البداية والنهاية/الجزء الرابع/الوقعة وما كان أول الأمر من الفرار ثم العاقبة للمتقين
قال يونس بن بكير وغيره عن محمد بن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه قال: فخرج مالك بن عوف بمن معه إلى حنين، فسبق رسول الله ﷺ إليها، فأعدوا وتهيئوا في مضايق الوادي وأحنائه.
وأقبل رسول الله وأصحابه حتى انحط بهم الوادي في عماية الصبح، فلما انحط الناس ثارت في وجوههم الخيل، فشدت عليهم وانكفأ الناس منهزمين لا يقبل أحد على أحد، وانحاز رسول الله ﷺ ذات اليمين يقول: «أين أيها الناس هلموا إلي، أنا رسول الله، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله، أنا محمد بن عبد الله»
قال: فلا شيء، وركبت الإبل بعضها بعضا، فلما رأى رسول الله ﷺ أمر الناس ومعه رهط من أهل بيته: علي بن أبي طالب، وأبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب، وأخوه ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، والفضل بن العباس، وقيل الفضيل بن أبي سفيان، وأيمن ابن أم أيمن، وأسامة بن زيد.
ومن الناس من يزيد فيهم قثم بن العباس، ورهط من المهاجرين: منهم أبو بكر، وعمر، والعباس آخذ بحكمة بغلته البيضاء وهو عليها قد شجرها.
قال: ورجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام هوازن وهوازن خلفه، إذ أدرك طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه، قال فبينما هو كذلك إذ هوى له علي بن أبي طالب ورجل من الأنصار يريدانه.
قال: فيأتي عليّ من خلفه، فضرب عرقوبي الجمل فوقع على عجزه، ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه فانعجف عن رحله.
قال: واجتلد الناس، فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول الله ﷺ.
ورواه الإمام أحمد: عن يعقوب بن إبراهيم الزهري، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق.
قال ابن إسحاق: والتفت رسول الله ﷺ إلى أبي سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب، وكان ممن صبر يومئذ، وكان حسن الإسلام حين أسلم، وهو آخذ بثفر بغلة رسول الله ﷺ فقال: «من هذا؟».
قال: ابن أمك يا رسول الله.
قال ابن إسحاق: ولما انهزم الناس تكلم رجال من جفاة الأعراب بما في أنفسهم من الظغن، فقال أبو سفيان صخر بن حرب - يعني وكان إسلامه بعد مدخولا، وكانت الأزلام بعد معه يومئذ - قال: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر.
وصرخ كلدة بن الحنبل وهو مع أخيه صفوان بن أمية - يعني لأمه - وهو مشرك في المدة التي جعل له رسول الله ﷺ: ألا بطل السحر اليوم.
فقال له صفوان: اسكت فض الله فاك، فوالله لئن يربني رجل من قريش، أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة، أنبا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك: أن هوازن جاءت يوم حنين بالنساء والصبيان، والإبل والغنم، فجعلوها صفوفا يكثرون على رسول الله ﷺ، فلما التقوا ولىّ المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى. فقال رسول الله ﷺ: «يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله».
ثم قال: «يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله».
قال: فهزم الله المشركين ولم يضرب بسيف ولم يطعن برمح.
قال: وقال رسول الله ﷺ يومئذ: «من قتل كافرا فله سلبه».
قال: فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم.
وقال أبو قتادة: يا رسول الله إني ضربت رجلا على حبل العاتق وعليه درع له، فأجهضت عنه فانظر من أخذها.
قال: فقام رجل فقال: أنا أخذتها فأرضه منها وأعطنيها.
قال: وكان رسول الله ﷺ لا يسأل شيئا إلا أعطاه أو سكت، فسكت رسول الله ﷺ، فقال عمر: والله لا يفئها الله على أسد من أسد الله ويعطيكها.
فقال رسول الله ﷺ: «صدق عمر».
قال: ولقي أبو طلحة أم سليم ومعها خنجر فقال أبو طلحة: ما هذا؟
فقالت: إن دنا مني بعض المشركين أن أبعج في بطنه.
فقال أبو طلحة: أما تسمع ما تقول أم سليم؟ فضحك رسول الله ﷺ، فقالت: يا رسول الله أقتل من بعدها من الطلقاء انهزموا بك.
فقال: «إن الله قد كفى وأحسن يا أم سليم».
وقد روى مسلم منه قصة خنجر أم سليم، وأبو داود قوله: «من قتل قتيلا فله سلبه» كلاهما من حديث حماد بن سلمة به.
وقول عمر في هذا مستغرب، والمشهور أن ذلك أبو بكر الصديق.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا أبي، ثنا نافع أبو غالب، شهد أنس بن مالك فقال العلاء بن زياد العدوي: يا أبا حمزة بسن أي الرجال كان رسول الله ﷺ إذ بعث؟
قال: ابن أربعين سنة.
