إذا لم أحظ منك على التلاقي

إذا لمْ أحظَ منكَ على التلاقي

​إذا لمْ أحظَ منكَ على التلاقي​ المؤلف مهيار الديلمي


إذا لمْ أحظَ منكَ على التلاقي
فما بالي أروّعُ بالفراقِ
بعادكِ حيثُ لا يرجوكِ راجٍ
كقربكِ حيثُ لا يلقاكَ لاقي
فمنْ يشكُ النّوى أو يبكِ منها
فلا دمعي هناكَ ولا احتراقي
نوكِ منَ الملالِ أخفُّ مسَّاً
على كبدي وأبردُ لاشتياقي
ولولا البينُ لمْ أملكْ وصولاً
إلى قبلِ الوداعِ ولا العناقِ
على أنّي وأنتَ النجمُ بعدا
حديثكَ بينَ صدري والتراقي
أقولُ لصاحبيَّ غداةَ جمعْ
وأيدي النفرُ تلعبْ بالرفاقِ
قياني منْ سهامِ بناتِ سعدٍ
وهلْ ممّا قضاهُ اللهُ واقي
ومنْ ظبيٍ مددتُ لهُ حبالي
لأقنصهُ فعدنَ على خناقي
خذا طرفي بما أبقيَ وطرفي
بعمدٍ جرَّ قتلي لا اتفاقِ
أراقَ دمي الحرامَ فضولُ عيني
فثأرى بينَ أجفاني وماقي
أيا ربعَ الهّوى دعْ ليْ طريقي
فلا حبسي إليكَ ولا اعتياقي
لكَ الخلقُ الحسانُ إذا تصدّتْ
ولكنْ ما لأهلكَ منْ خلاقِ
وقلْ لشقيقةِ القمرينِ بيني
فهذا عنكِ بيني وانطلاقي
وإلاَّ تفعلي أنطقْ بهجرٍ
يسوءُ الودَّ يا ذاتَ النطاقِ
علقتكِ صائعاً في الحبِّ عزمي
فكانَ المجدُ أولى باعتلاقي
أنا الجاري إذا الحلباتُ طالتْ
مراكضها على الخيلِ العتاقِ
نفضتُ طريقها شوطاً فشوطاً
وسلّمْ بها قضبُ السباقِ
فمنْ ذا يبتغي في الفضلِ سبقي
وقدْ يئسَ السوابقً منْ لحاقي
بقيتُ لحرِّ هذا القولِ وحدي
فعبدي منهُ مأمونُ الإباقِ
وحسبكِ ما بدا لكِ منْ نفاذي
على ملكِ الملوكِ ومنْ نفاقي
بركنِ الدّينِ سالمني زماني
وأطلقتِ الحوادثُ منْ وثاقي
فمهما أبقَ يسمعْ سائراتٍ
مطبِّقةً منْ الكلمِ البواقي
تكونُ لهُ مطاربَ في غدايا ال
صّبوحِ وفي عشايا الإغتباقِ
وفي الأعداءِ تقطعُ ماضياتٍ
مصممّةً معْ البيضِ الرقاقِ
حمى الدنيا فثبَّتَ جانبيها
صليبٌ لا يروِّعُ بالصِّفاقِ
أبو شبلينِ منْ تعلقْ يداهُ
فليسَ لهُ منَ الحدثانِ واقي
وساقَ النّاسَ خفضاً وارتفاعاً
بصيرٌ بالإناخةِ والمساقِ
وقاومَ بالسيّاسةِ كلَّ داءٍ
طبيبٌ منْ لداغِ الدّهر راقي
إذا غمضَ السّقامُ على المداوي
تطلّعَ منْ غوامضهِ العماقِ
ألا أبلغْ ملوكَ الأرضَ أنَّا
على الزوراءَ في العيشِ الوفاقِ
لنا ملكٌ يربُّ على نظامٍ
شتائتَ أمرنا وعلى اتساقِ
إذا جمدَ الغمامُ جرتْ يداهُ
فعمّتنا بمنهمرٍ دفاقِ
أطاعتهُ المقادرُ واستجابتْ
