صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/28

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٤٢
بشير بين السلطان والعزيز

فتئوا حتى أدركوهم في قرية بر إلياس بالقرب من شتورة فذبحوا منهم جانباً وساقوا الباقي إلى قرية المحيدثة وذبحوهم فيها1. وثار ثائر الدروز في الشرف فتناسى ناصر الدين العماد ما مضى وجاء إلى الشهابي الكبير يلتمس صفو الخاطر ويعرض نفسه للخدمة فطيب الأمير قلبه وأمر له بصلة فقبضها وسار إلى العريان. وتبعه دروز كثيرون فذهبوا إلى العريان جهاراً والشهابي الكبير لا يتعرض لهم2. ولا غرو بعد أن صدر عن العزيز وابنه ما صدر إذ تساوى في نظرهما عام ١٨٣٥ الصديق والخصم.

واضطر السرعسكر على الرغم من أنفتـه أن يعمل بمشورة محمد شريف باشا فيطلب المعونة من لبنان مرة أخرى فكتب إلى الشهابي الكبير أن يجمع أربعة آلاف مقاتل من نصارى لبنان و«أن يسلمهم أسلحة مؤيدة لهم ولذريتهم» ويوجههم صحبة ولده الأمير خليل إلى وادي التيم لقتال الدروز3. فوقع الشهابي الكبير في حيرة من أمره ولكنه عاد فاهتدى فأوصى خليلاً بالجماعة ووضع تحت تصرف السرعسكر خبيراً في شؤون وادي التيم الشيخ جرجس الدبس يرشد السرعسكر أحياناً ويضله أحياناً ثم ينقل أخباره أحياناً أخرى إلى القيادة الدرزية4.

وجد السرعسكر السير مسرعاً إلى وادي التيم فبلغه ما حل بمعسكره فعاد إلى دمشق وجهز حملة جديدة فأرسل قسماً منها بطريق بانياس فالإقليم وقام هو بالباقي إلى سهل عيحا. فأتته الدروز وتحصنوا قبالته في حرج هناك وانتشب الحرب بينه وبينهم فلم يفر منهم بطايل وبلغ الدروز ذات يوم أنه قادم من دمشق إلى عيحا علايف فأرسل الشيخ حسن جنبلاط والشيخ ناصر الدين العماد ثلاث مئة رجل لأخذها فلما وصلوا إلى وادي ممسى وجدوا العلايف قادمة فتسلموها جبراً. وكان مصطفى باشا الكريتي قد وصل إلى بيروت برجاله وقام منها إلى دمشق وذهب إلى وادي التيم المعونة السرعسكر فاصطدم بهذه الشرذمة الدرزية واشتعلت نار الحرب بينه وبينهم. فلما بلغ الشيخين المشار إليهما ذلك انطلقا إليهم بسبع مئة وخمسين مقاتلاً. ولما أقبلوا على الأرناؤوط شبوا عليهم نيران الوغى. وبلغ إبراهيم باشا ذلك فحمل


  1. المذكرات التاريخية للخوري قسطنطين الباشا ص١٣٩-١٤١ ذكريات الشيخ جرجس الدبس ص ۱۱ – نسخة المؤلف.
  2. أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٥٨٥
  3. أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٥۸٥
  4. ذکریاته ص ۱۳