أرى الأيام صيغتها تحول

أَرَى الأَيَّامَ صِيغَتُهَا تَحُولُ

​أَرَى الأَيَّامَ صِيغَتُهَا تَحُولُ​ المؤلف سبط ابن التعاويذي


أَرَى الأَيَّامَ صِيغَتُهَا تَحُولُ
وما لِهَواكَ من قلبي نُصولُ
وحُبٌّ لا تُغيِّرُهُ الليالي
مُحالٌ أنْ يُغيِّرَهُ العَذُولُ
بِنَفْسِي مَنْ وَهَبْتُ لَهَا رُقَادِي
فَلَيْلِي بَعْدَ فُرْقَتِهَا طَوِيلُ
وما بخِلَتْ عليَّ بيومِ وَصلٍ
ولكنَّ الزمانَ بها بخيلُ
فَتَاةٌ فِي مُوَشَّحِهَا قَضِيبٌ
وَتَحْتَ إزَارِهَا حِقْفٌ مَهِيلُ
تَمِيلُ عَلَى الْقُلُوبِ بِذِي کعْتِدَالٍ
لَهُ مِنْ نَشْوَةٍ وَصِبًى مُمِيلُ
ويُقعِدُها إذا خفَّتْ نُهوضاً
لِحَاجَتِهَا مُؤَزَّرُهَا الثَّقِيلُ
سقا دارَ الحبيبِ وإنْ تناءَتْ
مُلِثٌّ مِثْلُ أَجْفَانِي هَطُولُ
ولا برِحَتْ تُسَحَّبُ للغَوادي
وَطَوْراً لِلصَّبَا فِيهَا ذُيُولُ
فَجَفْنِي وَالْغَمَامُ لَهَا غَزِيرٌ
وقلبي والنسيمُ لها عَليلُ
وَعَنَّفَنِي عَلَى الْعَبَرَاتِ صَحْبِي
عشيّةَ قوَّضَ الحَيُّ الحُلولُ
وَقَالُوا کسْتَبْقِ لِلأَحْبَابِ دَمْعا
فَقَدْ شَرِقَتْ بِأَدْمُعِكَ الطُّلُولُ
مَعاذَ الحُبِّ أنْ أَلقى حَمُولاً
وقد سارتْ بمنْ أهوى الحُمولُ
وعارٌ أنْ تُزَمَّ ليومِ بَينٍ
جِمَالُهُمُ وَلِي صَبْرٌ جَمِيلُ
فَلاَ رَقَتِ الدُّمُوعُ وَقَدْ تَوَلَّتْ
رِكَابُهُمُ وَلاَ بَرُدَ الْغَلِيلُ
وفي الأظعانِ من لولا اعتِلاقي
بِهِمْ لَمْ يَعْتَلِقْ جَسَدِي النُّحُولُ
وَلَوْلاَ الْكِلَّةُ السِّيَرَاءُ مَا هَا
جَ وَجْدِي بَرْقُ سَارِيَةٍ كَلِيلُ
وَيَوْمٍ بِالصَّرَاةِ لَنَا قَصِيرٍ
وَأَيَّامُ التَّوَاصُلِ لاَ تَطُولُ
إلامَ تُسِرُّ لي يا دهرُ غدراً
أمَا انقضَتِ الضغائنُ والذُّحولُ
وَكَمْ يَتَحَيَّفُ النُّقْصَانُ فَضْلِي
ويأخذُ من نَباهَتي الخُمولُ
فيَلْفِتُ وجهَ آمالي ويُلوي
دُيُونِي عِنْدَهُ الزَّمَنُ الْمَطُولُ
مَطالبُ أمسَتِ الأيامُ بيني
وَبَيْنَ مَآرِبِي مِنْهَا تَحُولُ
سأُدرِكُها وَشيكاً والليالي
مُخَزَّرَةٌ نَوَاظِرُهُنَّ حُولُ
فَتًى بِنَدَاهُ رُضتُّ جَمُوحَ حَظِّي
فأصبحَ وهْوَ مُنقادٌ ذَلولُ
وَهَزَّتْهُ الْمَكَارِمُ لاِصْطِنَاعِي
يُرِيكَ قَوَامَهَا خُوطُ الأَرَاكِ الْـ
وقلَّدَني منَ الإحسانِ عَضْباً
عَلَى نُوَبِ الزَّمَانِ بِهِ أَصُولُ
وَأَلْبَسَنِي مِنَ النَّعْمَاءِ دِرْعاً
تُنَاذِرُهَا الأَسِنَّةُ وَالنُّصُولُ
إذَا قَلَصَتْ سَرَابِيلُ الْعَطَايَا
ضَفَتْ مِنْهَا الذَّلاَذِلُ وَالْفُضُولُ
فِناءَكَ يا ظَهيرَ الدِّينِ أمَّتْ
ـى لِمُتَيَّمٍ طَلَلٌ مُحِيلُ
مُمَرِّ الحبلِ مُحْصَدةٍ قُواهُ
وحبلُ سِواهُ مُنقَضِبٌ سَحيلُ
تخافُ سُطاهُ أحداثُ الليالي
