إعراب القرآن للسيوطي/التاسع والأربعون

إعراب القرآن المؤلف السيوطي
التاسع والأربعون باب ما جاء في التنزيل منصوبا على المضاف إليه


التاسع والأربعون باب ما جاء في التنزيل منصوبا على المضاف إليه

وهذا شيء عزيز قال فيه فارسهم: إن ذاك قد أخرج بطول التأمل والفكر.

فمن ذلك قوله عز من قائل: " قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله " " خالدين " حال من الكاف والميم المضاف إليهما مثوى ومثله: " إن دابر هؤلاء مقطوعٌ مصبحين " ف " مصبحين " حال من " هؤلاء ".

وكذلك قوله: " ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخواناً " " إخوانا " حال من المضاف إليهم في قوله في " صدورهم ".

ومثله: " إليه مرجعكم جميعا ".

قال أبو إسحاق: المثوى: المقام و " خالدين فيها " منصوب على الحال أي: النار مقامكم في حال خلودٍ دائما.

قال أبو علي: مثوى عندي في الآية اسم للمكان دون المكان لحصول الحال في الكلام معملا فيها ألا ترى أنه لا يخلو من أن يكون موضعا أو اسم مصدرٍ فلا يجوز أن يكون موضعا لأن اسم الموضع لا يعمل عمل الفعل لأنه لا معنى للفعل فيه فإذا لم يكن موضعا ثبت أنه مصدر والمعنى: النار ذات إقامتكم أي: النار ذات إقامتكم فيها خالدين أي: هم أهل أن يقيموا ويثبتوا خالدين فالكاف والميم فاعل في المعنى وإن كان في اللفظ خفض بالإضافة.

وأما قوله: وما هي إلا في إزار وعلقة مغار ابن همام على حي خثعما فهو أيضا على حذف المضاف.

المعنى: وما هي إلا في إزار وعلقة وقت إغارة ابن همام.

ألا ترى أنه قد عداه ب على إلى حي خثعما فإذا عداه ثبت أنه مصدر إذ اسما المكان والزمان لا يتعديان فهو من باب: خفوق النجم ومقدم الحاج وخلافة فلان ونحوه من المصادر التي استعملت في موضع الظرف للاتساع في حذف المضاف الذي هو اسم زمان وإنما حسن ذلك في المصادر لمطابقتها الزمان في المعنى ألا ترى أنه عبارة عن منقض غير باق كما أن الزمان كذلك ومن ثم كثر إقامتهم ما التي مع الفعل بمعنى المصدر مقام ظرف الزمان لقولهم: أكلمك ما خلا ليل نهارا وما خلفت جرة درة " وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم " حتى إن قوما من النحويين يسمونها: ما الوقت وحقيقته: ما أعلمتك.

وقال في التذكرة: القول في مثوى: إنه لا يخلو من أن يكون اسم مكان أو مصدرا والأظهر المكان فإذا كان كذلك فالحال من المضاف إليهم كما إن قوله: يعني الجعدي: كأن حواميه مدبراً خضبن وإن كان لم يخضب حال من المضاف إليه.

وإن جعلت المثوى مصدرا ألزمك أن تقدر حذف المضاف كأنه: موضع ثوائكم خالدين فيكون الحال من المصدر والعامل فيها كأنه: يثوون فيها خالدين.

فالعامل في الحال على هذا المصدر وفي الوجه الأول معنى الإضافة مثل قوله تعالى: " فما لهم عن التذكرة معرضين " الحال عن الإضافة وما فيه من معنى الفعل هو العامل والدليل على ذلك أنه لا يخلو من أن يكون العامل المضاف إليهم أو معنى اللام فلا يكون معنى اللام لأنه لو كان كذلك لم تكن الحال مجموعا بالواو والنون ألا ترى أن " ما لهم " أي: شيء وأي شيء ثبت لهم لا يكون جميعا مما يعقل فلا يكون الحال عنه وإذا لم يكن عنه علمت أنه من المضاف إليهم وأن العامل في الحال ما في الإضافة من معنى الفعل وحروف الجر في هذا بمنزلة الأسماء كما كانت الأسماء بمنزلتها في نحو: غلام من تضرب أضرب وفي الاستفهام: غلام من تضرب كما تقول: بأيهم تمرر وغلام من تضرب أضرب بمنزلة: من تمرر أمرر.

وقال في موضع آخر من التذكرة.

