مجلة الرسالة/العدد 334/من هنا ومن هناك

مجلة الرسالة/العدد 334/من هنا ومن هناك

مجلة الرسالة - العدد 334
من هنا ومن هناك
ملاحظات: بتاريخ: 27 - 11 - 1939



ثروتنا تكسب الحرب

(ملخصة عن (الأوفر))

كانت ألمانيا عام 1914 تعتقد أنها ستمحو فرنسا في أسابيع معدودات. ولكن الحرب مع ذلك دامت أربع سنوات. وقد تكون الحرب الأسبانية أكثر دلالة على أن الحروب العصرية ليست من الحروب القصيرة المدى، وإن تفوقت الدول المحاربة في التسلح. لذلك نستطيع أن نقول إن الحرب الأوربية الحالية ستكون حرب اجتياح

وتدل الجهود المضنية التي تبذلها ألمانيا في سبيل إصلاح حالتها الاقتصادية، على أن الدول الدكتاتورية لن تجد الفرصة المواتية في مثل هذه الحرب

ويقول (ميجر - جنرال توماس): أن القوة الاقتصادية في الحروب الطويلة لها شأن أعظم من القوى الحربية، وقد برهنت الحرب العظمى عام 1914 - 18 على صدق هذا القول. وهو في الأيام الحاضرة يزداد صحة وتأييداً

إن نظام ألمانيا الاقتصادي يقوم منذ زمن طويل على أسس واعتبارات حربية، وتدل محاولاتها في غرب أوربا على حاجتها الملحة إلى الحنطة والبترول

ولا مفر من الاعتراف بأن ألمانيا أقل استعداداً للحرب من الناحية الاقتصادية مما كانت عليه سنة 1914. فالثروة الألمانية أقل مما كانت في ذلك العهد. والألمان لا يستطيعون أن يقوموا بإنتاج الأطعمة والسلع التي تسد حاجتهم أيام الحرب، بل لا يستطيعون كذلك أن يحافظوا على التوازن اللازم بين الصادر والوارد. فهم إذن إما أن يثقلوا كاهلهم بالديون أو يلجئوا إلى الاحتياطي الضئيل الذي لديهم من الذهب فينفقوه

ويعتقد (بول إبنزج) الاقتصادي الإنجليزي المشهور أن الاحتياطي الذهب سيكون له الشأن الأول في هذه الحرب دون سائر الشؤون الخاصة بالحرب. ومما لاشك فيه أن ألمانيا لم تكن في عهد من العهود أكثر استعداداً من الناحية الاقتصادية مما كانت عليه سنة 1914، ومع ذلك فقد ضاقت بها سبل الاقتصاد، ومن الحق أن يقال إنها جاءت وتسلحت، ولا يستطيع شعب من الشعوب أن يجابه الجوع والضغط أربع سنوات، تزداد حالته فيها سوءاً يوماً بعد يوم، ومن البديهي أن هتلر إذا استطاع أن ينال بعض الموارد عن طريق الاغتصاب، فإن هذه الموارد لا يمكن أن تزيد على موارد ألمانيا في الحرب السالفة؛ وهي مع ذلك لا تكفي لإقامة نظام اقتصادي ثابت يضمن لبلاده المال الاحتياطي الضروري لها عند الأزمات.

يقول الدكتور (فرد نزبرج) الأخصائي الألماني: إن ألمانيا تحتاج من البترول في زمن الحرب إلى ما يتراوح بين خمسة عشر وعشرين مليوناً من الأطنان كل عام، ولا يزيد ما يستخرج منها على ثلاثة ملايين في العام. وبقدر محصول رومانيا من هذه المادة بثمانية ملايين من الأطنان على أكبر تقدير، وإذا وجهنا نظرنا نحو الدول الديمقراطية، وجدناها أكثر استعداداً اليوم منها سنة 1914. فاحتياطي الذهب في إنجلترا وفرنسا يزيد خمسين ضعفاً على الاحتياطي الموجود بألمانيا الآن، وللدول الديمقراطية موارد أخرى فيما وراء البحار تستطيع أن تزودها بما يكفيها عند الحاجة. ولا ننس هنا أن أمريكا على استعداد لتمونها بما تحتاج إليه دون أن يؤثر ذلك في مركزها الاقتصادي العتيد.