قال: ثم كان ماذا؟
قال: ثم كان بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، فتمت له ستون سنة، ثم قبضه الله إليه.
قال: بسن أي الرجال هو يومئذ؟
قال: كأشب الرجال وأحسنه وأجمله وألحمه.
قال: يا أبا حمزة وهل غزوت مع رسول الله ﷺ؟
قال: نعم غزوت معه يوم حنين، فخرج المشركون بكرة فحملوا علينا، حتى رأينا خيلنا وراء ظهورنا وفي المشركين رجل يحمل علينا فيدقنا ويحطمنا، فلما رأى ذلك رسول الله ﷺ نزل، فهزمهم الله فولوا، فقام رسول الله ﷺ حين رأى الفتح فجعل يجاء بهم أسارى رجل رجل فيبايعونه على الإسلام.
فقال رجل من أصحاب النبي ﷺ: إن علي نذرا لئن جيء بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربن عنقه.
قال: فسكت رسول الله ﷺ وجيء بالرجل، فلما رأى النبي ﷺ قال: يا نبي الله تبت إلى الله.
قال: وأمسك نبي الله ﷺ أن يبايعه ليوفي الآخر نذره.
قال: وجعل ينظر إلى النبي ﷺ ليأمره بقتله ويهاب رسول الله ﷺ، فلما رأى النبي ﷺ أنه لا يصنع شيئا بايعه، فقال: يا نبي الله نذري؟
قال: «لم أمسك عنه منذ اليوم إلا لتوفي نذرك».
فقال: يا رسول الله ألا أومأت إلي؟
قال: «إنه ليس لنبي أن يومي».
تفرد به أحمد.
وقال أحمد: حدثنا يزيد، ثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: كان من دعاء رسول الله ﷺ يوم حنين: «اللهم إنك إن تشاء لا تعبد في الأرض بعد اليوم».
إسناده ثلاثي على شرط الشيخين، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه.
وقال البخاري: ثنا محمد بن بشار، ثنا غندر، ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمع البراء بن عازب - وسأله رجل من قيس أفررتم عن رسول الله ﷺ يوم حنين؟ - فقال: لكن رسول الله ﷺ لم يفر، كانت هوازن رماة وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم، فاستقبلتنا بالسهام.
ولقد رأيت رسول الله ﷺ على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان آخذ بزمامها وهو يقول:
أنا النبي لا كذب.
ورواه البخاري: عن أبي الوليد، عن شعبة به، وقال:
أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب
قال البخاري: وقال إسرائيل وزهير، عن أبي إسحاق، عن البراء، ثم نزل عن بغلته.
ورواه مسلم، والنسائي، عن بندار.
زاد مسلم: وأبي موسى كلاهما عن غندر به.
وروى مسلم: من حديث زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: ثم نزل فاستنصر وهو يقول:
«اللهم نزل نصرك».
قال البراء: ولقد كنا إذا حمي البأس نتقي برسول الله ﷺ، وإن الشجاع الذي يحاذى به.
وروى البيهقي من طرق: أن رسول الله ﷺ قال يومئذ: «أنا ابن العواتك».
وقال الطبراني: ثنا عباس بن الفضل الأسفاطي، ثنا عمرو بن عوف الواسطي، ثنا هشيم، أنبا يحيى بن سعيد، عن عمرو بن سعيد بن العاص، عن شبابة، عن ابن عاصم السلمي أن رسول الله ﷺ قال يوم حنين: «أنا ابن العواتك».
وقال البخاري: ثنا عبد الله بن يوسف، أنبا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن كثير بن أفلح، عن أبي محمد مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين، فضربته من ورائه على حبل عاتقه بالسيف، فقطعت الدرع وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت.
ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر، فقلت: ما بال الناس؟
فقال: أمر الله، ورجعوا وجلس رسول الله ﷺ فقال: «من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه» فقمت فقلت: من يشهد لي، ثم جلست.
فقال رسول الله ﷺ مثله.
فقلت: من يشهد لي ثم جلست.
فقال رسول الله ﷺ مثله.
فقلت: من يشهد لي، ثم جلست.
ثم قال رسول الله ﷺ مثله، فقمت، فقال: «مالك يا أبا قتادة؟».
فأخبرته، فقال رجل: صدق سلبه عندي فأرضه مني.
فقال أبو بكر: لاها الله، إذا تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه.
فقال النبي ﷺ: «صدق فأعطه» فأعطانيه فابتعت به مخرافا في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام.
ورواه بقية الجماعة إلا النسائي من حديث يحيى بن سعيد به.
