البداية والنهاية/الجزء الثالث/فصل عدد الذين شهدوا بدرا ثلثمائة وأربعة عشر رجلا

البداية والنهايةالجزء الثالث المؤلف ابن كثير
فصل عدد الذين شهدوا بدرا ثلثمائة وأربعة عشر رجلا



فصل عدد الذين شهدوا بدرا ثلثمائة وأربعة عشر رجلا


فكان جملة من شهد بدرا من المسلمين ثلثمائة وأربعة عشر رجلا منهم: رسول الله كما قال البخاري: حدثنا عمرو بن خالد، ثنا زهير، ثنا أبو إسحاق، سمعت البراء بن عازب يقول: حدثني أصحاب محمد ورضي عنهم ممن شهد بدرا أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر بضعة عشر وثلاثمائة.

قال البراء: لا والله ما جاوز معه النهر إلا مؤمن.

ثم رواه البخاري من طريق إسرائيل، وسفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن البراء نحوه.

قال ابن جرير: وهذا قول عامة السلف: إنهم كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا.

وقال أيضا: حدثنا محمود، ثنا وهب، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين والأنصار نيفا وأربعين ومائتين هكذا وقع في هذه الرواية.

وقال ابن جرير: حدثني محمد بن عبيد المحاربي، ثنا أبو مالك الجبني، عن الحجاج - وهو ابن أرطأة - عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: كان المهاجرون يوم بدر سبع وسبعين رجلا.

وكان الأنصار مائتين وستة وثلاثين رجلا.

وكان حامل راية النبي علي بن أبي طالب.

وحامل راية الأنصار: سعد بن عبادة.

وهذا يقتضي أنهم كانوا ثلثمائة وستة رجال.

قال ابن جرير: وقيل: كانوا ثلثمائة وسبعة رجال.

قلت: وقد يكون هذا عد معهم النبي والأول عدهم بدونه فالله أعلم.

وقد تقدم عن ابن إسحاق: أن المهاجرين كانوا ثلاثة وثمانين رجلا.

وأن الأوس أحد وستون رجلا.

والخزرج مائة وسبعون رجلا وسردهم.

وهذا مخالف لما ذكره البخاري ولما روى عن ابن عباس فالله أعلم.

وفي (الصحيح) عن أنس أنه قيل له: شهدت بدرا؟

فقال: وأين أغيب؟

وفي (سنن أبي داود) عن سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان طلحة بن نافع، عن جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام أنه قال: كنت أميح لأصحابي الماء يوم بدر.

وهذان لم يذكرهما البخاري ولا الضياء فالله أعلم.

قلت: وفي الذين عدهم ابن إسحاق في أهل بدر من ضرب له بسهم في مغنمها وأنه لم يحضرها تخلف عنها لعذر أذن له في التخلف بسببها وكانوا ثمانية أو تسعة وهم:

عثمان بن عفان تخلف على رقية بنت رسول الله يمرضها حتى ماتت فضرب له بسهمه وأجره.

وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كان بالشام فضرب له بسهمه وأجره.

وطلحة بن عبيد الله كان بالشام أيضا فضرب له بسهمه وأجره.

وأبو لبابة بشير بن عبد المنذر ردَّه رسول الله من الروحاء حين بلغه خروج النفير من مكة فاستعمله على المدينة وضرب له بسهمه وأجره.

والحارث بن حاطب بن عبيد بن أمية ردَّه رسول الله أيضا من الطريق وضرب له بسهمه وأجره.

والحارث بن الصمة كسر بالروحاء فرجع فضرب له بسهمه زاد الواقدي وأجره.

وخوات بن جبير لم يحضر الوقعة وضرب له بسهمه وأجره.

وأبو الصياح بن ثابت خرج مع رسول الله فأصاب ساقه فصيل حجر فرجع وضرب له بسهمه وأجره.

قال الواقدي: وسعد أبو مالك تجهز ليخرج فمات، وقيل: إنه مات بالروحاء فضرب له بسهمه وأجره.

