أبكاه شيب الرأس لما ابتسم

أبكاهُ شيبُ الرأسِ لما ابتسمْ

​أبكاهُ شيبُ الرأسِ لما ابتسمْ​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


أبكاهُ شيبُ الرأسِ لما ابتسمْ
وعادَهُ في السقم طيفٌ ألَمَ
من غادةٍ في وصل هجرانها
يَقْنَعُ منها بوصالِ الحُلُم
صوّرَ منها شوقهُ صورةً
في فكرةٍ ساهرةٍ لم تنم
قالقلبُ يُذكي جذوةً تلتظي
والعينُ تُدري عبرةً تنسجم
غيداءُ تاجُ الحسنِ من غيرها
يُضحِي لديها وهو نَعْلُ القدم
أثمرَ بالرّمان من قَدّها
غُصْنٌ ومن أطرَافها بالعَنَم
لمياءُ تبدي الدرّ من أشنبٍ
يحرق بالأنوار جُنحَ الظُّلم
يُبرِدُ حرّ الشّوق ترشافُهُ
عنكَ بمعسولِ الثنايا شَبم
كأنما برقٌ ومسكٌ به
إليه يدعوك بشَيمٍ وشمّ
والصبحُ في مشرقه هازمٌ
والليلُ في مغربه منهزم
أرى اختلافَ الناس دانوا به
في صِيدِ عُرْبٍ منهم أو عجم
وابنُ عليّ حسنٌ سيّدٌ
بلا خلافٍ في جميع الأمم
مُملَّكٌ في كفّه صارم
عزّ به دين الهدى واعتصم
مُبَدِّدُ المعروف من كفّه
وللعلى شملٌ به منتظم
منفّذُ الأمرِ كريمٌ إذا
قالَ: نعم فابْشِرْ بنيلِ النّعم
ومُرهفٍ الحدّ إذا سَلّهُ
سال إلى ضرب الطلى واضطرام
يخطفُ رأسَ الذِّمْرِ قطفاً به
كَحذفِ حرف اللين جزماً بلم
يصرّفُ الرمحَ على طوله
كأنما صُرّفَ منه قلم
لئن همى من راحتيه الحيا
فالبدرُ منه يحتبي بالديم
يُهْدِى به مَنْ ضَلّ في ليله
توقُّدَ النارِ برأسِ العلم
تُقبِّلُ الآمالُ منه يدا
فهي لأفواه الورى مُستلم
منتصرٌ بالله في حربه
لله من أعدائه منتقم
في رَبْعِهِ الرحبِ سماءُ العلى
طالعٌ فيها نجومُ الهمم
كم ضربةٍ أوسعها سيفهُ
فهو لسانٌ ناطقٌ وهي فم
تعدو سراحينُ الوغى حوله
مجلِّحاتٍ بأسودِ الأجم
يا من وجدنا الجودَ من بذله
ملءَ الأماني، وعدمنا العدم
بقيتَ في الملك لِصونِ العلى
ونضرةِ الدين، ورَعي الذمم