سير أعلام النبلاء/حذيفة بن اليمان


حذيفة بن اليمان

حذيفة بن اليمان ( ع ) من نجباء أصحاب محمد وهو صاحب السر واسم اليمان حسل ويقال حسيل ابن جابر العبسي اليماني أبو عبد الله حليف الأنصار من أعيان المهاجرين حدث عنه أبو وائل وزر بن حبيش وزيد بن وهب وربعي بن حراش وصلة بن زفر وثعلبة بن زهدم وأبو العالية الرياحي وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومسلم بن نذير وأبو إدريس الخولاني وقيس بن عباد وأبو البختري الطائي ونعيم بن أبي هند وهمام بن الحارث وخلق سواهم له في الصحيحين اثنا عشر حديثا وفي البخاري ثمانية وفي مسلم سبعة عشر حديثا

وكان والده حسل قد أصاب دما في قومه فهرب إلى المدينة وحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان لحلفه لليمانية وهم الأنصار شهد هو وابنه حذيفة أحدا فاستشهد يومئذ قتله بعض الصحابة غلطا ولم يعرفه لأن الجيش يختفون في لأمة الحرب ويسترون وجوههم فإن لم يكن لهم علامة بينة وإلا ربما قتل الأخ أخاه ولا يشعر ولما شدوا على اليمان يومئذ بقي حذيفة يصيح أبي أبي يا قوم فراح خطأ فتصدق حذيفة عليهم بديته قال الواقدي آخى رسول الله بين حذيفة وعمار وكذا قال ابن إسحاق إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل عن حذيفة أنه أقبل هو وأبوه فلقيهم أبو جهل قال إلى أين قالا حاجة لنا قال ما جئتم إلا لتمدوا محمدا فأخذوا عليهما موثقا ألا يكثرا عليهم فأتيا رسول الله فأخبراه ابن جريج أخبرني أبو حرب بن أبي الأسود عن أبي الأسود قال وعن رجل عن زاذان أن عليا سئل عن حذيفة فقال علم المنافقين وسأل عن المعضلات فإن تسألوه تجدوه بها عالما أبو عوانة عن سليمان عن ثابت أبي المقدام عن أبي يحيى قال سأل رجل حذيفة وأنا عنده فقال ما النفاق قال أن تتكلم بالإسلام ولا تعمل به سلام بن مسكين عن ابن سيرين أن عمر كتب في عهد حذيفة على المدائن اسمعوا له وأطيعوا وأعطوه ما سألكم فخرج من عند عمر على حمار موكف تحته زاده فلما قدم استقبله الدهاقين وبيده رغيف وعرق من لحم

ولي حذيفة إمرة المدائن لعمر فبقي عليها إلى بعد مقتل عثمان وتوفي بعد عثمان بأربعين ليلة قال حذيفة ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي فأخذنا كفار قريش فقالوا إنكم تريدون محمدا فقلنا ما نريد إلا المدينة فأخذوا العهد علينا لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأخبرنا النبي فقال نفي بعهدهم ونستعين الله عليهم وكان النبي قد أسر إلى حذيفة أسماء المنافقين وضبط عنه الفتن الكائنة في الأمة وقد ناشده عمر أأنا من المنافقين فقال لا ولا أزكي أحدا بعدك وحذيفة هو الذي ندبه رسول الله ليلة الأحزاب ليجس له خبر العدو وعلى يده فتح الدينور عنوة ومناقبه تطول رضي الله عنه أبو إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة قال أخذ النبي بعضلة ساقي فقال الائتزار ها هنا فإن أبيت فأسفل فإن أبيت فلاحق للإزار فيما أسفل من الكعبين وفي لفظ فلاحق للإزار في الكعبين عقيل ويونس عن الزهري أخبرني أبو إدريس سمع حذيفة يقول والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة قال حذيفة كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني

الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال قام فينا رسول الله مقاما فحدثنا بما هو كائن إلى قيام الساعة فحفظه من حفظه ونسيه من نسيه

