البداية والنهاية/الجزء الثالث/فصل الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس

البداية والنهايةالجزء الثالث المؤلف ابن كثير
فصل الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس



فصل الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس


ذكر ابن عساكر أحاديث الإسراء في أوائل البعثة، وأما ابن إسحاق فذكرها في هذا الموطن بعد البعثة بنحو من عشر سنين، وروى البيهقي من طريق موسى بن عقبة عن الزهري أنه قال: أسري برسول الله قبل خروجه إلى المدينة بسنة.

قال: وكذلك ذكره ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة.

ثم روى الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن أسباط بن نصر عن إسماعيل السدي.

أنه قال: فرض على رسول الله الخمس ببيت المقدس ليلة أُسري به قبل مهاجره بستة عشر شهرا، فعلى قول السدي يكون الإسراء في شهر ذي القعدة، وعلى قول الزهري وعروة يكون في ربيع الأول.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عثمان عن سعيد ابن مينا عن جابر وابن عباس.

قالا: ولد رسول الله عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول.

وفيه بعث، وفيه عرج به إلى السماء، وفيه هاجر، وفيه مات، فيه انقطاع.

وقد اختاره الحافظ عبد الغني بن سرور المقدسي في سيرته وقد أورد حديثا لا يصح سنده ذكرناه في فضائل شهر رجب أن الإسراء كان ليلة السابع والعشرين من رجب والله أعلم.

ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان أول ليلة جمعة من شهر رجب وهي ليلة الرغائب التي أحدثت فيها الصلاة المشهورة ولا أصل لذلك والله أعلم.

وينشد بعضهم في ذلك:

ليلةَ الجمعةِ عُرِّج بالنبي * ليلةَ الجمعةِ أول رجب

وهذا الشعر عليه ركاكة وإنما ذكرناه استشهادا لمن يقول به.

وقد ذكرنا الأحاديث الواردة في ذلك مستقصاة عند قوله تعالى: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير } فلتكتب من هناك على ما هي عليه من الأسانيد والعزو، والكلام عليها ومعها ففيها مقنع وكفاية ولله الحمد والمنة.

ولنذكر ملخص كلام ابن إسحاق رحمه الله فإنه قال بعد ذكر ما تقدم من الفصول: ثم أسري برسول الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى - وهو بيت المقدس من إيلياء - وقد فشا الإسلام بمكة في قريش وفي القبائل كلها.

قال: وكان من الحديث - فيما بلغني - عن مسراه عن عبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري وعائشة ومعاوية وأم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنهم والحسن بن أبي الحسن وابن شهاب الزهري وقتادة وغيرهم من أهل العلم ما اجتمع في هذا الحديث، كل يحدث عنه بعض ما ذكر لي من أمره.

وكان في مسراه وما ذكر لي منه بلاء وتمحيص، وأمر من أمر الله وقدرته وسلطانه، فيه عبرة لأولي الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق، وكان من أمر الله على يقين، فأسرى به كيف شاء وكما شاء ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم، وقدرته التي يصنع بها ما يريد.

وكان عبد الله بن مسعود - فيما بلغني - يقول: أتى رسول الله بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله، تضع حافرها في موضع منتهى طرفها - فحُمل عليها ثم خرج به صاحبه يرى الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمعوا له، فصلى بهم ثم أتى بثلاثة آنية: من لبن، وخمر، وماء.

فذكر أنه شرب إناء اللبن، فقال لي جبريل: هديت وهديت أمتك.

وذكر ابن إسحاق في سياق الحسن البصري مرسلا: أن جبريل أيقظه ثم خرج به إلى باب المسجد الحرام فأركبه البراق وهو دابة أبيض، بين البغل والحمار، وفي فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه، يضع حافره في منتهى طرفه، ثم حملني عليه ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته.

قلت: وفي الحديث وهو عن قتادة فيما ذكره ابن إسحاق أن رسول الله لما أراد ركوب البراق شمس به فوضع جبريل يده على معرفته ثم قال: ألا تستحي يا براق مما تصنع، فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه.

قال: فاستحى حتى أرفض عرقا ثم قرَّ حتى ركبته.

قال الحسن في حديثه: فمضى رسول الله ومضى معه جبريل حتى انتهى به إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء فأمهم رسول الله فصلى بهم، ثم ذكر اختياره إناء اللبن على إناء الخمر وقول جبريل له: هديت وهديت أمتك وحرمت عليكم الخمر.

