِّي منكِ حَظِّيَ مِنْـهُـمُ

وأَهَنْتِنِي، فأَهَنْتُ نَفْسِـيَ صـاغِـراً * * * ما مَنْ يَهُونَ عليكِ مِـمَّـنْ يُكْـرَمُ

وقال حُمَيْد بن ثَوْر الهِلالِيّ

ومـا هــاجَ هـــذا الـــشَّـــوْقَ إلاَّ حَـــمـــامَةٌ * * * دَعَـتْ سـاقَ حُـرٍّ فـي حَــمـــامٍ تَـــرَنَّـــمـــا

مِن الوُرْقِ، حَمَّاءُ العِلاطَيْنِ باكَرَتْ * * * عَسِيبَ أَشاءٍ مَطْلِعَ الشَّمْسِ أَسْحَما

إذا زّعْزَعَتْهُ الرِّيحُ أَو لَعِبَتْ بِهِ * * * أَرَنَّـــتْ عـــلـــيه مـــائِلاً ومُـــقَـــوَّمـــا

إذا شِـئْتُ غَـنَّـــتْـــنِـــي بـــأَجْـــزاعٍ بِـــيشَةٍ * * * أَو الـنَّـخْـلِ مِـن تَـثْـلِـيثَ أو مِـن يَبْـنـــبُـــمـــا

تُنـادِي حَـمـامَ الـجَـلْــهَـــتَـــيْنِ وتَـــرْعَـــوِي * * * إلـى ابـنِ ثَـلاثٍ بَــيْنَ عُـــودَيْنِ أَعْـــجَـــمـــا

كَأَنَّ عــلـــى أَشْـــداقِـــهِ نَـــوْرَ حَـــنـــوَةٍ * * * إذا هـو مَـدَّ الـجِـيدَ مِـنْـــه لِـــيَطْـــعَـــمـــا

مُحَـلاَّةُ طَــوْقٍ لَـــمْ يكُـــنْ عـــن جَـــعِـــيلَةٍ * * * ولا ضَـرْبِ صَــوَّاغٍ بـــكَـــفَّـــيْهِ دِرْهَـــمـــا

فمَّـا اكْـتَـسَـى الـرِّيشَ الـسُّـخـامَ ولَـــمْ تَـــجِـــدْ * * * له مَـعَـهـا فـي سـاحَةِ الـعُـشِّ مَــجْـــثِـــمـــا

أُتِـيح لـهـا صَــقْـــرٌ مُـــسِـــفٌّ فـــلـــم يَدَعْ * * * بمَـوْضِـعِـــه إِلاَّ رِمـــامـــاً وأَعْـــظُـــمـــا

تَغَـنَّـتْ عـلـى غُـصْـنٍ عِـشـاءً، فَـــلَـــمْ تَـــدَعْ * * * لِنـائِحَةٍ فـي نَــوْحِـــهـــا مُـــتَـــلَـــوَّمـــا

عَجـبْـتُ لَـهــا أَنَّـــى يكـــونُ غِـــنـــاؤُهـــا * * * فَصِـيحـاً، ولَـمْ تَـفْـغَـرْ بـمَـنْـطِـقِـهـا فَـــمـــا

فَلـمْ أَرَ مِـثْـلِـي شـاقَـهُ صَـوْتُ مِـــثْـــلِـــهـــا * * * ولا عَـرَبِـياً شــاقَـــهُ صَـــوْتُ أَعْـــجَـــمـــا

وأَسْـمـاءُ مـــا أَسْـــمـــاءُ لَـــيْلَةَ أَدْلَـــجَـــتْ * * * إِلــيَّ، وأَصْـــحـــابِـــي بِـــأَيَّ وأَيْنَـــمـــا

مُنَعَّمَةٌ، لو يُصْبِحُ الذَرُّ سـارِياً * * * على جِلْدِها بَضَّتْ مَدارِجُهُ دَما

أَرَى بَصَرِي قد خانَنِي بَعْدَ حِدَّةٍ * * * وحَسْبُكَ داءً أَنْ تَصِحَّ وتَسْلَمـا

وقال محمد بن يَزِيدَ الأمويّ

أَشاقَكَ بَرْقٌ أَمْ شَجَتْـكَ حَـمـامَةٌ * * * لَها فَوْقَ أَغْصـانِ الأراكِ لـنـئِيمُ