من هنا يتبين أن الميزان الاقتصادي راجح في ناحية الدول الديمقراطية، ولا تجهل ألمانيا ذلك، ولكنها تمني نفسها بفكرة الهجوم السريع، ولكن الحرب في أوربا اليوم لا تعرف القصر

نشرة نازية!

(من بنك التوفير العام ببرلين)

حدث بعد إقالة دكتور شاخت من رآسة بنك الريخ تغيير كبير في سياسة ألمانيا المالية. فقد كانت أثمان الأطعمة والملابس حتى ذلك العهد تزداد زيادة لا تصل بها إلى حد التضخم، فقد علمتنا الأيام أن تضخم الأسعار يبدأ بزيادة الأثمان كل شهر، وتعلو ثم تعلو حتى تصير في كل أسبوع، ولا تنتهي حتى يصبح المبلغ الذي يدفع في يوم الجمعة لا يساوي شيئاً في يوم الاثنين الذي يليه. وقد تبين في عام 1938 أن إيراد الضرائب لا يكفي لسد ما تنفقه الحكومة في التسليح، فعمدت إلى سد هذه الثغرة ببعض القروض، ولكنها وجدت في عام 1939 أن تلك القروض لم تكن لتكفي لإمدادها بالمال الذي تريده. فلجأت إلى فرض الغرامة اللازمة على الأمة. وكانت حتى ذلك العهد مترددة بين أمرين: إما أن ترفع الضريبة، أو تزيد في عدد الأوراق المالية. وكان من رأي دكتور شاخت زيادة الضرائب. ولكن رجال المال وأصحاب الأعمال أشاروا على الحكومة باجتناب هذه الطريقة لأن ماليتهم لم تعد تحتمل زيادة في الضرائب على الإطلاق. وعلى ذلك فقد لجأت الحكومة إلى توسيع دائرة الأوراق المالية مع فرض بعض الضرائب. وكان من البديهي بعد ذلك أن ينحى دكتور شاخت عن منصبه، إذ لا يتسنى للحكومة أن تترك مالية الدولة في يد رجل رفع عقيرته بالاحتجاج عليها صراحة حين اعتزمت زيادة الأوراق المالية المتداولة

نحن لا نستطيع أن ننكر بحال من الأحوال أن السياسة المالية الجديدة قد جعلت المصارف على حافة الخطر، وعلى الأخص مصرف التجنيب (التوفير)

إننا لا نشك في فائدة التسليح، ونود أن يكون لألمانيا استعداد حربي يفوق كل أمة على وجه الأرض، ولا يمكننا أن ننصح لأصحاب الأموال بأن يسحبوها من المصارف إذ يصير من المتعذر على الحكومة أن تعقد قروضاً جديدة بعد ذلك، ولكننا على العكس قد أصبحنا مضطرين تحت ضغط بعض الظروف والاعتبارات أن نمنع سحب الأموال من المصارف لتبديدها بغير وعي في شؤون الرفاهية والأهواء. فحياة الدولة كما يقول الفوهرر في ثروتها. ونحن نعد أموال عملائنا من مالية الأمة ومرافقها العامة. فهي العمود الفقري لتسليح البلاد. لذلك نستطيع أن نقول لكل إنسان في ألمانيا دع أموالك لبنك التوفير

ألم الشعور بالوحدة

(عن (يور لايف الأمريكية))

في الحياة آلام كثيرة، ومن أقسى تلك الآلام الوحدة

والوحدة التي نعرفها بالانفراد، نختلف كل الاختلاف عن شعور الإنسان بأنه وحيد، كل إنسان يميل أن يكون وحيداً في بعض الأحيان. وقد يثير نفسه ويضجرها أن يكون قريباً منه أحب الناس إليه. والمرء ينشد الهدوء والعزلة في بعض الأوقات ليفكر ويستريح، ويبني قصوراً في الفضاء. إلا أن الوحدة تثلم القلب وتؤذيه وتؤدي إلى الكآبة، وتحرك في النفس أفكار السوء. والنفس الوحيدة تشعر على الدوام بأنها غريبة عن العالم مجفوة من بنيه، ومن العجيب أن صاحبها يشعر بالوحشة وهو في المدينة تعج بالملايين من السكان المحيطين به المجاورين لداره، كما لو كان وحده وسط صحراء قاحلة لا صديق فيها ولا أنيس

ومما يثير في نفوسنا شعور الوحدة، كبت بعض الغرائز التي تريد الظهور، ففي كل إنسان غريزة تدعوه إلى البحث عن رفيق من الجنس الآخر. وكبت هذه الغريزة يسبب له كثيراً من الآلام

من الطبيعي ولاشك أن يكون الإنسان وحيداً، ولكن الوحدة ليست من الأمور التي تؤخذ بالوراثة، ولا من الغرائز التي لا يمكن التغلب عليها وتغييرها. فنحن لم نخلق في هذه الحياة بهذا الضعف، إن الظروف هي التي جعلتنا كذلك، وفي وسعنا أن نغير هذه الظروف فلا نعود إلى احتمال آلام الوحدة بعد

ويختلف علاج الوحدة بالوحدة باختلاف الأشخاص والأحوال، فبعضنا يعاني آلام الشعور بالوحدة حتى يتزوج، وبعضنا يعاني الوحدة حتى يكون له أبناء، وبعضنا يؤنسه كلب صغير أو طائر جميل. وقد كان للمذياع فضل كبير في معالجة هذا الداء عند الكثيرين، كما أن للقراءة والأفلام المصورة فضلا يذكر في هذا الشأن.

من هنا يتبين أن علاج الوحدة يختلف باختلاف الظروف والبيئات. فقد يكون لعصفور صغير فضل كبير في معالجة إنسان من هذه الحالة، وقد يكون للطبيعة فضل في معالجة إنسان آخر. وقد يأنس بعضنا بمشاهدة حفلات الرقص، وقد يأنس البعض بمشاهدة بعض المباريات الرياضية والاندماج في غمار الناس

ومن واجب الشخص الوحيد أن يتعلم كيف يتصل بالناس، وألا يضيق على نفسه كثيراً في اختيار معارفه، فإن الأمور يؤدي بعضها إلى بعض

ونحن نستطيع أن نقهر الظروف وان نحكمها، إذا قوينا غرائزنا وأفسحنا لها الطريق المران. فإذا أخذنا بهذه الأسباب أتيحت لنا الفرصة للتغلب على أحوالنا، فأصبحت تأتمر بما نريد.

البريد الأدبي

تاريخ الآداب العربية لبروكلمن

سبق لي أن وصفت الجزء الأول والثاني والثالث لذلك الكتاب من غير توسع ولا إفاضة في الفحص عن المسائل المتناولة والتفصيلات المتفرقة في البحث. واليوم أعدل عن الوصف المجمل إلى تعقب الفقر بعض التعقب. وقد وعدتُ الأستاذ بروكلمن نفسه بذلك، ولا أدري هل يصله هذا العدد من الرسالة وقد انقطع حبل البريد بين مصر وألمانية

يجري الكلام في الجزء الرابع على النثر في مصر. وإليك أسماء الذين نظر المؤلف في آثارهم: فرح أنطون، محمد إبراهيم المويلحي، المنفلوطي، محمد حسين هيكل، منصور فهمي، محمد عبد الله عنان، شبلي شميل، سلامة موسى، يعقوب صروف، فؤاد صروف، محمد تيمور، محمود تيمور، نقولا الحداد، محمد فريد أبو حديد، خير الدين الزركلي، الهلباوي، حسين شفيق المصري، عبد الله حبيب، عبد العزيز عمر الساسي، توفيق الحكيم، طاهر لاشين، حسين فوزي. ثم عاد المؤلف إلى الكلام على أحدث ما أخرجه العقاد ومحمود تيمور بعد أن تناول هذا في صدر الجزء الرابع وذاك في الجزء الثالث. وهنالك طائفة من الكتاب لم يتمهل المؤلف عندهم بل قنع يذكر أسمائهم وإثبات كتبهم وتصانيفهم، والحق أن بعضهم، مثل إبراهيم المصري، يستحق فوق هذا، وكان أولى به أن يشغل المحل الذي ظفر به بعض صغار الكتبة (أنظر مثلاً ص241)

ولن أناقش هنا آراء المؤلف في كتابه، فقد قلت من قبل إني مرجئ هذا حتى تخرج الأجزاء كلها فينتظم سلك المناقشة وينبسط على ما تقدم وما تأخر. وإنما هي اليوم التنبيه على بعض الأوهام حتى يتمكن المؤلف من مراجعة ما فاته في المستدرك الذي أخبرني بأنه صانعه:

