ديوان الإمام الشافعي

​ديوان الإمام الشافعي​ المؤلف الشافعي


قضاة الدهر

قضاة الدهــر قـد ضلوا فقد بانت خسـارتهـم
فباعـوا الـدين بالـدنيـا فما ربحت تجارتهــم

قافية الراء

من نكد الدنيا على الإنسان

ومن الشـقـاوة أن تحب ومن تُحِب يحب غيرك
أو أن تريد الخير للـ إنسان وهو يريــد ضيــرك

قافية القاف

فضل التغرب

ارحل بنفسك من أرض تضام بها ولا تكن من فراق الأهل في حرق
فالعنبر الخام روث في مواطنــه وفي التغرب محمول على العنـق
والكحل نوع من الأحجار تنظـره في أرضه وهو مرمي على الطرق
لما تغرب حاز الفضل أجمعــه فصار يحمل بين الجفن والحـدق

أيهما ألذ؟

سهـري لتنقيـح العلوم ألذُ لي من وصل غانية وطيب عنــاق
وصرير أقلامي على صفحاتها أحلى مـن الدّوْكـاء والعشــاق
وألذ من نقر الفتـاة لدفهــا نقري لألقي الـرمل عـن أوراقي
وتمايلي طربـا لحل عويصـة في الدرس أشهى من مدامة ساق
أأبيت سهـران الدجى وتبيته نومـا وتبغي بعـد ذاك لحــاقي

دليل على القضاء وحكمه

فإذا سمعت بأن مجدودا حــوى عودا فأثـمر في يديه فصــدق
وإذا سمعت بأن محـرومـا أتى ماء ليشـربه فغـاض فحـقـق
لو كان بالحـيل الـغنى لوجدتني بنجوم أقطــار السـمـاء تَعلُّقي
لكن من رُزق الحجـا حُرم الغنى ضدان مفترقــان أي تفــرق
وأحق خلـق الله بِالْهمِّ امــرؤ ذو همة يُبلـى بـرزق ضيــق
ومن الدليل على القضاء وحكمه بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
إن الـذي رزق الـيسار فلم ينل أجرا ولا حمــدا لغير موفــق
والجد يدني كل أمر شــاسـع والجــد يفـتح كل باب مغلـق

حفظ الأسرار

إذا المرء أفشى سره بلسانـه ولام عليه غـيـره فهو أحمــق
إذا ضاق صدرالمرء عن سر نفسه فصدْرُ الذي يستودع السر أضيق

ماذا بقي من أخلاق الناس؟

لم يبق في الناس إلا المكر والملق شوك إذا لمسوا، زهر إذا رمقوا
فإن دعتك ضرورات لعشرتهــم فكن جحيما لعل الشوك يحتـرق

مشاعر الغريب

إن الغريب له مخافة سارق وخضوع مديون وذلة موثق
فإذا تذكر أهـلـه وبـلاده ففؤاده كجنــاح طير خافق

التوكل على الله

توكلت في رزقي على الله خـالقي وأيقنـت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليـس يفوتني ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي بـه الله العظـيم بفضلـه ولو، لم يكن مني اللسـان بناطق
ففي اي شيء تذهب النفس حسرة وقد قسم الرحـمن رزق الخلائق

هل يرتبط الرزق بالعقل

لو كنت بالعقل تعطى ما تريد إذن لما ظفرت من الدنيا بمرزوق
رزقت مالا على جهل فعشت بـه فلست أول مجنـون ومرزوق

العلم رفيق نافع

علمي معي حـيثمــا يممت ينفعني قلبي وعاء لـه لا بطــن صـنـدوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي أو كنت في السوق كان العلم في السوق

الصديق الجاهل

رام نفعا فضر من غير قصد ومن البر ما يكون عقوقا

قافية الكاف

القناعة رأس الغنى

رأيت القناعة رأس الغنى فصرت بأذيالها ممتســك
فلا ذا يراني على بابـه ولا ذا يراني به منهمــك
فصرت غنيا بلا درهـم أمر على الناس شبه الملك

تول أمورك بنفسك

ما حك جلدك مثل ظفرك فتـول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحـاجــة فاقصد لمعترف بفضلك

فتنة عظيمة

فســاد كبيـر عالم متهتك وأكبر منه جـاهل متنسك
هما فتنة في العالمين عظيمة لمن بهما في دينه يتمسك

