أجدك بعد أن ضم الكثيب

أجدك بعد أن ضمَّ الكثيبُ

​أجدك بعد أن ضمَّ الكثيبُ​ المؤلف مهيار الديلمي


أجدك بعد أن ضمَّ الكثيبُ
هل الأطلالُ إن سئلتْ تجيبُ
و هل عهدُ اللوى بزوردَ يطفى
أوامك إنه عهدٌ قريبُ.
أعدْ نظراً فلا خنساءَ جارٌ
و لا ذو الأثل منك ولا الجنوبُ
إذا وطنٌ عن الأحبابِ عزى
فلا دارٌ بنجدَ ولا حبيب
يمانيةٌ تلوذُ بذي رعينْ
قبائلها المنيعةُ والشعوب
حمتها أن أوزرَ نوىً شطونٌ
براكبها ورامحةٌ شبوبُ
ململمةٌ تضيقُ العينُ عنها
إذا شرقتْ بجمتها السهوبُ
و معجلةٌ عن الإلجام قبٌّ
أعنتها إلى الفزع السبيبُ
و إنك بالعراقِ وذكرَ حيًّ
على صنعاءَ للحلمُ الكذوبُ
لعلّ البانَ مطلولاً بنجدٍ
و وجهَ البدرِ عن هندٍ ينوبُ
ألا يا صاحبيَّ تطلعا لي
أشىَّ هل اكتسى الأيك السليبُ
و هل في الشرب من سقيا فإني
أرى في الشعبِ أفئدةً تلوبُ
أكفكفُ بالحمى نزواتِ عيني
و قد غصتْ بأدمعها الغروبُ
و أحلمُ والمطايا يقتضيها
دوينَ حنينها الحادي الطروبُ
فمنْ يجهلْ به أو يطغَ شوقٌ
فشوقي لا أبا لكما لبيبُ
و بيضٍ راعهنَ بياضُ رأسي
فكلُّ محببٍ منى ّ معيبُ
عددنَ مذ التثمتُ به ذنوبي
و قبلَ الشيبِ أحبطتِ الذنوبُ
يجدُّ المرءُ لبستهُ ويبلي
و آخرُ لبسةِ الرأسِ المشيبُ
و كنتُ إذا عتبتُ على الليالي
و في وجهي لها لونٌ نسيبُ
أطاعَ شبابها حفظاً شبابي
فجاءت من إساءتها تنيبُ
فما بالي أرى الأيامَ تنحى
عليَّ مع المشيبِ وهنّ شيبُ
عذيري من سحيلِ الودّ نحوى
حقيبةَ رحلهِ مرسٌ تخيبُ
و فيَ لي وهو محصوصٌ وأضحى
غداةَ ارتاش وهو عليَّ ذيبُ
و محسودٍ عليَّ تضيقُ عني
خلائقهُ وجانبهُ رحيبُ
لطيتُ له فغرَّ بلين مسىَّ
و ربَّ كمنيةٍ ولها دبيبُ
توقَّ عضاضَ مختمرٍ أخيفتْ
جوانبهُ وفي فيه نيوبُ
فإن الصلَّ يحذرُ مستميتاً
و تحتَ قبوعهِ أبداً وثوبُ
و لا تثلمْ ودادك لي بغدرٍ
فقد يتثلم النسبُ القريبُ
أنلني بعضَ ما يرضي فلو ما
غضبتُ حماني الأنفُ الغضوبُ
و منْ هذا يردّ عنانَ طرفي
إليك إن استمرّ بي الركوبُ
سترمي عنكَ بي إبلي بعيدا
و تنتظرُ الإيابَ فلا أؤوبُ
و ربتما أتاكَ بنشرِ صيتي
و واسعِ حاليَ النبأُ العجيبُ
أخوفُ بالخيانةِ من زماني
و قد مرنتْ على القتبِ الندوبُ
و ما وادعتهُ منذ احتربنا
على سلمٍ فتوحشني الحروبُ.