قال البخاري: وقال الليث بن سعد، حدثني يحيى بن سعيد، عن عمرو بن كثير بن أفلح، عن أبي محمد مولى أبي قتادة: أن أبا قتادة قال:
لما كان يوم حنين نظرت إلي رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين، وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله، فأسرعت إلى الذي يختله فرفع يده ليضربني، فأضرب يده فقطعتها، ثم أخذني فضمني ضما شديدا حتى تخوفت، ثم ترك فتحلل فدفعته ثم قتلته، وانهزم المسلمون فانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس فقلت له: ما شأن الناس؟
قال: أمر الله، ثم تراجع الناس إلى رسول الله، فقال رسول الله: «من أقام بينة على قتيل فله سلبه» فقمت لألتمس بينة على قتيلي، فلم أر أحدا يشهد لي فجلست، ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله ﷺ، فقال رجل من جلسائه: سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي فأرضه مني.
فقال أبو بكر: كلا لا يعطيه أُضَيْبِع من قريش ويدع أسدا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله.
قال: فقام رسول الله فأداه إلي، فاشتريت به مخرافا فكان أول مال تأثلته.
وقد رواه البخاري في مواضع أخر، ومسلم كلاهما عن قتيبة، عن الليث بن سعد به.
وقد تقدم من رواية نافع أبي غالب، عن أنس: أن القائل لذلك عمر بن الخطاب، فلعله قاله متابعة لأبي بكر الصديق ومساعدة وموافقة له، أو قد اشتبه على الراوي، والله أعلم.
وقال الحافظ البيهقي: أنبا الحاكم، أنبا الأصم، أنبا أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله: أن رسول الله ﷺ قال يوم حنين حين رأى من الناس ما رأى: «يا عباس ناد يا معشر الأنصار، يا أصحاب الشجرة».
فأجابوه: لبيك لبيك، فجعل الرجل يذهب ليعطف بعيره فلا يقدر على ذلك، فيقذف درعه عن عنقه، ويأخذ سيفه وترسه، ثم يؤم الصوت، حتى اجتمع إلى رسول الله ﷺ منهم مائة، فاستعرض الناس فاقتتلوا.
وكانت الدعوة أول ما كانت للأنصار، ثم جعلت آخرا للخزرج وكانوا صبرا عند الحرب، وأشرف رسول الله ﷺ في ركايبه فنظر إلى مجتلد القوم فقال: «الآن حمي الوطيس».
قال: فوالله ما راجعه الناس إلا والأسارى عند رسول الله ﷺ مكتفون، فقتل الله منهم من قتل، وانهزم منهم من انهزم، وأفاء الله على رسوله ﷺ أموالهم ونساءهم وأبناءهم.
وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة.
وذكر موسى بن عقبة في (مغازيه) عن الزهري: أن رسول الله ﷺ لما فتح الله عليه مكة، وأقر بها عينه، خرج إلى هوازن وخرج معه أهل مكة لم يغادر منهم أحدا، ركبانا ومشاة، حتى خرج النساء يمشين على غير دين نظارا ينظرون، ويرجون الغنائم، ولا يكرهون مع ذلك أن تكون الصدمة برسول الله ﷺ وأصحابه.
قالوا: وكان معه أبو سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وكانت امرأته مسلمة وهو مشرك لم يفرق بينهما.
قالوا: وكان رئيس المشركين يومئذ مالك بن عوف النصري، ومعه دريد بن الصمة يرعش من الكبر، ومعه النساء والذراري والنعم، فبعث رسول الله ﷺ عبد الله بن أبي حدرد عينا، فبات فيهم، فسمع مالك بن عوف يقول لأصحابه:
إذا أصبحتم فاحملوا عليهم حملة رجل واحد، واكسروا أغماد سيوفكم، واجعلوا مواشيكم صفا ونساءكم صفا، فلما أصبحوا اعتزل أبو سفيان وصفوان، وحكيم بن حزام وراءهم ينظرون لمن تكون الدائرة، وصف الناس بعضهم لبعض.
وركب رسول الله ﷺ بغلة له شهباء فاستقبل الصفوف، فأمرهم وحضهم على القتال، وبشرهم بالفتح - إن صبروا - فبينما هم كذلك إذ حمل المشركون على المسلمين حملة رجل واحد، فجال المسلمون جولة ثم ولوا مدبرين، فقال حارثة بن النعمان: لقد حزرت من بقي مع رسول الله ﷺ حين أدبر الناس فقلت: مائة رجل.
قالوا: ومر رجل من قريش بصفوان بن أمية فقال: أبشر بهزيمة محمد وأصحابه، فوالله لا يجتبرونها أبدا، فقال له صفوان: تبشرني بظهور الأعراب، فوالله لربٌّ من قريش أحب إلي من ربٍّ من الأعراب، وغضب صفوان لذلك.
قال عروة: وبعث صفوان غلاما له فقال: اسمع لمن الشعار؟ فجاءه فقال: سمعتهم يقولون: يا بني عبد الرحمن، يا بني عبد الله، يا بني عبيد الله، فقال: ظهر محمد، وكان ذلك شعارهم في الحرب.
