صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/99

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ٩٩ –

أرقى من رأى المجموع، ولكن إذا كان الفرد قليل الفضل فإن آراءه قد تكون كثيرة الخطر، ومن يتصفح تاريخ المانيا وفرنسا منذ خمسين سنة يشاهد أدلة عديدة على فوائد تينك الطريقتين ومحاذيرهما أي استبداد الفرد واستبداد المجموع .


الفصل الرابع

تقويم الآراء بالتجربة


١ – التجربة في حياة الأمم

رأينا في الفصل السابق كيف أن المنطق العقلى في أكثر المواضيع – ما عدا المسائل العلمية – لا يأتي الا بملاحظات مبهمة تلجئ الناس الى اختيار احد الطرفين : أما السير حسب رأى الأكثرية و إما السير . رأي فرد نصب ملكا، ولكن لما كان الإذعان لرأي لا يكفي لتحويل هذا الرأي الى حقيقة فكيف تكتشف قيمة الرأي الصحيحة ؟

لا يظهر لنا ذلك إلا بالتجربة، تلك الطريقة البطيئة الغالية التي لا تطبق والحالة هذه على جميع المواضيع، فهي إزاء المعتقدات الراسخة عاجزة عجز العقل، وأما في آراء الجموع كبعض الآراء السياسية مثلا فأنها لا تلبث أن تؤثر إذا كانت بارزة مكررة إن حياة الأمم اكبر دليل على ضرورة التجارب المكررة البارزة : فيجب أحيانا تخريب مدن كثيرة وإراقة دماء غزيرة كي تفقه أمة بضع حقائق تجريبية، وفي الغالب لا تستمر استفادة الأمم من التجارب زمنا طويلاً، لأن ضعف ذاكرة المشاعر يؤدى الى عدم انتفاع جيل لاحق بتجارب جيل سابق، فاقد شاهدت جميع الام الأم منذ العالم أن الحكم المطلق يعقب الفوضى، ومع ذلك فأنها لم تستفد من هذا الدرس الأبدي، وقد أثبتت الحوادث المكررة أن الاضطهاد هو أحسن وسيلة لانتشار معتقد ديني، ومع ذلك نرى المظالم تقع بدون انقطاع، وقد علمت التجربة أن الاذعان إزاء وعيد الغوغاء يبطل عمل الحكومات، ومع ذلك فإن رجال السياسة لا يزالون