نرق وتقسو بالغوير قلوب

نرقُّ وتقسو بالغوير قلوبُ

​نرقُّ وتقسو بالغوير قلوبُ​ المؤلف مهيار الديلمي


نرقُّ وتقسو بالغوير قلوبُ
و نسألُ سكانَ الغضا ونخيبُ
و تهفو على ذاتِ النقا بحلومنا
وجوهٌ تريحُ الوجدَ وهو عزيبُ
وقفنا ومنا رابطٌ جأشَ قلبهِ
بريءٌ ومحلولُ العزاءِ مريبُ
تجاذبنا أيدي الحميةِ والهوى
و نأبىَ على الأشواقِ ثمّ نجيبُ
نغالطُ ألحاظ المها عن قلوبنا
و بالرمل قاريُّ السهامِ مصيبُ
إذا أخفقَ القناصُ راح بكل ما
يرى مطعمٌ للصيد منه كسوبُ
قضى من دماءٍ ما استحلَّ وحلقتْ
به نيةٌ عما أشاط شعوبُ
فما هو بعد العنف إلا علالةٌ
أحاديثُ نفسٍ تفتري وتحوبُ
تسرك منها والدجى في قميصه
زخارفُ يحلو زورها ويطيبُ
فتطربُ والشادي بها سامرُ المنى
و تشربُ ما يسقى وجفنك كوبُ
حمى الله عينا من قذاها على الحمى
تجفُّ ضروعُ المزنِ وهي حلوبُ
إذا قلتُ أفنى البرق جمةَ مائها
مراها مرورُ البرقِ وهي جنوبُ
بكت وغديرُ الحيّ طامٍ فأصبحت
عليه المطايا الحائماتُ تلوبُ
و ما خلتُ قبلي أنَّ عينا ركيةٌ
و لا أنّ ملح الماقيينِ شروبُ
و ليلةَ ذاتِ البانِ ساهرتُ طالعا
من النجم لم يكتبْ عليه غروبُ
أسائلُ عن نومي وضوءِ صباحها
و أعيا فأيّ الغائبين يؤوبُ
سرتْ تخبط الوادي إلى ّ وصحبتي
طريحٌ على أقتابهِ وكئيبُ
أناخوا إلى تعريسةٍ قلَّ عمرها
فما هي إلا خفقةٌ وهبوبُ
فللريحِ منهم أعينٌ ومسامعٌ
و للتربِ منهم أذرعٌ وجنوبُ
فزارت فحيت ممسكا بفؤادهِ
له نازعٌ من شوقه وجذيبُ
فيا لك باقي ليلةٍ لو تخلصتْ
من الغشَّ يقذي صفوها ويشوبُ
و لكن نهاني الخوفُ قم أنت مدركٌ
و صاحَ الظلامُ الصبحُ منك قريبُ
و لم أدرِ أنَّ القربَ عينٌ حفيظةٌ
على ّ ولا أن الوصالَ رقيبُ
يخوفني عضَّ الزمان ومنكبي
رديدٌ على حملِ الزمانِ جليبُ
تعودتهُ لا خاضعا لخطوبه
و كيف وكلُّ العيش فيه خطوبُ
و كم غمزةٍ في جانبي لم أقل لها
ألمتِ وجرحى لو شكوتُ رغيبُ
تعمق فيها مخلبا ومنيبا
و أقلعَ والنبعُ الأصمُّ صليبُ
و هل أتغطى منه خوفا وموئلي
جنابٌ منيعٌ للوزير رحيبُ
و دوني منه إن مشى نحويَ الأذى
طرابٌ تدمى الناعلاتِ ولوبُ
و حصداءُ من نعماه كلُّ مسددٍ
له حيدٌ عن سردها ونكوبُ
حماني من الأيام أروعُ لو حمى
سبابيَ لم يقدمْ عليه مشيبُ
رعى شرفُ الدين العلا برعايتي
فما شمَّ ريحا حول سرحي ذيبُ
أثر بزلها يا طالبَ المجدِ والغنى
و خاطرْ بها فابنُ الخطارِ نجيبُ
و طرقْ هواديها الجبالَ وخلها
تجوبُ مع الظلماءِ حيث تجوبُ