قافية اللام

المثل الأعلى

إن الفقيـه هو الفقيـه بفعلـه ليس الفقيه بنطقه ومقالـه
وكذا الرئيس هو الرئيس بخلقه ليس الرئيس بقومه ورجاله
وكذا الغني هو الغني بحالــه ليس الغني بملكه وبمالــه

صن النفس عما يشينها

صن النفس واحملها على ما يزينهـا تعش سالما والقول فيك جميـل
ولا تـوليـن النـاس إلا تجـمــلا نبا بك دهـرا أو جفـاك خليـل
وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غد عسى نكبات الدهـر عنك تزول
ولا خير في ود امــرئ متـلـون إذا الريح مالت، مال حيث تميل
وما أكثر الاخوان حيـن تعـدهــم ولكـنهم في النائبـات قليــل

تواضع العلماء

كلما أدبني الدهــر آراني نقص عقلي
وإذا ما ازددت علما زادني علما بجهلي

دعوة إلى التعلم

تعلم فليس المرء يولد عالـمــا وليس أخو علم كمن هو جاهـل
وإن كبير القوم لا علم عـنـده صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالما كبير إذا ردت إليه المحـافـل

إدراك الحكمة ونيل العلم

لا يدرك الحكمة من عمره يكدح في مصلحة الأهـل
ولا ينــال العلم إلا فتى خال من الأفكار والشغـل
لو أن لقمان الحكيم الذي سارت به الركبان بالفضل
بُلي بفقر وعـيـال لمـا فرق بين التبن والبقــل

أبواب الملوك

إن الملوك بـلاء حيثما حـلـوا فلا يكن لك في ابوابهم ظــل
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبـوا جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستعن بالله عن ابوابهم كرمـا إن الوقوف على أبوابهــم ذل

حب أبي بكر وعلي رضي الله عنهما

إذا نحن فضلنـا عليـا فإننــا روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل
وفضل أبي بكر إذا ما ذكرتــه رميت بنصب عند ذكري للفضــل
فلا زلت ذا رفض ونصب كلاهما بحبيهما حتى أوسـد في الرمــل

آل بيت الرسول

يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له

احداث البدع

لم يفتأ الناس حتى أحدثوا بدعا في الدين بالرأي لم يبعث بها الرسل
حتى استخف بحق الله أكثرهـم وفي الذي حملوا من حقـه شغــل

علو الذكر

المرء يحظى ثم يعلو ذكــره حتى يزين بالذي لم يفعــل
وترى الشقي إذا تكامل عيبه يشقى ويُنْحلُ كل ما لم يعمل

المعاملة بالمثل

وأنزلني طول النوى دار غربة إذا شئت لا قيت امرأ لا أُشاكله
أحامقه حتـى يقـال سجيــه ولو كان ذا عقل لكنت أعاقلـه

حاسد النعمة

وداريت كل الناس لكن حاسدي مداراته عزت وعز منالهـا
وكيف يداري المرء حاسد نعمة إذا كان لا يرضيه إلا زوالها

الفضل للذي يتفضل

على كل حال أنت بالفضل آخذ وما الفضل إلا للذي يتفضل

ذل الحياة وهول الممات

ذل الحياة وهول الممات كلا وجدناه طعـما وبيــلا
فإن كان لا بد إحداهمـا فمشيا إلى الموت مشيا جميلا

قافية الميم

فضل العلم

رأيت العلـم صاحبه كريــم ولو ولدته آبــاء لئــام
وليس يــزال يرفعه إلى أن يُعَظِّمَ أمره القوم الكــرام
ويتبعـونـه في كل حــال كراعي الضأن تتبعه السوام
فلولا العلم ما سعدت رجـال ولا عرف الحلال ولا الحرام

المهلكات الثلاث

ثلاث هن مهلكة الأنـام وداعية الصحيح إلى السقام
دوام مُدامة ودوام وطء وإدخال الطعام على الطعـام

العلم بين المنح والمنع

أأنثر درا بين سارحة البهــم وأنظم منثورا لراعية الغنـم
لعمري لئن ضُيعت في شر بلدة فلست مُضيعا فيهم غرر الكلم
لئن سهل الله العزيز بلطفــه وصادفت أهلا للعلوم والحكـم
بثثت مفيدا واستفدت ودادهـم وإلا فمكنون لدي ومُكْتتـــم
ومن منح الجهال علما أضاعـه ومن منع المستوجبين فقد ظلم

عفُّوا تعفّ نساؤكم

عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلـم
إن الزنا دين فإن أقرضتــه كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

