أرأيت لنا ولهم ظعنا

أرأيتَ لنَا ولهم ظُعُنَا

​أرأيتَ لنَا ولهم ظُعُنَا​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


أرأيتَ لنَا ولهم ظُعُنَا
وصنيعَ البين بهمْ وبنا
أرأيتَ نشاوَى قد سكروا
بكؤوسِ نوًى مُلِئَتْ شجنا
ومهاً نظرتْ ونواظرها
وَصَلَتْ دمناً، وجفت دمنا
رحلوا فأثار رحيلُهُمُ
من حرّ ضلوعك ما كمنا
وحسبتُ سرابَ تتابعهمْ
لججاً وركائبَهمْ سُفُنا
ومهاً نظرتْ ونواظرها
خُلقتْ لنواظرنا فتنا
من كلّ مُودِّعَةٍ نَطَقَتْ
بالسّرِّ مدامعُهَا عَلَنا
سفرتْ لوداعك شمسَ ضحىً
وَثَنَتْ بكثيبِ نقا غُصُنَا
ورَمَتْكَ بمقلةِ خاذلةٍ
هَجَرتْكَ وعاوَدتِ الوَسَنا
وترى للسحر بها حركاً
فيه تؤذيك إذا سكنا
كثرتْ في الحبّ بها عللي
فظهرتُ أسىً وخفيتُ ضنى
يا وجدي كيف وجدت به
روحي وغدوت له بدنا
دعْ ذكرَ نزوحٍ عنك نأى
وتبدّلْ من سَكَنٍ سكنا
ونزولَ هواكَ بمنزلةٍ
كَتَبَتْ زمناً ومحتْ زمنا
واخضبْ يمناك بِقانيَة
فلها فَرَجٌ ينفي الحزنا
وتريك نجوماً في شفقٍ
يجلو الظلماءَ لهنّ سنَا
من كفِّ مطرِّفةٍ عنماً
كالبدر بَدا والرئمِ رنا
لا ينكثُ فيها ذو شغفٍ
بالعذلِ، وإن خلعَ الرّسنا
إني استوليتُ على أمدي
ووطئت بفطني الفطنا
وسبقتُ فمنْ ذا يلحقني
في مدح عُلى الحسنِ الحسنا
ملكٌ في الملك له هِممٌ
نالَتْ بيمينيه المنَنَا
قُرنَتْ باليَمْنِ نقيبَتُهُ
والعفوُ بقدرته قُرنا
كالشمسِ نأتْ عن مبصرها
بُعداً وسناها منه دنا
من صانَ الدينَ بِصولتِهِ
وأذلّ بعزتهِ الوثنا
من يَحْدِرُ فقرا عنك إذا
فاضَتْ نعماهُ عليك غِنَى
ورأى مَنْ ضنّ فضائله
فسخا، وتَشَجّعَ مَنْ جَبُنَا
وإذا ما أمَّ له حَرَماً
مَنْ خافَ مِنَ الدنيا أمِنا
ولئن هدمَ الأموال فقدْ
شادَ العلياءَ بها وبنى
إن صانَ العِرْضَ وأكْرَمَهُ
فقذال الوفر قد امتهنا
وكأن الحجّ لساحته
في يوم نداه يومُ مِنى
ولنا من فضلِ مذاهبه
آمالٌ نَبْلُغُها ومُنى
وصوارمٌ للأقدار فلا
تقفُ الكفّارُ لها جُنَنَا
تشدوهُ إذا سكرتْ بدمٍ
في ضرب جماجمهم غننا
يتَنَبّعُ ماءُ تألُّقها
فيقالُ: أفي سَكَنٍ، سكنا
لا روضَ ذوى منها قِدماً
بالدّهْرِ ولا ماءٌ أسنا
وتسيلُ سيولُ جحافله
فحقائقها تنفي الظِّنَنَا
وإذا ما هَبْوتُها كَثُفَتْ
تجدُ العقبانُ بها وُكُنا
إنّ ابن عليّ حازَ عُلي
فالفعلُ له والقولُ لنا
قَمرٌ تُسْتَمطَرُ مِنْهُ يدٌ
فتجودُ أناملُه مُزُنا
ينحو الآراءَ بفكرته
فيُصيبُ لها نُقَباً بِهِنَا
من غُلبِ أسودٍ ما عَمَروا
إلاّ آجامَ ظباً وقنا
وكأن الحربَ إذا فتحتْ
تبدي لهمُ مرأىً حسنا
وتخالهمُ فيها ادّرَعوا
بسلوقَ وقد سلّوا اليمنا
وكأنّ سوابغهم حببٌ
وقد جاشَ بهم ماءٌ أجِنَا
يغشى الإظلامَ بها الضرغا
مُ فتجعلُ مُقلتهُ أُذنا
ولهم بإزاءِ قرابتهم
أسماءٌ نعظمها وكنى
شجرٌ بالبرّ مورّقةٌ
نتابُ لها ظلاٍّ وَجَنى
وإذا مَتَحَتْ مُهْجاً يدُهُ
جعل الخطيّ لها شطنا
وكفاهُ الرمحُ فَعالَ السيف
فقيل أيضربُ مَنْ طَعَنا
يا من أحيا بالفخر له
بمكارمه أدباً دُفِنا
فأفادَ الشّعرَ مُنَقِّحه
وأصابَ بمنطقِهِ اللّسَنَا
أشبهتَ أباكَ وكنت بما
أشبهتَ مَعاليه قمنا
وحصاةُ أناتك لو وُزِنتْ
أنْسَتْ برجاحتها حَضَنا
أنشأتَ شواني طائرةً
وبنيتَ على ماءٍ مُدُنا
ببروجٍ قتالٍ تحسبها
في شُمّ شواهقها قُنَنَا
ترمي ببروجٍ، إنْ ظهرتْ
لعدوٌّ محرقة، بَطَنَا
وبنفطٍ أبيضَ تحسَبُهُ
ماءً وبه تذكي السّكنَا
ضَمِنَ التوفيقُ لها ظفراً
من هُلكِ عداتك ما ضمنا
أنا مَنْ أهدى لك مُمْتَدحاً
دُرَرا أغليتُ لها ثمنا
وقديم الوردِ جديدُ الحمدِ
هناك أفوهُ به وهنا
ومدَحتُ غلاماً جدّ أبيك
وها أنذا شيخاً يَفَنَا
وتخذتُ تَجِنَّةَ لي وطناً
وهجرتُ صقلِّيَةً وطنا
لَقِيَتْكَ عُداتُكَ صاغرَةً
ترجو من نوءيْكَ الهُدنا
فسحابُ نداكَ هَمَتْ مِنَحاً
وسماءُ ظباكَ هَمَتْ مَحَنا
وبقيتَ بقاءَ مجاهدة
وسلكتَ لكلّ عُلىً سُفُنا