ويهربُ من مَواهِبِهِ المُحولُ
مَعاقِلُهُ الجِيَادُ مُسَوّماتٍ
وخيرُ مَعاقلِ العُربِ الخيولِ
ويُشْعِفُ قلبَهُ لَمعُ المَواضي
إذا انتُضِيَتْ ويُطْرِبُهُ الصَّهيلُ
بَغَى قَوْمٌ لَحَاقَكَ يَا کبْنَ نَصْرٍ
وَقَدْ سُدَّتْ عَلَى الْبَاغِي السَّبِيلُ
وراموا نَيلَ شأوِكَ والمعالي
لها ظَهْرٌ براكبِهِ ذَليلُ
فَأَتْعَبَهُمْ مَدَى خِرْقٍ جَوَادٍ
حُزونُ المَكرُماتِ لهُ سُهولُ
وَأَيْنَ مِنَ الثَّرَى نَيْلُ الثُّرَيَّا
وَكَيْفَ تُقَاسُ بِالْغُرَرِ الْحُجُولُ
حَلُمْتَ فَسُفِّهَتْ هَضَبَاتُ قُدْسٍ
وجُدتَ فَبُخِّلَ الغيثُ الهَطُولُ
وَطَوْراً أَنْتَ لِلضَّاحِي مَقِيلٌ
وَطَوْراً أَنْتَ لِلْجَانِي مُقِيلُ
بلغْتَ نهايةً في المجدِ عزَّتْ
لكَ الأضرابُ فيها والشُّكولُ
على رِسْلٍ فما لكَ من مُجارٍ
إلى رُتَبِ العلاءِ ولا رَسِيلُ
بَلاَ مِنْكَ الْخَلِيفَةُ ذَا کعْتِزَامٍ
يَذِلُّ لبأسِهِ الخَطبُ الجَليلُ
إمامٌ هذَّبَ الأيامَ رأيٌ
لَهُ جَزْلٌ وَمَعْرُوفٌ جَزِيلُ
ومَدَّ على البلادِ جناحَ عدلٍ
لهُ ظِلٌّ على الدنيا ظَليلُ
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ إلَيْهِ
مَآثِرُ كُلِّ مَكْرُمَةٍ نَؤُولُ
حَبَاهُ اللهُ بالمُلكِ احتِباءً
وَوَرَّثَهُ خِلاَفَتَهُ الرَّسُولُ
صِفاتٌ لا يُحيطُ بها بيانٌ
وَمَجْدٌ لاَ تُكَيِّفُهُ الْعُقُولُ
أبا بكرٍ هَناكَ جديدُ مُلكٍ
مُحالِفُهُ لكَ العُمرُ الطويلُ
وجَدٌّ ما لطائرِهِ وقوعٌ
وسعدٌ ما لطالِعِهِ أُفولُ
وَلاَ عَدِمَتْ مَوَاطِنُكَ التَّهَانِي
وحَلَّ برَبْعِ طاعتِكَ القُيولُ
شَكَوْتُكَ قِلَّةَ الإنْصَافِ عِلْماً
بأنّكَ منهُ لي كرَماً بديلُ
وإنْ قطعوا حِبالَهمُ جَفاءً
فأنتَ المُحسِنُ البَرُّ الوَصُولُ
عَلَيْكَ جَلَوْتُهَا غُرًّا هِجَاناً
أَوَانِسَ فِي الْقُلُوبِ لَهَا قَبُولُ
لها في قومِها نسَبٌ عريقٌ
إذا انتسبَتْ وبيتُ حِجىً أصيلُ
فَعَمَّاهَا الْمُرْعَّثُ وَکبْنُ أَوْسٍ
وجَدّاها المُبرَّدُ والخليلُ
مَدَائِحُ مِثْلُ أَنْفَاسِ الْخُزَامَى
تَمَشَّتْ فِي نَوَاحِيهَا الْقَبُولُ
كَمَا طَرَقَتْ رِيَاضَ الْحَزْنِ وَهْناً
شَآمِيَةٌ لَهَا ذَيْلٌ بَلِيلُ
مُفَوَّهةٌ إذا هدرَتْ لنُطقٍ
شَقَاشِقُهَا تَقَاعَسَتِ الْفُحُولُ
تَعِزُّ قناعةً وتَتيهُ صَوناً
وَبَعْضُ الشِّعْرِ مُمْتَهَنٌ ذَلِيلُ
وقبلَكَ كنتُ أُشفِقُ أنْ يراها
وَقَدْ مَدَّتْ إلَيْهِ يَداً مُنِيلُ
إذا أعيا على الكُرماءِ مَدحي
فَكَيْفَ يَسُومُهُ مِنِّي الْبَخِيلُ
رأيتُ الشِّعرَ قالَتْهُ كثيرٌ
عَدِيدُهُمُ وَجَيِّدُهُ قَلِيلُ
فَلاَ تُحْدِثْ لَهَا مَلَلاً وَحَاشَى
عُلاَكَ فَغَيْرُكَ الطَّرِبُ الْمَلُولُ