لهُ في كلِّ رقعٍ وانفتاقِ
تناهوا عنْ عداوتنا تناهوا
وفي الأرواحِ باقيةَ الرَماقِ
فقدْ جرَّبتمُ بالأمسِ منّا
عرائكَ لا تلينُ على اعتياقِ
وكمْ مللٍ جليلٍ ندَّ عنّا
فطاحَ على ذوابلنا الدقَّاقِ
عسفناهُ وآخر قدْ ملكنا
مقادتهُ بلطفٍ وارتفاقِ
وجاءتنا السعودُ بكلِّ عاصٍ
على عجلٍ تعارضُ واستباقِ
وأبصرَ رشدهُ ابنَ أخٍ شقيقٍ
فطاوعَ أمرنا بعدَ الشَّقاقِ
رأى طعمَ العقوقَ لنا مريراً
فبرَّ ودلّهُ صدقُ المذاقِ
أراهُ الحقَّ أمرُ اللهِ فينا
فنبَّهَ جفنهُ بعدَ انطباقِ
تذكَّرها على الأهوازِ شعثاً
نزائعَ بينَ خرقٍ أو مراقي
وأنذرهُ بدلاّنٍ وسومٌ
على الأعناقِ ثابتةٌ بواقي
وناشدَ بالقرابةِ فانعطفنا
لهُ عطفَ الغصونِ على الوراقِ
فها هو لو دعوناهُ لخطبٍ
أطاقَ لأمرنا غير المطاقِ
فنصراً يا مليكَ الأرضِ نصراً
على رغمِ المحايدِ والملاقي
تهنَّ بدولةٍ أنكحتَ منها
فتاةً لا تروِّعُ بالطلاقِ
وما اقترحتْ سوى أنْ ترضيها
وأنْ تحنو عليها منْ صداقِ
وعادَ المهرجانُ بخفضِ عيشٍ
يرفُّ على ظلائلهِ الصّفاقِ
هو اليومُ ابتناهُ أبوكَ كسرى
وشيَّدَ منْ قواعدهِ الوثاقِ
وشقَّ لهُ منْ اسمِ الشّمسِ وصفاً
يصولُ بهِ صحيحُ الإشتقاقِ
ويقسمُ لو رأكَ جلستَ فيهِ
لجاءكَ قائماً لكَ فوقَ ساقِ
واعجبهُ تنزلّهُ بعيداً
وأنتَ على سريرِ الملكِ راقي
وأسلاهُ عنْ الإيوانِ بقياً
مقامُ العزِّ في هذا الرواقِ
فبادرْ حظَّ يومكَ واقتبلهُ
على النشواتِ بالكأسِ الدَّهاقِ
منَ السوداءِ لمْ تكُ بنتَ كرمٍ
دفينٍ بلْ من الهيفِ البساقِ
مولِّدةَ الخوابي لمْ تلدها ال
دِّنانُ ولمْ تمخِّضْ في الزِّقاقِ
وإنْ هي لمْ تكنْ حمراءَ صرفاً
ولا صفراءَ بالماءِ المراقِ
ولا لونُ الخدودِ لها إذا ما
أفيضتْ في أوانيها الرِّقاقِ
فألوانُ القلوبِ إذا أديرتْ
تناسبها وألوانُ الحداقِ
وأحسنُ صبغتينِ سوادَ كأسٍ
تعلَّقَ في بياضِ يمينِ ساقي
وحرّمها الحجازيّونَ ظلماً
لها فأحلّها أهلُ العراقِ
وما متجبِبُ فيهِ اختلافُ
كمحظورٍ يحرَّمَ بالوفاقِ
عففتُ فعفتَ عينَ الخمرِ دينا
إذا ما عفَّ قومٌ للنِّفاقِ
فباكرها على أقمارِ تمٍّ
تقابلُ فوقَ أغصانٍ رشاقِ
ونلْ بيمينكَ الدُّنيا جميعاً
وأطبقها على السبعِ الطباقِ
تدرَّج في السنين تعدّ ألفاً
وترجعْ بعدُ في أولى المراقي
إلى أنْ تصبحْ الخضراءُ ماءً
ويفنى النيّرانُ وأنتَ باقي