صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/105

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٩٩
الفصل السادس: نظام الحكم في عهد العزيز

الإعدام أكثر من مرة في أناس ثبت عليهم هذا الجرم. قال إبراهيم في كتاب له إلى سامي بك الباشمعاون: «ستعلمون عندما تقرأون أوراق نعوم نوفل أن أهل عربستان ميالون جداً إلى إعطاء الرشوة ومراعاة الخواطر حتى أدى ذلك إلى اكتشاف خباثة بعض المتسلمين ومحاسبتهم وعزلهم. وقد تحملنا في سبيل إنقاذهم من بلية الرشوه كثيراً من العناء. ولكننا لو تركناهم على حالهم لخاضوا في السلب والنهب خوض المقدمين على الإغارة»1.

وقال العزيز بوجوب توحيد القلوب فقام ابنه ينفذ هذه الرغبة السامية وكتب في أوائل عهده في بر الشام إلى متسلم اللاذقية يقول: «والتعرض إلى الرعايا وعـدم مؤاساتهم هذا مخالف لرضانا لأن الإسلام والنصارى جميعهم رعايانا وأمر المذهب ما له مدخل بحكم السياسة فيلزم ـن يكون كل بحاله المؤمن يجري إسلامه والعيسوي كذلك ولا أحد يتسلط على أحد»2. واحترم العزيز زعامة الدروز والنصارى في لبنان وخارجه احترامه لزعامة إخوانهم المسلمين ولم يتأخر قيد شعرة عن ترقية الدروز والنصارى عند ثبوت الاستحقاق. فعين لدى وصوله إلى عكة الشهابي الكبير «مديراً لمصالح البلاد» وقال عنه سراً لا يوجد عندي في بر الشام رجل بمعنى الكلمة سوى هذا الرجل الشهم. وحيث أنه أظهر هذه الصداقة والأمانة فلا يهمنا قط أكثر عدد الأصدقاء أم قل. وعرض عليه فيما بعـد حاكمية بر الشام بأكملها فرفض الشهابي وكان ما كان من أمر ترشيح محمد شريف باشا كما سنرى3. ورقي إلى رتبة البكوية حنا بحري وهو نصراني ونعمان جنبلاط وخطار العماد وعبد السلام العماد ونصيف أبو نكد وهم دروز4. ومما يروى من هذا القبيل أنه لدى قدوم إبراهيم باشا إلى دمشق في دورة تفتيشية لفت حنا بحري بك نظر «ولي النعم» إلى أن المسلمين من أعضاء مجلس الشورى في دمشق لا يظهرون له ما يستحقه من الإكرام والاحترام وعزا ذلك إلى كونه مسيحياً لا يدين بدين الإسلام. فقال ولي النعم قل لأعضاء المجلس إني راغب في زيارتهم في المجلس وأخبر القاضي والمفتي والنقيب بذلك وبوجوب حضورهم إلى المجلس، ففعل. ولدى وصول ولي النعم إلى المجلس وقف في الباب والتفت الى الوراء وقال إلى حنا بحري بك: «بحري بك بحري بك بيوركر أفنديمز بيوركر» ومعناه بحري بك تفضلوا يا أفندينا. فامتثل


  1. المحفوظات الملكية المصرية ج ٣ ص ٦٩ - ٧٠
  2. المحفوظات نفسها ج ۲ ص ۱۱۷
  3. المحفوظات كذلك ج۱ ص۱۷٦ وج٢ ص٨٦
  4. المحفوظات نفسها ج ٤ ص٤٧٢ – ٤٧٣