البداية والنهاية/الجزء الثالث/فصل في ميلاد عبد الله بن الزبير في شوال سنة الهجرة
فكان أول مولود ولد في الإسلام من المهاجرين كما أن النعمان بن بشير أول مولود ولد للأنصار بعد الهجرة رضي الله عنهما.
وقد زعم بعضهم أن ابن الزبير ولد بعد الهجرة بعشرين شهرا قاله أبو الأسود.
ورواه الواقدي: عن محمد بن يحيى بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه عن جده، وزعموا أن النعمان ولد قبل الزبير بستة أشهر على رأس أربعة عشر شهرا من الهجرة، والصحيح ما قدمنا.
فقال البخاري: حدثنا زكريا بن يحيى، ثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء أنها حملت بعبد الله بن الزبير قالت: فخرجت وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء، ثم أتيت به رسول الله ﷺ فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله ﷺ، ثم حنكه بتمرة، ثم دعا له وبرك عليه.
فكان أول مولود ولد في الإسلام.
تابعه خالد بن مخلد عن علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن أسماء أنها هاجرت إلى النبي ﷺ وهي حبلى.
حدثنا قتيبة عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير، أتوا به النبي ﷺ فأخذ النبي ﷺ ثمرة فلاكها، ثم أدخلها في فيه فأول ما دخل بطنه ريق النبي ﷺ.
فهذا حجة على الواقدي وغيره لأنه ذكر أن النبي ﷺ بعث مع عبد الله بن أريقط لما رجع إلى مكة زيد بن حارثة وأبا رافع ليأتوا بعياله وعيال أبي بكر فقدموا بهم أثر هجرة النبي ﷺ وأسماء حامل متم: أي مقرب قد دنا وضعها لولدها، فلما ولدته كــَّبر المسلمون تكبيرة عظيمة فرحا بمولده لأنه كان قد بلغهم عن اليهود أنهم سحروهم حتى لا يولد لهم بعد هجرتهم ولد، فأكذب الله اليهود فيما زعموا.