أبكيك للحسنين الخلق والخلق

أبكيك للحسنين الخلق والخُلق

​أبكيك للحسنين الخلق والخُلق​ المؤلف ابن نباتة المصري


أبكيك للحسنين الخلق والخُلق
كما بكى الروض صوب العارض الغدق
تبكيك رقة لفظي في مهارقها
يا غصن فاسمع بكاء الورق في الورق
وما أوفيك يا عبد الرحيم وإن
بكت لك العين بعد الماء بالعلق
ما زال مبيضّ دمعي داعياً لدمي
حتى بكيت ظلال الحسن بالشفق
وخددت فوق خدي للبكا طرق
حتى رويت حديث الحزن عن طرق
يا ساكن اللحد مسرور المقام به
أرقد هنيئاً فإني دائم الأرق
وإن تعرض لي في الليل طيف كرى
فلا تشقني وغيري سالياً فشق
صح الوداد لقلبي والأسى فلذا
أبكيك بالبحر لا أبكيك بالملق
بنيّ لولاك ما استعذبت ورد بكا
ولا أنست بتسهيد ولا أرق
ليصنع الدمع والتسهيد ما صنعا
فإن ذلك محمول على الحدق
بنيّ لا وجبينٍ تحت طرته
لم يخل حزنك لا صبحي ولا غسقي
يهيّج الليل ناراً فيك أنكرها
فإن صدقت فقلبي ليلة الصدق
ويجلب الصبح لي مما آساء به
بياض شعر فيا فرقي ويا فرَقي
بنيّ إن تسق كاسات الحمام فكم
مليك حسن كما شاء الزمان سقي
بنيّ ان الردى كأس على أممٍ
ما بين مصطبح منها ومغتبق
وللهلال على الأعمار قاطبة
فترٍ يحاول منها كل مختنق
والعمر ميدان سبق والحمام له
مدى وكل الورى جارٍ على طلق
مارد سيف الردى سيفُ ابن ذي يزن
ولا نجا تبع في الزعف والخلق
ولا أحتمي عنه ذو سنداد في شرف
ولا اختفت دونه الزباء في نفق
كم نائح كالصدى مثلي على ولدٍ
يقول واحرقي إن قلت واحرقي
ولا كمثلي في حزن فجعتُ به
لكن أعلق صبري فيه بالعلق
أدنيت للطرف قبراً أنت ساكنه
عسى أساعد في شجوي وفي قلقي
بالرغم ان بات يدر الأفق معتلياً
وبات بدريَ مدفوناً على الطرق
كأنني لم أغن الليل من طرب
ليل الحمى بات بدري فيك معتنقي
يا ترب كم من فتور قد نثرت بها
أعضاء حسن كمثل اللؤلؤ النسق
وكم تركت بها كفاً بلا عضد
وقد توسدها رأس بلا عنق
آهاً لها حسرات لو رميت بها
ثهلانَ خلّ حصاة القلب لم يطق
وأوجهاً كخلاص التبر قد جليت
على الحمام عليها لؤلؤ العرق
كانت رياضاً لمستجلٍ فما تركت
منها الليالي سوى ذكر لمنتشق
بنيّ ليتك لم تعرف ولاءك في
حبي فرحت بدمعي شاكيَ الغرق
وليت نجمك لم يشرق على سحري
وليت برقك لم يومض على أفقي
ما كان أقصر أوقات بك استرقت
فليت عمريَ مقطوعٌ على السرق
ما كان أهداك في السن الصغير الى
فضل تجمع فيه كل مفترق
فإن يغب منك عن جفني عطارده
فقد رسيت بفكر فيه محترق
مضيت حيث بقايا العمر تضعف لي
واطول حزني مما قد مضى وبقي
لا أهملتك عيونُ السحب هاملة
ولا بعينيك ما يلقى الحشا ولقي
فما أظنك ترضى حالة نعمت
وأن قلبي بنيران الهموم شقي
قد أخلقت جسدي أيدي الأسى فمتى
للأرض ترمي بهذا الملبسِ الخلق