أما لك ترثي لحالة مكمد

أما لك ترثي لحالة ِ مكمدِ

​أما لك ترثي لحالة ِ مكمدِ​ المؤلف ابن سهل الأندلسي


أما لك ترثي لحالةِ مكمدِ
فينسَخَ هَجرَ اليَوم وَصلُك في غدِ
أراكَ صرَمتَ الحبلَ دوني وطالما
أقمتُ بذاك الحبل مستمسكَ اليدِ
و عوضتني بالسخطِ من حالةِ الرضا
ومن أُنْسِ مألوفٍ بحالةِ مُفرَدِ
و ما كتنمُ عودتمُ الصبَّ جفوةً
و صعبٌ، على الإنسانِ، ما لم يعودِ
طويتُ شغافَ القلب موسى على الأسى
وأغْريتَ بالتّسكابِ جَفنَ المُسهَّد
وما أنتَ إلاَّ فِتنةٌ تَغْلِبُ الأُسى
وتفعَلُ بالألحاظِ فِعلَ المهنّد
و توجكَ الرحمنُ تاجَ ملاحةٍ
وبهجةَ إشراقٍ بها الصبحُ يَهتدي
يميلُ بذاكَ القدَّ غصنُ شبابه
كميلِ نسيم الريحِ بالغصنِ الندي
و يهفو فيهفو القلبُ عند انعطافه
فهَلاَّ رأى في العَطفِ سُنّةَ مُقتَد
أبى اللهُ إلاَّ أنَّ عزَّ جمالهِ
يسومُ به الأحرارَ ذلةَ أعبدِ
له الطَّولُ إن أدنى ولا لومَ إن جفا
على كلّ حالٍ فهوَ غيرُ مفند
أقولُ له والبينُ زمتْ ركابه
و قد راع روعي صوتُ حادٍ مغرد:
دنا عنكَ ترحالي ولا لي حيلةٌ
إذا حِيلَ بينَ الزادِ والمُتزوِّد
وإني وإن لم يبقَ لي دونكم سوى
حديثِ الأماني موعداً بعد موعد
لأصْبرُ طَوعاً واحتِمالاً فَرُبما
صروفُ الليالي مسعداتٌ بأسعدْ
وأبعثُ أنفاسي إذا هبّت الصَّبا
تروحُ بتسليمي عليكَ وتغتدي