قلت قد كان يرتل كلامه ويفسره فلعله قال في مجلسه ذلك ما يكتب في جزء فذكر أكبر الكوائن ولو ذكر أكثر ما هو كائن في الوجود لما تهيأ أن يقوله في سنة بل ولا في أعوام ففكر في هذا مات حذيفة بالمدائن سنة ست وثلاثين وقد شاخ قال ابن سيرين بعث عمر حذيفة على المدائن فقرأ عهده عليهم فقالوا سل ما شئت قال طعاما آكله وعلف حماري هذا ما دمت فيكم من تبن فأقام فيهم ما شاء الله ثم كتب إليه عمر اقدم فلما بلغ عمر قدومه كمن له على الطريق فلما رآه على الحال التي خرج عليها أتاه فالتزمه وقال أنت أخي وأنا أخوك مالك بن مغول عن طلحة قدم حذيفة المدائن على حمار سادلا رجليه وبيده عرق ورغيف سعيد بن مسروق الثوري عن عكرمة هو ركوب الأنبياء يسدل رجليه من جانب أبو بكر بن عياش سمعت أبا إسحاق يقول كان حذيفة يجي كل جمعة من المدائن إلى الكوفة قال أبو بكر فقلت له يمكن هذا قال كانت له بغلة فارهة ابن سعد أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي حدثنا عبد الجبار بن العباس عن أبي عاصم الغطفاني قال كان حذيفة لا يزال يحدث الحديث يستفظعونه فقيل له يوشك أن تحدثنا أنه يكون فينا مسخ قال نعم ليكونن فيكم مسخ قردة وخنازير أبو وائل عن حذيفة قال قال رسول الله اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس فكتبنا له ألفا وخمس مئة سفيان عن الأعمش عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن أمه قالت كان في خاتم حذيفة كركيان بينهما الحمد لله

عيسى بن يونس عن الأعمش عن موسى عن أمه قالت كان خاتم حذيفة من ذهب فيه فص ياقوت أسمانجونه فيه كركيان متقابلان بينهما الحمد لله

حماد بن سلمة أخبرنا علي بن زيد عن الحسن عن جندب أن حذيفة قال ما كلام أتكلم به يرد عني عشرين سوطا إلا كنت متكلما به

خالد عن أبي قلابة عن حذيفة قال إني لأشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله أبو نعيم حدثنا سعد بن أوس عن بلال بن يحيى قال بلغني أن حذيفة كان يقول ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشترى بعض دينه ببعض قالوا وأنت قال وأنا والله إني لأدخل على أحدهم وليس أحد إلا فيه محاسن ومساوىء فأذكر من محاسنه وأعرض عما سوى ذلك وربما دعاني أحدهم إلى الغداء فأقول إني صائم ولست بصائم جماعة عن الحسن قال لما حضر حذيفة الموت قال حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم أليس بعدي ما أعلم الحمد لله الذي سبق بي الفتنة قادتها وعلوجها

شعبة أخبرنا عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال قلت لأبي مسعود الأنصاري ماذا قال حذيفة عند موته قال لما كان عند السحر قال أعوذ بالله من صباح إلى النار ثلاثا ثم قال اشتروا لي ثوبين أبيضين فإنهما لن يتركا علي إلا قليلا حتى أبدل بهما خيرا منهما أو أسلبهما سلبا قبيحا

شعبة أيضا عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة قال ابتاعوا لي كفنا فجاؤوا بحلة ثمنها ثلاث مئة فقال لا اشتروا لي ثوبين أبيضين وعن جزي بن بكير قال لما قتل عثمان فزعنا إلى حذيفة فدخلنا عليه قال ابن سعد مات حذيفة بالمدائن بعد عثمان وله عقب وقد شهد أخوه صفوان بن اليمان أحدا


سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي
الجزء الأول | الجزء الثاني | الجزء الثالث | الجزء الرابع | الجزء الخامس | الجزء السادس | الجزء السابع | الجزء الثامن | الجزء التاسع | الجزء العاشر