مجلة الرسالة/العدد 173/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 173/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 173
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 26 - 10 - 1936



وفاة الأبيوردي - رد على الأستاذ علي الطنطاوي

أخي الأستاذ صاحب الرسالة

كتب إليَّ الأديب الفارسي المحقق عباس إقبال نزيل باريس أثناء رسالة فارسية يقول ما ترجمته:

قرأت في العدد 158 من مجلة الرسالة مقالاً بقلم الأستاذ علي الطنطاوي تحت عنوان (الأبيوردي المتوفى في مثل هذا اليوم سنة 557 بمناسبة مرور 798 سنة على وفاته) والظاهر أن الكاتب الفاضل خدع برأي ناشر الديوان قليل الاطلاع الذي أخطأ فجعل وفاة هذا الشاعر سنة 557، وهذا غلط صريح. والصواب أن وفاته سنة 507 كما روى ابن خلكان وياقوت في معجم الأدباء (ج 4 ص 341) وسائر المؤرخين، ويؤيد هذا ما رواه ياقوت في المعجم (4 ص 343) نقلاً عن خريدة القصر للعماد الكاتب من أن الأبيوردي تولى في آخر عمره عملاً للسلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي، وأنه سُمَّ وهو يتولى هذا العمل، وبينما كان واقفاً عند سرير السلطان محمد ضعفت رجلاه وسقط على الأرض وقال:

وقفنا بحيث العدل مدّ رواقه ... وخيّم في أرجائه الجود والبأس

وفوق السرير ابن الملوك محمد ... تخر له من فرك هيبته الناس

وغياث الدين أبو شجاع بن ملكشاه مات سنة 511، فمحال أن يكون الأبيوردي الذي وقع في مرض موته أمام سرير السلطان قد مات سنة 557. وبهذا يبطل اجتهاد الأستاذ الطنطاوي ودعوته إلى الاحتفال بعد سنتين بمرور ثمانية قرون على وفاة الأبيوردي، إلا أن يحتفل بعد سنتين بمرور 850 سنة على وفاة الشاعر أو يمد الله في عمر الكاتب اثنتين وخمسين سنة أخرى ليحيي ذكرى الشاعر بعد تسعة قرون.

وناشر ديوان الأبيوردي قليل الاطلاع جدا، فقد نشر في الديوان قصائد من شعر أبي اسحق إبراهيم بن عثمان بن محمد الكلبي الغزي (441 - 524) ولا شك أنها من شعر الغزي ومنها اللامية المطبوعة في الصفحات 274 - 279 من ديوان الأبيوردي والتي يقول فيها الشاعر صراحة: قصدتك لا بالشعر من أرض غزة ... ولكن بقولي أنني لك آمل

(ومثل هذا الغلط في مواضع أخرى لا يتسع المجال لبيانها الآن.)

ولم يطلب إلي الأديب الفاضل نشر كلمته، ولكنني آثرت نشرها إفادة للقراء، وإذاعة لتحقيقات هذا الأديب البحاثة الذي يطرفنا بين الحين بأبحاثه في الأدب العربي وكتبه.

عبد الوهاب عزام

مهرجان أدبي عظيم تمثل فيه مصر

أشرنا من قبل إلى أن مهرجانا أدبياً كبيرا سيقام في لندن في الثالث عشر من شهر أكتوبر الجاري لتكريم الكاتب الإنجليزي الكبير المستر هربرت جورج ولز (هـ. ج. ولز)، لمناسبة بلوغه السبعين من عمره، وأتينا بهذه المناسبة على ترجمة وجيزة لمستر ولز، ونزيد الآن أن هذا المهرجان الأدبي العظيم قد أقيم في الموعد المحدد له بفندق سافوي بلندن، واتخذ صورة مأدبة عشاء كبرى شهدها أربعمائة كاتب وأديب يمثلون معظم دول العالم. ولما كان مستر ولز رئيس نادي القلم الدولي، ورئيس نادي القلم الإنجليزي، فان معضم المندوبين الذين شهدوا المأدبة كانوا يمثلون نوادي القلم في أنحاء العالم وعددها نحو خمسين ناديا. وكانت مصر ممثلة في هذا الاحتفال بواسطة نادي القلم المصري على يد الأستاذ حسين محمد قنصل مصر في لندن الذي شهد الاحتفال بالنيابة عن نادي القلم المصري، ورأس الاحتفال الكاتب الإنجليزي الشهير مستر جون بريستلي؛ وبعد تناول العشاء تعاقب على الخطابة كل من مستر برناردشو الكاتب الأشهر ووكيل نادي القلم الإنجليزي، ومسيو اندريه موروا الكاتب الفرنسي، ومسيو كاريل شابيك الكاتب البولوني، وجوليان هكسلي الكاتب الإنجليزي، والكاتبة الإنجليزية مس ج. سترن؛ وقد تبارى الخطباء في تحية مستر ولز والإشادة بمواهبه وعبقريته الأدبية، فرد عليهم بخطاب طويل يفيض شكراً وعرفاناً. وقد ناب الأستاذ حسين محمد في إبلاغ مستر ولز تهنئة نادي القلم المصري وتحياته، فرجاه أن يحمل شكره وتحياته للنادي المصري.