قال: ثم انصرف رسول الله إلى مكة، فأصبح يخبر قريشا بذلك فذكر أنه كذبه أكثر الناس وارتدت طائفة بعد إسلامها، وبادر الصديق إلى التصديق وقال: إني لأصدقه في خبر السماء بكرة وعشية أفلا أصدقه في بيت المقدس وذكر أن الصديق سأله عن صفة بيت المقدس فذكرها له رسول الله قال: فيومئذ سمي أبو بكر الصديق.

قال الحسن: وأنزل الله في ذلك: { وماجعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } الآية.

وذكر ابن إسحاق فيما بلغه عن أم هانئ.

أنها قالت: ما أسري برسول الله إلا من بيتي نام عندي تلك الليلة بعد ما صلى العشاء الآخرة، فلما كان قبيل الفجر أهبنا فلما صلى الصبح وصلينا معه.

قال يا أم هانئ: «لقد صليت معكم العشاء الآخرة في هذا الوادي ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ثم قد صليت الغداة معكم الآن كما ترين».

ثم قام ليخرج فأخذت بطرف ردائه فقلت: يا نبي الله لا تحدث بهذا الحديث الناس فيكذبونك ويؤذونك.

قال: «والله لأحدثنهموه» فأخبرهم فكذبوه.

فقال: وآية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا، فأنفرهم حس الدابة فندَّلهم بعير فدللتهم عليه وأنا متوجه إلى الشام، ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياما ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء فكشفت غطاءه وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما كان.

وآية ذلك أن عيرهم تصوب الآن من ثنية التنعيم البيضاء يقدمها جمل أورق عليه غرارتان إحداهما سوداء والأخرى برقاء.

قال: فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل الذي وصف لهم، وسألوهم عن الإناء وعن البعير فأخبروهم كما ذكر صلوات الله وسلامه عليه.

وذكر يونس بن بكير عن أسباط عن إسماعيل السدي أن الشمس كادت أن تغرب قبل أن يقدم ذلك العير، فدعا الله عز وجل فحبسها حتى قدموا كما وصف لهم.

قال: فلم تحتبس الشمس على أحد إلا عليه ذلك اليوم وعلى يوشع بن نون. رواه البيهقي.

قال ابن إسحاق: وأخبرني من لا أتهم عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله يقول: لما فرغت مما كان في بيت المقدس أتى بالمعراج ولم أر شيئا قط أحسن منه، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حضر، فأصعدني فيه صاحبي، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء، يقال له: باب الحفظة عليه بريد من الملائكة يقال له: إسماعيل، تحت يده اثنا عشر ألف ملك، تحت يد كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك.

قال: يقول رسول الله إذا حدث بهذا الحديث { وما يعلم جنود ربك إلا هو }.

ثم ذكر بقية الحديث وهو مطول جدا وقد سقناه بإسناده ولفظه بكماله في التفسير وتكلمنا عليه فإنه من غرائب الأحاديث وفي إسناده ضعف، وكذا في سياق حديث أم هانئ فإن الثابت في (الصحيحين) من رواية شريك بن أبي نمر عن أنس أن الإسراء كان من المسجد من عند الحجر وفي سياقه غرابة أيضا من وجوه قد تكلمنا عليها هناك.

ومنها قوله: وذلك قبل أن يوحى إليه، والجواب أن مجيئهم أول مرة كان قبل أن يوحى إليه فكانت تلك الليلة ولم يكن فيها شيء ثم جاءه الملائكة ليلة أخرى ولم يقل في ذلك، وذلك قبل أن يوحى إليه بل جاءه بعد ما أوحي إليه فكان الإسراء قطعا بعد الإيحاء إما بقليل كما زعمه طائفة، أو بكثير نحو من عشر سنين كما زعمه آخرون وهو الأظهر.

وغسل صدره تلك الليلة قبل الإسراء غسلا ثانيا - أو ثالثا - على قول أنه مطلوب إلى الملأ الأعلى والحضرة الإلهية ثم ركب البراق رفعة له وتعظيما وتكريما فلما جاء بيت المقدس ربطه بالحلقة التي كانت تربط بها الأنبياء ثم دخل بيت المقدس فصلى في قبلته تحية المسجد.

وأنكر حذيفة رضي الله عنه دخوله إلى بيت المقدس وربطه الدابة وصلاته فيه وهذا غريب، والنص المثبت مقدم على النافي.

