لا يخدعنك صحة ويسار

لا يَخدعنَّكَ صِحة ٌ ويَسارُ

​لا يَخدعنَّكَ صِحة ٌ ويَسارُ​ المؤلف ابن عنين



لا يَخدعنَّكَ صِحة ٌ ويَسارُ
 
ما لا يدومُ عليكَ فهوَ معارُ
يغشى الفتى حُبَّ الحياة ِ وزينة َ الـ
 
ـدنيا وينسى ما إليهِ يصارُ
وإذا البصائرُ عن طرائق رشدها
 
عميتْ فماذا تنفعُ الأبصارُ
لا تغترر بالدهرِ إنْ وافاكَ
 
حالٍ يسرُّكَ إنّهُ غرَّارُ
انظرْ إلى من كانَ قبلكَ واعتبرْ
 
ستصيرُ عن كَثَبٍ إِلى ما صاروا
فيزول عنك جميعُ ما أوتيتَ في الـ
 
ـدنيا ولو زويتْ لكَ الأمصارُ
تزارُ الكرامُ ولا كرزءِ عشيرة ٍ
 
فجمعتْ بمن منهم إليهِ يشارُ
أو أرتجي خِلاً سِواكَ أَبثُّه
 
وسقى ضريحكَ وابلٌ مدرارُ
حتى تُرى جَنَباتُ قبركَ روضة ً
 
مخضرَّة َ ويحفُّهُ النُّوارُ
أَبكي عليكَ ولو وفتْ لك أدمعي
 
لتعجبتْ من مَدّها الأنهارُ
يا بدرُ كنتَ لنا اليمينَ وما عسى
 
تُغني إِذا مَضَتِ اليمينُ يسارُ
يا بدرُ ضاقَ بكَ الضريحُ وطالما
 
ضاقتْ على عزماتكَ الأقطارُ
أَعززْ عليَّ بأنْ يضيقَ بكَ الثرى
 
ويميلَ عن عرصاتكَ الزوَّارُ
قد كنتَ ذخراً للملوكِ وعمدة ً
 
فبرأيكَ الإيرادُ والإصدارُ
ولكم برأيكَ من ورائكَ قد سرى
 
نحوَ الأعادي جحفلٌ جرَّارُ
ومن العجائبِ أنَّ بدراً كاملاً
 
يعتادهُ عندَ التمامِ سرارُ
كان الجوادَ بما حوى وقد استوى
 
في مالِه الإِقلالُ والإِكثارُ
صافي أديمِ العرضِ لا يْنأى الندى
 
عنه ولا يدنو إِليه العارُ
من أسرة ٍ عربية ٍ جاءتْ بهِ
 
عربية ٌ آباؤها أحرارُ
لم يُغْذَ مِن لبنِ الإِماءِ ولم تُحِلْ
 
أخلاقه عن طبعهِ الأظآرُ
قد كان إِنْ خفَّتْ حلومُ ذوي النهى
 
للهَول فيه رَزانة ٌ ووَقارُ
يا بدرُ لو أبصرتُ بعدكَ حالنا
 
لشجاكَ ما جاءتْ بهِ الأقدارُ
سُرَّتْ أعادينا وأَدركَ حاسدٌ
 
فينا مناهُ وقلَّتِ الأنصارُ
كنا نُخافَ ويرتجي إِحسانَنا
 
أعداؤنا ويعزُّ فينا الجارُ
ما العيشُ بعدكً بالهنيء ولو صفتْ
 
فيه الحياة ُ ولا الديارُ ديارُ
هيهاتَ أن يلتذَّ جفني بالكَرى
 
من بعدِ فقدكَ أو يقرَّ قَرارُ
 
الشكوى وتحفظُ عندهُ الأسرارُ
غدرَ الزمانُ بنا ففرَّقَ بيننا
 
إنَّ الزمانَ بأهلهِ غدَّارُ
لو أنَّ قلبَ الموتِ رقَّ لهالكٍ
 
لشجاهُ أطفالٌ وراكَ صغارُ
لم يكفِ صرفَ الدهر دفنُك في الثرى
 
حتى نأتْ بكَ عن دمشقَ الدارُ
ما أنصفَ الدهرُ المفرّقُ بيننا
 
أفبعدَ موتٍ نقلة ٌ وسفارُ