أبر على الألواء نائلك الغمر
أبر على الألواء نائلك الغمر
أبَرَّ عَلى الألْوَاءِ نَائِلُكَ الغَمْرُ،
وَبِنْتَ بفَخْرٍ مَا يُشاكِلُهُ فَخْرُ
وَأنْتَ أمِينُ الله في المَوْضِعِ الّذِي
أبَى الله أنْ يَسمو، إلى قَدرِهِ، قَدْرُ
تحَسّنَتِ الدّنْيَا بعَدْلِكَ، فاغتدَتْ
وَآفَاقُها بِيضٌ، وَأكنافُها خُضْرُ
هَنيئاً لأهْلِ الشّامِ، إنّكَ سَائِرٌ
إلَيْهِمْ مَسيرَ القَطْرِ، يَتبَعُهُ القَطْرُ
تَفيضُ كمَا فاضَ الغَمامُ عَلَيْهِمِ،
وَتَطلُعُ فيهِمْ مثلَما يَطْلُعُ البَدْرُ
وَلَنْ يَعدَمُوا حَسناً، إذا كنتَ فيهمِ،
وَكانَ لَهُمْ جادينِ: جُودُكَ وَالبحرُ
مضَى الشّهرُ مَحمُوداً، ولوْ قال مخبراً
لأثنى، بما أوْلَيتَ أيّامَهُ، الشّهْرُ
عُصِمْتَ بتَقوَى الله وَالوَرَعِ الّذي
أتَيتَ، فَلا لَغوٌ لديك وَلا هُجْرُ
وَقَدّمتَ سَعياً صَالحاً لكَ ذِخْرُهُ،
وَكلُّ الذي قدّمتَ من صَالحٍ ذُخْرُ
وَحالَ عَليكَ الحَوْلُ بالفِطْرِ مُقبِلاً،
فبِالْيُمْنِ وَالإيمانِ قابَلَكَ الفِطْرُ
لَعَمرِي لقَد زُرْتَ المُصَلّى بجحفلٍ،
يُرَفْرِفُ في أثْناءِ رَاياتِهِ النّصْرُ
جِبَالُ حَديدٍ تحتَها الناسُ في الوَغى،
وَفيها الضّرَابُ الهَبرُ وَالعَدَدُ الدَّثْرُ
وَسِرْتَ بمُلْكٍ قَاهِرٍ وَخِلافَةٍ،
وَما بكَ زَهْوٌ، بَينَ ذَينِ، وَلا كِبرُ
عَلَيْكَ ثِيابُ المُصْطَفَى وَوَقَارُهُ،
وَأنتَ بهِ أوْلى إذا حَصْحَصَ الأمْرُ
عِمَامَتُهُ، وَسَيْفُهُ، وَرِداؤهُ،
وَسيماهُ، وَالهَدْيُ المُشاكلُ، وَالنَّجرُ
ولَمّا صَعِدْتَ المِنبَرَ اهتَزّ وَاكتَسَى
ضِيَاءً، وَإشرَاقاً، كما سطَعَ الفَجرُ
فَقُمْتَ مَقَاماً يَعْلَمُ الله أنّهُ
مَقَامُ إمَامٍ، تَرْكُ طَاعَتِهِ كُفْرُ
وَذَكّرْتَنَا، حَتّى ألَنْتَ قُلُوبَنَا،
بمَوْعِظَةٍ فَصْلٍ، يَلينُ لهَا الصّخرُ
بهَرْتَ عقُول السّامعينَ بخِطْبَةٍ،
هيَ الزّهَرُ المَبثوثُ وَاللّؤلؤُ النّثْرُ
فَمَا تَرَكَ المَنْصُورُ نَصرَكَ عِندَها،
وَلا خانَكَ السَّجّادُ فيها وَلا الحَبرُ
جُزِيتَ جَزَاءَ المُحسِنينَ عنِ الهُدَى،
وَتَمّتْ لَكَ النُّعمَى، وَطالَ لك العمرُ
إرَادَتُنا أنْ تُكمِلَ العَيشَ سالماً،
وَتَبقَى عَلى الأيّامِ ما بَقيَ الدّهْرُ
عَلى الله إتْمَامُ المُنَى فيكَ كلِّهَا،
لَنَا، وَعَلَيْنَا الحَمدُ لله وَالشّكرُ