ألا لا أرى شيئا ألذ من الوعد

ألاَ لا أرَى شَيْئاً ألَذَّ مِنَ الْوَعْدِ

​ألاَ لا أرَى شَيْئاً ألَذَّ مِنَ الْوَعْدِ​ المؤلف بشار بن برد


ألاَ لا أرَى شَيْئاً ألَذَّ مِنَ الْوَعْدِ
ومن أملٍ فيه وإن كان لا يجدي
ومن غفلة الواشي إذا ما أتيتها
وَمِنْ نَظِرِي أبْيَاتَهَا جَالِساً وَحْدِي
ومن بكيةٍ في الملتقى ثم ضحكةٍ
وَكِلْتَاهُمَا أحْلَى مِن الماءِ بالشُّهْدِ
كأنِّي إِذا مَا أَطْمَعَتْ فِي لِقَائِهَا
عَلى دَعْوَةِ الدّاعِي إِلى جَنَّةِ الْخُلْدِ
أعُدُّ بها السّاعَاتِ حَتَّى كأنَّهَا
أرى وجهها لا بل تمثله عندي
وإن أخلفت خف الحشا لفعالها
نزاع.... واقْشَعَرّ لها جِلْدِي
وَبِتُّ كَأَنِّي بالنُّجُومِ مُعَلَّقٌ
أسَائِلُ وُسْطَاهَا عن الكوكَبِ الفَرْدِ
وبيضاء من بيضٍ تروق عيونها
وألوانها راحت تضل ولا تهدي
رماني الهوى من عينها فأصابني
فأصبحت من شوقٍ إليها على جهد
أصارع نفساً في الهوى قد تجردت
لتصرعني حتى ارعويتُ إلى الجمد
ومن نكد الأيام علقني الهوى
بذات الثناء الغمر والنائل الحفد
أرَانِي لمَا تَهْوَى قَرِيباً ولاَ أَرَى
مقاربةً فيها بهزلٍ ولا جد
فَلِلَّهِ دَرُّ المالِكيَّةِ إِذْ صَبَتْ
إلى اللهو أو كانت تدل على رشد
مصورة فيها على العين فلتهُ
وكالشَّمْسِ تَمْشِي في الوِشَاحِ وفي العِقْد
سأدعو بأخلاقي الكرائم قربها
وبالود إن كانت تدوم على الود
لَقَدْ لاَمَنِي الْمَوْلَى عَلَيْهَا وَإِنَّمَا
يلوم على حوراء تبدع بالخد
فقلت له: بعض الملامة إنني
أرى القصد لكن لا سبيل إلى القصد
كأنَّ فُؤادِي طَائِرٌ حَانَ وِرْدُهُ
يهز جناحيه انطلاقاً إلى ورد
ومنْ حُبِّهَا أبْكِي إِلَيْهَا صَبَابَةً
وألْقَى بها الأَحْزَانَ وَفْداً عَلى وَفْدِ
يَرُوحُ بِعَينِي غُصَّةٌ مِنْ دُمَوعِهَا
وَتُصْبِحُ أحْشَائِي تَطِيرُ مِنَ الْوَجْدِ
وَنُبِّئْتُهَا قَالتْ جِهَاراً لأُخْتِهَا
ألا إن نفسي عند من روحه عندي
فوالله ما أدري أغيري تطلعت
بِمَا أَرْسَلَتْ مِنْ ذَاكَ أمْ حَرَدَتْ حَرْدِي
وَمَجْلِسِ خَمْسٍ قَدْ تَرَكَتْ لِحُبِّهَا
وهن كزهر الروض أن لؤلؤ السرد
يساقطهن للزير الموكل بالصبا
حديثاً كوشي البرد يغرين في الورد
كأن رجائي بعدما انتظرت به
على عاقلٍ بالشعف أو جبلٍ صلد
إذا قربت شطت وتدنو إذا دنت
تعول بريعان الشباب على الصمد
فَيَا عَجَباً مِنْ سُعْدَى قَرِيبَةً
ومن قربها في البعد ويلي على البعد
فَيَا سَقَمَا فَقْدُ الحَبِيب إِذَا نَأى
ورؤيته في النوم أودى من الفقد