1 - رسم الكلمات العربية بالحروف الرومانية ورسم الأعلام الإفرنجية

ص 193: سياحة في أرز لبنان - لا: عرز لبنان - ابن الشَعب - لا: الشِعب

ص 214: مُقدمة السوبر من - لا مَقدمة

ص 217: أساطين العلم الحديث (لفؤاد صروف)، لا: أساطير

ص 220: مَهْزَلة الموت - لا مُهْزِلة

ص 226، 228: مسامرات الشَعب، لا: الشِعب

ص 228: مرقص فهمي، لا: مَرقوص

ص 233: محمد عَوض، لا: عِوض ص 234: شِحاته عُبيع، لا: شحّاته

ص 236: مصطفى الهِلباوي، لا: الهُلباوي

ص 241: لا: (وكان من المدرسين الإنجليز في كلية الآداب عندنا)

ص 243: لا: (وهو المؤلف المسرحي الفرنسي لهذا العهد)

ص 243: لا: (وهو الذي نقل إلى الفرنسية (شهرزاد) لتوفيق الحكيم)

ص 243: صلاح الدين ذُهني، لا: ذِهني

ص 248: كوم حمادة، لا: حمّادة

ص 266: رواية قَصصية، لا: قِصصية

2 - بعض الواقعات

ص 215 و 217: يجعل المؤلف لفؤاد صروف لقب دكتور ويقول إنه ابن يعقوب صروف، والوجه أن صديقي الأستاذ فؤاد ليس بدكتور وأنه ابن أخي يعقوب صروف

ص 235: أدخل المؤلف خير الدين الزركلي في كتّاب مصر باعتبار الإقأمة، وهو من أدباء الشام أصلاً

ص 240: جعل المؤلف أحدهم مهندساً في مصلحة السكة الحديدية وهو موظف صغير فيها

وبعد، فهذه مآخذ حقيرة الشأن لا تضير عمل الأستاذ بروكلمن وهو جليل، ولو كان الأستاذ يعيش بين ظهرانينا ما فاته مثل هذه الهفوات، إلا أنه بعيد عن البيئة التي يكتب فيها، أجنبي عن أهلها

بشر فارس

رجع

أقول لصديقي الدكتور زكي مبارك إني لم أقل (بوجوب إلقاء الشعر كما يلقى النثر). فليراجع كلمتي الأولى والثانية (الرسالة 330، 332) يقرأ ما حرفه: (فإن الشعر لعهدنا هذا في أوربا (وعنها نأخذ فن التمثيل) يلقى على المسرح كأنه نثر (إذاً: في أوربا وكأنه). وسبب ذلك أن القصيدة تقوم بمعانيها وألفاظها لا بتفاعيلها. . . وخير من إنشاد البيت بتقطيعه وفصمه مصراعين والضغط على القافية الراجعة أن يُنشَد على حسب انسياب المعنى في تضاعيفه) ثم (ومما يحق على الوزن أن ينتشر خفية في تضاعيف البيت). وعلى هذا فبيّن أن المحل الأول عندي في إلقاء الشعر على المسرح للمعنى واللفظ وأما الوزن فليكن كالنغم الخفي يذهب ويجيء من وراء ستار رقيق. وأظنني بينت الأسباب التي من أجلها أغلِّب إلقاء الشعر بحسب المعاني والألفاظ على إلقائه بحسب التفاعيل. فهل أعود إلى التبيين؟

وأما تهديد الصديق إياي من أجل ليلاه - حَفِظت لطبيبها العهدَ! - فمما أنشط له. ألا أعِدْ عليَّ يا زكيُّ صروف ليالي باريس ومحن أيامها، فقد لعمري سئمت حياة الطمأنينة ومصر كلها اطمئنان. ألا (أطمح رأسي عن كتفي) ولا تخشَ بأساً فلا ليلى لي فتنوح علي. وهل تكون ليلى، على مرضها، إلا لمثلك. يا للجمال والفتنة ووسوسة الشياطين! وأعوذ بالله من شيطان غير رجيم. . .

