قلبنا الخفاق يأبى موطنا

قلبنا الخفاق يأبى موطنا

​قلبنا الخفاق يأبى موطنا​ المؤلف محمد إقبال


قلبنا الخفاق يأبى موطنا
ريحه العاصف تأبى مسكنا
ليس من هند وروم قلبنا
ما سوى الإسلام فيه أرضنا
كعب الشاعر في خير العباد
أنشد المدحة من بانت سعاد
نظم الدر منيرا في ثناه
من سيوف الهند سيفا قد دعاه
من على الأفلاك فيه رفعة
لم ترقه لبلاد نسببه
قال سيف من سيوف الله قل
يا نصير الحق زورا لا تقل
وكذا كم قال ذو القدر العلي
من سناه كحل عين الرسل
لي من دنياكم قد حببا
بعض ما فيها حلالا طيبا
إن تكن سر المعاني تعلم
فافهم النكتة في دنياكم
كان في الدنيا وفيها ما سكن
ذلك المشرق في ليل الزمن
من سناه قد تجلى العالم
مشرقا إذ كان طينا آدم
لست أدري ما حماه والوطن
أنا دار أنه فينا سكن
قد رأى في أرضنا دنيا لنا
وهو في الدنيا كضيف بيننا
إذ أضعنا القلب في هذا اليباب
وفقدنا النفس في هذا التراب
لا تحد الأرض قلب المسلم
لا يرى في تيه أني وكم
ليس للمسلم في الأرض عطن
حائر في قلبه كل وطن
حصل القلب ففي وسعته
ضل هذا الكون في فسحته
عقدة الأقوام حل المسلم
هجر الدار الإمام الأعظم
أمة ملء الدنى قد أسسا
جعل التوحيد فيها أسسا
صارت الأرض لدينا مسجدا
إذ أشاع الفضل فينا وهدى
ذلك المحمود في الذكر الحكيم
ذلك المحفوظ بالله الرحيم
تفزع الأعداء من هيبته
في ارتعاد من سنا طلعته
فلماذا أرض أهليه هجر
أتراه خشية الأعداء فر
حجب القصاص معنى القصة
غلطوا في فهم معنى الهجرة
هجرة شرع حياة المسلم
هجرة سر ثبات المسلم
إنها التسيار نحو الوسعة
ولأجل اليم ترك القطرة
اهجر الزهرة أجل الروضة
إن هذا الخسر ربح الكثرة
شرف الشمس مسير مطلق
فيه من فوق البرايا تخفق
لا تكن نهرا من السحب يمد
وكن البحر عبابا لا يحد
اقصدن تسخير كل العالم
لترى سلطان أهل العالم
لا يقيدك مقام في الورى
وكن الحوت يسيح الأبحرا
كل من حرر من ذل الجهات
فلك يزهر من كل الجهات
ترك الورد شذاه فسرى
في فسيح المرج عطرا نشرا
يا أسيرا قد ثوى في روضة
عند ليبا هائما في وردة
سيرن نفسك حرا كالصبا
ثم عانق كل أزهار الربى