أضافَ إِليها الهَـمَّ فِـقْـدانُ آلِـفٍ * * * ولَيْلٌ يَسُدُّ الـخـافِـقَـيْنِ بَـهِـيمُ

أَنافَتْ على ساقٍ بلَيْلٍ فَـرَجَّـعَـتْ * * * وللوَجْدِ مِنْها مُـقْـعِـدٌ ومُـقِـيمُ

تَمِيدُ إذا ما الغُصْنُ مادَتْ مُتُـونُـهُ * * * كما مادَ مـن رَيِّ الـمُـدامِ نَـدِيمُ

فباتَتْ تُنـادِيهِ، وأَنَّـى يُجِـيبُـهـا * * * مَنُوطٌ بأَطْرافِ الرِّمـاحِ سَـهِـيمُ

أُتِيحَ له رامٍ بـصَـفْـراءِ نَـبْـعَةٍ * * * على عَجْسِها ماضِي الشَّباهِ صَمِيمُ

رَماهُ فأَصْماهُ، فطارَتْ ولَمْ يَطِـرْ، * * * فظَلَّ لهـا ظِـلٍّ عَـلَـيْهِ يَحُـومُ

فراحَتْ بِهَمٍّ لو تَضَمَّـنَ مِـثْـلَـهُ * * * حَشَى آدَمِـيٍّ راحَ وهْـوَ رَمِـيمُ

وظَلَّتْ بأَجْزاعِ الغَدِيرِ نَـهـارَهـا * * * مُوَلَّـهَةً كُـلَّ الـمَـرامِ تَــرُومُ

وللبَرْقِ إيماضٌ، وللدَّمْـعِ واكِـفٌ، * * * وللرِّيحِ مِن نَحْوِ العِـراقِ نَـسِـيمُ

فطَوْراً أَشِيمُ البَرْقَ أَيْنَ مَصـابُـهُ * * * وطَوْراً إلى إعْوالِ تـلـكَ أَهِـيمُ

فمِنْ دُونَ ذا يَشْتاقُ مَن كان ذا هوىً * * * ويَعْزُبُ عنه الحِلْمُ وهْـوَ حَـلِـيمُ

وقال بَخْتَرِيّ بن عُذافِر الجُرَشِيّ

أَأَنْ هَتَفَتْ يَوْمـاً بـوادٍ حَـمـامةٌ * * * بَكَيْتَ، ولَمْ يَعْذِرْكَ بالجَهْلِ عـاذِرُ

دَعَتْ ساقَ حُرٍّ بَعد ما عَلَتِ الضُّحَى * * * فهاجَ لكَ الأحْزانَ أَنْ ناح طـائِرُ

تُغَنِّي الضُّحَى والصُّبْحَ في مُرْجَحِنَّةٍ * * * كثافِ الأعالِي تَحْتَها المـاءُ حـائِرُ

كَأَنْ لَمْ يكُنْ بالغَيْلِ أَو بَطْنِ وَجْـرةٍ * * * أو الجِزْعِ من أَهْلِ الأشاءَةِ حاضِرُ

وإِنِّي وإِنْ غالَ التَّقادُمُ حـاجَـتِـي * * * مُلِمٍّ على أَوْطانِ لَيْلَى فـنـاظِـرُ

وقال رَزِين بن عليّ الخُزاعِيِّ

أخو دِعْبِل

فوا حَسْرَتا لَمْ أقْضِ منكُـمْ لُـبـانَةً * * * ولَمْ أَتَمَتَّعْ بالجِـوارِ وبـالـقُـرْبِ

يقولونَ: هذا آخِرُ العَهْـدِ مـنـكـمُ * * * فقلتُ: هذا آخِرُ العَهْدِ مِن قَلْـبِـي

أَلا يا حَمامَ الشِّعْبِ شِعْبِ مُـرَيْفِـقٍ * * * سَقَتْكَ الغَوادِي مِن حَمامٍ ومِن شِعْبِ

وقال قَيْس بن المُلَوِّح

وتروى لنُصَيْب

لقَدْ هَتَفَتْ في جُنْحِ لَيْلٍ حَمـامَةٌ * * * على فَنَنٍ غَضٍّ، وإنِّي لَـنـائِمُ

