أيا جزعي بالدار إذ عن لي الجزع

أيا جزعي بالدار إذ عنّ لي الجزعُ

​أيا جزعي بالدار إذ عنّ لي الجزعُ​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


أيا جزعي بالدار إذ عنّ لي الجزعُ
وقاد حِمامي من حمائمِهِ السّجْعُ
وعاوَدَنِي فيها رِداعي ولم أشِمْ
ترائب عُوّادٍ يضمّخُها الردعُ
وقفتُ بها والنفسُ من كلّ مقلةٍ
تذوبُ بنارٍ في الضلوع لها لذْعْ
مطلاً مطيل النوح لو أنّ دمنةً
لها بَصَرٌ تَحْتَ الحوادث أوْ سَمْعُ
طلولٌ عقت آياتها فكأنما
غرابيبها جزعٌ وأدمانها ودعُ
حكى الربعُ منها بالصدى إذ سألتُهُ
كلاميَ حتى قيل هل يَمْزَحُ الربع
تخط مع المحل الجنوب بمحوها
سطورَ البلى فيها وتعجبها المسعُ
ولم يبقَ إلاَّ ملعبٌ يبعث الأسى
ويدعو الفتى منه إلى الشوق ما يدعو
ومجموعةٌ جمع الثلاث ولم تزدْ
عليه صوالي النار أوجهها سفع
لبسنَ حداد الثكل وهي مقيمةٌ
على مَيْتِ نارٍ لا يفارقها فَجْع
ومضروبةٌ بين الرسوم وما جنتْ
عقاب النوى من هامها الضرب والقلعُ
ومحلولكٌ ما فكَّ زيجاً ولا له
بسرِّ قضاء النجم علمٌ ولا طبعٌ
أبان لنا عن بيننا فلسانه
علينا له قطعٌ أتيح له القطع
إذا لم تكن للحي داراً فما لها
إذا وقفَ المشتاق فيها جرى الدمع
لياليَ عودي يكتسي وَرَقَ الصبا
وإذ أنا إلفٌ للجآذر لا سِمْع
وينبو عن اللوم المعنّفِ مسمعي
بمنْ حُسنها بين الحسان له سمعُ
فتاةٌ لها في النفسِ أصلٌ من الهوى
وكلّ هوًى في النفس من غيرها بدع
وتبلغُ بنتُ الكرم من فرح الفتى
بلذّتها ما ليس يبلغه البِتْع
يصدّ الهوى عن قطفِ رمان صدرها
وإن راقَ في خوط القوام له ينع
وكم من قطوفٍ دانياتٍ ودونها
تعرض أشراع من الرمح أو شرع
تريكَ جبيناً يُخجِلُ الشمسَ هيبةً
وخَلْقاً عميماً في الشباب له جمع
وتبسمُ في جُنح الدجى وهو عابسٌ
فيضحكُ منها عن بروقٍ لها لمع
وبيدٍ أبادتْ عيسَنَا بيبابها
فهن غراث في عجافٍ لها رَتْع
إذا سمع الحادي بها السمعُ ظنهُ
كريماً على نَشْزٍ لمأدُبَةٍ يدعو
فكم من هزيلٍ في اقتفاءِ هزيلةٍ
ليأكلَ منها فَضْلَ ما أكلَ السّبع
فإن يهلك الإيحاف حرفاً بمهمه
فإنهما السيفُ المُجرّدُ والنّطعُ
نحوتٌ عليها كلّ حرفٍ بعاملٍ
من العزّم مخصوص به الخفضُ والرّفع
وعاركتُ دهري في عريكة بازلٍ
ينوء به هادٍ كما انتصبَ الجذع
وما خار عُودي عند غمز مُلمّةٍ
وهل خار عند الغمز في يدك النبع
وملتحفٍ بالصقل من لمع بارقٍ
يُطير فراشَ الهام من حدّه القرعُ
أقام مع الأحقاب حتى كأنما
لحديه عنه من حوادثها دفعُ
وتحسبُ أهوال الحروب لشيبهِ
وكلّ خضابٍ في ذوائبه ردْعُ
إذا سُلّ واهتزت مضاربه حكى
أخا السلّ هزته بأفكلها الرّبعُ
وتحسرُ منه أنفسٌ هلكتْ به
فما صارمٌ في الأرض من غمده سقع
أأذكى عليه القينُ بالرّيح نارَهُ
وأمكنه في الطبع بينهما طَبْع
أصاعقةٌ منقضّةٌ من غراره
يهولُكَ في هامِ الرواسي لها صدعُ
وجامدةٍ فاضت فقلنا تعجباً
أنهرٌ تمشّت فوقه الرّيح أو درع
وأحكمها داودُ عن وَحْيِ ربِّهِ
بلطفِ يدٍ، قاسي الحديد لها شَمعُ
ترى الحلقاتِ الجُعْدَ منها حبائِكاً
مسمَّرةً فيها مساميرها القرع
سرابيةُ المرأى وإن لم يَرِدْ بها
على الذِّمْرِ طعنٌ يتقيه ولا مصع
وعذراء يغشاها ذكورٌ أسنةٍ
وتُثْنَى لجمعٍ كلّما افترقَ الجمع
ومنجردٍ كالسيد يُعمل أرضهُ
فيبني سماءً فوقه سمكها النقع
متى يمنع الجريُ الجيادَ من الونى
ففي يده بذلٌ من الجري لا منع
له بصرٌ مستخرجٌ خبءَ ليلةٍ
إذا الحسّ أهداه إلى قلبه السّمع
ويمرقُ بي في السبق في كلّ حلبةٍ
فتحسبهُ سهماً يطيرُ به النزع
برأيي وعزمي أكملَ الله صِبْغَتي
ولولا الحيا والشمسُ ما كَمُلَ الزرع