ب. ف

إلى مشيخة الأزهر فمشيخة المقارئ

ظهرت طبعة جديدة للمصحف الشريف بعنوان (التنزيل الرباني بالرسم العثماني) قام بطبعها ونشرها عبد الرحمن محمد الكتبي بشارع الصنادقية بميدان الأزهر

وقد وقع في يدي مصحف من هذه الطبعة، فسأني أن أجد بكتاب الله أخطاء منشؤها التهاون في التصحيح والإهمال في المراجعة، كما سرني أن أعلن للناس عنها، ليصلحها كل من كان عنده مصحف من هذه الطبعة ذات الحجمين وإليك البيان:

ص 9 س 4: ـم والصواب: نم

ص 64 س 13: الغيتوالصواب: العنت

ص 87 س 7: حاءتهموالصواب: جاءتهم

ص 97 س 4: ادكر والصواب: اذكر

ص 112 س 10: ـطعمهاوالصواب: يطعمها

ص 112 س 10: نشاء وزعمهم والصواب: نشاء بزعمهم ص 198 س 2: فيضلَّوالصواب: فيضلُّ

ص 249 س 15: يومئدوالصواب: يومئذ

ص 254 س 13: ءاينيوالصواب: ءايتي

ص 255 س 10: أتنا والصواب: أتينا

ص 258 س 1: أتوالصواب: أنت

ص 258 س 14: ميهاوالصواب: فيها

ص 260 س 11: ـجدلوالصواب: يجدل

ص 292 س 15: علهوالصواب: عليه

ص 302 س 1: ضللهموالصواب: ضللتهم

ص 309 س 16: من مضلهوالصواب: من فضله

ص 311 س 2: ـالحسنةوالصواب: بالحسنة

ص 312 س 12: ميهموالصواب: فيهم

ص 314 س 9: هده والصواب: هذه

ص 320 س 13: حلقكمموالصواب: خلقكم

ص 424 س 9: ولا حانوالصواب: ولا جان

هذه هي الأخطاء التي استرعت نظري. ولا أقول إنها كل ما في المصحف، بل هي ما عثرت عليه في فترات متقطعة. وكل ما نريده أن تتخذ مشيخة المقارئ وذوو الشأن إجراءات لتصحيح هذا الخطأ وتلافي ذلك الأمر

عبد الحفيظ أبو السعود

في كلية الآداب

قرأنا كلمة الدكتور بشر فارس في العدد السابق من الرسالة تحت عنوان (في كلية الآداب). ولا ريب أن هذه الكلمة أصابت الهدف ونبهت الأذهان إلى أشياء إن كانت معلومة عند أغلب الجامعيين إلا أنها خافية عن الجمهور الذي حقه أن يكون مطلعاً على ما يجري في دوائر العلم والثقافة وبهذه المناسبة يحضرني أمران عن ذلك المدرس الأجنبي الذي قال فيه الدكتور بشر أنه (يتلطف ليظفر بإدارة شؤون مكتبة الجامعة). الأمر الأول يتلخص في أن كلية الآداب كانت قد أخذت صورة فوتوغرافية للترجمة العربية من كتاب (الارغانون) (منطق أرسطو) وهو مخطوط في المكتبة الأهلية في باريس. فلاحظ بعضهم أن الهوامش غير واضحة في الصورة وكذلك كل ما هو مكتوب بالمداد الأحمر. فكلفت الكلية ذلك المدرس الأجنبي بان يراجع الهوامش ويتمها في باريس في صيف 1938 وصرفت له أجراً كبيراً لذلك، والذي حدث أن هذا المدرس عاد من باريس بدون أن يقوم بما كلف به، والدليل على ذلك هو أن كتاب أرسطو كان طول مدة صيف 1938 - أي أثناء وجود ذلك المدرس الأجنبي في باريس - بين يدي عالم مصري عاد من باريس في نهاية الصيف

أما الأمر الثاني فهو خاص بإعادة طبع كتاب (كليلة ودمنة)، وتفصيل ذلك أن مطبعة المعارف كانت قد عزمت على إعادة طبع هذا الكتاب ورأت أن تعهد بمراجعته إلى لجنة مكونة من بعض كبار رجال وزارة المعارف. فسألت في ذلك الدكتور بشر فارس فكان من رأيه أن تعهد بهذا العمل إلى رجال الجامعة لأنهم أدرى بفن مقابلة المخطوطات ومراجعة المصادر في السريانية والفارسية ثم اللغات الحديثة واقترح للعمل أسماء: الدكتور طه حسين لكتابة المقدمة والمراجعة الأخيرة للأصل العربي والأستاذ عبد الوهاب عزام للمخطوطات الفارسية، والدكتور مراد كامل للمخطوطات السريانية فضلاً عن استشارة المصادر الحديثة وبخاصة الألمانية. والذي حدث بعد ذلك أن المدرس الأجنبي حل محل الدكتور مراد كامل وأن كان الدكتور مراد كامل هو الذي يدرس اللغات السامية ومنها السريانية في كلية الآداب فهذان أمران يدلان على أن ذلك المدرس الأجنبي يحظى برعاية خاصة قد لا يحضي بها مدرس مصري

