صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/179

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
۱۷۱
في النشاط والشجاعة

وصلت إليهِ يدهُ إلا القصص والروايات. وكان مغرماً بقراءة الكتب العلمية والرحلات وعكف أيضاً على درس علم النبات مع ضيق وقتهِ وطاف أراضي كثيرة ليجمع منها النباتات وكان يأخذ كتبهُ معهُ إلى المعمل ويضع الكتب أمامهُ وهو آخذ في عملهِ فارتشف قدراً جزيلًا من بحار المعارف. ولما تقدم في السن قام فيهِ ميل شديد لتبشير الوثنيين فعزم على درس الطب لكي يصير أهلًا لهذا العمل وأخذ يقتصد في نفقتهِ حتى صار معه ما يكفيهِ لدرس هذا الفن فدخل مدرسة غلاسكو وكان يدرس الطب واليونانية واللاهوت ويعمل مدة الفرص في معمل القطن ولم يقبل مساعدةً من أحد بل كان يحصِّل كلَّ ما يكفيهِ ويكفي لدفع أجرة المدرسة بتعب يديهِ. وقال بعد ذلك بسنين عديدة إنني حينما التفت إلى حياتي الماضية حياة التعب أشكر الله لأنني حَصَّلتُ ما حصلتهُ بتعبي واجتهادي وأود أنْ أبتدئ بحياتي جديداً على المنهج الأول من التعب والاجتهاد. وكان في نيتهِ أنْ يذهب إلى الصين ولكن كانت الحرب ناشبة فيها فعدل عن الذهاب إليها وعرض نفسهُ على جمعية التبشير الإنكليزية فأرسلتهُ إلى أفريقية فوصلها سنة ١٨٤٠ ولم يكن شيءٌ يزعجهُ في ذهابهِ إلى أفريقية أو يكدر صفاءَ عيشهِ إلا ذهابهُ إليها على نفقة غيره لأنهُ قال لا يليق بشخص اعتاد فتح طريقهِ بيدهِ أنْ يعتمد على غيرهِ. ولما وصل إلى أفريقية لم يرد أنْ يبشِّر حيث بشَّر غيره بل اختط لنفسهِ قسماً من البلاد لم يبشِّر فيهِ أحد قبلهُ وكان يبشِّر ويعلِّم ويعمل بيديه كلَّ الأعمال الفلاحة والنجارة والبناءِ وحفر الترع وتربية المواشي وعَلَّم الأهالي هذهِ الصنائع أيضاً ولم يدع دقيقة من الوقت تذهب سدًى وذات يوم سافر مع نفر من الأهالي ماشياً فسمع البعض منهم يقولون إنهُ ليس قوي البنية ولكن تظهر لهُ مهابة لأنهُ لابس كيسين (يعني بنطلوناً) وهو دوننا قوة فحرك فيهِ هذا الكلام النخوة الأسكتسية