حنين إلى الأوطان ليس يزول

حنينٌ إِلى الأوطانِ ليس يزولُ

​حنينٌ إِلى الأوطانِ ليس يزولُ​ المؤلف ابن عنين


حنينٌ إِلى الأوطانِ ليس يزولُ
وقلبٌ عن الأشواقِ ليسَ يحولُ
أبيتُ وأسرابِ النجومُ كأنها
قُفولٌ تَهادى إِثرَهنَّ قُفولُ
أراقبها في الليلِ من كل مطلعٍ
كأني برعي السائراتِ كفيلُ
فيا لكَ من ليلٍ نأى عن صحبهِ
فليس له فجرٌ إِليه يَؤول
أما لعُقودِ النجمِ فيه تصرُّمٌ
أما لخضابِ الليلِ فيه نُصولُ
كأنَّ الثريَّا غرةٌ وهو أدهمٌ
له من وميض الشِّعَريين حُجولُ
ألا ليتَ شعري هل أبيتنَّ ليلةً
وظِلُّكِ يا مَقْرى عليَّ ظليلُ
وهل أريني بعدما شطتْ النوى
ولي في رُبى روضٍ هناك مَقيلُ
دمشقُ فبي شوقٌ إليها مبرّحٌ
وإِنْ لجَّ واشٍ أو ألحَّ عذولُ
ديارٌ بها الحصباءُ درٌ وتُربها
عَبِيرٌ وأنفاسُ الشمالِ شَمولُ
تسلسلَ فيها ماؤها وهو مطلقٌ
وصحَّ نسيمُ الرَّوضِ وهو عليلُ
فيا حبذا الروضُ الذي دونَ عزَّتا
سحيراً إذا هبتْ عليهِ قبولُ
ويا حبذا الوادي إذا ما تدَّفقتْ
جداولُ باناسٍ إِليه تسيلُ
وفي كبدي من قاسيونَ حزازةٌ
تزولُ رواسيه وليس تزولُ
إِذا لاحَ برقٌ من سَنير تدافقتْ
لسحب جفوني في الخدودِ سيولُ
فللهِ أيامي وغصنُ الصِبا بها
وريقٌ وإذوجهُ الزمانِ صقيلُ
هيَ الغرضُ الأقصى وإنْ لم يكنْ بها
صديقٌ ولم يُصفِ الوِداد خليلُ
وكم قائلٍ في الأرضِ للحرِّ مذهبٌ
إِذا جارَ دهرٌ واستحالَ مَلولُ
وما نافعي أنَّ المياهَ سوائحٌ
عِذابٌ ولم يُنقعْ بهن غَليلُ
فقَدتُ الصِبا والأهلَ والدارَ والهوى
فللهِ صبري إنّهُ لجميلُ
وواللّهِ ما فارقتُها عن مَلالةٍ
سِواي عن العهدِ القديمِ يَحولُ
ولكن أَبتْ أن تحملَ الضيمَ همتي
ونفسٌ لها فوق السِماك حُلولُ
فإِنَّ الفتى يلقى المنايا مكرَّماً
ويكرهُ طولَ العمرِ وهو ذليلُ
تعافُ الورودَ الحائماتُ مع القذى
وللقيظِ في أكبادهنَّ صليلُ
كذلكَ ألقى ابنُ الأشجِّ بنفسهِ
ولم يرضَ عمراً في الإسار يطولُ
سألثمُ إِن وافيتُها ذلك الثرى
وهيهاتَ حالتْ دونَ ذاكَ حؤولُ
وملتطمُ الأمواجِ جونُ كأنّهُ
دُجى الليلِ نائي الشاطئَينِ مَهولُ
يعاندني صرفُ الزمانِ كأنّما
عليَّ لأحداثِ الزمانِ ذحولُ
على أنني والحمدُ للّه لم أزلْ
أَصولُ على أحداثه وأَطولُ
أيعثُر بي دهري على ما يسوءُني
ولي في ذَرا الملك العزيزِ مَقيلُ
وكيف أخافُ الفقر أو أُحرمُ الغنى
ورأيُ ظهيرِ الدينِ فيَّ جميلُ
من القومِ أمَّا أحنفٌ فمسفَّهٌ
لديهم وأمَّا حاتمٌ فبخيلُ
فتى المجدِ أما جارُه فممَّنعٌ
عزيزٌ وأمَّا ضدُّهُ فذليلُ
وأمَّا عطايا كفهِ فسوابغٌ
عِذابٌ وأمَّا ظِلُّهُ فظليلُ