(جامعي)

يوميات نائب في الأرياف للأستاذ توفيق الحكيم

نقل هذا الكتاب إلى الفرنسية الأستاذان جاستون فيت وزكي محمد حسن، وقدم له صاحب السعادة الدكتور حافظ عفيفي باشا ونشرته (مجلة القاهرة) الفرنسية، وقد كتب عن الناقد الأدبي لمجلة (مريان) في أحد أعدادها الأخيرة ما يأتي: (قرأت في سرور عظيم (يوميات نائب في الأرياف) للسيد توفيق الحكيم. وهي صورة حية للريف المصري تغلب على أكثرها الفكاهة وتظهر في بعضها القسوة. رسمها رجل من رجال الضبط القضائي الذين لا يستطيعون أن يقفوا عند الألفاظ بحكم وظيفتهم. فبرز هذا العالم الصغير على صفحات الكتاب في خفة عجيبة وجلاء باهر. وفي الغالب ينسى القارئ الفكرة الإصلاحية التي حركت الأستاذ توفيق الحكيم حتى ليتمنى أن يبقى كل شيء في هذه المجموعة الإنسانية على حاله ما دامت الإمتاع والغرابة. ولكن من المؤكد أن كثيراً منها سيتغير.

إن المؤلف إذا لم يقنع بالألفاظ فانه لا يمضغها أيضاً. ومع ذلك فإن الذي يبقى في ذاكرة القارئ هو شعبية الحادث وطبعية الملاحظة واطراد السياق. إن الأستاذ توفيق الحكيم هو لا شك كاتب مطبوع. وهو يكتب ليرشد ويكتب وينقد ويعلن، وليسامحني إذا أضفت إلى ذلك أنه يكتب أيضاً لمجرد الرغبة في الكتابة)

حول الأمير شكيب أرسلان

. . . قرانا ما نشرتموه في الرسالة عن عطوفة مجاهد الإسلام الكبير الأمير شكيب أرسلان نقلاً عن إحدى الصحف اللبنانية. والصواب هو أن الأمير يقيم في جنيف وقبلها في لوزان منذ أعوام كثيرة يدافع عن الإسلام والأوطان العربية، ولما عاد إلى سويسرا بعد زيارته لمصر اقتضت ظروفه أن يزور ألمانيا لشأن يتعلق بمنزل يمتلكه في برلين منذ عشرين سنة، والبيت مرهون الآن ومحجوز عليه. وبعد أن سوى مسألته على وجه عاد إلى جنيف ليصوم رمضان في بيته بين عائلته. وأخر أخبار الأمير الجليل أنه كان في أواخر رمضان في مدينة زيورخ السويسرية لزيارة صديقه القديم صاحب المقام الرفيع عزيز عزت باشا، وقد بلغنا أن الأمير يفكر في ترك أوربا والسكنى في الحجاز إلى أن تنتهي الحرب والسلام عليكم.

عربي

صدى صوت من ألف عام

أشكر للأستاذ النجار نصحه وتنبيهه، فقد دلَّ في استهلال حديثه على براءة نقده ونزاهة قصده. أما ما نشرت من شعر الأمير تميم في مساجلة ابن المعتز العباسي، فما كان يسعني، وأنا أنشر الأنواع المختلفة من شعر تميم أن أهمل نوعاً منها، لأنه يتناول خلافاً سياسياً لا وجود له عند أحد من الناس، ولا عند الأستاذ النجار أيضاً.