و كيف يريبني منه بيومٍ
زمانٌ كلهُ يومٌ مريبُ
و إني مذ غدت هممي سيوفا
لأعلمُ أنني أبدا ضريبُ
و ما جنتِ الذي يجنيه قلبي
على جسمي العداةُ ولا الخطوبُ
لئن أبصرتني رثاً معاشي
أطوفُ حولَ حظيَ أو أجوبُ
فتحتَ خصاصتي نفسٌ عزوفٌ
و حشوَ معاوزي كرمٌ قشيبُ
سلي بيدي الطروسَ وعن لساني
فواركَ لا يلامسها خطيبُ
لها وطنُ المقيم بكلَّ سمعٍ
تمرّ به وسائرها غريبُ
بوالغُ في مدى العلياءِ لو ما
أعان ركودها يوما هبوبُ
لئن خفتْ على قومٍ ودقتْ
فما يدعى بها منهم مجيبُ
و نفرها رجالٌ لم يروحْ
على أفهامهم منها عزيبُ
فعند مؤيدِ الملكِ اطمأنتْ
و ضمّ شعاعها المرعى الخصيبُ
فكم حقًّ به وجدَ انتصافاً
وظنًّ في نداهُ لا يخيبُ
و واسعةِ الذراعِ يغرُّ فيها
عيونَ العيسِ رقاصٌ خلوبُ
إذا استافَ الدليلُ بنا ثراها
أرابَ شميمه التربُ الغريبُ
تخفضنا وترفعنا ضلالاً
كما خبتْ براكبها الجنوبُ
إذا غنتْ لنا الأرواحُ فيها
تطاربتِ العمائمُ والجيوبُ
عمائمُ زانها الإخلاقُ ليثتْ
على سننٍ وضاءتها الشحوبُ
قطعناها إليك على يقينٍ
بأنَّ الحظَّ رائدهُ اللغوبُ
ترى ما لا ترى الأبصارُ منها
كأنَّ عيونها فيها قلوبُ
إلى ملكٍ مخضرةٍ رباهُ
جمادُ الرزقِ من يدهِ يذوبُ
يغيضُ بنا ويملحُ كلُّ ماءٍ
و ماءُ بنانه عدٌّ شروبُ
تناهتْ عنه أقدامُ الأعادي
كأنّ رواقه الغابُ الأشيبُ
إذا ركب السريرَ علاَ فأوفىَ
على مرباتهِ أقنى رقوبُ
يعولُ الأرضَ ما كسبتْ يداهُ
و ما كلُّ ابنِ مرقبةٍ كسوبُ
متينُ قوى العزيمةِ ألمعيٌّ
إذا ما ارتابَ بالفكرِ الأريبُ
يريه أمسِ ما في اليومِ رأيٌ
تملُّ على شهادته الغيوبُ
بِذبك من وراء الملكِ قامت
دعائم منه والتأمتْ شعوبُ
حملتَ له بقلبك ما تركتَ ال
جبالَ به تفاخرها القلوبُ
تضرمُ فتنةٌ وتضيقُ حالٌ
و صدرك فيهما ثلجٌ رحيبُ
و كم أشفى به داءٌ عضالٌ
و صنعُ اللهِ فيك له طبيبُ
طلعتَ على البلاد وكلُّ شمس
تضيء قد استبدَّ بها الغروبُ
و قد قنط الثرى وخوتْ أصولُ ال
عضاهِ وصوحَ العشبُ الرطيبُ
و نارُ الجورِ عاليةٌ تلظى
و داءُ العجزِ منتشرٌ دبوبُ
فكنتَ الروضَ تجلبه النعامىَ
و ماءَ المزنِ منهمرا يصوبُ
كأنك غرة الإقبالِ لاحت
بعقبِ اليأسِ والفرجُ القريبُ
هنا أمَّ الوزارةِ أن أتاها
على الإعقامِ منك ابنٌ نجيبُ
و أنك سيد الوزراءِ معنىً
به سميتَ والألقابُ حوبُ
و لو أتتِ السماءُ بمثلك ابناً
لما كانت طوالعها تغيبُ
بك اجتمعتْ بدائدها ولا نت
معاطفها ومعجمها صليبُ
فلا تتجاذب الحسادُ منها
عرى يعيا يمرتها الجذيبُ
و لا يستروحوا نفحاتِ عرفٍ
لها بثيابِ غيرك لا تطيبُ
نصحتُ لهم لو أنّ النصحَ أجدى
و لم يكن المشاورُ يستريبُ
و قلتُ دعوا لمالكها المعالي
ففي أيديكمُ منها غصوبُ
خذوا جماتهِ الأولى وخلوا
أقاصيَ لا يخابطها ذنوبُ
فكم من شرقةٍ بالماء تردى
و إن كانت به تشفى الكروبُ
لك اليومانِ تكتبُ أو تشبُّ ال