فقلتُ اعْتِذاراً عندَ ذاكَ، وإنَّنِـي * * * لنَفْسِيَ مِمّـا قـد رأَيْتُ لَـلائِمُ

أَأَزْعُمُ أَنِّي عاشِقٌ ذُو صَـبـابَةٍ * * * بسُعْدَى، ولا أَبْكِي وتَبْكِي البَهائِمُ

كَذَبْتُ، وبَيْتِ الله، لو كُنْتُ عاشِقاً * * * لما سَبَقَتْنِ بالبُكاءِ الـحَـمـائِمُ

وقال شَقِيق بن سُلَيْك

الغاضِرِيّ مِن بني أَسَد

لقَدْ هَيَّجَتْ مِـنِّـي حَـمـامَةُ أَيْكَةٍ * * * مِن الوَجْدِ وَجْداً كنتُ أَكْتُمُهُ وَحْدِي

تُنادِي هَدِيلاً فوقَ أَخْضَـرَ نـاعِـمٍ * * * غَذاهُ رَبِيعٌ باكِرٌ في ثَرىً جَـعْـدِ

فقلتُ: هَلُمِّي نَبْكِ مِن ذِكْرِ ما خَـلا * * * ونُظْهِرُ مِنْه ما نُسِرُّ وما نُـبْـدِي

فإن تُسْعِدِينِي تَجرِ عَبْرَتُنـا مـعـاً * * * وإلاّ فإِنِّي سوفَ أَسْفَحُهـا وَحْـدِي

فإنَّ رِداءَ الحُبِّ مُرْدٍ، فأَقْـبِـلِـي * * * على ذاكَ مِنِّي يا اُمامَةُ أوْ صُـدِّي

وإنِّـــيَ لا أَنْـــفَـــكُّ مِـــن غَـــــيْرِ رِيبَةٍ * * * أهِـمُ بـكُـمْ حـتَّـى أُوَسَّــدَ فـــي لَـــحْـــدِي

وإنِّـــيَ لا أَنْـــفَـــكُّ أَتْـــبَـــعُ قـــــائِدِ * * * إلـيكِ، فـارْخِـي مِــن وَثـــاقِـــيَ أو شُـــدِّي

وقـلـتُ لِـواشٍ جَــدَّ فـــيكِ يَلُـــومُـــنِـــي * * * تَنَـكَّـبْ،فـلا غَـــيّيٍ عـــلـــيكَ ولا رُشْـــدِي

ألاَ أَيُّها الرَّكْبُ المُكِلُّونَ هل لكُمْ * * * بأُخْتِ بَنِي نَهْدٍ أُمامَةَ مِنْ عَهْدِ

أَأَلْقَتْ عَصاها واسْتَقَرَّتْ بِها النَّوى * * * بأَرْضِ بني قابُوسَ أَمْ ظَعَنَتْ بَعْدِي

سَقاها مِن الوَسْمِيٍّ كُلُّ مُجَلْجِلٍ * * * سَكُـوبِ الـعَـزالَـي صـادِقِ الـبَـرْقِ والــرَّعْـــدِ

وقال أبو كَبِير الهُذَلِيّ

أَلا يا حَمامَ الأيْكِ إِلْفُكَ حاضِـرٌ * * * وغُصْنُكَ مَيَّادٌ فَـفِـيمَ تَـنُـوحُ

أَفِقْ، لا تَنُحْ في غَيْرِ شَيْءٍ فإِنَّنِي * * * بَكَيْتُ زَماناً، والفُؤادُ صَـحِـيحُ

وَلُوعاً فشَطَّتْ غرْبَةً دارُ زَيْنَبٍ * * * فَها أنا أَبْكِي والـفُـؤادُ قَـرِيحُ

وقال عَوْف بن مُحَلِّم السَّعْدِيّ

أَفِـي كُـلِّ يَوْمٍ غُـرْبَةٌ ونُـزُوحُ * * * أَما للنَّـوَى مِـنْ وَنْـيَةٍ فـتُـرِيحُ

لَقَدْ طَلَّحَ البَيْنُ المُشِـتُّ رَكـائِبِـي * * * فهَلْ أَرَيَنَّ البَـيْنَ وهْـوَ طَـلِـيحُ