وقد نشرت في هذا العصر عشرات الكتب وفي طليعتها عصر المأمون وبهذه المطبوعات الحديثة شعر يؤيد العباسيين وشعر آخر في هجائهم والطعن عليهم، فلم يوجه مثل هذا النقص الذي لو وجه إلى كل مؤرخ لبطل التاريخ من أساسه، أو اتهم المؤرخ على الأقل بإثارة الفتنة أو انتحال دين الأمة التي يؤرخ لها وقد تكون وثنية. وأنا حين أكتب عن الفاطميين لا أستطيع أن أهمل شأناً من شؤونهم، فلسنا في عصرهم ولا في عصر منافسيهم. وكتمان الحقائق العلمية خوفاً من فتنة موهومة من شأنه أن يطمس آثار العلوم ويضلل الأذهان ويترك باب الفوضى مفتوحا للأراجيف الباطلة التي شاع بسببها سوء الظن وانتشرت دواعي الفرقة بين شعوب الإسلام لجهل بعضهم ببعض.

ثم إني أعتب على الأستاذ تناوله موضوع الأخوة الإسلامية في موضوع كتبته أنا بصفتي الشخصية، ولم أذكر فيه الجماعة، ولا أني أحد أعضائها. فأرجو أن لا يغيب عن الأستاذ ولا عن غيره أنني حين أتناول الأدب أو التاريخ أو الفلسفة لا أكتب لحساب الجماعة ولا لغيرها، بل أكتبه للحق وللواجب.

محمد حسن الأعظمي

مصر في أفريقيا الشرقية للدكتور محمد صبري

الدكتور محمد صبري مدير الثقافة والنشر علم من فقه التاريخ وأصول الأدب. شغل الأذهان وملأ الأسماع حيناً من الدهر بمؤلفاته ومقالاته وبحوثه. ثم اعتكف منذ أعوام في دور الكتب ودواوين السجلات في مصر وفي أوربا يجمع النصوص، ويطلب الوثائق، ويستخرج الدفائن، ويسأل الآثار، حتى اجتمع له عن تاريخ مصر في القرن التاسع عشر ما لم يجتمع لغيره. ثم توفر على تحرير هذا التاريخ في عمومه وخصوصه بعدة المؤرخ الموهوب والقارئ المتتبع والكاتب المحلل؛ وهو في أثناء ذلك يفرد النقط المهمة بالتصوير الخاص بالتصوير والنشر المستقل جلاء لغامض أو تحقيقاً لفرية أو استنباطاً لعبرة. ومن تلك الموضوعات الخاصة التي أراد الأستاذ أن ينشرها تحديداً للذكرى (التي تنشر الأمل وتحفز الهمم وتجرف قوى الاضمحلال البادي في وجه الدولة وفي كل عضو من أعضائها) كتاب مصر في أفريقيا الشرقية: هرر وزيلع وبربرة.

وهو كتاب لطيف الحجم أنيق الطبع رائق الأسلوب، ألم فيه الدكتور بتاريخ هذه البلاد واستعمار إسماعيل لها وتاريخ الحكم المصري بها، معتمداً في ذلك على ما لم ينشر من مخطوطات قصر عابدين ومحفوظات وزارة الخارجية الإنجليزية وعلى ما نشر من المطبوعات الأوربية فجاء الكتاب حقيقياً بعبقرية الكاتب خليقاً بثقة القارئ

الطفل من المهد إلى الرشد للأستاذ محمد خلف الله

هو كتاب جديد في العربية، يتناول موضوعاً طالما شعر الآباء والمعلمون والمشتغلون بشؤون التربية عامة بحاجتهم إلى كتاب في العربية يتناوله على أسلوب من البحث العلمي يكشف لهم السبيل ويحدد لهم النهج في دراسة الطفل دراسة نفسية تعينهم على ما هم بسبيله من شؤون التربية

وإذا كانت أكثر المصادر في مذاهب التربية وعلم النفس أوربية لا يتأنى لغير الدارس المتخصص أن يلم بها إلماماً يعينه على القصد؛ فإن لنا أن نزعم أن كتاب (الطفل من المهد إلى الرشد) هو محاولة موفقة لتعريب هذا الفن

على أن فائدته إلى ذلك لا يستغني عنها أحد من رجال التربية، فإن فيه جهداً شخصياً يطبعه بطابع مؤلفه ويرفعه منزلة فوق كثير من الكتب المنقولة إلى العربية في هذا الفن. وحسب القارئ أن يعلم أن مؤلفه وضعه أول ما وضعه بالإنجليزية بعد دراسة تسع سنين وتقدم به إلى جامعة لندن فمنحته به درجة الأستاذية في علم نفس الطفل