أأبا الحسين كفيت ما بعد الردى

أأبا الحسينِ كفيتَ ما بعد الردى

​أأبا الحسينِ كفيتَ ما بعد الردى​ المؤلف الشريف المرتضى


أأبا الحسينِ كفيتَ ما بعد الردى
فلقد قضيتَ ردىً برغم معاطِسِ
ما دار في فكري فراقك هكذا
دون الأنام ولا جرى في هاجسي
وذخرتُ منك مودَّةً فسُلِبْتُها
والدَّهرُ مشغولٌ بسلبِ نَفائسي
ما كنتَ من جِنسي ولامن أُسرَتي
و لنتَ بالودّ الصحيح مجانسي
صانعتُ فيك معاشراً وكتمتهمْ
وجدي عليك وصبوتي ووساوسي
وحبستُ دمعي أنْ يسيلَ تجمُّلاً
لو كان دمعٌ لا يسيلُ لحابسِ
ولقد لبستَ منَ الزَّمان جلالَهُ
وجلستَ منه في أعزِّ مجالسِ
وحكمتَ في الملكِ الذي ماحَكَّموا
فيه سوى ماضي العزيمةِ سائسِ
و رأيت دونك كلَّ ذي " خيريةٍ "
سامي البنيةِ في علاً متشاوسِ
وفرجتَ بالآراءِ ضِيقَ شديدةٍ
و محوت بالأضواء ضيقَ حنادسِ
و ضربت بالأسيافِ كلَّ مسايفٍ
و دعستَ بالأرماحِ كلَّ مداعسِ
ورددتَ ذا لَجَبٍ يضيقُ به الفَلا
ملآنَ مِن جُنَنٍ له وقوانسِ
وأريتَ أنَّ فوارساً في طيَّةٍ
بالطعن في اللبات غيرُ فوارسِ
وإذا أناسٌ نافسوك وقدّروا
أن يلحقوك فضحتَ كلَّ منافسِ
أو ناضلوك فَضَلْتَهُمْ بصوائبٍ
أو زاحموك زحمتهمْ بقدامسِ
وركبتَ كلَّ مُطاوعٍ مُتعطِّفٍ
لما ابتلوا بروافسٍ وشوامس
وإذا اختبرتَ ففي الزَّمانِ أكايسٌ
حازوا الكمالَ وفيه غيرُ أكايسِ
في كلَّ يومٍ لي حميمُ مودةٍ
أعطيهِ من فَقْدٍ يمينَ الرَّامِسِ
وأصونُهُ بالتُّربِ والتُّربُ الذي
فيه أكفُّ دوارسٍ وكوامسِ
وأودُّ أنِّي بعدَ ذاك لقيتُهُ
لو يلتقي حيٌّ بميتٍ دارس
و غذا رجعتُ رجعتُ صفراً " يائساً "
عن مُقفرٍ من كلِّ شيءٍ يابسِ
و هو الزمانُ فعبرةٌ لمغفلٍ
أَطوارُهُ أو ضُحكةٌ للعابِسِ
أيردُّ ما أعطاك غيرَ ملبثٍ
من بعد أن أعطاك غيرَ مماكسِ؟
و غذا نجونا من خطوبِ ملمةٍ
- عرضت لنا - تأتي نيوبُ نواهسِ
أين الألى حلوا السماءَ وعارضوا
زُهْرَ النُّجومِ مقابساً بمقابسِ
فاستفرشوا الكرمَ المبرَّ على الورى
عَفْواً مكانَ نمارِقٍ وطَنافِسِ
و سرى لهمء ذكرٌ ذكيٌّ عرفهُ
شرقاً وغرباً في ظهور عرامسِ
و كأنّ أوجههمْ بحسنٍ صقلتْ
قُضُبُ الوغَى مصقولةٌ بمداوسِ
من كلّ ممتعضِ الحميةِ آنفٍ
ذي مارنٍ في الذُّلِّ ليس بعاطسِ
أخنى الزمانُ عليهمُ وسقاهمُ
كأسَ الحمامِ فما ترى من نابسِ
فكأنهمْ عصفٌ تحكمُ غدوةً
و عشيةً فيه هبوبُ روامسِ
كانتْ ديارُهُمُ نهاراً مُشرقاً
فالآن عُدْنَ كجُنحِ ليلٍ دامِسِ
و برغمهمْ من بعد أن سكنوا الذرا
سكنوا بطونَ صفاصفٍ وبسابسِ
لا زال قبرك يا محمدُ مفهقاً
من كلِّ منهمِرِ السَّحائبِ راجِسِ
صخبِ الرعودِ كأنما أجراسهُ
صبحاً وإمساءً زئيرُ عنابسِ
وإذا القبورُ دُرِسْنَ يوماً فليكُنْ
قبرٌ به وسِّدْتَ ليسَ بدارسِ