وغى وكلاهما يومٌ عصيبُ
فيومك جالسا قلمٌ خطيبٌ
و يومك راكبا سيفٌ خضيبُ
جمعتَ كفايةً بهما وفتكا
و مجمعُ ذينِ في رجلٍ عجيبُ
و ضيقةِ المجالِ لها وميضٌ
قطارُ سمائه العلقُ الصبيبُ
وقفتَ له حسامك مستبيحٌ
محارمها وعفوك مستثيبُ
و مسودَّ اللثاتِ له لعابٌ
يجدُّ الخطبُ وهو به لعوبُ
يخال على الطروس شجاعَ رملٍ
إذا ما عضَّ لم يرقَ اللسيبُ
تغلغلُ منه في مهج الأعادي
جوائفُ جرحها أبدا رغيبُ
إذا ملكَ الرقابَ به امترينا
مضى قلمٌ بكفك أم قضيبُ
و مضطهدٍ طردتَ الدهرَ عنه
و قد فغرتْ لتفرسه شعوبُ
إذا عصرت من الظمأ الأداوى
على الإعياء أو ركب الجنيبُ
فنعم مناخَ ظالعةٍ وسقياً
ذراك الرحبُ أو يدك الحلوبُ
علاً رخجيةُ الأبياتِ خطتْ
على شماءَ ينصفها عسيبُ
لها عمدٌ على صدر الليالي
و فوق أوائل الدنيا طنوبُ
صفا حلبُ الزمان لها وقامت
لدعوتها الممالكُ تستجيبُ
و ما من دولةٍ قدمت وعزت
و إلاَّ ذكرها بكمُ يطيبُ
و منكم في سياستها رجالٌ
فحولٌ أو لكم فيها نصيبُ
كرامٌ تسندَ الحسناتُ عنهم
و تزلقُ عن صفاتهم العيوبُ
مضوا طلقاً بأعداد المساعي
و جئتَ ففتَّ ما يحصى الحسيبُ
قناةٌ أنت عاملها شروعا
إلى نحر السما وهم الكعوبُ
و خيرُ قبيلةٍ شرفاً ملوكٌ
لمجدك منهمُ عرقٌ ضروبُ
فلا وصحَ النهارُ ولستَ شمسا
و لا أزرى بمطلعك المغيبُ
و لا برحتْ بك الدنيا فتاةً
تربُّ كما اكتسى الورقَ القضيبُ
إذا ما حزتها انتفضت عطارا
سوالفها بعدلك والتريبُ
و مات الدهرُ وانطوتِ الليالي
و ملكك لا يموتُ ولا يشيبُ
و قام المهرجانُ فقال مثلَ ال
ذي قلنا وآبَ كما نؤوبُ
و عادك زائرا ما كرَّ ليلٌ
لسعدك بين أنجمه ثقوبُ
بك استظللتُ من أيامِ دهري
و من رمضائها فوقي لهيبُ
كفيتني السؤالَ فما أبالي
سواك من المنوعُ أو الوهوبُ
و غرتَ على الكمال فصنتَ وجهي
فليس لمائه الطامي نضوبُ
مكارمُ خضرتْ عودي وروتْ
ثراه وقد تعاوره الجدوبُ
تواصلني مثانيَ أو وحادا
كما يتناصر القطرُ السكوبُ
فما اشكو سوى أنيّ بعيدٌ
و غيري يومَ ناديكم قريبُ
أفوقُ عزمتي شوقا اليكم
و يقبضني الحياءُ فلا أصيبُ
أصدُّ وضمنَ دستك لي حبيبٌ
عليه من جلالته رقيبُ
إذا امتلأتْ لحاظي منك نورا
نزا قلبي فطارَ به الوجيبُ
يميلُ إليك بشرك لحظَ عيني
و يحبسُ عنك مجلسك المهيبُ
و لو أني بسطتُ لكان سعيٌ
وبلَّ بلاله الشوقُ الغلوبُ
أبيتُ فما أجيبُ سواك داعٍ
و لكني دعاءكمُ أجيبُ
فإن يكن انقباضي أمس ذنبا
فمنذ اليوم أقلعُ أو أتوبُ
و تحضرُ نابياتٌ عن لساني
فواقرُ ربها عبدٌ منيبُ
أوانسُ في فمي متيسراتٌ
إذا ذعرتْ من الكلم السروبُ
إذا أعيتْ على الشعراء قيدتْ
إليَّ وظهرُ ريضها ركوبُ
بقيتُ وليس لي فيها ضريبٌ
و لا لك في الجزاءِ بها ضريبُ
تصاغُ لها الحماسةُ من معاني
علاك ومن محاسنكِ النسيبُ
رعيتُ بهنّ من أملي سمينا
لديك وحاسدي غيظا يذوبُ
و هل أظما وهذا الشعرُ سجلٌ
أمدُّ به وراحتك القليبُ