أيا وادي الأحباب سقيت واديا

أيا وادِيَ الأحبابِ سُقيّتَ وادِيَا

​أيا وادِيَ الأحبابِ سُقيّتَ وادِيَا​ المؤلف ابن المعتز


أيا وادِيَ الأحبابِ سُقيّتَ وادِيَا،
ولا زِلتَ مَسقِيّاً، وإن كنتَ خاليَا
فلا تنسَ أطلالَ الدجيلِ وماءهُ،
ولا نخَلاتِ الدّيرِ إن كنتَ ساقِيَا
ألا ربّ يومٍ قد لبستُ ظلالهُ،
كما أغمدَ القينُ الحسامُ اليمانيا
و لم أنسَ قمريَّ الحمامِ عشيةً
على فَرعِها تَدعو الحَمامَ البَواكِيَا
إذا ما جرى حاكتْ رياضَ أزاهرٍ
جَوانبُهُ، وانصاعَ في الأرضِ جاريَا
و إن ثقبتهُ العينُ لاقتْ قراهُ
تَخالُ الحَصَى فيها نُجوماً رَواسِيَا
فيا لكَ شَوقاً بعدَ ما كِدتُ أرعَوي،
و أهجرُ أسبابَ الهوى والتصابيا
و أصبحتُ أرفو الشيبَ، وهوَ مرقعٌ
عليّ، وأُخفي منهُ ما ليسَ خَافيَا
و قد كادَ يكسوني الشبابُ جناحهُ،
فقَد حادَ عن رأسي، وخلّفَ ماضِيَا
مضى فمضى طيبُ الحياةِ وأسخطتْ
خلائقُ دُنيا كنتُ عنهنّ راضِيَا
ولم آتِ ما قد حَرّمَ الله في الهَوَى،
ولم أتّرِكْ ممّا عَفا الله باقيَا
إذا ما تمشتْ في عينُ خريدةٍ،
فليستْ تخطاني إلى من ورائيا
فيا عاذلي دعني وشأني، ولا تكنْ
شجٍ في الذي أهوى، ودعني لما بيا
و ليلٍ كجلبابِ الشبابِ قطعتهُ
بفتيانِ صدقٍ لا تملُّ الأمانيا
سروا ثمّ حطوا عن قلاصٍ خوامسٍ
كما عَطّلَ الرّامي القِسِيَّ الحَوانِيَا
ألم تعلما يا عاذلي بأنما
يَمينيَ مَرعًى في النّدى وشِماليَا
وأعدَدتُ للحَربِ العَوانِ طِمِرّةً،
وأسمَرَ مَطرورَ الحَديدةِ عاليَا
ولا بُدّ من حَتفٍ يُلاقيكَ يِومُهُ،
فلا تَجزَعَنْ من ميتَةٍ هيَ ما هيَا
و جمعٍ سقينا أرضهُ من دمائهِ،
ولم كانَ عافَانا قَبِلنا العَوافِيَا
ودُسناهمُ بالضّربِ والطّعنِ دَوسَةً
أماتتْ حقوداً، ثمّ أحييتْ معاليا
خُدوا حَظَّكم من خَيرِنا،إنّ شرّنا
معَ الشّرّ لا يَزدادُ إلاّ تَمادِيَا
فَرَشنا لكُم منّا جَناحَ مَوَدّةٍ،
وأنتُمْ زَماناً تُلجِئُونَ الدّواهِيَا
أظنكمُ من حاطبِ الليلِ جمعتْ
حبائلهُ عقارباً وأفاعيا