وقد أفاضت الصحف الإنجليزية في ذكر هذا المهرجان الأدبي العظيم، وقالت إن لندن لم تشهد منذ بعيد احتفالاً أدبياً في عظمته وروعته.

ترجمة للسير جرنفيل

من أهم كتب الموسم التي صدرت أخيراً بإنكلترا كتاب عن السير رتشارد جرنفيل أمير البحر المشهور في القرن السادس عشر، ومؤلفه مستر جورج هربرت بوشنل؛ وقد كان العصر الذي ظهر فيه السير جرنفيل، وهو عصر الملكة اليزابيث، أشهر عصور البحرية الإنجليزية، وفيه ظهر مع جرنفيل عدة من أمراء البحر المشهورين مثل السير فرنسيس دريك، والسير رالي، وجون هوكنس وغيرهم. وكانت البحرية الإسبانية يومئذ في أوج قوتها، وكانت المعارك الهائلة تنشب بين الإنجليز والأسبان باستمرار في المياه الأوربية والمياه الأمريكية، وتملأ سير هذه المعارك وتراجم أبطالها من الإنجليز والأسبان أسفاراً بديعة تفيض بأغرب الحوادث حتى يخيل لقارئها أنه يتلو صحفاً من الخيال المغرق. وكتاب مستر بوشنلي عن السير جرنفيل وعنوانه: أحد هذه الأسفار العجيبة التي تذكرنا بكل ما يحتويه القرن السادس عشر من الحوادث والمعارك البحرية المدهشة ومن أعمال البطولة الرائعة.

وقد كان السير جرنفيل من أبناء كورنوال، وظهر في البحر منذ حداثته، وقاد أول حملة بحرية إلى مياه فرجينيا (أمريكا) في سنة 1586، واشترك في كثير من المعارك البحرية التي وقعت يومئذ بين الإنكليز والأسبان، وحارب أيضاً ضد الترك في البحر الأبيض، واشترك في موقعة (الأرمادا) الشهيرة ضد الأسطول الأسباني؛ بيد أن أعظم موقعة خلدت اسم جرانفيل هي موقعة (آزورس) التي قتل فيها؛ وكان يومئذ قائد سفينة (رفنج) الشهيرة في الحملة التي سارت بقيادة الأميرال توماس هوارد لضبط السفن الأسبانية القافلة من أمريكا محملة بالذهب والفضة؛ وفي مياه (آزورس) نشبت المعركة، وكان الأسطول الأسباني يفوق السفن الإنكليزية ضعفين. ولما رأى الإنكليز ضعف مركزهم قرروا الانسحاب، وكانت سفينة جرنفيل في المؤخرة فاشتد عليها الضغط، ولكنها لبثت تقاتل حتى آخر لحظة وجرنفيل يرفض التسليم حتى جرح جرحاً عميقاً، وعندئذ سلمت برغم إرادته، بيد أنها لم تسلم إلا بعد أن أغرقت عدة سفن أسبانية؛ وتوفي جرنفيل بعد ذلك بساعات قلائل.

هذه الحياة المضطربة الحافلة يعرضها مستر بوشنل عرضاً قوياً ممتعاً يخيل إليك عند تلاوته أنك تقرأ قصة رائعة الخيال.

كتاب جديد لجون كنتل

مستر جون كنتل من أكابر الكتاب السويسريين المعاصرين، وهو من ضيوفنا الأجانب، يستقر بمصر كل شتاء ويمتزج بالمجتمع المصري، ونعرف الكثير عن مصر وشؤونها؛ وقد ساح كثيراً في شمال أفريقيا، وأقام حيناً في مراكش وتونس، وله خبرة واسعة بشؤون البلاد العربية وأحوالها السياسية والاجتماعية.

وقد كان لهذا الاتصال بالأمم الشرقية وهذه المعرفة بأحوالها تأثير كبير في توجيه كنتل الأدبي في الأعوام الأخيرة، وظهر هذا الأثر واضحاً في روايته الدكتور إبراهيم التي صدرت في العام الماضين وصدرت في نفس الوقت بالألمانية بعنوان ففي هذه القصة التي اختار كنتل أبطالها من المصريين واختار مصر مسرحاً لحوادثها يدلل كنتل على خبرته بشؤون القرية المصرية والمجتمع المصري الريفي، وأحوال المستشفيات المصرية، وما هنالك في ذلك المجتمع من مثالب وعيوب يجب إصلاحها.

