هلم فما بيني وبينك ثالث

هلُمَّ فما بيني وبينَكَ ثالثُ

​هلُمَّ فما بيني وبينَكَ ثالثُ​ المؤلف لسان الدين الخطيب


هلُمَّ فما بيني وبينَكَ ثالثُ
وقد غفَلَتْ في الحبِّ عنا الحوادِثُ
وما ثَمَّ غيرُ الكاس والآسي والهَوى
وغيرُ المثاني ساعَدَتْها المثالثُ
أفي الحق يا أخت الغَزالة أنني
أجدُّ بأشواقي ولحظُكَ عابِثُ
أعوذُ بصبري من جفونٍ مريضةٍ
لها مرضٌ في القلب مني لابثُ
ووالله ما تُغني ولا تنفعُ الرُّقى
وهاروتُها في عُقدةِ السِّحر نافثُ
إذا هزَّ غصنُ البان عاطِرَ نسمةٍ
مع الفجرِ هزتني إليك البواعثُ
وما كان عهدٌ في هواك عقدتُهُ
لينكُثَهُ حتى القيامة ناكِثُ
هل العيشُ إلا الوصلُ في عَقِبِ الكرى
وللشَّوق داع في القلوب وباعِثُ
وكأس عتابٍ في الهوى نُقْلُها الرضا
يدير حمَّياها النَّديمُ المحادِثُ
جزى الله عنَّا الدَّهرَ خير جزائهِ
وإن سَبَقَتْ منه خُطوبٌ كوارثُ
غنِينا فلم نحتَجْ إلى البدر والحيا
إذ ضَنَّ غَيْثٌ أو إذا جنَّ حادث
لئن غرَّ بدرُ الأفق فضل انفرادِهِ
فبين القصورِ البيض ثانٍ وثالِثُ
وإن حلف الغيْثُ السَّكوبُ بأنه
أعمُّ ندى من يوسفِ فهو حانِثُ
سجاياه تَروي من حديث كَمالِهِ
صحائفَ فيها للعُلاء مباحِثُ
مثابة مجدٍ بين سعدٍ عبادَةٍ
ونصر زكا منهم قديمٌ وحادِثُ
فلا يُنْقَضُ الرأي الذي هو مُبرِمٌ
ولا يحذر الجيشُ الذي هو باعِثُ
غنيٌّ بحفظ الله عن حفظ نفسِهِ
إذا خيفَ أمرٌ أو تُوُقِّعَ حادِثُ
أمولاي إن حُدِّثْتَ عن سحر بابلٍ
فإني بالسِّحرِ الحثيثِ لنافِث
أتتك تروقُ العينَ خُبْراً ومخْبراً
كما جَلَبَ النَّوْرَ الرِّياضُ الدمائثُ
فدُم للعلا زيناً وللدينِ عُدَّةً
وللملك سيفاً تتقيهِ الحوادثُ
فمُلكُكَ للأملاكِ لا شكَّ غالِبٌ
وعمرُكَ للأعمارِ لا شكَّ وارِثُ