ثم اختلفوا في اجتماعه بالأنبياء وصلاته بهم أكان قبل عروجه إلى السماء كما دل عليه ما تقدم أو بعد نزوله منها كما دل عليه بعض السياقات وهو أنسب كما سنذكره على قولين فالله أعلم.

وقيل: أن صلاته بالأنبياء كانت في السماء، وهكذا تخيره من الآنية اللبن والخمر والماء هل كانت ببيت المقدس كما تقدم أو في السماء كما ثبت في الحديث الصحيح والمقصود أنه لما فرغ من أمر بيت المقدس نصب له المعراج وهو السلم فصعد فيه إلى السماء ولم يكن الصعود على البراق كما قد يتوهمه بعض الناس بل كان البراق مربوطا على باب مسجد بيت المقدس ليرجع عليه إلى مكة.

فصعد من سماء إلى سماء في المعراج حتى جاوز السابعة وكلما جاء سماء تلقته منها مقربوها ومن فيها من أكابر الملائكة والأنبياء وذكر أعيان من رآه من المرسلين: كآدم في سماء الدنيا، ويحيى وعيسى في الثانية وإدريس في الرابعة، وموسى في السادسة - على الصحيح - وإبراهيم في السابعة مسندا ظهره إلى البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة يتعبدون فيه صلاة وطوافا ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة.

ثم جاوز مراتبهم كلهم حتى ظهر لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام، ورفعت لرسول الله سدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة، ونبقها كقلال هجر، وغشيها عند ذلك أمور عظيمة ألوان متعددة باهرة وركبتها الملائكة مثل الغربان على الشجرة كثرة وفراش من ذهب وغشيها من نور الرب جل جلاله، ورأى هناك جبريل عليه السلام له ستمائة جناح ما بين كل جناحين كما بين السماء والأرض وهو الذي يقول الله تعالى: { ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى } أي: ما زاغ يمينا ولا شمالا ولا ارتفع عن المكان الذي حدَّ له النظر إليه.

وهذا هو الثبات العظيم والأدب الكريم وهذه الرؤيا الثانية لجبريل عليه السلام على الصفة التي خلقه الله تعالى عليها، كما نقله ابن مسعود وأبو هريرة وأبو ذر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين.

والأولى هي: قوله تعالى: { علَّمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى } وكان ذلك بالأبطح، تدلى جبريل على رسول الله سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض حتى كان بينه وبينه قاب قوسين أو أدنى، هذا هو الصحيح في التفسير كما دل عليه كلام أكابر الصحابة المتقدم ذكرهم رضي الله عنهم.

فأما قول شريك عن أنس في حديث الإسراء: ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فقد يكون من فهم الراوي فأقحمه في الحديث والله أعلم.

وإن كان محفوظا فليس بتفسير للآية الكريمة بل هو شيء آخر غير ما دلت عليه الآية الكريمة والله أعلم.

وفرض الله سبحانه وتعالى على عبده محمد وعلى أمته الصلوات ليلتئذ خمسين صلاة في كل يوم وليلة، ثم لم يزل يختلف بين موسى وبين ربه عز وجل حتى وضعها الرب جل جلاله وله الحمد والمنة إلى خمس.

وقال: هي خمس وهي خمسون الحسنة بعشر أمثالها فحصل له التكليم من الرب عز وجل ليلتئذ، وأئمة السنة كالمطبقين على هذا، واخلفوا في الرؤية فقال بعضهم: رآه بفؤاده مرتين قاله ابن عباس وطائفة: وأطلق ابن عباس وغيره الرؤية وهو محمول على التقييد.

وممن أطلق الرؤية: أبو هريرة وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما، وصرح بعضهم بالرؤية بالعينين وأختاره ابن جرير وبالغ فيه وتبعه على ذلك آخرون من المتأخرين.

وممن نص على الرؤية بعيني رأسه: الشيخ أبو الحسن الأشعري فيما نقله السهيلي عنه، واختاره الشيخ أبو زكريا النووي في (فتاويه).

وقالت طائفة: لم يقع ذلك لحديث أبي ذر في صحيح مسلم.

قلت يا رسول الله: هل رأيت ربك؟

فقال: «نورٌ أنَّى أراه».

وفي رواية: «رأيت نورا».

قالوا: ولم يكن رؤية الباقي بالعين الفانية ولهذا قال الله تعالى لموسى فيما روي في بعض الكتب الإلهية: «يا موسى إنه لا يراني حي إلا مات، ولا يابس إلا تدهده».

