إن الحروف إشارات المداد فلا

إن الحروف إشارات المداد فلا

​إن الحروف إشارات المداد فلا​ المؤلف عبد الغني النابلسي


إن الحروف إشارات المداد فلا
حرف هناك سوى ذات المداد طلا
طلا الحروف اللواتي صار صبغتها
وهما وصبغته صارت وما انتقلا
بطونها كان في غيب المداد كما
ظهورها كان بالتقدير منه إلى
وهي التقادير منه والشؤون له
وليس ثم سواه فالهم المثلا
وانهنّ سواه ولا تقل هي هو
تخطى ولا هو أيضا هنّ مختبلا
فإنه كان من قبل الحروف ولا
حرف ويبقى ولا حرف هناك ولا
وهالك كل حرف في العيان سوى
وجه المداد بمعنى ذاته جعلا
فللحروف ظهور وهي خافية
وذاك عين ظهور للمداد حلا
والحرف ما زاد شيئا في المداد ولم
ينقصه شيئا ولكن فصل الجملا
وما تغير بالحرف المداد وهل
مع المداد وجود للحروف إلا
إلا فحقق مقالي ما الوجود هنا
سوى وجود مداد عند من عقلا
وأينما انك حرف لم يزل معه
مداده فاعقل الأمثال ممتثلا
ونحن لم نضرب الأمثال فيه له
وإنما هو للأمثال قد بذلا
ونحن أمثاله اللاتي ضربن لنا
في خلقه قد فهمناها ولا جدلا
فكن بصيرا بأمر جلّ عارفه
له المداد وأنواع الحروف جلا
واعلم بأن مداد الحرف فاعله
به محيط له فيه عليه ولا
والحكم ليس سوى حكم الحروف وما
لها وجود فحقق رتبة النبلا
إن الوجود الحقيقي ذات خالقنا
وهو الذي عز في سلطانه وعلا
وهو المداد يمدّ الكل أجمعهم
بذاته فهو فهيم كلهم كملا
وذاته في سواها لا تحلّ إذا
إذ لا سواها ولا فيها السوى حصلا
وإنما الكل سماها الشؤون له
جيمعها فهو فيها طبق ما نقلا
والكل منه إشارت يشير بها
وما الإشارة إلا فعل من فعلا
نحن الكتاب لأنا أحرف كتبت
به على نفسه قد خطنا وتلا
والكاتب الحق يمحونا ويثبتنا
كما يشاء فلا نبغي به بدلا
والروح عرش التجلي بالصفات بدت
والذات منا ثمان عرشه حملا
والنفس كرسيه السبع الطباق حوى
مناهي الحفظ فالوهم الذي قبلا
فالفكر فالعقل أيضا فالخيال بدا
فالطبع فالحس فالأشياء قد شغلا
والجسم فيها الأراضي سبعة ظهرت
جلد فعرق فعضروف به اشتملا
فالعظم ثم الغشا فالقلب داخله
ثم الشغاف بحب القلب قد عدلا
حتى العناصر فيها أربع عرفت
صفرا دم بلغم سوداء قل مثلا
ثم المواليد فيها أربع ظفر
شعر وقمل وإنسان المنيّ تلا
وكل واحدة مما ذكرت لها
بالأصل منها اتصال قط ما انفصلا
مراتب كلها عين الوجود بدت
بها بشكل كبير واحد عملا
ثم اقتضت إنها تبدو معدّدة
في كثرة باختصار مرأة رجلا
ولا تعدّد فيها عند عارفها
لأنها حضرة فيها لقد نزلا
أعني به الغيب غيب الذات وهو هنا
محض الوجود وجود الحق منتقلا
وهي انتقالاته بالاعتبار له
تقلب في شؤون ضمنها جهلا
الله أكبر عن هذا ومشبهه
من العلوم وعن عال وما سفلا
ولكن القول منا كشف رتبته
لنا برتبة كشف حقق الأملا
خذما بدا لك من قولي على أدب
واسمع كلامي فإني أوضح السبلا
وما اختفى عنك فاكفف عنه قولك في
سرّ وجهر ولا تجعل به زللا
ودعه للكامل التحرير يعرفه
لأنه ما ابتغى عن ربه حولا
نحل النفوس لها الأجسام أودية
ومن قلوب الورى كم أسكنت جبلا
وكم تنقلت الأشجار من ملأ
وما تعرش ممن جدّ أو هزلا
يا نحل أوحى إليك الرب فاتخذي
من الجبال بيوتا واسلكي ذللا
وكل شيء سبيل الرب خلقته
إليه في الناس من يمشي به وصلا
هنالك العلم علم الله يخرج من
بطونها اختلفت ألوانه عسلا
بطونها حضرات الحق إذ هي قل
ظهوره فهو منها لابس حللا
لأنها هي تقديراته وبها
يبدي الخلائق والأملاك والرسلا
مراتب وشؤون فيه أجمعهم
محققون وأما ليس فيه فلا