أدار العامرية بالوحيد

أدارَ العامرية بالوَحيدِ

​أدارَ العامرية بالوَحيدِ​ المؤلف ابن الرومي


أدارَ العامرية بالوَحيدِ
سقاك مُجَلْجَلٌ هزجُ الرعود
إذا هَضبتْ هواضبُه جَناباً
تولَّتْ منه عن أثرٍ حميدِ
كما ظهرتْ على العضْب اليماني
مآثرُ من يَدَيْ صَنَع مُجيدِ
يجود صبيبُه كدموع عيني
غداةَ ترحَّلتْ أمُّ الوليد
تودِّع بالإشارة من بعيد
فيا حُسْنَ الإشارة من بعيدِ
ألا ياحبَّذا نفحاتُ نجد
ومن أمسى بمنعَرَج الصعيدِ
ومن أخْشى إذا ما زرتُ منه
صدوداً والمَنية في الصدودِ
أليس الله صيَّرني عذاباً
لأقمع كلَّ شيطانٍ مَريدِ
لأقمع كلَّ عفريتٍ وجنٍ
بكل مَفازة وبكل بيدِ
أنا النار التي بالخلق تُغْذَى
وتوقَد بالحجارة والحديدِ
إذا نضجَتْ جلود القوم فيها
أُعيد لهم سوى تلك الجلودِ
يقال هل امتلأْت وكلُّ خلقٍ
بها فتقول لا هَلْ من مزيد
إذا عَطشوا سقيتُهُم صديداً
فويلُ القوم من شُرْب الصديدِ
فأين هُبلتَ تهرب من هجائي
وأين هبلتَ تهرب من قصيدي
ولو في است التي ولدتك مني
هربت أتتك بائقةُ النشيدِ
أُصِمُّ بها صداك وأنت فيه
وأمنعُ مقلتيك من الهجودِ
فكم من قِتْلَةٍ وَجَبَتْ عليها
وكم من ظهر أمك من حدودِ
ألم تخبركَ لِمْ ولدتك أعمى
هوت في النار من أعلى صَعُودِ
عمِيتَ لأنها جعلتك نصباً
تَهدَّفُه غراميل العبيدِ
وكيف تُراك تسلم مِن أَيورٍ
تَعاقَبُ فيك بالطعن الشديدِ
أتزعم فعل ربك كان ظلماً
بأُمَّةِ صالحٍ وبقوم هودِ
ببيتَيْكَ اللذين يخبِّرانا
بمحض الكفر عنك وبالجحودِ
فما أرجو بمَهْلك قوم عادٍ
ومن صبِّ العذاب على ثمودِ
فأين محمد أم أين عيسى
أليسا مثلهم تحت الصعيدِ
عجبت وقد خلوتَ تُدير هذا
لحكم الله ذي العرش المجيدِ
فألْقَتْ شلْوَهُ من رأس طودٍ
فِعَال الجاهلية بالوئيدِ
وكيف تضيق عن مُقْلَى جنينٍ
وكَعْثَبُهَا بريدٌ في بريدِ
إليكَ سُلالة الطَّحَّان أحدو تَرُمُّ عظام لابسها وتُبْلي ولا تُبْلَى على أبد الأبيدإذا قلت الليالي أهزمتْها بدت شَنعاء في سنِّ الوليدِتَنثُّ حديث أمك ذا المخازي وباخرْزيِّها نجْل اليهودِ لياليَ لا يزال لها خليلٌ ويُعملُها كإعمال القَعُودِيشكُّ خِلال حَا
بها صمَّاء كالحجر الصلودِ
تَرُمُّ عظام لابسها وتُبْلي
ولا تُبْلَى على أبد الأبيد
إذا قلت الليالي أهزمتْها
بدت شَنعاء في سنِّ الوليدِ
تَنثُّ حديث أمك ذا المخازي
وباخرْزيِّها نجْل اليهودِ
لياليَ لا يزال لها خليلٌ
ويُعملُها كإعمال القَعُودِ
يشكُّ خِلال حَاذيها بعَبْل
عظيم الرأس منتفح الوريدِ
فكم من نطفةٍ قد أعجَلْتها
وما حالت إلى العَلق القعيدِ
وكم لك من أبٍ لم تحتسبه
وكم لك من أخٍ منها شهيدِ
تركَّضَ حين تمَّ فأزْلقته
بلا عُسْر ولا تعب شديدِ
ألم يُلْحقْكَ أو شكَ ما لحاقٍ
بإخوتك المسوخ من القرودِ
خسرتَ الدين والدنيا جميعاً
كذاك تكونَ مَنْحَسةُ الجدودِ