تقدمْ بها فالسعدُ بالمرءِ مقبلٌ
و لا تتهيبْ فالشقاءُ هيوبُ
أقمْ بني عبد الرحيم صدورها
إذا حطَّ منها أو أمالَ لغوبُ
و غنَّ بهم أسماعها إن حدوتها
تحنّ إذا حنت لتطربَ نيبُ
ففي العيس قلبٌ مثلُ قلبك ماجدٌ
و سمعٌ إلى ذكرِ الكرام طروبُ
تميمْ أعالي دجلةٍ فانحُ شامةً
بحيثُ تبلُّ العيشَ وهو جديبُ
و ناص بها فرع الدجيلِ فعنده
مرادٌ يعمُّ الرائدين عشيبُ
و قلْ لعميد الدولة اسمعْ فإنها
ملاحمُ إن فتشتها وخطوبُ
لحظتَ ذرا أعجازها من صدورها
و بعضُ ظنونِ الألمعيَّ غيوبُ
و داويتها بالرأي حتى كفيتها
و ما كلُّ آراءِ الرجالِ طبيبُ
عجلتَ لها مستأنيا ما وراءها
و للآمرِ بادٍ ظاهرٌ وعقيبُ
خلصتَ خلوص التبرِ منها مسلماً
عليك وميضٌ صادعٌ ولهيبُ
و قالوا خطاءً مسرعا متعجلا
و قد يتأنى في الأمور طلوبُ
و أهونَ بالتغريرِ فيها كأنه
بجدّ الخطوبِ المثقلاتِ لعوبُ
و ما علموا أنَّ السهامَ موارقٌ
و لا أنّ خطواتِ الأسودِ وثوبُ
سهرتَ ونامَ الغمر عما رأيتهُ
ففزتَ وطرفُ الألمعيَّ رقوبُ
كأنَّ لك اليومَ المنعمَ صبحةٌ
و يومُ الحريصِ المستغرّ عصيبُ
و قالوا طوى بغدادَ بغضا وسلوةً
و بغدادُ مغنىً للحياة خصيبُ
و ظنوك إذ فارقتها أنَّ قلبها
على قلة الإعراض عنك يطيبُ
و قد تظعنُ الأشخاصُ والحبُّ قاطنٌ
و يكثر هجرُ البيتِ وهو حبيبُ
و ما الملكُ إلا جنةٌ عمّ نورها
و مذ غبتَ عنها سهمةٌ وشحوبُ
فكيف غدت شلاء لا بدمِ العدا
و لا بعطارِ الغانياتِ خضيبُ
بكى وحشةً وهو المغيضُ دموعهُ
و أنَّ لحرَّ الجرحِ وهو ضريبُ
و كنتَ له وجها ضحوكا فبشرهُ
عبوسٌ وقد فارقته وقطوبُ
يورى حياءً والندامةُ غصةٌ
لها خدشةٌ في صدره وندوبُ
إلى ماجدٍ في صدره قمرُ الدجى
إذا تمَّ راضٍ والهزبر غضوبُ
تقبلُ منه راحةٌ تقتلُ الصدى
تعلمَ منها المزنُ كيق يصوبُ
رستْ في الندى حتى استقرت عروقها
من البحرِ والعرقُ الكريمُ لصوبُ
يدٌ تعجبُ الأقلام من أنسِ سيفهِ
بها وهو فيما بينهنَّ غريبُ
إذا اختصموا قالت تأخرْ فإنما
لنا السبقُ فاتبعنا وأنت جنيبُ
فيأبى له الحدُّ المصمم أنه
يؤخرُ والأقلامُ عنه تنوبُ
و تجري هناتٌ بينهنّ وبينه
يحكمُ فيها فارسٌ وخطيبُ
فيجعلُ للأقلام فيها نصيبها
بحقًّ وللسيفِ الحسامِ نصيبُ
و قد زعموا أنَّ الحجا متكهلٌ
و أنّ رجالاتِ السيادةِ شيبُ
فلله منك المنتهى في إقبالهِ
و منْ ربَّ أمرَ الناس وهو ربيبُ
و منْ بسقتْ أغصانه فتفرعتْ
على الشجرِ العاديَّ وهو قضيبُ
و لا تبلِ أثوابَ الوزارةِ بعد ما