على أن جون كنتل لم ينس وطنه الأصلي حيث نشأ وترعرع فهو من أبناء مقاطعة (تسين) السويسرية، وقد كتب عنها روايته الشهيرة (فيامالا) وهو يصدر الآن بالألمانية روايته الجديدة عن سويسرا، (تريز اتيين) وصدرت أخيراً ببرلين عن مطبعة (كتر بحر) ومسرح هذه الرواية الجديدة هضاب ولاية (برن) وبطلتها فتاة من سويسرا الفرنسية من مقاطعة (فاليه) أو (فاليش) هي (تريز) وهي فتاة بائسة شريدة، تجوب البلاد والطرقات باحثة مستجدية لقوتها، ولكنها كانت فتية حسناء، نحيلة القوام جذابة المحيا؛ وفي ذات يوم بينما كانت تستجدي في إحدى ضياع برن لمحها قروي شيخ من أعيان الناحية فأشفق عليها وألحقها بخدمته وكان يحبوها بعطفه، ولكن الخدم كانوا يكرهونها لحسنها وتأثيرها على السيد؛ وأخيراً أحبها الشيخ وتزوجها؛ ولكن الشيخ كان له ولد فتي يدرس في المدينة، فلما عاد إلى المنزل وألفى تريز هنالك شغف بها حباً، وشغفت به حباً؛ وذهب الهيام بتريز إلى أن فكرت في التخلص من الوالد الشيخ، فلم تجد سبيلاً غير الجريمة، فقتلته؛ ولكنها وقعت بين براثين القضاء، واختتمت بذلك حياتها.

هذا هو مجمل القصة الجديدة التي يخرجها جون كنتل؛ وقد لوحظ أنها ضعيفة الخاتمة كما لوحظ ذلك في روايته الدكتور إبراهيم؛ بيد أن كنتل يبدي فيها كما يبدي في معظم رواياته براعة فنية في العرض والوصف، ولا سيما في عرض مجتمع القرية، وسيدها الذي يتمتع بالحول والنفوذ.

ولجون كنتل بالإنكليزية عدة قصص شهيرة أخرى نذكر منها: , , , , وغيرها.

الحرف

أشارت هذه المجلة في أحد أعدادها الفائتة إلى ما وافق عليه المجمع اللغوي من الاصطلاحات في كتابة الأعلام الأعجمية، وكان من ذلك الاصطلاح على كتابة الحرف واواً بثلاث نقط فوقها عوضاً عن كتابته فاء بثلاث نقط، وذلك لأن أهل المغرب يستعملون هذا الحرف للإشارة إلى حرف الخلاف بين أهل اللغة الواحدة، فلا معنى لمراعاة ما يستعمله أهل المغرب ولا أهل المشرق، لأن الاصطلاح على شيء مع إبقاء خلافه ينافي المقصود من المهمة التي يعمل لها المجمع، فيجب إذا حصل الاتفاق على شيء - مع مراعاة انه لابد من أخذ رأي جميع ممثلي الأقطار العربية - وجب نبذ خلافه وعدم اعتباره بعد ذلك أصلاً.

على أن العلة المذكورة في عدول المجمع عن كتابة الحرف بفاء منقوطة ثلاثاً غير صحيحة، لأننا في المغرب نكتب الكاف بفاء منقوطة ثلاثاً، بل الغالب عندنا كتابته بكاف ذات ثلاث نقط على ما اصطلح عليه المجمع، وسبق إلى قريب من ذلك العلامة ابن خلدون. وبعض الناس عندنا يكتبه بقاف منقوطة كذلك بثلاث؛ ولعل هذا ما اشتبه على أعضاء المجمع الكرام، فظنوا القاف فاء، مع أن الاشتباه بعيد، إذ أن أهل المغرب ينقطون الفاء من تحت لا من فوق فلا اشتباه بينها وبين القاف.

وعلى كل حال فإن العدول عن كتابة بالفاء لا موجب له إلا هذا التوهم الخاطئ، ولا سيما والواو حرف غير معجم، وقد اصطلح الناس قبل المجمع بكثير على كتابته بالفاء، فعسى أن يتفضل المجمع بتعديل قراره بالنسبة إلى هذا الحرف، وينظر في إدخال عضو جديد إلى هيئته من علماء المغرب.

(المغرب) ع. ك

رباعيات عمر الخيام تعرض للبيع في لندن

ستباع في قاعة سونبي في التاسع من نوفمبر أقدم نسخة خطية من رباعيا عمر الخيام وهي مكتوبة على خمس وعشرين ورقة مذهبة وعمرها أكثر من خمسة قرون.

وكان يملكها رجل يدعى (محمد سالم) وجيء بها من لاهور منذ خمس سنوات إلى معرض الفن الفارسي، والأرجح أن تبقى في إنكلترا. وقد درس العلماء - من الشرق والغرب - الأوراق وقرروا أنها تلي في القدم نسخة أوزلي المكتوبة في سنة 1460 وهي المكتبة البودلية وعنها ترجم فتزجرالد الرباعيات.

ولا تزال هذه النسخة الأخرى كأزهى ما كانت عندما كتبها (حافظ فرج الله) في بغداد سنة 1473.

وقد صينت نسخة (لاهور) على القرون؛ وبعد كتابتها بمائتي عام أهداها (محمد شافني) (كذا) إلى محمد مهدي بن موسى دهلمي.