والخلاف في هذه المسألة مشهور بين السلف والخلف والله أعلم.

ثم هبط رسول الله إلى بيت المقدس والظاهر أن الأنبياء هبطوا معه تكريما له وتعظيما عند رجوعه من الحضرة الإلهية العظيمة كما هي عادة الوافدين لا يجتمعون بأحد قبل الذي طلبوا إليه، ولهذا كان كلما مرَّ على واحد منهم يقول له جبريل - عندما يتقدم ذاك للسلام عليه -: هذا فلان فسلم عليه، فلو كان قد اجتمع بهم قبل صعوده لما احتاج إلى تعرف بهم مرة ثانية.

ومما يدل على ذلك أنه قال: فلما حانت الصلاة: أممتهم.

ولم يحن وقت إذ ذاك إلا صلاة الفجر فتقدمهم إماما بهم عن أمر جبريل فيما يرويه عن ربه عز وجل، فاستفاد بعضهم من هذا أن الإمام الأعظم يقدم في الإمامة على رب المنزل حيث كان بيت المقدس محلتهم ودار إقامتهم.

ثم خرج منه فركب البراق وعاد إلى مكة فأصبح بها وهو في غاية الثبات والسكينة والوقار..

وقد عاين في تلك الليلة من الآيات والأمور التي لو رآها - أو بعضها - غيره لأصبح مندهشا أو طائش العقل، ولكنه أصبح واجما -أي: ساكنا - يخشى إن بدأ فأخبر قومه بما رأى أن يبادروا إلى تكذيبه، فتلطف بإخبارهم أولا بأنه جاء بيت المقدس في تلك الليلة وذلك أن أبا جهل - لعنه الله - رأى رسول الله في المسجد الحرام وهو جالس واجم.

فقال له: هل من خبر؟

فقال: نعم!

فقال: ما هو؟

فقال: إني أسري بي الليلة إلى بيت المقدس.

قال: إلى بيت المقدس!

قال: نعم.

قال: أرأيت إن دعوت قومك لك لتخبرهم أتخبرهم بما أخبرتني به؟

قال: نعم!

فأراد أبو جهل جمع قريش ليسمعوا منه ذلك وأراد رسول الله جمعهم ليخبرهم ذلك ويبلغهم.

فقال أبو جهل: هيا معشر قريش وقد اجتمعوا من أنديتهم.

فقال: أخبر قومك بما أخبرتني به.

فقص عليهم رسول الله خبر ما رأى وأنه جاء بيت المقدس هذه الليلة وصلى فيه، فمن بين مصفق وبين مصفر تكذيبا له واستبعادا لخبره وطار الخبر بمكة وجاء الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه فأخبروه أن محمدا يقول كذا وكذا.

فقال: إنكم تكذبون عليه.

فقالوا: والله إنه ليقوله.

فقال: إن كان قاله فلقد صدق.

ثم جاء إلى رسول الله وحوله مشركي قريش فسأله عن ذلك فأخبره فاستعلمه عن صفات بيت المقدس ليسمع المشركون ويعلموا صدقه فيما أخبرهم به.

وفي (الصحيح) أن المشركين هم الذين سألوا رسول الله عن ذلك.

قال: فجعلت أخبرهم عن آياته فالتبس علي بعض الشيء، فجلى الله لي بيت المقدس حتى جعلت أنظر إليه دون دار عقيل وأنعته لهم.

فقال: أما الصفة: فقد أصاب.

وذكر ابن إسحاق ما تقدم من إخباره لهم بمروره بعيرهم وما كان من شربه مائهم، فأقام الله عليهم الحجة واستنارت لهم المحجة، فآمن من آمن على يقين من ربه وكفر من كفر بعد قيام الحجة عليه.

كما قال الله تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ } [الإسراء: 60] أي: اختبارا لهم وامتحانا.

قال ابن عباس: هي رؤيا عين أُريها رسول الله وهذا مذهب جمهور السلف والخلف من أن الإسراء كان ببدنه وروحه صلوات الله وسلامه عليه كما دل على ذلك ظاهر السياقات من ركوبه وصعوده في المعراج وغير ذلك.

ولهذا قال فقال: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ } [الإسراء: 1] والتسبيح إنما يكون عند الآيات العظيمة الخارقة فدلَّ على أنه بالروح والجسد والعبد عبارة عنهما..

