أبى القلب إلا وجده برخاص

أبى القلب إلا وجده برُخاصِ

​أبى القلب إلا وجده برُخاصِ​ المؤلف ابن الرومي


أبى القلب إلا وجده برُخاصِ
فليس له منها أوانُ خلاصِ
مهارةٌ رآها في مَرادٍ من الصِّبا
تُراعي مها ليست لهن صياصي
كلؤلؤة البحرِ التي ظل بُرهةً
يغوصُ لها الغواص كلَّ مغاص
تراها فلا تَزْهى سِنيها بطائلٍ
وإن كنت تزهى شخصها بشخاص
إذا قلتُ عِيبوها لديّ لعلها
تحلُّ بوادٍ عن فؤادي قاصي
أبوْا عيبَ من لا عيبَ فيه وإنهم
على عيبها عندي لجِدُّ حِراص
تمثَّلُ للأوهام عند مغيبها
تمثُّلَ قرنِ الشمس تحت نشاص
فيُحجمُ عنها العائبونَ مهابةً
وما بهمُ إذ ذاك خوفُ قِصاص
إلى آلِ يحيى جاوزتْ بي مطيتي
أقاصي أرضٍ بعدهُن أقاصي
ولما تناهى بي مسيري إليهمُ
أنختُ قلُوصي في مُناخ قلاص
إلى معشر لا يطرقُ الضيفُ مثلهم
سماحةَ أخلاقٍ ورُحبَ عِراص
إذا استأثر المِبطان بَاتُوا وأصبحوا
خِماصاً وما ضِيفانُهم بخماص
تواصوا ببذل العُرف بل بعثتهم
عليه سجاياهم بغيرِ تَواصي
ولو أقصروا عن سعيهم لكفتْهُم
مواريثُ مجدٍ للسِّماك مُناصي
ولكن أبوا إلا مساعي سادةٍ
مصاصٍ من السادات نجلِ مصاص
تغالوا مديح المادحين فأصبحت
بضائعُهُ في الناس غيرَ رِخاص
ولم يتغالوُهُ لكي يَرْقعُوا به
رثاثا من الأحساب ذات خصاص
هُمُ لوجوه الناس في المجد آنفٌ
وهمْ لرؤوس الناس فيه نَواصي
تيمَّمْتُ منهمْ بالمديح مُمدّحا
يطاوعُ فيه القولُ حين يُعاصي
عليُّ بن يحيي ذو الجناب الذي غدا
مراد القوافي روضهُ المتناصي
جوادٌ ينادي الهاربين عطاؤهُ
إلى أين مني لات حين مناص
عصى الله في الإسراف غيرَ معاندٍ
وليست معاصي ماجدٍ بمعاصي
إذا حاول العذَّالُ في الجودِ عذله
تفادوا وهل يَخْصي أسامة خاصي
يُهالونَ من بحرٍ تسامَى حِدابُه
وتقْمُصُ بالركبان أيَّ قُماص
أبا حسن لولا سماءٌ بعثتَها
لصوَّح نبتُ الأرضِ غيرِ عناص
فضلْت أخاك الغيثَ بالعلم والحِجى
وحاصصْتَه في الجود أيّ حِصاص
على أنه يمضي وأنت مخيِّمٌ
سماؤك مِدرار وروضُك واصي
متى ما يجد يوماً سواك فإنه
بخيلٌ عصته من يديه عواصي
وأنت الذي يستنجدُ السيفُ رأيه
على كلِّ عاتٍ للخليفةِ عاصي
لك الكيد يمضي في الكَميِّ ودونه
دِلاصٌ من الماذِيِّ فوق دلاصِ
تهزُّ به في الخَطب سيفا مُذكّرا
إذا هزّ أقوامٌ سيوفَ رَصاص
ولو حارب الدهرَ النساءُ وكِدنه
لأصبح مغلوباً أسيرَ عِقَاص
بك اجتمع الملكُ المبدّدُ شملهُ
وضُمَّت قواصٍ منه بعد قواصي
تداركتَه بالأمسِ من مُصمئلَّةٍ
أشابتْ من الولدان كلَّ قُصاص
إذا أنا قلتُ الشعر فيك تغايرت
قوافيه حتى بينهُنَّ تناصي
يا مُستقرّ العار والنّقص
أغنتْ مخازيك عن الفحصِ
أنت الذي ليست لسوآتِه
ولا لنُعْمى الله من مُحصي
لولا أبو الغوث عميدُ العلا
والماجد الحر أبو حفص
جاءك عني منطقٌ مُمرِضٌ
أدْبَغُ للجلد من العَفْص
إني وإن غُيِّبتُ عن طيءٍ
أهلِ العلا والمجد والقَبْص
لواجدٌ فيك بلا فِريةٍ
مشاتما تُغني عن النصِّ
معايبُ الناس وسوآتُهمُ
قد جُمعت لي منك في شخص