وأَرَّقَنِي بالرَّيِّ صَـوْتُ حَـمـامَةٍ * * * فنُحْتُ، وذُو الشَّجْوِ الغَرِيبُ يَنُـوحُ

على أَنَّها ناحَتْ ولَمْ تُـذْرِ عَـبْـرَةً * * * ونُحْتُ وأَسْرابُ الدُّمُوعِ سُـفُـوحُ

وناحَتْ وفَرْخاها بحيثُ تَراهُـمـا * * * ومنْ دُونِ أَفْراخِي مَهامِـهُ فِـيحُ

عَسَى جُودُ عبدِ الله أنْ يَعْكِسَ النَّوَى * * * فتُضْحِي عَصا التَّسْيارِ وهْيَ طَرِيحُ

وقال عبد الله بن الدُّمَيْنَة

ذَكَـرْتُـكِ والـنَّـــجْـــمُ الـــيَمـــانِـــي كـــأَنَّـــهُ * * * وقَـدْ عـارَضَ الـــشَّـــعْـــرَي قَـــرِيعُ هِـــجـــانِ

فقـلـــتُ لأَصْـــحـــابِـــي، ولاحَـــتْ غَـــمـــامةٌ * * * بنَـــجْـــدٍ: ألا لـــلــــه مـــــــا تَـــــــرَيانِ

فَقـــالا: نَـــرَى بَـــرْقـــاً تَـــقَـــطَّـــعُ دُونَـــهُ * * * مِن الـــطَّـــرْفِ أَبْـــصـــارٌ لـــهُـــنَّ رَوانِــــي

أَفِـــي كُـــلِّ يومٍ أنــــتَ رامٍ بِـــــــلادَهـــــــا * * * بِعَــيْنَـــيْنِ إنْـــســـانـــاهُـــمـــا غَـــرِقـــانِ

فعَـيْنَـــيَّ، يا عَـــيْنَـــيَّ حَـــتَّـــامَ أنـــتُـــمـــا * * * بهِـجْـرانٍ أُمِّ الـغَـــمْـــرِ تَـــخْـــتَـــلِـــجـــانِ

أمـــا أنـــتُـــمـــا إلاّ عـــلـــيّ طَـــلِـــــيعَةٌ * * * علـى قُـــرْب أعـــدائِي وبُـــعْـــدِ مَـــكـــانـــي

إذا اغْـرَورَقَـتْ عَـيْنـايَ قـالَــتْ صَـــحـــابَـــتِـــي: * * * إلـــى كَـــمْ تُـــرَى عَـــيْنـــاكَ تَـــبْـــتَـــدِرانِ

عَذَرْتُـكِ يا عَـيْنِـي الـصَّـــحِـــيحَةِ بـــالـــبُـــكـــا * * * فمـــا لَـــكِ يا عَـــوْراءُ والـــهَـــــمَـــــــلانِ

أَلا فـاحْـمِـلانِــي بـــارَكَ الـــلـــه فِـــيكُـــمـــا، * * * إلـــى حـــاضِـــرِي الـــمـــاءِ الـــذي تَــــرِدانِ

فإنَّ عـــلـــى الـــمـــاءِ الـــذي تَـــرِدانِــــــهِ * * * غَرِيمـــاً لَـــوانِـــي الـــدَّيْنَ مـــنـــذُ زَمـــــانِ

لَطِـيفُ الـحَـشـا، عَـذْبُ الـلَّـمَـى طَـــيِّبُ الـــنَّـــثـــا * * * له عِـــلَـــلٌ مـــا تَـــنْـــقَـــضِـــــــي لأَوانِ

وقالت أُمُّ المُثَلَّم الهُذَلِيَّة، وتروى لكَرِيمَة بنت أَسَد، وتروى للصِّمَة القُشَيْرِي

وحَنَّتْ قَلُوصِي بَعْدَ هَدْءٍ صَبابَةً * * * فيا رَوْعَةً مـا راعَ قَـــلْـــبِـــي حَـــنِـــينُـــهـــا