وأيضا فلو كان مناما لما بادر كفار قريش إلى التكذيب به والاستبعاد له إذ ليس في ذلك كبير أمر، فدلَّ على أنه أخبرهم بأنه أسري به يقظة لا مناما.

وقوله في حديث شريك عن أنس: ثم استيقظت فإذا أنا في الحجر معدود في غلطات شريك أو محمول على أن الانتقال من حال إلى حال يسمى يقظة كما سيأتي في حديث عائشة رضي الله عنها حين ذهب رسول الله الطائف فكذبوه، قال: فرجعت مهموما فلم استفق إلا بقرن الثعالب.

وفي حديث أبي أسيد حين جاء بابنه إلى رسول الله ليحنكه فوضعه على فخذ رسول الله واشتغل رسول الله بالحديث مع الناس فرفع أبو أسيد ابنه، ثم استيقظ رسول الله فلم يجد الصبي فسأل عنه فقالوا: رفع فسماه المنذر، وهذا الحمل أحسن من التغليط والله أعلم.

وقد حكى ابن إسحاق فقال: حدثني بعض آل أبي بكر عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تقول: ما فقد جسد رسول الله ولكن الله أسرى بروحه.

قال: وحدثني يعقوب بن عتبة أن معاوية كان إذا سئل عن مسرى رسول الله قال: كانت رؤيا من الله صادقة.

قال ابن إسحاق: فلم ينكر ذلك من قولهما لقول الحسن إن هذه الآية نزلت في ذلك: { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } وكما قال إبراهيم عليه السلام: { يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك } وفي الحديث: «تنام عيني وقلبي يقظان».

قال ابن إسحاق: فالله أعلم أي ذلك كان، قد جاءه، وعاين فيه ما عاين من أمر الله تعالى، على أي حالة كان نائما أو يقظانا كل ذلك حق وصدق.

قلت: وقد توقف ابن إسحاق في ذلك وجوَّز كلا من الأمرين من حيث الجملة، ولكن الذي لا يشك فيه ولا يتمارى أنه كان يقظانا لا محالة لما تقدم وليس مقتضى كلام عائشة رضي الله عنها أن جسده ما فقد، وإنما كان الإسراء بروحه أن يكون مناما كما فهمه ابن إسحاق، بل قد يكون وقع الإسراء بروحه حقيقة وهو يقظان لا نائم وركب البراق وجاء بيت المقدس وصعد السموات وعاين ما عاين حقيقة ويقظة لا مناما.

لعل هذا مراد عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، ومراد من تابعها على ذلك، لا ما فهمه ابن إسحاق من أنهم أرادوا بذلك المنام والله أعلم..

تنبيه: ونحن لا ننكر وقوع منام قبل الإسراء طبق ما وقع بعد ذلك، فإنه كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وقد تقدم مثل ذلك في حديث بدء الوحي أنه رأى مثل ما وقع له يقظة مناما قبله ليكون ذلك من باب الإرهاص والتوطئة والتثبت والإيناس والله أعلم.

ثم قد اختلف العلماء في أن الإسراء والمعراج هل كانا في ليلة واحدة أو كل في ليلة على حدة؟

فمنهم من يزعم أن: الإسراء في اليقظة، والمعراج: في المنام.

وقد حكى المهلب بن أبي صفرة في شرحه البخاري عن طائفة أنهم ذهبوا إلى أن: الإسراء مرتين مرة بروحه مناما، ومرة ببدنه وروحه يقظة.

وقد حكاه الحافظ أبو القاسم السهيلي عن شيخه أبي بكر بن العربي الفقيه.

قال السهيلي: وهذا القول يجمع الأحاديث فإن في حديث شريك عن أنس وذلك فيما يرى قلبه وتنام عيناه ولا ينام قلبه.

وقال في آخره: ثم استيقظت فإذا أنا في الحجر وهذا منام، ودلَّ غيره على اليقظة، ومنهم من يدعي تعدد الإسراء في اليقظة أيضا حتى قال بعضهم: إنها أربع إسراءات.

وزعم بعضهم: أن بعضها كان بالمدينة، وقد حاول الشيخ شهاب الدين أبو شامة رحمه الله أن يوفق بين اختلاف ما وقع في روايات حديث الإسراء بالجمع المتعدد فجعل ثلاث إسراءات، مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط على البراق، ومرة من مكة إلى السماء على البراق أيضا لحديث حذيفة، ومرة من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السموات.