كستك بها الأيام وهي سليبُ
تقصمها قومٌ وما خلقتْ لهم
فهانوا ومن بعض الجمالِ عيوبُ
أتتك فصار الرقُّ في يدِ مالكٍ
و قد دنستها بذلةٌ وغضوبُ
و سالمَ معناها بسوددك اسمها
و بينهما في آخرين حروبُ
تنافى بيوتُ معشرٍ وبيوتها
و أنت لها في جانبيك نسيبُ
فما بيت إسماعيلَ عنها بنازحٍ
و لا أنْ بها عبدُ الرحيم غريبُ
فلو هبَّ ميتٌ من كراه فقام أو
تطلعَ مرموسُ الجبين تريبُ
لقرتْ عيونٌ أو لسرتْ مضاجعُ
بأنك ميراثٌ لها وعقيبُ
إذنْ لرأت منك الذي الشمسُ لا ترى
بأنجمها في الأفق حين تغيبُ
نشرتَ لهم فخرا يعيشُ حديثهُ
و يخلقُ عمرُ الدهر وهو قشيبُ
لئن عمَّ شرٌّ أو أسرتْ ضغائنٌ
ببغيٍ فإنّ الله عنك حسيبُ
و قد علمتْ نجوى رقاك عقاربٌ
لها نحوكم تحت الظلام دبيبُ
و لم تك إلا هفوةً واستقالها ال
زمانُ وذنبا وهو منه يتوبُ
و لا بدَّ للإقبال من يومِ عودةٍ
تدافعُ عنه العينُ حين تصيبُ
و كم رافعٍ لي بالعداوةِ صوتهُ
يهبهبُ في إبعادهِ ويهيبُ
قوياً على ظلمي بسيفِ عدوكم
و عهدي به بالأمس وهو يخيبُ
يظنّ وحشاكم عراي تقطعتْ
و أني أخيذُ والزمان طليبُ
و أنَّ قناتي بعدكم ستلينها
ضروسٌ له مذروبةٌ ونيوبُ
و لم يدرِ أنّ الشامَ لو حالَ دونكم
و زيلتهُ عنكم لكنتُ أصيبُ
فقلتُ لفيكَ التربُ أو فوقك الحصى
تغيبُ أسودُ الغابِ ثمّ تؤوبُ
غداً تطلعُ الراياتُ والنصرُ تحتها
كتيباً يوليهِ النجاحَ كتيبُ
ترى المجدَ في أطرافها خافقَ الحشا
سرورا بما ضمت وأنتَ كئيبُ
و بغدادُ طلقٌ وجهها متبسمٌ
و للملكِ من بعد الخمودِ شبوبُ
بشائرُ لي في مثلهنَّ مواقفٌ
أصدق فيها والزمانُ كذوبُ
مجريةٌ فيكم كأنَّ عيونها
لها خلفَ أستارِ الغيوبِ ثقوبُ
تمرّ لكم طيرى يمينا بزجرها
على مشهدٍ مني وحين أغيبُ
نشدتكمُ باللهِ كيف رأيتمُ
مناجحها والعائفات تخيبُ
فقولوا نعمْ وفقتَ وأرعوا ذمامها
غداً وغدٌ للناظرين قريبُ
بكم يا بني عبد الكريم أنجلي القذى
و أصبحَ وعرُ الجودِ وهو لحيبُ
إذا أجدبتْ أرضى وسدتْ مواردي
فعنكمُ لي روضةٌ وقليبُ
و لما رأيتُ الحبَّ في الهزلِ سنةً
عشقتكمُ والعاشقون ضروبُ
فمن يعطِ منكم طالبا فوق حقهِ
فحقيَّ دينٌ لازمٌ ووجوبُ
فلا قلصتْ عني سحائبُ ظلكم
فمنها مرذٌّ تارة وسكوبُ
و لا عدمتكم نعمةٌ خلقتْ لكم
و دنيا لكم فيها الحياة تطيبُ
يزوركم النيروز مقتبلَ الصبا
و قد دبَّ في رأس الزمان مشيبُ
تصوح أغصانُ الأعادي وغصنكم
من السعد ريانُ النباتِ رطيبُ
دعاءٌ حيالى فيه ألفُ مؤمنٍ
توافقُ منهم ألسنٌ وقلوبُ