أأحبابنا ما مصر بعدكم مصر
أأحبَابَنَا ما مصُر بعدَكُمُ مِصرُ
أأحبَابَنَا، ما مصُر بعدَكُمُ مِصرُ
ولكنَّها قَفْرُ، إليكُم بها فَقْرٌ
وإن تخل يوماً بقعة من شخوصكم
فلم يَخلُ يوما من مودَّتِكْم صَدْرُ
وإن تنئكم عنا المهامه والسرى
تقربكم منا المودة والذكر
رحلتُم، فعادَ الدّهرُ ليلاً بأسرِه
وليسَ له إلا بأوبِتكم فجْرُ
ترى فاض ما ألقى نم الهم والأسى
لبْعدكُم، فاسودَّ من صبِغه الدَّهرُ
وكيف ألوم الليل إن طال بعدكم
وقد غاب عني منكم الشمس والبدر
تذكره أحبابه الأنجم الزهر
فيَا ويحَه ماذَا بِه صنعَ الذِّكُر
هم مثلها بعداً ونوراً ورفعةً
ولكن لهَا، إذْ شُبِّهت بهم، الفَخْرُ
وقد كنتُ أشكُو هجرَهُم في دُنوِّهم
فمن لي لو دام التداني والهجر
سقى مصر جود الصالح الملك إنه
هُو الوابلُ المُحِي البريَّةِ لا القَطرُ
ففيها كرامُ أسْعَرُوا بِجَوانِحى
ببعدهُمُ جمراً، به يُحرَق الجَمرُ
ومن عادتي الصبر الجميل وليس لي
عَلَى بُعدِهِم، لادرُّ النَّوى، صَبرُ
إذا ما أمين الدين عن ادكاره
ذهلت كأني خامرت لبي الخمر
يذكِّرُنِيه الفاضلُون، وإن غَدَوْا
جَداوِلَ إن قِيسُوا به، وهو البحرُ
إذا حضر النادي فرضوى رجاحةً
وإن قَال فالدُّرُّ المنظَّمُ والسِّحرُ
ويعجبني منه تدفق علمه
وأعجب منه كيف يجمعه صدر
تناءت بنا الداران والود مصقب
فللقُربِ شطرُ، والبِعادُ لهُ شطرُ
كأن الليالي إذ قضت بفراقنا
قضى جورها أن ليس تجمعنا مصر
أَحُلُّ بها إن غابَ عنها، وإن أَغِب
يحلُّ بها، فاعجبْ لما صنعَ الدّهرُ
فليت تلاقينا ولو بعض ساعة
يْحَمُّ وشِيكا، قبل أن ينفَذَ العمرُ
لأحظى برؤياه وأشكر منه
وإن لم يقم عني بواجبه الشكر