فنقول: إن كان إنما حمله على القول بهذه الثلاث اختلاف الروايات فقد اختلف لفظ الحديث في ذلك على أكثر من هذه الثلاث صفات ومن أراد الوقوف على ذلك فلينظر فيما جمعناه مستقصيا في كتابنا التفسير عند قوله تعالى: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا } وإن كان إنما حمله أن التقسيم انحصر في ثلاث صفات بالنسبة إلى بيت المقدس وإلى السموات فلا يلزم من الحصر العقلي والوقوع كذلك في الخارج إلا بدليل والله أعلم.

والعجب أن الإمام أبا عبد الله البخاري رحمه الله ذكر الإسراء بعد ذكره موت أبي طالب فوافق ابن إسحاق في ذكره المعراج في أواخر الأمر، وخالفه في ذكره بعد موت أبي طالب، وابن إسحاق أخَّر ذكر موت أبي طالب على الإسراء، فالله أعلم أي ذلك كان.

والمقصود أن البخاري فرَّق بين الإسراء وبين المعراج فبوب لكل واحد منهما بابا على حدة.

فقال: باب حديث الإسراء وقول الله سبحانه وتعالى: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا }.

حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: سمعت جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله يقول: «لما كذبتني قريش كنت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أحدثهم عن آياته وأنا أنظر إليه».

وقد رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث الزهري عن أبي سلمة عن جابر به.

ورواه مسلم والنسائي والترمذي من حديث عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي بنحوه.

ثم قال البخاري: باب حديث المعراج: حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة أن النبي حدثهم عن ليلة أسري به.

قال: «بينما أنا في الحطيم - وربما قال في الحجر - مضجعا إذ أتاني آت»

فقال: وسمعته يقول: «فشق ما بين هذه إلى هذه».

فقلت للجارود وهو إلى جنبي ما يعني به.

قال: من نقرة نحره إلى شعرته، وسمعته يقول: من قصه إلى شعرته.

«فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا، فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض».

فقال الجارود: وهو البراق يا أبا حمزة؟

قال أنس: نعم!: «يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا، فاستفتح.

قيل: من هذا؟

قال: جبرائيل.

قيل: ومن معك؟

قال: محمد.

قيل: وقد أرسل إليه؟

قال: نعم!

قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم.

فقال: هذا أبوك آدم، فسلِّم عليه فسلمت عليه فردَّ السلام.

ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح.

ثم صعد بي إلى السماء الثانية فاستفتح.

قيل: من هذا؟

قال: جبرائيل.

قيل: ومن معك؟

قال: محمد.

قيل: وقد أرسل إليه؟

قال: نعم.

قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء.

ففتح فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة.

قال: هذا يحيى وعيسى فسلِّم عليهما فسلمت عليهما فردا.

ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح جبرائيل.

قيل: من هذا؟

قال: جبرائيل.

قال: ومن معك؟

قال: محمد.

قيل: وقد أرسل إليه؟

قال: نعم!

قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء.

ففتح فلما خلصت إذا يوسف قال: هذا يوسف فسلِّم عليه، فسلمت عليه فرد..

ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح.

قيل: من هذا؟

قال: جبرائيل.

قال: ومن معك؟

قال: محمد.

قيل: وقد أرسل إليه؟

قال: نعم!

قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء.

فلما خلصت إذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلِّم عليه فسلمت فرد.

ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح.

قيل: من هذا؟

قال: جبرائيل.

قيل: ومن معك؟

قال: محمد.

قيل: وقد أرسل إليه؟

قال: نعم!

قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء.

فلما خلصت إذا هارون قال: هذا هارون فسلِّم عليه فسلمت عليه فرد.

ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح.

فقيل: من هذا؟

قال: جبرائيل.

قيل: ومن معك؟

قال: محمد.

قيل: وقد أرسل إليه؟

قال: نعم!

قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء.

فلما خلصت إذا موسى قال: هذا موسى فسلِّم عليه، فسلمت عليه فرد.

ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

فلما تجاوزت بكى، فقيل له: ما يبكيك؟

قال: أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر من يدخلها من أمتي.

ثم صعد بي إلى السماء السابعة فاستفتح جبرائيل.

قيل: من هذا؟

قال: جبرائيل.

قيل: ومن معك؟

قال: محمد.

قيل: وقد بعث إليه؟

قال: نعم!

قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء.

فلما خلصت إذا إبراهيم قال: هذا أبوك إبراهيم فسلِّم عليه، فسلمت عليه فرد السلام.

ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح.

