أعلمتم أن النسيم إذا سرى

أعلمتمُ أنّ النّسيمَ إذا سَرَى

​أعلمتمُ أنّ النّسيمَ إذا سَرَى​ المؤلف بهاء الدين زهير


أعلمتمُ أنّ النّسيمَ إذا سَرَى
نقَلَ الحديثَ إلى الرّقيبِ كما جرَى
وأذاعَ سِرّاً ما برِحتُ أصُونُهُ
وهوًى أُنَزّهُ قَدْرَهُ أنْ يُذْكَرَا
ظهرتْ عليهِ من عتابيَ نفحةٌ
رقتْ حواشيهِ بها وتعطراَ
وأتى العذولُ وقد سددتُ مسامعي
بهوى يردّ من العواذلِ عسكراَ
جهلَ العذولُ بأننيفي حبكم
سَهَرُ الدّجى عندي ألَذّ من الكَرى
وَيَلُومُني فيكُمْ وَلَستُ ألُومُهُ
هيهاتَ ما ذاقَ الغرامَ وَلا درَى
وبمُهجتي وَسْنانَ لا سِنَة الكرَى
أومارأيتَ الظبيَ أحوىَ أحورا
بهَرَتْ محَاسنُهُ العُقولَ فما بدا
إلاّ وسبحَ منْ رآهُ وكبراَ
عانقتُ غصنَ البانِِ منهُ مثمراً
ولَثَمتُ بَدرَ التَّمّ منهُ مُسفِرَا
وتملكتني من هواهُ هزةٌ
كادتْ تُذيعُ عنِ الغَرامِ المُضمَرَا
وكتَمتُ فيهِ محَبّتي فأذاعَهَا
غَزَلٌ يَفُوحُ المِسكُ منهُ أذفَرَا
غزلٌ أرقّ من الصبابةِ والصبا
وجعلتُ مَدحي في الأميرِ مكَفِّرَا
وَغفَرْتُ ذَنبَ الدّهرِ يَوْمَ لِقائِهِ
وشكرتهُ ويحقّ لي أن أشكراَ
مولى ترى بينَ الأنامِ وبينهُ
في القدرِ ما بينَ الثريا والثرى
بَهَرَ المَلائِكَ في السّماءِ دِيانَةً
ألله أكبرُ ما أبرّ وأطهراَ
ذو هِمّةٍ كَيوانُ دونَ مَقامِهَا
لوْ رامَها النّجمُ المُنيرُ تَحَيّرَا
وتَهُزّ منهُ الأرْيَحِيّةُ ماجداً
كالرّمْحِ لَدْناً والحُسامِ مُجوْهَرَا
فإذا سألتَ سألتَ منهُ حاتِماً
وإذا لقيتَ لقيتَ منهُ عنتراَ
يهتزّ في يدهِ المهندُ عزةً
ويميسُ فيها السمهريُّ تبخترا
وإذا امرؤٌ نادى نداهُ فإنما
نادَى، فلَبّاهُ، السّحابَ المُمطِرَا
بَينَ المُكَرَّمِ وَالمكارِمِ نِسْبَةٌ
فلذاكَ لا تهوى سواهُ من الورى
من مَعشَرٍ نَزَلوا من العَلياءِ في
مستوطنٍ رحبِ القرى سامي الذرى
ُبِلُوا على الإسلامِ إلاّ أنّهمْ
فُتِنوا بنارِ الحَرْبِ أوْ نارِ القِرَى
رَكِبوا الجِيادَ إلى الجِلادِ كأنّما
يحملنَ تحتَ الغابِ آسادَ الشرى
من كلّ مَوّارِ العِنانِ مُطَهَّمٍ
يجلو بغرتهِ الظلامَ إذا سرى
وسروا إلى نيلِ العلى بعزائمٍ
أينَ النجومُ الزهرُ من ذاكَ السرى
فافخَرْ بما أعطاكَ رَبُّكَ إنّهُ
فَخرٌ سَيَبقى في الزّمانِ مُسطَّرَا
لا ينكرُ الإسلامُ ما أوليتهُ
بكَ لم يزلْ مستنجداً مستنصرا
وليهنِ مقدمكَ الصعيدَ ومن به
ومَنِ البَشيرُ لمَكّةٍ أُمّ القُرَى
فإذا رأيتَ رأيتَ منهُ جنةً
لم ترْضَ إلاّ جودَ كَفّكَ كَوْثَرَا
وَلَطالَما اشتاقَتْ لقُرْبِكَ أنفُسٌ
كادَتْ منَ الأشواقِ أنْ تَتَفَطّرَا
وَنَذَرْتُ أنّي إنْ لَقيتُكَ سالماً
قلدتُ جيدَ الدهرِ هذا الجوهرا
ومَلأتُ منْ طيبِ الثّناءِ مَجامِراً
يذكينَ بينَ يديكَ هذا العنبرا
فقرٌ لكلّ الناسِ فقرٌ عندها
أبداً تباعُ بها العقولُ وتشترى
تَثني لراويهَا الوَسائِدَ عزّةً
ويَظَلّ في النّادي بها مُتَصَدِّرَا
مَوْلايَ مَجدَ الدّينِ عَطفاً إنّ لي
لمَحَبّةً في مِثْلِها لا يُمترَى
يا مَنْ عَرفتُ النّاسَ حينَ عرَفتُهُ
وجهلتهمْ لما نأى وتنكرا
خلقٌ كماءِ المزنِ منكَ عهدته
وَيَعِزّ عندي أنْ يُقالَ تَغَيّرَا
مولايَ لم أهجُرْ جَنابَك عن قِلًى
حاشايَ من هذا الحديثِ المُفْتَرَى
وكَفَرْتُ بالرّحمنِ إن كنتُ امرَأً
أرْضَى لمَا أوْلَيْتَهُ أنْ يُكفَرَا