رقائق الحقائق في حساب الدرج والدقائق/المقدمة



المقدمة


في معرفة حِسَاب الجُمَّل المستعملة في هذه الصناعة، وكيفية وضعها مفردة ومركبة ومعرفة الدرج ومرفوعها ومنحطها، وكيفية وضعها في مراتبها وكمية أسوسها.

اعلم أن مراتب الأعداد الأصلية ثلاثة:

آحاد - وعشرات - ومئات

وفي كل منها تسعة عقود والمراتب الفرعية كثيرة لا تنحصر، وهي ما فيه لفظ الألف أو الألوف، فوضعوا لكل مرتبة من المراتب الأصلية تسعة أحرف، لكل عقد حرفاً، ووضعوا حرفاً واحداً للألف، لإنهم قد يحتاجون إليه في التركيب، بجمع هذه الأحرف في مراتبها تسع كلمات وهي:

ايقغ - بكر - جلش - دمت - هنث - وسخ - زعذ - حفض - طصظ

فالحرف الأول من كل كلمة من مرتبة الآحاد، والثاني مرتبة العشرات، والثالث مرتبة المئات، والحرف الرابع من الكلمة الأولى من مرتبة الألوف.

فالحرف الأول من الكلمة الأولى وهو الألف بواحد، والثاني منها وهو الياء المثناة من تحت بعشرة، والثالث وهو القاف بمائة، والربع وهو الغين المعجمة بألف، والأول من الكلمة الثانية وهو الباء الموحدة باثنين، والثاني وهو الكاف بعشرين، والثالث وهو الراء المهملة بمائتين، والأول من الكلمة الثالثة وهو الجيم بثلاثة، والثاني وهو اللام بثلاثين، والثالث وهو الشين المعجمة بثلاثمائة، والدال المهملة بأربعة، والميم بأربعين، والتاء المثناة فوق باربعمائة، وعلى هذا الترتيب، فيكون الحرف الأول من الكلمة الأخيرة وهو الطاء المهملة بتسعة، والثاني الصاد المهملة بتسعين، والثالث وهو الظاء المشالة بتسعمائة.

وتركيب هذه الأحرف بحسب الإحتياج، بتقديم الأكثر على الأقل، فالخمسة والأربعين هكذا مه بتقديم الأربعين على الخمسة، والستة والثلاثون هكذا لو، والثلاثة والعشرين هكذا كجـ، وكل عقد من العشرات يستعمل مع جميع الآحاد، وكل عقد من المئات يستعمل مع جميع الآحاد والعشرات، وإذا تكررت الألوف قدم عدد التكرار من هذه الأحرف على حرف الغين المعجمة فخمسة آلاف هكذا هغ.

وهذا القدر لا يحتاج إليه في هذه الصناعة، وتستعمل هذه الأحرف في الجداول الفلكية، لأنها أخص من الهندية، واعلم أن جميع مسائل الحساب تقع في أعمال الدرج ومرفوعها، لكن كسور الحساب أخرجت من مخارج عديدة وأصول كثيرة بخلاف كسور الدرج، فإنها اخرجت من مخرج واحد وهو الستون، وقد اختاروا هذا المخرج في جميع حساب هذا العلم لكثرة أجزائه، وذلك إنهم قسموا محيط كل دائرة فلكية ثلاثمائة وستين قسماً متساوية، وسموا كل قسم منها درجة، ثم قسموا كل درجة ستين جزواً، وسموا كل جزء منها دقيقة، وقسموا كل دقيقة ستين أيضاً، وسموا كل قسم ثانية، وقسموها ستين أيضاً، وسموا كل قسم ثالثة، وهكذا إلى ما لا نهاية له في جانب الحط.

ثم إنهم اعتبروا الدرج مرفوعة، بأن جعلوا كل ستين درجة بواحدة، وسموه مرفوعاً مرة، وهذا المرفوع مرة رفعوا كل ستين منه بواحدة، أيضاً وسموه أيضاً مرفوعاً مرتين، وهكذا إلى ما لا نهاية له في جانب الرفع، وهذا هو المشهور في تسمية المرفوعات، ومنهم من يسمي ذلك مرفوعاً ومثاني ومثالث على اشتقاق نظائرها، وعليها فلكل مرتبة من المخطوطات نظيرة من المرفوعات والدرج بينهما كالواسطة، فمرتبة الدرج كالآحاد، والمرفوع مرة كالعشرات، والمرفوع مرتين كالمئات، وهكذا بالغاً ما بلغ، والدقائق كالأعشار والثواني كأعشار الأعشار، وعلى هذا القياس لكن نسبة كل من مراتب الأعداد إلى الذي بعده عشر وهنا سدس عشر لا نهاية كل عقد هناك تسعة وهنا تسعة وخمسون.

فإذا كان جميع عقود هذه المراتب أقل من ستين، فلا يحتاج في هذه المراتب من الأحرف إلى أكثر من تسع وخمسين، وجملتها أربعة عشر حرفاً يجمعها أربع كلمات وهي:

أبجد - هوز - حطي - كلمن

وليس يقع اللبس إلا في اثنين منها فقط، وهما النون بالياء والجيم بالحاء، فلأجل ذلك التزموا النون دون غيرها، وقطع الجيم هكذا جـ، ويحتاج إلى سبعة أحرف أخرى في أعمال المطالع ونحوها وهي:

سعفص - قرش

وذلك هو نهاية قسمة الدوائر الفلكية، وأمّا كيفية وضعها في مراتبها، فهو أن تضع الدرج ومنحطها على امتداد سطر من اليمين إلى اليسار، وتضع مرفوعها في امتداد ذلك السطر من اليسار إلى اليمين، بحيث يصير الدرج في الوسط، فأن خلا بعض هذه المراتب من عدد فضع مكانه صفر الحفظ الأعداد في مراتبها احترازاً من تغيير جنس العدد، وصورة الصفر هكذا ؛ أو هكذا .

ويجب أن تعلم رتبة الدرج بعلامة إن كان معها مرفوع، وإن ضبط اسم اخر المراتب كان حسناً، وأمّا الأس فهو عند الحساب عبارة عن عدة مراتب العدد، وهنا عبارة عن بعد مرتبة العدد عن الدرج سواء كان مرفوعاً أو منحطاً، فالدرج ليس لها أس، والدقائق أسها واحد، وكذا المرفوع مرة والثواني أسها اثنان، وكذا المرفوع مرتين، وعلى هذا القياس، والله أعلم.