القول في قوله تعالى: " فما لهم عن التذكرة معرضين ": إن الحال لا يخلو فيه من أن يكون: عما في اللام أو عن المضاف إليهم فلا يجوز أن يكون عما في اللام فإذا لم يجز ذلك ثبت أنه عن المضاف إليهم والمضاف إليه إنما جاز انتصاب الحال عنه لأنه لا تخلو الإضافة فيه من أن تكون بمعنى اللام أو بمعنى من فمن أي القسمين كان فمعنى الفعل فيه حاصل فانتصابهما عن معنى الفعل ولا يكون ذلك معنى مضمرا كما ذهب إليه أبو عثمان في قوله: وإذ ما مثلهم بشر ولكن حكم منزلة الحرف المراد في الظرف في ذلك حكم الإظهار لأن الإضمار لا يلزمه ألا ترى أنك إذا كنيت عنه ظهر الحرف فكذلك حكم الظرف المراد في الإضافة لما لم يلزم حذفه لقولك: ثوب زيدٍ وثوب لزيدٍ وحلقة حديدٍ وحلقة من حديد بمنزلة الحرف الذي يراد في الظرف ولا يلزم حذفه فعن هذا يلتزم الحال عن المضاف إليه.

ومما يبين ذلك قوله: ألا ترى أن الحال لا تكون من المضاف إليه ولا تكون من كان لأنه لا عمل لها في ذي الحال ولا من خبرها فإذا لم يجز ذلك ثبت أنه من المضاف إليه كما أنها في الآية من المضاف إليه.

فأما قوله: فهل في معدٍّ فوق ذلك مرفدا فلا يخلو من أحد أمرين: أحدهما: على ما يذهب إليه أبو الحسن في قوله تعالى: " وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك " ونحوها فيكون في موضع رفع.

والآخر: أن يكون صفة والموصوف محذوف.

فيجوز انتصاب المرفد أن يكون حالا عن كل واحدٍ من القولين ويجوز أن يكون من المضاف إليه ويجوز أن يكون تبيينا عن ذلك مثل: أفضلهم رجلا.

ومن ذلك قوله: " أن دابر هؤلاء مقطوعٌ مصبحين " ف " مصبحين ".

حال من المضاف إليهم أعنى: " هؤلاء ".