وكان الذين استشهدوا من المسلمين يومئذٍ أربعة عشر رجلا من المهاجرين ستة وهم:

عبيدة بن الحارث بن المطلب قطعت رجله فمات بالصفراء رحمه الله، وعمير بن أبي الوقاص أخو سعد بن أبي وقاص الزهري قتله العاص بن سعيد وهو ابن ست عشرة سنة ويقال: إنه كان قد أمره رسول الله بالرجوع لصغره فبكى فأذن له في الذهاب فقتل رضي الله عنه.

وحليفهم ذو الشمالين بن عبد عمرو الخزاعي، وصفوان بن بيضاء، وعاقل بن البكير الليثي حليف بني عدي، ومهجع مولى عمر بن الخطاب وكان أول قتيل قتل من المسلمين يومئذٍ.

ومن الأنصار ثمانية وهم:

حارثة بن سراقة رماه حبان بن العرقة بسهم فأصاب حنجرته فمات، ومعوذ وعوف ابنا عفراء، ويزيد بن الحارث - ويقال: ابن قسحم -، وعمير بن الحمام، ورافع بن المعلى بن لوذان، وسعد بن خيثمة، ومبشر بن عبد المنذر رضي الله عن جميعهم.

وكان مع المسلمين سبعون بعيرا كما تقدم.

قال ابن إسحاق: وكان معهم فرسان على أحدهما: المقداد بن الأسود واسمها: بغرجة - ويقال: ستجة -، وعلى الأخرى: الزبير بن العوام واسمها: اليعسوب.

وكان معهم لواء يحمله: مصعب بن عمير.

ورايتان يحمل أحداهما للمهاجرين: علي بن أبي طالب، والتي للأنصار: يحملها سعد بن عبادة.

وكان رأس مشورة المهاجرين: أبو بكر الصديق، ورأس مشورة الأنصار: سعد بن معاذ.

وأما جمع المشركين فأحسن ما يقال فيهم إنهم كانوا ما بين التسعمائة إلى الألف، وقد نص عروة وقتادة أنهم كانوا تسعمائة وخمسين رجلا.

وقال الواقدي: كانوا تسعمائة وثلاثين رجلا وهذا التحديد يحتاج إلى دليل وقد تقدم في بعض الأحاديث أنهم كانوا أزيد من ألف فلعله عدد أتباعهم معهم والله أعلم.

وقد تقدم الحديث الصحيح عند البخاري عن البراء أنه قتل منهم سبعون وأسر سبعون وهذا قول الجمهور، ولهذا قال كعب بن مالك في قصيدة له:

فأقام بالعطن المعطَّن منهم * سبعون عتبة منهم والأسود

وقد حكى الواقدي الإجماع على ذلك وفيما قاله نظر، فإن موسى بن عقبة وعروة بن الزبير قالا خلاف ذلك وهما من أئمة هذا الشأن فلا يمكن حكاية الإتفاق بدون قولهما وإن كان قولهما مرجوحا بالنسبة إلى الحديث الصحيح والله أعلم.

وقد سرد أسماء القتلى والأسارى ابن إسحاق وغيره وحرر ذلك الحافظ الضياء في أحكامه جيدا وقد تقدم في غضون سياقات القصة ذكر أول من قتل منهم وهو الأسود بن عبد الأسد المخزومي، وأول من فرَّ وهو خالد بن الأعلم الخزاعي - أو العقيلي - حليف بني مخزوم وما أفاده ذلك فإنه أسر وهو القائل في شعره:

ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا * ولكن على أقدامنا يقطر الدم

فما صدق في ذلك، وأول من أسروا: عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث قتلا صبرا بين يدي رسول الله من بين الأسارى، وقد اختلف في أيهما قتل أولا على قولين وأنه عليه السلام أطلق جماعة من الأسارى مجانا بلا فداء منهم:

أبو العاص بن الربيع الأموي والمطلب بن حنطب بن الحارث المخزومي، وصيفي بن أبي رفاعة كما تقدم، وأبو عزة الشاعر، ووهب بن عمير بن وهب الجمحي كما تقدم.