ثم رفعت إلى سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار؛ نهران ظاهران، ونهران باطنان.

فقلت: ما هذا يا جبرائيل؟

قال: أما الباطنان: فنهران في الجنة، وأما الظاهران: فالنيل والفرات.

ثم رفع لي البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، فأخذت اللبن.

قال: هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك.

ثم فرض عليَّ الصلوات خمسون صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى فقال: بما أمرت؟

قال: أمرت بخمسين صلاة كل يوم.

قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة؛ فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرا.

فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرا.

فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرا.

فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم، فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم.

فرجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟

فقلت: بخمس صلوات كل يوم.

قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك.

قال: سألت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم.

قال: فلما جاوزت ناداني مناد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي».

هكذا روى البخاري هذا الحديث ههنا.

وقد رواه في مواضع أخر من (صحيحه) ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عن قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة..

ورويناه من حديث أنس بن مالك عن أبي بن كعب.

ومن حديث أنس عن أبي ذر.

ومن طرق كثيرة عن أنس عن النبي .

وقد ذكرنا ذلك مستقصى بطرقه وألفاظه في التفسير، ولم يقع في هذا السياق ذكر بيت المقدس، وكان بعض الرواة يحذف بعض الخبر للعلم به، أو ينساه أو يذكر ما هو الأهم عنده، أو يبسط تارة فيسوقه كله، وتارة يحذف عن مخاطبه بما هو الأنفع عنده.

ومن جعل كل رواية إسراد على حدة كما تقدم عن بعضهم فقد أبعد جدا.

وذلك أن كل السياقات فيها السلام على الأنبياء، وفي كل منها يعرفه بهم، وفي كلها يفرض عليه الصلوات.

فكيف يمكن أن يدعي تعدد ذلك؟ هذا في غاية البعد والاستحالة والله أعلم.

ثم قال البخاري: حدثنا الحميدي حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ } [الإسراء: 60] قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله ليلة أسري به إلى بيت المقدس، والشجرة الملعونة في القرآن، قال: هي شجرة الزقوم.