حَنَـتْ فـي عِـقـالَـيْهـــا، وشَـــبَّ لـــعَـــيْنـــهـــا * * * سَنـا بـارِقٍ يَسْــرِي، فـــجُـــنَّ جُـــنُـــونُـــهـــا

فَقُـلْــتُ لـــهـــا: صَـــبْـــراً فـــكُـــلُّ قَـــرِينَةً * * * مُفـــارِقُـــهـــا لا بُـــدَّ يومـــاً قَـــرِينـــهــــا

فمـا بَـرِحَـتْ حـتَّـى ارْعَـوَيْنـــا لِـــصَـــوْتِـــهـــا * * * وحـتَّـى انْـبَـرَى مِـنّـــا مُـــعِـــينٌ يُعِـــينُـــهـــا

فقـلــتُ لـــهـــا: حِـــنِّـــي رُوَيْداً فـــإنَّـــنِـــي * * * وإيَّاكِ نُـــبْـــدِي عَـــوْلَةً ســـنُـــبِـــينُـــهــــا

وقالت سالِمَة الكَلْبِيّة

ألاَ لا تَلُومانِي على الشَّوْقِ، وانْظُرا * * * إلى العُجْمِ يُبْدِينَ الصَّبابَةَ مِن قَبْلِي

لقَدْ هاجَ لِي شَوْقاً وغالَ صَـبـابَةً * * * حَنِينُ قَلُوصِي حيثُ حَنَّتْ بذي الأَثْلِ

وقال الشَّماخ بن ضِرار

ماذا يَهِيجُكَ مِن ذِكْرِ ابنَةِ الرَّاقِـي * * * إذْ لا تَزالُ على هَوْلٍ وإشْفـاقٍ

قامَتْ تُرِيكَ أَثِيثَ النَّبْتِ مُنْـسَـدِلاً * * * مِثْلَ الأَساوِدِ قد مُسِّحْنَ بالـفـاقِ

حَرْفٌ صَمُوتُ السُّرَى إلاَّ تَلَفُّتَهـا * * * باللَّيْلِ في خَرَسٍ مِنْها وإطْـراقِ

حَنَّتْ على سِكَّةِ السَّارِي فجاوَبَهـا * * * صَلِيبَةٌ مِن حَمـامٍ ذاتِ أَطْـواقِ

كادَتْ تُساقِطُنِي والرَّحْلَ أنْ نَطَقَتْ * * * حَمامَةٌ فدَعَتْ ساقاً علـى سـاقِ

وقال إبراهيم بن العَبّاس الصُّولِيّ

ظَلَّتْ تُشَوِّقُني برَجْعِ حَنِـينِـهـا * * * وأَزِيدُها شَوْقاً برَجْعِ حَنِـينِـي

نِضْوَيْنِ مُغْتَرِبَيْنِ بَيْنَ مَـهـامِـهِ * * * طَوَيا الضُّلُوعَ على هَوىً مَكْنُونِ

لو سُوئِلَتْ عنّا القَلُوصُ لأخْبَرَتْ * * * عن مُسْتَقَرٍّ صَبابَةِ المَـحْـزُونِ

وقال مالِك بن عَمْرو الهُذْلِيّ

فإمّا تُعْرِضِنَّ أُمَـيْمَ عَـنِّـي * * * ويَنْزِعْكِ الوُشاةُ أُلُو السِّـياطِ

فحُورٍ قد لَهَوْتُ بهِـنَّ عِـنٍ * * * نَواعِمَ في البُرُودِ وفي الرِّياطِ

أَبِيتُ على مَعارِيَ فاخِـراتٍ * * * بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كدَمِ الـعِـبـاطِ

يُقالُ لهُنَّ مِن كَرَمٍ وحُـسْـنٍ * * * ظِباءُ تَبالَةَ الأُدْمُ العَـواطِـي

وقال آخر

أَتَرْحَلُ عن حَبِيبِكَ ثم تَبْكِـي * * * عليهِ فما دَعاكَ إلى الفِراقِ

كأَنَّكَ لَمْ تَذُقْ للبَيْنِ طَعْـمـاً * * * فتَعْلَمَ أَنَّهُ مُـرُّ الـمَـذاق

وقال عمر بن أبي ربيعة القرشي

أيها المنكع الثريا سهيلاً * * * هي شامية إذا ما استقلت