وفادى بقيتهم حتى عمه العباس أخذ منه أكثر مما أخذ من سائر الأسرى لئلا يحابيه لكونه عمه مع أنه قد سأله الذين أسروه من الأنصار أن يتركوا له فداءه فأبى عليهم ذلك، وقال: لا تتركوا منه درهما.

وقد كان فداؤهم متفاوتا فأقل ما أخذ أربعمائة، ومنهم من أخذ منه أربعون أوقية من ذهب.

قال موسى بن عقبة: وأخذ من العباس مائة أوقية من ذهب، ومنهم من استؤجر على عمل بمقدار فدائه كما قال الإمام أحمد حدثنا علي بن عاصم قال: قال داود: ثنا عكرمة عن ابن عباس قال: كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء فجعل رسول الله فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة.

قال: فجاء غلام يوما يبكي إلى أمه فقالت: ما شأنك؟

فقال: ضربني معلمي.

فقالت: الخبيث يطلب بدخل بدر والله لا تأتيه أبدا.

انفرد به أحمد وهو على شرط (السنن) وتقدم بسط ذلك كله ولله الحمد والمنة.

البداية والنهاية - الجزء الثالث
باب كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | عمره صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها | فصل حزن النبي صلى الله عليه وسلم عندما فترعنه الوحي | فصل في منع الجان ومردة الشياطين من استراق السمع حين أنزل القرآن | فصل في كيفية إتيان الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه | فصل تتابع الوحي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام | فصل أول من أسلم من متقدمي الإسلام والصحابة وغيرهم | إسلام حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم | ذكر إسلام أبي ذر رضي الله عنه | ذكر إسلام ضماد | باب الأمر بابلاغ الرسالة | قصة الأراشي | فصل أشد ما صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل تأليب الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه | فصل في مبالغتهم في الأذية لآحاد المسلمين المستضعفين | فصل اعتراض المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل تعذيب قريش للمسلمين لاتباعهم النبي عليه الصلاة والسلام | باب مجادلة النبي صلى الله عليه وسلم الكفار وإقامة الحجة الدامغة عليهم | باب هجرة أصحاب رسول الله من مكة إلى أرض الحبشة | فصل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي | فصل ذكر مخالفة قبائل قريش بني هاشم وعبد المطلب في نصر رسول الله | المستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم وما ظهر فيهم | عزم الصديق على الهجرة إلى الحبشة | فصل تعليق على القصص | فصل ذكر عداوة قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتنفير أحياء العرب والقادمين إلى مكة | قصة أعشى بن قيس | قصة مصارعة ركانة وكيف أراه صلى الله عليه وسلم الشجرة التي دعاها فأقبلت | فصل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على قريش حين استعصت عليه | فصل قصة فارس والروم | فصل الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس | فصل نزول فرضية الصلاة صبيحة الإسراء | فصل في انشقاق القمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم | فصل في وفاة أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل موت خديجة بنت خويلد | فصل في تزويجه صلى الله عليه وسلم بعد خديجة رضي الله عنها بعائشة بنت الصديق وسودة بنت زمعة رضي الله عنهما | فصل اجتراء قريش على رسول الله بعد وفاة عمه أبي طالب | فصل في ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى أهل الطائف يدعوهم إلى دين الله | فصل سماع الجن لقراءة رسول الله عليه الصلاة والسلام | فصل في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على أحياء العرب | فصل قدوم وفد الأنصار لمبايعة رسول الله عليه الصلاة والسلام | حديث سويد بن صامت الأنصاري | إسلام إياس بن معاذ | باب بدء إسلام الأنصار رضي الله عنهم | قصة بيعة العقبة الثانية | فصل إظهار الأنصار إسلامهم بعد بيعة العقبة الثانية | فصل يتضمن أسماء من شهد