البداية والنهاية - الجزء الثالث
باب كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | عمره صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها | فصل حزن النبي صلى الله عليه وسلم عندما فترعنه الوحي | فصل في منع الجان ومردة الشياطين من استراق السمع حين أنزل القرآن | فصل في كيفية إتيان الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه | فصل تتابع الوحي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام | فصل أول من أسلم من متقدمي الإسلام والصحابة وغيرهم | إسلام حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم | ذكر إسلام أبي ذر رضي الله عنه | ذكر إسلام ضماد | باب الأمر بابلاغ الرسالة | قصة الأراشي | فصل أشد ما صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل تأليب الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه | فصل في مبالغتهم في الأذية لآحاد المسلمين المستضعفين | فصل اعتراض المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل تعذيب قريش للمسلمين لاتباعهم النبي عليه الصلاة والسلام | باب مجادلة النبي صلى الله عليه وسلم الكفار وإقامة الحجة الدامغة عليهم | باب هجرة أصحاب رسول الله من مكة إلى أرض الحبشة | فصل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي | فصل ذكر مخالفة قبائل قريش بني هاشم وعبد المطلب في نصر رسول الله | المستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم وما ظهر فيهم | عزم الصديق على الهجرة إلى الحبشة | فصل تعليق على القصص | فصل ذكر عداوة قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتنفير أحياء العرب والقادمين إلى مكة | قصة أعشى بن قيس | قصة مصارعة ركانة وكيف أراه صلى الله عليه وسلم الشجرة التي دعاها فأقبلت | فصل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على قريش حين استعصت عليه | فصل قصة فارس والروم | فصل الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس | فصل نزول فرضية الصلاة صبيحة الإسراء | فصل في انشقاق القمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم | فصل في وفاة أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل موت خديجة بنت خويلد | فصل في تزويجه صلى الله عليه وسلم بعد خديجة رضي الله عنها بعائشة بنت الصديق وسودة بنت زمعة رضي الله عنهما | فصل اجتراء قريش على رسول الله بعد وفاة عمه أبي طالب | فصل في ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى أهل الطائف يدعوهم إلى دين الله | فصل سماع الجن لقراءة رسول الله عليه الصلاة والسلام | فصل في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على أحياء العرب | فصل قدوم وفد الأنصار لمبايعة رسول الله عليه الصلاة والسلام | حديث سويد بن صامت الأنصاري | إسلام إياس بن معاذ | باب بدء إسلام الأنصار رضي الله عنهم | قصة بيعة العقبة الثانية | فصل إظهار الأنصار إسلامهم بعد بيعة العقبة الثانية | فصل يتضمن أسماء من شهد بيعة العقبة الثانية ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان | باب الهجرة من مكة إلى المدينة | فصل في سبب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة | باب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه | قصة أم معبد الخزاعية | فصل في دخوله عليه السلام المدينة وأين استقر منزله بها | فصل تشريف المدينة بهجرته عليه السلام | وقائع السنة الأولى من الهجرة | فصل تأسيس مسجد قباء | فصل في إسلام عبد الله بن سلام | فصل خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ | ذكر خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ | فصل في بناء مسجده الشريف ومقامه بدار أبي أيوب | تنبيه على فضل هذا المسجد الشريف | فصل بناء الحجرات لرسول الله حول مسجده الشريف | فصل فيما أصاب المهاجرين من حمى المدينة | فصل في عقده عليه السلام الألفة بين المهاجرين والأنصار بالكتاب | دستور المدينة | فصل في مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار | فصل في موت أبي أمامة أسعد بن زرارة | فصل في ميلاد عبد الله بن الزبير في شوال سنة الهجرة | فصل بناؤه صلى الله عليه وسلم بعائشة | فصل الزيادة في صلاة الحضر في السنة الأولى من الهجرة | فصل في الأذان ومشروعيته | فصل في سرية حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه | فصل في سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب | فصل في سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرار | فصل ميلاد عبد الله بن الزبير وهو أول مولود ولد في الإسلام | من توفي في السنة الأولى من الصحابة | ذكر ما وقع في السنة الثانية من الهجرة | كتاب المغازي | فصل كفر بعض المنافقين من الأوس والخزرج بعد إسلامهم | فصل في إسلام بعض أحبار يهود نفاقا | أول المغازي وهي غزوة الأبواء أو غزوة ودان | سرية عبيدة بن الحارث | فصل في سرية حمزة بن عبد المطلب | غزوة بواط من ناحية رضوى | غزوة العشيرة | غزوة بدر الأولى | باب سرية عبد الله بن جحش | فصل في تحويل القبلة في سنة ثنتين من الهجرة قبل وقعة بدر | فصل في فريضة شهر رمضان سنة ثنتين قبل وقعة بدر | غزوة بدر العظمى يوم الفرقان يوم التقى الجمعان | مقتل أبي البختري بن هشام | فصل في مقتل أمية بن خلف | مقتل أبي جهل لعنه الله | ردُّه عليه السلام عين قتادة | فصل قصة أخرى شبيهة بها | طرح رؤوس الكفر في بئر يوم بدر | فصل اختلاف الصحابة في الأسارى على قولين | فصل عدد القتلى والأسرى من المشركين يوم بدر سبعون | فصل اختلاف الصحابة يوم بدر في المغانم لمن تكون | فصل رجوع النبي عليه السلام من بدر إلى المدينة | مقتل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط لعنهما الله | ذكر فرح النجاشي بوقعة بدر رضي الله عنه | وصول خبر مصاب أهل بدر إلى أهاليهم بمكة | بعث قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فداء أسراهم | فصل نزول سورة الأنفال في بدر | فصل تسمية من شهد بدرا من المسلمين | أسماء أهل بدر مرتبة على حروف المعجم وأوله حرف الألف | حرف الباء | حرف التاء | حرف الثاء | حرف الجيم | حرف الحاء | حرف الخاء | حرف الذال | حرف الراء | حرف الزاي | حرف السين | حرف الشين | حرف الصاد | حرف الضاد | حرف الطاء | حرف الظاء | حرف العين | حرف الغين | حرف الفاء | حرف القاف | حرف الكاف | حرف الميم | حرف النون | حرف الهاء | حرف الواو | حرف الياء | باب الكنى | فصل عدد الذين شهدوا بدرا ثلثمائة وأربعة عشر رجلا | فصل في فضل من شهد بدرا من المسلمين | قدوم زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة | ما قيل من الأشعار في بدر العظمى | فصل رثاء المشركين قتلاهم يوم بدر | غزوة بني سليم في سنة ثنتين من الهجرة | فصل في غزوة السويق | فصل في دخول علي بن أبي طالب على زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل جمل من الحوادث سنة ثنتين من الهجرة