صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/32

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

۳۰

فتشق الطريق في عنف وقوة ، وكأنما هو يخرج بهذا الانطلاق الجامح من ربقة القيود والتقاليد !

و بعد جولات طائشة في دروب الغابة ومنحنياتها، يعود الملك فيلوي عنان فرسه نحو القصر خارجاً من الغابة في صمت مخيف . لم يبق شك في نفوس رجال الحرس أن هناك شيئا ، وأن الملك قد وقع في نفسه شيء ؛ ثم لم يجرؤ منهم أحد على السؤال فسار الجميع خلف الملك الصامت صامتين . ولما ترجل ليدخل قال لرجاله : ليله سعيدة . سأخلو بنفسي ، فانصرفوا أنتم جميعاً . وكان هذا التصرف كافياً ليثبت في نفوسهم ما خالجهم من قبل ، فراحوا يتخبطون في الظنون .

وأمر الملك ألا يدخل عليه أحد في جناحه الخاص إلا حين يستدعيه ، ورأى رجال القصر وحراسه وخدمه ما يعلو وجه الملك من جد صارم ، فأجفلوا في نفوسهم ، وراحوا يتوجسون . وعند ما حان موعد العشاء لم يكن الملك قد استدعى أحداً ولم يكن أحد يجرؤ على الدخول . ومضى الموعد وتوغل الليل وكل من في القصر ساهر ، وكلهم في عجب شديد .

وأحس الملك بالتعب وهو جالس بملابس الصيد منذ أن عاد