صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/110

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ١١٠ –

أساساً المعركة الانتخابية الثانية والذي يلائم مناحي الانكليز التقليدية التي يتعذر تحويليها.

وتصعب إدارة الروح الشعبية من غير أن يُنْفَذ فيها ، وقد أثبت مرات عديدة كيف يجهل أولو الأمر كنهها ، فقد أتى قانون تقاعد العمال الجديد ليؤيد صحة أقوالنا دفعة أخرى ، وجهل هؤلاء الساسة لروح الأمم الأخرى أشد وأنكي ، يدل على ذلك سياسة الإدغام والتمثيل التي يسيرون عليها في حكم مستعمراتنا .

٣ – قوة الآراء الشعبية قبل الجيل الحديث .

لم ينحصر تأثير الآراء الشعبية في الوقت الحاضر وحده بل أجرى حكمه العظيم في أدوار التاريخ المختلفة ، والسبب في كوننا لم نطلع على ذلك ، أن تاريخ الأمم لم يبحث إلا عن الملوك ، فكأن ما حدث في أيام دولتهم من وقائع وأعمال قد تم بمشيئتهم ، ومع أن الكتب أغفلت أمر البحث في تأثير الآراء الشعبية فان شأن هذه الآراء كان عظيماً في جميع الأزمنة ، ومتى يأخذ التاريخ في درس هذه الشعوب بعد أن يفرغ من الاهتمام بأمر الملوك يظهر لنا أن الجموع هي التي أوجبت بالحقيقة وقوع الحوادث الخالدة كالحروب الصليبية والحروب الدينيـة وملحمة سان بارتامى والغاء مرسوم نانت وإعادة الملكية وتوطيد حكم نابليون الخ ، فلولا الآراء الشعبية لما استطاع ملك أن يأمر بوقوع مذبحة سان بارتلمى ولما قدر لويس الرابع عشر صاحب السلطان المطلق على الغاء مرسوم نانت

ومن غير أن أخوض غمار التفصيل في الموضوع اكتفى بأن اشير الى أن لويس الرابع عشر لم يفعل تلك الفعلة إلا بتأثير الرأي العام ، قال فاغيه : « لاشيء يدل على الشعبية مثل الغاء مرسوم نانت ، فهو تدبير أملته السيادة القومية، وهو عمل جارت به الأكثرية على الأقلية ، وهو اسلوب ديموقراطي من كل وجه »

إن أكثر الحوادث التي سعى الجموع في وقوعها هي أشد حوادث التاريخ شؤماً ، ومن حسن الحظ أن البلايا الصادرة عنها قليلة والفضل في ذلك لصفوة الرجال الذين ضعف نفوذهم الآن ولكنه كان قبلاً قادراً في الغالب على تحديد تقلبات المدد وهيجانه