إعراب القرآن للسيوطي
1 ما ورد في التنزيل من إضمار الجمل | 2 ما جاء من حذف المضاف في التنزيل | 3 ما جاء في التنزيل معطوفاً بالواو والفاء | 4 فمن ذلك قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} | 5 وفي بعض ذلك اختلاف | 6 ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال | 7 ما جاء في التنزيل من أسماء الفاعلين مضافة إلى ما بعدها بمعنى الحال أو الاستقبال | 8 ما جاء في التنزيل من إجراء غير في الظاهر على المعرفة | 9 ما جاء في التنزيل من كاف الخطاب المتصلة ولا موضع لها من الإعراب | 10 ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين | 11 ما جاء في التنزيل من الاشمام والروم | 12 ما جاء في التنزيل ويكون الجار والمجرور في موضع الحال محتملاً ضميراً من صاحب الحال | 13 ما جاء في التنزيل دالاً على جواز تقدم خبر المبتدأ | 14 ما جاء في التنزيل وقد حُذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه | 15 ما جاء في التنزيل من حذف الجار والمجرور | 16 وحذف الهمزة في الكلام حسن جائز إذا كان هناك ما يدل عليه | 17 ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين | 18 ما جاء في التنزيل من لفظ مَنْ ومَا والَّذي وكُلُّ وأحَدٍ وغير ذلك | 19 ما جاء في التنزيل من ازدواج الكلام والمطابقة والمشاكلة وغير ذلك | 20 ما جاء في التنزيل من حذف المفعول والمفعولين وتقديم المفعول الثاني على المفعول الأول وأحوال الأفعال المتعدية إلى مفعوليها و غير ذلك مما يتعلق به | 21 ما جاء في التنزيل من الظروف التي يرتفع ما بعدهن بهن على الخلاف وما يرتفع ما بعدهن بهن على الاتفاق | 22 ما جاء في التنزيل من هو وأنت فصلاً | 23 ما جاء في التنزيل من المضمرين إلى أي شيء يعود مما قبلهم | 24 ما جاء في التنزيل وقد أبدل الاسم من المضمر الذي قبله والمظهر على سبيل إعادة العامل أو تبدل إن وأن مما قبله | 25 ما جاء في التنزيل من همزة ساكنة يترك همزها أبو عمرو وما لا يترك همزها | 26 ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع | 27 ما جاء في التنزيل لحقت إن التي للشرط ما ولحقت النون فعل الشرط | 28 ما جاء في التنزيل عقيب اسمين كني عن أحدهما اكتفاء بذكره عن صاحبه | 29 ما جاء في التنزيل صار الفصل فيه عوضاً عن نقصان لحق الكلمة | 30 ما جاء في التنزيل وقد حمل فيه اللفظ على المعنى وحكم عليه بما يحكم على معناه لا على اللفظ | 31 ما جاء في التنزيل من حذف أن وحذف المصادر والفصل بين الصلة والموصول | 32 ما جاء في التنزيل من حذف حرف النداء والمنادى | 33 ما جاء في التنزيل قد حذف منه المضاف إليه | 34 ما جاء في التنزيل من حروف الشرط دخلت عليه اللام الموطئة للقسم | 35 ما جاء في التنزيل من التجريد | 36 ما جاء في التنزيل من الحروف الزائدة في تقدير وهي غير زائدة في تقدير آخر | 37 ما جاء في التنزيل من التقديم والتأخير وغير ذلك | 38 ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل | 39 ما جاء في التنزيل نصباً على المدح ورفعاً عليه | 40 المحذوف خبره | 41 ما جاء في التنزيل من إن المكسورة المخففة من إن | 42 ما جاء في التنزيل من المفرد ويراد به الجمع | 43 ما جاء في التنزيل من المصادر المنصوبة بفعل مضمر دل عليه ما قبله | 44 ما جاء في التنزيل من دخول لام إن على اسمها وخبرها أو ما اتصل بخبرها وهي لام الابتداء دون القسم | 45 باب ما جاء في التنزيل وفيه خلاف بين سيبويه وأبي العباس وذلك في باب الشرط والجزاء | 46 باب ما جاء في التنزيل من إدخال همزة الاستفهام على الشرط والجزاء | 47 باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا | 48 باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية | 49 باب ما جاء في التنزيل منصوبا على المضاف إليه | 50 | 51 باب ما جاء في التنزيل من المضاعف وقد أبدلت من لامه حرف لين | 52 باب ما جاء في التنزيل من حذف واو العطف | 53 باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض | 54 باب ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل المضاف إلى المكنى | 55 باب ما جاء في التنزيل في جواب الأمر | 56 باب ما جاء في التنزيل من المضاف الذي اكتسى | 57 من شيء محذوف | 58 باب ما جاء في التنزيل معطوفا وليس المعطوف مغايرا للمعطوف عليه وإنما هو هو أو بعضه | 59 باب ما جاء في التنزيل من التاء في أول المضارع فيمكن حمله على الخطاب أو على الغائبة | 60 باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل | 61 باب ما جاء في التنزيل من حدف هو من الصلة | 62 باب ما جاء في التنزيل من إجراء غير اللازم مجرى اللازم وإجراء اللازم مجرى غير اللازم | 63 باب ما جاء في التنزيل من الحروف المحذوفة تشبيها بالحركات | 64 باب ما جاء في التنزيل أجرى فيه الوصل مجرى الوقف | 65 باب ما جاء في التنزيل من بناء النسب | 66 باب ما جاء في التنزيل أضمر فيه المصدر لدلالة الفعل عليه | 67 باب ما جاء في التنزيل ما يكون على وزن مفعل بفتح العين ويراد به المصدر ويوهمك أنه مكان | 68 باب ما جاء في التنزيل من حذف إحدى التاءين في أول المضارع | 69 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الاسم على الموضع دون اللفظ | 70 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه ما بعد إلا على ما قبله | 71 باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب | 72 باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه | 73 باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته | 74 باب ما جاء في التنزيل مما يتخرج | 75 باب ما جاء في التنزيل من القلب والإبدال | 76 باب ما جاء في التنزيل من إذا الزمانية | 77 باب ما جاء في التنزيل من أحوال النون عند الحروف | 78 باب ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم | 79 باب ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره | 80 باب ما جاء في التنزيل عبر عن غير العقلاء بلفظ العقلاء | 81 باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل الحذاق فيغفلون عنه | 82 باب ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة ما من أي قسمة هي | 83 باب ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم | 84 نوع آخر إضمار قبل الذكر | 85 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الفعل على موضع الفاء في جواب الشرط فجزم | 86 واستعمل ما هو فرع | 87 باب ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه | 88 مسألة قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " | 89 باب ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب