ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الثاني/الجزء الثاني/تتمة ثانية الباب الخامس والثلاثون


حدثنا عبد الله بن ربيع، عن عبد الله بن محمد بن عثمان، عن أحمد بن خالد، عن علي بن عبد العزيز، عن الحجاج بن المنهال، ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة قال: قال علي: القضاء ثلاثة: رجل حاف فهو في النار، ورجل اجتهد برأيه فأخطأ فهو في النار، ورجل أصاب فهو في الجنة. حدثنا حمام بن أحمد، ثنا أبو محمد الباجي، ثنا عبد الله بن يوسف، ثنا بقيّ بن مخلد، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا شبابة بن سوار، عن شعبة، عن قتادة قال: سمعت رفيعاً أبا العالية يقول: قال علي بن أبي طالب: القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل جار متعمداً فهو في النار، ورجل أراد الحق فأخطأ فهو في النار، ورجل أراد الحق فأصاب فهو في الجنة، قال قتادة: قلت لأبي العالية: أرأيت هذا الذي أراد الحق فأخطأ؟ قال: كان حقه إذا لم يعلم القضاء أن يكون قاضياً. حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي، ثنا ابن مفرج، ثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس، ثنا محمد بن علي بن زيد، نا سعيد بن منصور، نا فرج بن فضالة، عن مالك بن زياد، قال: سمعت عراك بن مالك/ وقال له عمر بن عبد العزيز: يا عراك ما قولك في القضاة؟ فقال: يا أمير المؤمنين القضاة ثلاثة: رجل ولي القضاء ولا علم له بالقضاء، فأحل حراماً وحرم حلالاً فهو في النار على أم رأسه، ورجل ولي القضاء وله علم بالقضاء فاتبع الهوى وترك الحق فهو في النار على أم رأسه، ورجل ولي القضاء وله علم بالقضاء فاتبع الحق وترك الهوى فهو يستقام به ما استقام، وإن هو مال سلك مسلك أصحابه.

قال أبو محمد: وقد روي هذا عن رسول الله كما روينا بالسند الصحيح المذكور إلى سعيد بن منصور: نا خلف بن خليفة، ثنا أبو هاشم قال: لولا حديث ابن بريدة عن أبيه أن رسول الله قال: «القُضَاةُ ثَلاَثَةٌ، اثْنَانِ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرفَ الحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الجَنَّةِ، وَرَجُلٌ قَضَى بَيْنَ النَّاسِ بِجَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ عَرفَ الحَقَّ فَخَارَ فَهُوَ فِي النَّارِ» ، لقلنا: إن القاضي إذا اجتهد فليس عليه شيء. نعم، وعن عمر بن الخطاب كما روينا بالسند المذكور إلى سعيد بن منصور: نا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، نا موسى بن عقبة، قال: خطب عمر بن الخطاب بالجابية، فذكر الخطبة وفيها أن عمر قال: ليس لهالك هلك معذرة في تعمد ضلالة حسبها هدى، ولا في ترك حق حسبه ضلالاً.

قال أبو محمد: ليس هذا مخالفاً لقول النبي : «إِذَا اجْتَهَدَ الحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» لأن هذا فيمن لم يعرف بالحق، وسائر ما ذكرنا قيل فيمن عرف بالحق فلج مقدراً أنه على صواب، مغلباً لظنه الكاذب على يقين ما جاءه من الهدى والنور. ويه إلى سعيد بن منصور: حدثنا خالد بن عبد الله، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: من أفتا فتيا يعمى بها فإنهما عليه يعني يخطىء فيها فيخطىء آخذها منه. حدثنا عبد الله بن ربيع التميمي، نا محمد بن أحمد بن مفرج، نا سعيد بن السكن، نا الفربري، نا البخاري، نا موسى بن إسماعيل، نا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: قال سهل بن حنيف: «يا أيها الناس اتهموا آراء على دينكم، لقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله لرددته» . حدثنا عبد الله بن يوسف، نا أحمد بن فتح، نا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى، نا أحمد بن محمد، نا أحمد بن علي، نا مسلم بن الحجاج، حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري، نا أبو أسامة، عن مالك بن مغول، عن أبي حصين، عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: سمعت سهل بن حنيف بصفين يقول: «اتهموا آراءكم على دينكم، فلقد رأيتني يوم أبي جندل، لو أستطيع أن أرد أمر رسول الله لرددته» . حدثنا أحمد بن عمر، ثنا أبو ذر، نا عبد الله بن أحمد، نا إبراهيم بن خزيم، ثنا عبد بن حميد حسن بن علي الجعفي، عن زائدة، عن ليث، عن بكر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من جهنم. حدثنا المهلب، نا ابن مناس، نا ابن مسرور، نا يونس بن عبد الأعلى، نا ابن وهب، أخبرني بشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، عن ابن عباس قال: من أحدث رأياً ليس في كتاب الله عز وجل لم تمض به سنة من رسول الله لم يدر على ما هو منه إذا لقي الله عز وجل.

حدثنا يونس بن عبد الله القاضي، نا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، نا أحمد بن خالد، نا محمد بنُ عبد الله الخشني، نا محمد بن بشار، نا يونس، نا عبيد العمري، ثنا مبارك بن فضالة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، عن عمر أنه قال: يا أيها الناس اتهموا آراءكم على الدين، فلقد رأيتني وإني لأرد أمر رسول الله برأي أجتهد والله ما آلو، وذلك يوم أبي جندل والكتاب يكتب فقال اكتبوا: بسم الله الرحمن الرحيم، فقالوا: نكتب باسمك اللهم، فرضي رسول الله وأبيت، فقال: «يَا عُمَرُ تَرَانِي قَدْ رَضِيتُ وَتَأْبَى» .

قال أبو محمد: أما الرواية عن أبي بكر وعلي وسهل وابن عباس، والتي تورد بعد هذا عن عمر وابن مسعود ــــ: فصحاح ولا سبيل لهم إلى أن يأتوا برواية عن صاحب يثبت فيها التصويب للفتيا بالرأي، فأن وجد يوماً ما فتيا عن أحدهم برأي فلا بد من أن يوجد عنه التبرؤ من ذلك. كما حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، أنا علي بن حجر، نا علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود: أتاه قوم فقالوا: إن رجلاً منا تزوج امرأة ولم يفرض صداقاً ولم يجمعها إليه حتى مات؟ فقال عبدالله: ما سئلت عن شيء مذ فارقت رسول الله أشد عليَّ من هذا فأتوا غيري.

فاختلفوا إليه فيها شهراً، ثم قالوا له في آخر ذلك: من نسأل وأنت أخيه أصحاب رسول الله بهذا البلد ولا نجد عندك؟ قال: سأقول فيها بجهد رأيي، فإن كان صواباً فمن أتاه الله وحده لا شريك له، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريء فقد ذكر الحديث وفي آخره، أنه رضي الله عنه إذ أخبر بالسنة عن النبي في ذلك بوفاق ما أفتى به «فما رئي عبد الله فرح فرحه يومئذ إلا بإسلامه. وبه إلى أحمد بن شعيب: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري، ثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن عبدالله، عن زائدة عن منصور، عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: أتى عبد الله بن مسعود في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها، فتوفي قبل أن يدخل بها، فقال عبد الله: سلوا هل تجدون فيها أثراً؟ وذكر باقي الحديث. حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، عن عبد الله بن محمد بن قاسم القلعي، نا محمد بن أحمد الصواف، نا بشر بن موسى بن صالح الأسدي، نا عبد الله بن الزبير الحميدي، حدثنا سفيان بن عيينة عن الأعمش عن مسلم بن صبيح هو أبو الضحى، عن مسروق قال: قال ابن مسعود: يا أيها الناس من علم منكم علماً فليقل به، ومن لم يعلم فليقل لم لا يعلم: لا أعلم، فإن الله علم المرء وقد قال الله تعالى لنبيه : {قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } . قال أبو محمد: هذا في غاية الصحة. وكل ما رويناه الآن من ابن عمر وابن مسعود وابن عباس يبين مرادهم بقولهم: «فليجتهد رأيه» لو صح ذلك عنهم، وأنه ليس على القول في الدين بالرأي أصلاً لكن بأن يجتهد حتى يرى الحق في القرآن والسنة. حدثنا حمام، نا الباجي، نا عبد الله بن يونس، نا بقي بن مخلد، نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا يزيد بن هارون، نا حماد بن سلمة، عن قتادة أن أبا موسى الأشعري قال: لا ينبغي لقاض أن يقضي حتى يتبين له الحق كما يتبين له الليل عن النهار، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال: صدق. قال أبو محمد: هذا يبين أنهم لم يجيزوا القول بالرأي الذي إنما هو ظن، وبين أنهم كانوا يرون خبر الواحد يوجب العلم والقطع به ولا بد. أخبرني محمد بن سعيد بن نبات، ثنا أحمد بن عبد البصير، نا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، نا محمد بن المثنى، نا مؤمل بن إسماعيل الحميري، نا سفيان الثوري، نا أبو إسحاق الشيباني، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: كتب كاتب لعمر بن الخطاب: هذا ما رأى الله ورأى عمر، فقال عمر: بئس ما قلت، إن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن خطأ فمن عمر. حدثنا يونس بن عبد الله، نا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، نا أحمد بن خالد، نا محمد بن عبد السلام الخشني، نا محمد بن بشار، نا يحيى بن سعيد القطان، نا مجالد عن الشعبي، عن مسروق قال: قال عبد الله بن مسعود: يذهب العلماء ويبقى قوم يقولون برأيهم، قال الشعبي: لعن الله أرأيت. قال أبو محمد: والله ما أفتى قط أحد من الصحابة رضي الله عنهم باجتهاد رأيه إلا كما ترى، بعد أن يبحث عن السنة فتغيب عنه، وهي عند غيره بلا شك، ثم لا يجعل رأيه ذلك إلا مما يخاف الله تعالى فيه، ويشفق منه ويتبرأ من التزامه، وكذلك كان التابعون رحمهم الله، فأتى اليوم ناس يجعلونه ديناً يبطلون به كلام الله تعالى وكلام رسوله . نعوذ بالله من الخذلان. وقد روينا أيضاً عن ابن عمر، كما نا المهلب، نا ابن مناس، أنا ابن مسرور، نا يونس بن عبد الأعلى، نا ابن وهب، أخبرني عمر بن الحارث أن عمرو بن دينار أخبره: أن عبد الله بن عمر كان إذا لم يبلغه شيء في الأمر يسأل عنه قال: إن شئتم أخبرتكم بالظن. قال عمرو بن دينار: أخبرني بذلك طاوس عنه.

قال أبو محمد: وهذا سند في غاية الصحة، وحدثنا يونس بن عبد الله، نا يحيى بن مالك بن عائذ عبد الرحمن بن إسماعيل أبو عيسى الخشاب، نا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، نا يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهب، أنا عمر بن الحارث قال: قال لي عمرو بن دينار: أخبرني طاوس عن ابن عمر: أنه كان إذا سئل عن أمر لم يبلغه فيه شيء قال: إن شئتم أخبرتكم بالظن. قال أبو محمد: كتب إلي يوسف بن عبد البر النمري قال: ذكر أبو يوسف يعقوب بن شيبة، نا محمد بن حاتم بن ميمون، حدثني يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري، نا أبي عن ابن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير قال: أنا والله لمع عثمان بن عفان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام، منهم حبيب بن مسلمة الفهري إذ قال عثمان ــــ وذكر له التمتع بالعمرة إلى الحج ــــ أن أتموا الحج وخلصوه في أشهر الحج، فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل، فإن الله قد أوسع في الخير، فقال له علي: عمدت إلى سنة رسول الله ، ورخصة رخص الله للعباد بها في كتابه، تضيق عليهم فيها، وتنتهي عنها، وكانت لذي الحاجة ولنائي الدار. ثم أهلّ بعمرة وحج معاً فأقبل عثمان على الناس فقال: وهل نهيت عنها؟ إني لم أنه عنها، إنما كان رأياً أشرت به، فمن شاء أخذه ومن شاء تركه.

كتب إلي النمري: حدثنا أحمد بن سعيد، نا ابن أبي دليم، نا ابن وضاح، نا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، نا ضمرة بن ربيعة عن عثمان بن عطاء هو الخراساني، عن أبيه قال: أضعف العلم علم النظر، أن يقول الرجل: رأيت فلاناً يفعل كذا، ولعله قد فعله ساهياً. كتب إلي النمري قال: ذكر الحسن بن علي الحلواني، نا عامر، نا حماد بن زيد عن سعيد بن أبي صدقة، عن ابن سيرين قال: لم يكن أحد بعد النبي أهيب لما لا يعلم مع أبي بكر، ولم يكن أحد أهيب لما لا يعلم بعد أبي بكر من عمر، وإن أبا بكر نزلت به قضية فلم يجد في كتاب الله تعالى منها أصلاً، ولا في السنة أثراً فاجتهد رأيه ثم قال: هذا رأيي فإن يكن صواباً فمن الله عز وجل، وإن يكن خطأ فمني وأستغفر الله تعالى.

كتب إلي النمري قال: قرأت على عبد الوارث بن سفيان أن قاسم بن أصبغ أخبرهم قال: نا بكر بن حماد، نا مسدد بن مسرهد، نا يحيى بن سعيد القطان، عن ابن جريج، حدثني سليمان بن عتيق، عن طلق بن حبيب، عن الأحنف بن قيس، عن عبد الله بن مسعود/ عن النبي قال: «أَلاَ هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ، أَلا هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ أَلاَ هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ» . كتب إلي النمري: حدثنا عبد الله بن محمد، نا عبد الله بن محمد القاضي بالقلزم، نا محمد بن إبراهيم بن زياد بن عبد الله الرازي، نا الحارث بن عبد الله بهمدان، نا عثمان بن عبد الرحمن الوقاص، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «تَعْمَلُ هذِهِ الأُمَّةُ بُرْهَةً بِكِتَابِ الله وَبُرْهَةً بِسُنَّةِ رَسُولِ الله ثُمَّ يَعْمَلُونَ بِالرَّأْيِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ ضَلُّوا» .

كتب إلي النمري: حدثنا محمد بن خليفة، نا محمد بن الحسين الآجري، نا محمد بن الليث، نا جبارة بن المغلس، نا حماد بن يحيى الأبح، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «تَعْمَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ بُرهَةً بِكِتَابِ الله ثُمَّ تَعْمَلُ بُرْهَةً بِسُنَّةِ رَسُولِ الله ثُمَّ تَعْمَلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالرَّأْيِ فَإِذَا أَعْمَلُوا بِالرَّأْيِ ضَلُّوا» . كتب إلي النمري: أنا أبو زيد العطار، نا علي بن محمد بن مسرور، نا أحمد بن داود، نا سحنون، نا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن عبد الله بن أبي جعفر قال: قال عمر بن الخطاب: السنة ما سنه الله تعالى ورسوله ، لا تجعلونه خطأ الرأي سنة للأمة.

كتب إلي النمري: حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي الباجي، نا الحسن بن إسماعيل المهندس، ثنا عبد الملك بن بحر، نا محمد بن إسماعيل، نا سنيد داود، نا يحيى بن زكريا، هو ابن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي، قال: أتى زيد بن ثابت قوم، فسألوه عن أشياء فأخبرهم بها فكتبوها ثم قالوا: لو أخبرناه قال: فأتوه فأخبروه، فقال: أغدراً لعل كل شيء حدثتكم خطأ، إنما أجتهد لكم رأيي.

وبه نصّاً إلى سنيد: نا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار قال: قال لجابر بن زيد: إنهم يكتبون ما يسمعون منك، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون يكتبون رأياً أرجع عنه غداً. حدثنا عبد الله بن ربيع، نا ابن مفرج، نا قاسم بن أصبغ، نا بن وضاح، نا ابن وهب، عن الليث بن سعد قال: إن ربيعة كتب إليه يقول: أرى أن كل محبوسة منتظرة زوجاً في غيبة إن نفقتها لها، ورب من يكون لو حمل ذلك عليه لكانت فيه هلكة دنياه وذمته. فالمرأة ذات الزوج في نفقتها حتى يقع ميراثها، ويتبين هلاك زوجها، وإن قائلاً ليأثر عن بعض الناس بالمدينة غير ذلك، وهذا رأينا، والسنة أملك بذلك. حدثنا يونس بن عبد الله، نا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، نا أحمد، نا خالد، نا محمد بن عبد السلام الخشني، نا محمد بن بشار بندار، نا يحيى بن سعيد القطان، نا صالح بن مسلم أن عامراً الشعبي قال له في مسألة من النكاح سأله عنها في حديث: إن أخبرتك برأيي فبل عليه. كتب إلي النمري: حدثنا محمد بن خليفة، نا محمد بن الحسين الأجري، نا جعفر بن محمد الفريابي، نا العباس بن الوليد بن مزيد، أنا أبي، سمعت الأوزاعي يقول: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول.

قال الفريابي: وحدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: سمعت حماد بن زيد يقول: قيل لأيوب السختياني، ما لك لا تنظر في الرأي؟ فقال أيوب: قيل للحمار ما لك لا تجتر؟ فقال: أكره مضغ الباطل. كتب إلي النمري: حدثنا عبد الوارث بن سفيان، نا قاسم بن أصبغ، نا أحمد بن زهير، نا الحوطي، نا إسماعيل بن عياش، عن سوادة بن زياد، وعمرو بن مهاجر، عن عمر بن عبد العزيز، أنه كتب إلى الناس، إنه لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله .

وبه إلى قاسم: حدثنا ابن وضاح، نا يوسف بن عدي، نا عبيدة بن حميد، عن عطاء بن السائب قال: قال الربيع بن خيثم: إياكم أن يقول الرجل لشيء: إن الله حرم هذا أو نهى عنه، فيقول الله عز وجل: كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه، أو يقول: إن الله تعالى أحل هذا وأمر به، فيقول الله تعالى: كذبت لم أحله ولم آمر به.

وكتب إلي النمري: حدثنا محمد بن خليفة، نا محمد بن الحسين الأجري، نا أبو بكر بن أبي داود السجستاني، نا أحمد بن سنان قال: سمعت الشافعي يقول: مثل الذي ينظر في الرأي ثم يتوب منه، مثل المجنون الذي قد عولج حتى برأ فأغفل ما يكون قد هاج به. وبه إلى ابن أبي داود السجستاني قال: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا تكاد ترى أحداً نظر في هذا الرأي إلا وفي قلبه دغل. كتب إلي النمري: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمداني، نا يوسف بن يعقوب النجيرمي بالبصرة، أنا العباس بن الفضل، سمعت سلمة بن شبيب يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: رأي الشافعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة «كله رأي» وهو عندي سواء وإنما الحجة الآثار. كتب إلي النمري قال: ذكر محمد بن حارث الخشني، أنا أبو عبد الله محمد بن عثمان النحاس، سمعت أبا عثمان سعيد بن محمد بن الحداد يقول: سمعت سحنون بن سعيد يقول: ما أدري ما هذا الرأي؟ سفكت به الدماء واستحلت به الفروج، واستحقت به الحقوق غير أنا رأيناه رجلاً صالحاً فقلدناه. كتب إلي النمري: أنا عبد الرحمن بن يحيى، ثنا أحمد بن سعيد بن حزم، ثنا عبيد الله بن يحيى بن يحيى عن أبيه يحيى بن يحيى أنه كان يأتي بن وهب فيقول له: من أين فيقول له: من عند ابن القاسم. فيقول له: اتق الله فإن أكثر هذه المسائل رأي. قال أبو محمد: فقد ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم لم يفتوا برأيهم على سبيل الإلزام، ولا على أنه حق، لكن على أنه ظن يستغفرون الله تعالى منه، أو على سبيل صلح بين الخصمين، فلا يحل لمسلم أن يحتج بشيء أتى عنهم على هذه السبيل، وأما التابعون فقد ذكرنا منهم طرفاً صالحاً. وحدثنا أيضاً يونس بن عبد الله القاضي قال: ثنا يحيى بن عائذ، ثنا هشام بن محمد بن قرة، عن أبي جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي، ثنا إبراهيم بن مرزوق، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا أبو عقيل، ثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة أنه قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف يقول للحسن بن أبي الحسن البصري وقد قصدته أنا والحسن، فقال أبو سلمة للحسن: بلغني أنك تفتي برأيك، فلا تفتي برأيك إلا أن يكون سنة عن رسول الله أو كتاباً منزلاً. وبه إلى الطحاوي: حدثنا سليمان بن شعيب، ثنا خالد بن عبد الرحمن، ثنا مالك بن مغول، عن الشعبي قال: ما جاءكم به هؤلاء من أصحاب رسول الله فخذوا به، وما كان من رأيهم فاطرحوه في الحش.

حدثنا أحمد بن عمر، ثنا أبو ذر، ثنا زاهر بن أحمد، نا زنجويه بن محمد، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، نا محمد بن محبوب، نا عبد الواحد، نا الزبرقان بن عبد الله الأسدي، أن أبا وائل شقيق بن سلمة قال له: إياك ومجالسة من يقول: أرأيت أرأيت. قال أبو محمد: وقد روينا عن الشعبي أنه قال: قد ترك هؤلاء الأرأيتيون المسجد أبغض إلي من كناسة أهلي. حدثنا عبد الرحمن بن سلمة صاحب لنا، ثنا أحمد بن خليل، نا خالد بن سعد، أخبرني محمد بن عمر بن لبابة، أخبرني أبان بن عيسى بن دينار ــــ وكان فاضلاً ــــ عن أبيه، عن ابن القاسم، عن مالك، عن ابن شهاب قال: دعوا السنة تمضي لا تعرضوا لها بالرأي، قال أبان: وكان أبي قد أجمع على ترك الفتيا بالرأي، وأحب الفتيا بما روي من الحديث، فأعجلته المنية عن ذلك. حدثنا المهلب، ثنا بن مناس، نا ابن مسرور، نا يونس بن عبد الأعلى، ثنا ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن أبي الأسود ــــ هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة ــــ قال: سمعت عروة بن الزبير يقول: ما زال أمر بني إسرائيل معتدلاً حتى نشأ المولدون أبناء سبايا الأمم، فأخذوا فيهم بالرأي فأضلوهم. وبه إلى ابن وهب: حدثني أبي لهيعة، أن رجلاً سأل سالم بن عبد الله بن عمر عن شيء، فقال: لم أسمع في هذا شيئاً، فقال له الرجل، فأخبرني أصلحك الله برأيك قال: لا، ثم عاد عليه فقال: إني أرضى برأيك، فقال له سالم، إني لعلي إن أخبرتك برأيي ثم تذهب فأوى بعد ذلك رأياً غيره فلا أجدك. حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، ثنا عبد الله بن محمد القلعي، ثنا أبو علي محمد بن أحمد الصواف، عن بشر بن موسى الأسدي، ثنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال: قال سفيان بن عيينة: ما زال أمر الناس معتدلاً حتى غير ذلك أبو حنيفة بالكوفة، والبتي بالبصرة وربيعة بالمدينة. قال أبو محمد: هؤلاء النفر ــــ غفر الله لنا ولهم ــــ أول من فتح باب الرأي وعول عليه، واعترض بالقياس على حديث رسول الله : وتلك زلة عالم، ووهلة فاضل، سمح الله للجميع بمنه آمين. كتب إلى النمري يوسف بن عبد الله: أنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن هو ابن الزيات، ثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد القاضي المالكي البصري، ثنا موسى بن إسحاق، نا إبراهيم بن المنذر، نا معن بن عيسى قال: سمعت مالك بن أنس يقول: أنا بشر أخطىء وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه.

أخبرني بعض أصحابنا محمد بن أبي نصر، عن أبي عمر وعثمان بن أبي بكر، حدثني أبو نعيم بأصبهان، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم، ثنا الحسن بن منصور، ثنا الحنيني قال: قال مالك بن أنس: إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن. وحدثني ابن أبي نصر، نا عثمان بن أبي بكر، نا أبو نعيم إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق قال: سمعت عثمان بن صالح يقول: جاء رجل إلى مالك فسأله عن مسألة فقال له: قال رسول الله كذا، فقال الرجل: أرأيت، فقال مالك: {لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .

حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، ثنا أحمد بن خليل، ثنا خالد بن رسول، ثنا عبد الله بن يونس المرادي، نا بقي بن مخلد، نا سحنون والحارث بن مسكين، عن ابن القاسم، عن مالك. أنه كان يكثر أن يقول: {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } . ويه إلى خالد قال: سمعت محمد بن عمر لبابة يقول: أخبرني أبو خالد مالك بن علي القرشي القطني الزاهد وكان فاضلاً خيراً مجتهداً في العبادة، قال: أخبرني القعنبي قال: دخلت على مالك بن أنس في مرضه الذي مات فيه، فسلمت ثم جلست فرأيته يبكي، فقلت: يا أبا عبد الله ما الذي يبكيك؟ فقال لي: يا ابن قعنب وما لي لا أبكي ومن أحق بالبكاء مني والله لوددت أني ضربت بكل مسألة أفتيت بها برأيي سوطاً سوطاً، وقد كانت لي السعة فيما قد سبقت إليه، وليتني لم أفت بالرأي أو كما قال. وبه إلى خالد: حدثنا أحمد بن خالد، أنا يحيى بن عمر، أنا الحارث بن مسكين، أنا ابن وهب قال: قال لي مالك: كان رسول الله إمام المسلمين وسيد العالمين يسأل عن الشيء فلا يجيب حتى يأتيه الوحي من السماء. قال أبو محمد: أفيحل لأحد صح هذا عنده عن النبي الذي عنه أخذنا ديننا، ثم يفتي بعد ذلك بغير ما أتاه به الوحي ويستعمل الرأي والقياس، معاذ الله من ذلك. أخبرنا أحمد بن عمر، ثنا أحمد بن محمد بن عيسى، نا محمد بن غندر، نا خلف بن قاسم، نا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي، نا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، نا أبو مسهر، نا سعيد بن عبد العزيز قال: كان إذا سئل لا يجيب حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هذا رأيي والرأي يخطىء ويصيب. قال أبو محمد: ويقال لمن يقضي بالرأي في الدين فحلل به وحرم وأوجب: أخبرنا عنك في قولك بالرأي، هذا حرام أو هذا واجب عمن تخبر بأنه حرم هذا أو أوجب هذا؟ أعنك أم عن الله تعالى ورسوله لله؟ فإن كنت تخبر بذلك عن الله تعالى أو عن رسوله كنت كاذباً عليهما، لأنك تقول عنهما ما لم يقله الله تعالى، ولا نبيه ، وإن كنت تقول ذلك عن نفسك فقد صرت محللاً ومحرماً وشارعاً، وفي هذا ما فيه نعوذ بالله منه. وأيضاً فإنك تصير قاضياً على الباري تعالى، ومتحكماً عليه أن تلزم في دينه ــــ الذي لم يشرعه سواه ــــ أحكاماً تشرعها أنت، وفي هذا البرهان كفاية. وبالله تعالى نتأيد.

حدثنا أحمد بن عمر بن أنس، نا الحسين بن يعقوب، نا سعيد بن فحلون، نا يونس بن يحيى المفامي، نا عبد الملك بن حبيب، أخبرني بن الماجشون أنه قال: قال مالك بن أنس: من أحدث في هذه الأمة اليوم شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله خان الرسالة، لأن الله تعالى يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً، وقد ذكر الطحاوي عن أبي حنيفة أنه قال: علمنا هذا رأي فمن أتانا بخير منه قبلناه. حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، نا إسماعيل بن إسحاق البصري، نا خالد بن سعد، نا محمد بن إبراهيم بن حيون الحجاري، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: الحديث الضعيف أحد إلينا من الرأي. حدثنا حمام، نا عباس بن أصبغ، نا محمد بن عبد الملك بن أيمن، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن الرجل يكون ببلد لا يجد فيه إلا صاحب حديث لا يعرف صحيحه من سقيمه، وأصحاب رأي، فتنزل به النازلة، من يسأل؟ فقال أبي: يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي، ضعيف الحديث أقوى من رأي أبي حنيفة. قال أبو محمد: صدق أحمد رحمه الله، لأن من أخذ بما بلغه عن رسول الله وهو لا يدري ضعفه، فقد أجر يقيناً على قصده إلى طاعة رسول الله كما أمره الله تعالى. وأما من أخذ برأي أبي حنيفة أو رأي مالك أو غيرهما، فقد أخذ بما لم يأمره الله تعالى قط بالأخذ به، وهذه معصية لا طاعة. وقد تبرأ كل من ترى من الصحابة والتابعين، ومن الفقهاء من الرأي، وندموا على ما قد قدموا منه، وتبرؤوا ممن قلدهم في شيء منه، فمن أضل ممن دان ربه تعالى برأي قد تمنى الذي رآه أن يضرب عن كل مسألة منه سوطاً ولعلها أزيد من عشرة آلاف مسألة ومن أضل ممن دان ربه تعالى برأي من قال: من أتانا بخير من رأينا قبلناه ولا شك عند كل ذي مسكة عقل من المسلمين أن كلام الله تعالى وكلام محمد خير من رأي أبي حنيفة ومالك. هذا مع ما قد أوردناه في هذا الباب من الأحاديث الصحاح عن رسول الله في تحريم الفتيا بالرأي، ومن البراهين القاطعة في ذلك. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الثاني/الجزء الثاني

في الاحتياط وقطع الذرائع والمشتبه | في الاستحسان والاستنباط في الرأي وإبطال كل ذلك | في الاستحسان والاستنباط في الرأي وإبطال كل ذلك (1) | في الاستحسان والاستنباط في الرأي وإبطال كل ذلك (2) | في إبطال التقليد (1) | في إبطال التقليد (2) | في إبطال التقليد (3) | في إبطال التقليد (4) | في إبطال التقليد (5) | في إبطال التقليد (6) | في إبطال التقليد (7) | في إبطال التقليد (8) | في إبطال التقليد (9) | في إبطال التقليد (10)