الجود بالموجود

أجود بموجود ولو بت طاويــا على الجوع كشحا والحشا يتألم
وأظهر أسباب الغنى بين رفقتي ليخفاهم حـالي وإني لمعــدم
وبيني وبين الله أشكـو فـاقتي حقيقا فإن الله بالحال أعـلــم

كما تدين تدان

يا هاتكا حرم الرجال وقاطعا سبل المودة عشت غير مكرم
لو كنت حرا من سلالة ماجد ما كنت هتاكا لحرمة مسلـم
من يَزْنِ يُزْنَ به ولو بجداره إن كنت يا هذا لبيبـا فافهـم

أنا عند رأيي

ولقد بلوتك وابتليت خليقتي ولقد كفاك معلمي تعليمي

مناجــاة

بموقف ذلي دون عـزتك العظمـى بمخفي سر لا أحيط به علمــا
بـإطراق رأسي باعـترافي بذلتـي بمد يدي استمطر الجود والرحمى
بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها لعزتها يستغرق النثر والنظمــا
بعهد قديـم من ألسـت بـربكــم؟ بمن كان مكنونا فعُرف بالأسمـا
أذقنا شراب الأنس يا من إذا سقـى محبا شرابا لا يضام ولا يظمــا

الرغبة في عفو الله

إليك إلـه الخلـق أرفــع رغبتي وإن كنتُ يا ذا المن والجود مجرما
ولما قسـا قلبي وضـاقت مذاهبي جعلت الرجـا مني لعفوك سلمــا
تعاظمنـي ذنبـي فلمـا قرنتــه بعفوك ربي كان عـفوك أعظمــا
فما زلتَ ذا عفو عن الذنب لم تزل تـجـود وتعـفو منة وتكرمـــا
فلولاك لـم يصمـد لإبلـيس عابد فكيف وقد أغوى صفيك آدمـــا
فياليت شعــري هل أصير لجنة أهنـــا؟ وأمـا للسعير فأندمــا
فلله در العـــارف الـنـدب إنه تفيض لفرط الوجد أجفانه دمـــا
يقيـم إذا مـا الليل مد ظلامــه على نفسه من شدة الخوف مأتمـا
فصيحا إذا ما كـان في ذكـر ربه وفيما سواه في الورى كان أعجمـا
ويذكر أيامـا مضـت من شبابـه وما كان فيها بالجهـالة أجرمـــا
فصار قرين الهم طول نهـــاره أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلمـا
يقول: حبيبي أنـت سؤلي وبغيتي كفى بك للراجـيـن سؤلا ومغنمـا
ألـست الذي غذيتني وهــديتني ولا زلت منـانـا عليّ ومنعـمــا
عسى من لـه الإحسان يغفر زلتي ويستر أوزاري ومـا قـد تقدمــا
تعاظمني ذنبـي فأقبلت خاشعــا ولولا الرضـا ما كنت يارب منعمـا
فإن تعف عني تعف عـن متمرد ظلوم غشــوم لا يـزايـل مأتمـا
فإن تنتـقـم مني فلست بآيـس ولو أدخلوا نفسي بجــرم جهنمـا
فجرمي عظيم من قديم وحــادث وعفوك يأتي العبد أعلى وأجسمــا
حوالي َّ فضل الله من كل جانـب ونور من الرحمن يفترش السمــا
وفي القلب إشراق المحب بوصله إذا قارب البـشرى وجاز إلى الحمى
حوالي إينــاس من الله وحـده يطالعني في ظلـمـة القبرأنجمــا
أصون ودادي أن يدنسـه الهوى وأحفظ عـهد الـحب أن يتثلمــا
ففي يقظتي شوق وفي غفوتي منى تلاحـق خـطوى نـشوة وترنمـا
ومن يعتصم بالله يسلم من الورى ومن يرجه هـيهات أن يتندمـــا

من فضل العلم

العلم من فضله لمن خدمه أن يجعل الناس كلهم خدمــه
فواجب صونه عليه كمـا يصون في الناس عرضه ودمه
فمن حوى العلم ثم أودعه بجهله غـير أهـلـه ظلمــه

استعارة الكتب

قل للذي لم تر عينا من رآه مثله
ومن كان من رآه قد رأى من قبله
لأن ما يجنـه فاق الكـمال كلـه
العلم ينهى أهله أن يمنعوه أهلـه
لعله يبـذله لأهـلـه لعـلــه.