أناشد الغيث كي تهمي غواديه

أناشد الغيث كي تهمي غواديه

​أناشد الغيث كي تهمي غواديه​ المؤلف البحتري


أُنَاشِدُ الغَيْثَ كَيْ تَهْمي غَوَادِيهِ
عَلى العَقيقِ، وإنْ أقْوَتْ مَغَانِيهِ
على مَحَلٍ أرَى الأيّامَ تَضْحَكُ عَنْ
أيّامهِ، واللّيَالي عَنْ لَيَاليهِ
عَهْدٌ منَ اللّهوِ، لمْ تُذمَمْ عَوَائدُهُ
يَوْماً، فتُنسَى، وَلمْ تُفْقَدْ بَوَادِيهِ
وَفي الحُلُولِ عَليلُ الطّرْفِ فاترُهُ،
لَدْنُ التّثَنّي، ضَعيفُ الخصْرِ واهيهِ
يُطيلُ تَسوِيفَ وَعْدي ثمّ يُخْلِفُهُ
عَمْداً، وَيَمْطُلُ دَيْنِي، ثمّ يَلوِيهِ
هلْ يُجْزَيَنّ ببَعْضِ الوَصْل باذِلُهُ،
أوْ يُعْدِيَنَّ على الهِجْرَانِ جازِيهِ؟
وَهَلْ تَرُدّينَ حِلْماً قَدْ تَخَوّنَهُ
لَكِ التّصَابي، فَما يُرْجَى تَلافيهِ
لَوْلا التّعَلّقُ منْ قَلْبٍ يُبَرِّحُ بي
لَجَاجُهُ، ويُعَنّيني تَماَدِيهِ
ما كانَ هَجْرُكِ مَكرُوهاً أُحَاذِرُهُ،
وَلاَ وِصَالُكِ مَعْرُوفاً أُرَجّيهِ
بَنُو ثَوَابَةَ أقْمَارٌ، إذا طَلَعَتْ،
لمْ يَلبَثِ اللّيلُ، أنْ يَنْجابَ داجيهِ
كُتّابُ مَلْكٍ تَرَى التّدبيرَ مُتّسِقاً
برَأيِ مُخْتَارِهِ منْهُمْ، وَمُمْضِيهِ
يَقْفُونَ هَدْيَ أبي العَبّاسِ في سَنَنٍ،
يَرْضَاهُ سامعُهُ الأقصَى، وَدََانِيهِ
نَغدو، فإمّا استَعَرْنا من مَحَاسنهِ
فَضْلاً، وَإمّا استَمَحْنا من أياديهِ
بَرّزَ في السّبْقِ حَتّى مَلّ حاسدُهُ
طُولَ العَنَاءِ، وَخَلاّهُ مُجارِيهِ
مَتَى أرَدْنا وَجَدْنَا مَنْ يُقَصِّرُ عَن
مَسْعَاتهِ، وَفَقَدْنا مَنْ يُدانيهِ
رأى التّوَاضُعَ والإنصَافَ مَكرُمَةً،
وإنّمَا اللّؤمُ بَينَ العُجبِ والتّيهِ
كأنّ مَذْهَبَهُ في الحَمْدِ من مِقَةٍ
لَهُ، وَمَيْلٌ إلَيْهِ مَذْهَبي فيهِ
مُحَبَّبٌ في جَميعِ النّاسِ إن ذُكرَتْ
أخْلاَقُهُ الغُرُّ، حتّى في أعَادِيهِ
كَمْ حَاسدٍ لأبي العَبّاسِ مُشتَغِلٍ
بنعمَةٍ، في أبي العَبّاسِ، تُشجيهِ
يَرُومُ وَضْعاً لَهُ، والله يَرْفَعُهُ،
وَيَبْتَغي هَدْمَهُ، وَالله يَبْنيهِ
وَبَاخِلينَ سَلَوْنا عَن نَوالهمُ
سُلوَانَ صَبٍّ تَمادى هَجرُ مُصْبيهِ
تَكُفُّنَا عَنهُمُ نُعْمَى فتًى شَرُفَتْ
أخلاقُهُ، وَطَمَا بالعُرْفِ وادِيهِ
إنْ يَمْنَعُونَا فإنّ البَذْلَ منْ يَدِهِ
أوْ يَكْذِبُونَا فإنّ الصّدْقَ من فيهِ
مُوَفَّرُ القَدْرِ لمْ تُغْمَضْ مَهابَتُهُ،
وَنَابِهُ الذّكرِ لمْ تُغْضَضْ مَساعيهِ
عَادَى خُرَاسَانَ حَتَّى ذَلَّ رَيِّضُهَا
بِالرَّأْي يَختَارُهُ والعَزْمِ يُمْضِيهِ
أوْلى الكتَابَةَ تَسديداً أقَامَ بهِ
منْهَاجَهَا، وَقَدِ اعوَجّتْ نَوَاحِيهِ
غَضُّ الأمانَةِ فيهَا من تَنَزُّههِ،
وأبْيَضُ الثّوْبِ فيها منْ تَوَقّيه