بيعة العقبة الثانية ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان | باب الهجرة من مكة إلى المدينة | فصل في سبب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة | باب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه | قصة أم معبد الخزاعية | فصل في دخوله عليه السلام المدينة وأين استقر منزله بها | فصل تشريف المدينة بهجرته عليه السلام | وقائع السنة الأولى من الهجرة | فصل تأسيس مسجد قباء | فصل في إسلام عبد الله بن سلام | فصل خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ | ذكر خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ | فصل في بناء مسجده الشريف ومقامه بدار أبي أيوب | تنبيه على فضل هذا المسجد الشريف | فصل بناء الحجرات لرسول الله حول مسجده الشريف | فصل فيما أصاب المهاجرين من حمى المدينة | فصل في عقده عليه السلام الألفة بين المهاجرين والأنصار بالكتاب | دستور المدينة | فصل في مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار | فصل في موت أبي أمامة أسعد بن زرارة | فصل في ميلاد عبد الله بن الزبير في شوال سنة الهجرة | فصل بناؤه صلى الله عليه وسلم بعائشة | فصل الزيادة في صلاة الحضر في السنة الأولى من الهجرة | فصل في الأذان ومشروعيته | فصل في سرية حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه | فصل في سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب | فصل في سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرار | فصل ميلاد عبد الله بن الزبير وهو أول مولود ولد في الإسلام | من توفي في السنة الأولى من الصحابة | ذكر ما وقع في السنة الثانية من الهجرة | كتاب المغازي | فصل كفر بعض المنافقين من الأوس والخزرج بعد إسلامهم | فصل في إسلام بعض أحبار يهود نفاقا | أول المغازي وهي غزوة الأبواء أو غزوة ودان | سرية عبيدة بن الحارث | فصل في سرية حمزة بن عبد المطلب | غزوة بواط من ناحية رضوى | غزوة العشيرة | غزوة بدر الأولى | باب سرية عبد الله بن جحش | فصل في تحويل القبلة في سنة ثنتين من الهجرة قبل وقعة بدر | فصل في فريضة شهر رمضان سنة ثنتين قبل وقعة بدر | غزوة بدر العظمى يوم الفرقان يوم التقى الجمعان | مقتل أبي البختري بن هشام | فصل في مقتل أمية بن خلف | مقتل أبي جهل لعنه الله | ردُّه عليه السلام عين قتادة | فصل قصة أخرى شبيهة بها | طرح رؤوس الكفر في بئر يوم بدر | فصل اختلاف الصحابة في الأسارى على قولين | فصل عدد القتلى والأسرى من المشركين يوم بدر سبعون | فصل اختلاف الصحابة يوم بدر في المغانم لمن تكون | فصل رجوع النبي عليه السلام من بدر إلى المدينة | مقتل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط لعنهما الله | ذكر فرح النجاشي بوقعة بدر رضي الله عنه | وصول خبر مصاب أهل بدر إلى أهاليهم بمكة | بعث قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فداء أسراهم | فصل نزول سورة الأنفال في بدر | فصل تسمية من شهد بدرا من المسلمين | أسماء أهل بدر مرتبة على حروف المعجم وأوله حرف الألف | حرف الباء | حرف التاء | حرف الثاء | حرف الجيم | حرف الحاء | حرف الخاء | حرف الذال | حرف الراء | حرف الزاي | حرف السين | حرف الشين | حرف الصاد | حرف الضاد | حرف الطاء | حرف الظاء | حرف العين | حرف الغين | حرف الفاء | حرف القاف | حرف الكاف | حرف الميم | حرف النون | حرف الهاء | حرف الواو | حرف الياء | باب الكنى | فصل عدد الذين شهدوا بدرا ثلثمائة وأربعة عشر رجلا | فصل في فضل من شهد بدرا من المسلمين | قدوم زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة | ما قيل من الأشعار في بدر العظمى | فصل رثاء المشركين قتلاهم يوم بدر | غزوة بني سليم في سنة ثنتين من الهجرة | فصل في غزوة السويق | فصل في دخول علي بن أبي طالب على زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل جمل من الحوادث سنة ثنتين من الهجرة