صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/123

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
۱۱٥
الفصل السادس

وأُولع بنقش صور الغيلان والتنانين وما أشبه مما كان يستعملهُ أهل الفروسة سمةً لهم ومن ثَمَّ تقدم إلى رسم الصور البشرية وإظهار ما فيها من الأمارات فبلغ في ذلك شأواً بعيداً باجتهادهِ وتدقيقهِ. وكان إذا رأى صورة غريبة رَسَخَتْ في ذهنهِ بكلِّ تفاصيلها حتى يرسمها على القرطاس حينما يريد. ومرَّن هذه العادة وقوَّاها بالممارسة الطويلة حتى صارت فيهِ ملكة. وكان إذا رأى صورة بديعة أو هيئة نادرة يرسمها حالًا على ظفر إبهامهِ لكي ينقلها إلى القرطاس عندما تمكنهُ الفرصة وكان يجد لذة خاصة في كلِّ شيء جديد أو غريب حتى لم يفت نظرَهُ شيءٌ. وكثيراً ما كان يعرّج عن الطريق لكي يرى المناظر الجديدة فخزن في ذاكرتهِ كثيراً من الرسوم والأوصاف التي ظهرت أخيراً في مصنوعاتهِ فلذلك ترى في تصاويرهِ رسماً واضحاً لعادات أهل عصرهِ وأخلاقهم وأفكارهم، ولقد كان من رأيهِ أن لا مدرسة لتعليم التصوير إلا مدرسة الطبيعة. غير أنهُ لم يكن متضلعاً من العلوم والمعارف لأنهُ لم يتعلم في المدرسة أكثر من القراءة والكتابة. ولم يكن ذا ثروة لكنهُ كان مقتصداً وكان يفتخر بذلك حتى بعد أنْ صار من ذوي الشهرة واليسار. وقال من كلام لهُ إنني لم أنسَ الزمان الذي كنت أطوف فيهِ الأسواق منكسر الخاطر صفر اليدين ولكنني كنت إذا حصلت بضعة دنانير تقلدت سيفي ومشيت بين الناس كمن في جيبه ألف دينار

قيل إنَّ النقاش بَنكس الشهير جعل شعارهُ هاتين الكلمتين «الاجتهاد والمواظبة» وجرى بموجبهما وحثَّ الغير على ذلك. ولقد اشتُهر أمرهُ باللطف والأنس وسداد الرأي وإخلاص النصح حتى كان يقصدهُ الشبان ليستنصحوهُ ويستعينوا بهِ

رُوِيَ أنَّ فتًى قصدهُ ذات يوم لهذه الغاية فقرع الباب شديداً فخرجت إليهِ الخادمة مغضبة وانتهرتهُ وأوشكت أنْ تطردهُ فسمعها بنكس وخرج بنفسهِ