قالوا: وكان رسول الله ﷺ لما غشيه القتال قام في الركابين، وهو على البغلة، فرفع يديه إلى الله يدعوه يقول: «اللهم إني أنشدك ما وعدتني، اللهم لا ينبغي لهم أن يظهروا علينا».
ونادى أصحابه وزمرهم: «يا أصحاب البيعة يوم الحديبية! الله الله الكرة على نبيكم».
ويقال: حرضهم فقال: «يا أنصار الله وأنصار رسوله يا بني الخزرج، يا أصحاب سورة البقرة» وأمر من أصحابه من ينادي بذلك، قالوا: وقبض قبضة من الحصباء فحصب بها وجوه المشركين ونواصيهم كلها، وقال: «شاهت الوجوه».
وأقبل أصحابه إليه سراعا يبتدرون، وزعموا أن رسول الله ﷺ قال: «الآن حمي الوطيس» فهزم الله أعداءه من كل ناحية حصبهم منها، وأتبعهم المسلمون يقتلونهم وغنمهم الله نساءهم وذراريهم.
وفر مالك بن عوف حتى دخل حصن الطائف هو وأناس من أشراف قومه، وأسلم عند ذلك ناس كثير من أهل مكة حين رأوا نصر الله رسوله ﷺ وإعزازه دينه.
رواه البيهقي: وقال ابن وهب: أخبرني يونس، عن الزهري، أخبرني كثير بن العباس بن عبد المطلب قال: قال العباس: شهدت مع رسول الله ﷺ يوم حنين، فلزمته أنا وأبو سفيان بن الحارث لا نفارقه، ورسول الله ﷺ على بغلة بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، فلما التقى الناس ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله ﷺ يركض بغلته قبل الكفار.
قال العباس: وأنا آخذ بلجامها أكفها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله ﷺ.
وقال رسول الله ﷺ: «أي عباس ناد أصحاب السمرة».
قال: فوالله لكأنما عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيكاه يا لبيكاه.
قال: فاقتتلوا هم والكفار والدعوة في الأنصار وهم يقولون: يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج، فنظر رسول الله ﷺ وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال: «هذا حين حمي الوطيس».
ثم أخذ حصيات فرمى بهن في وجوه الكفار، ثم قال: «انهزموا ورب محمد».
قال: فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، قال: فوالله ما هو إلا أن رماهم رسول الله ﷺ بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلا، وأمرهم مدبرا.
ورواه مسلم: عن أبي الطاهر، عن ابن وهب به نحوه.
ورواه أيضا عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري نحوه.
وروى مسلم من حديث عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: غزونا مع رسول الله ﷺ حنينا، فلما واجهنا العدو تقدمت فأعلو ثنية، فاستقبلني رجل من المشركين فأرميه بسهم، وتوارى عني فما دريت ما صنع.
ثم نظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى فالتقوا هم وصحابة رسول الله ﷺ، فولى أصحاب رسول الله ﷺ وأرجع منهزما، وعليَّ بردتان متزرا بإحداهما مرتديا بالأخرى.
قال: فاستطلق إزاري فجمعتها جمعا، ومررت على النبي ﷺ وأنا منهزم وهو على بغلته الشهباء، فقال: «لقد رأى ابن الأكوع فزعا».
فلما غشوا رسول الله ﷺ نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض واستقبل به وجوههم، وقال: «شاهت الوجوه» فما خلى الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا من تلك القبضة، فولوا مدبرين فهزمهم الله، وقسم رسول الله ﷺ غنائمهم بين المسلمين.
وقال أبو داود الطيالسي في(مسنده): ثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن يسار، عن أبي عبد الرحمن الفهري، قال: كنا مع رسول الله ﷺ في حنين، فسرنا في يوم قايظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظلال السمر، فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي، فأتيت رسول الله ﷺ وهو في فسطاطه فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، قد حان الرواح يا رسول الله؟
قال: «أجل» ثم قال رسول الله ﷺ: «يا بلال» فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر، فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك؟
فقال: «أسرج لي فرسي» فأتاه بدفتين من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر.
قال: فركب فرسه، فسرنا يومنا فلقينا العدو وتسامت الخيلان فقاتلناهم، فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى، فجعل رسول الله ﷺ يقول: «يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله» واقتحم رسول الله ﷺ عن فرسه.
وحدثني من كان أقرب إليه مني أنه أخذ حفنة من التراب فحثى بها وجوه العدو وقال: «شاهت الوجوه».
قال يعلى بن عطاء: فحدثنا أبناؤهم عن أبائهم قالوا: ما بقي أحد إلا امتلأت عيناه وفمه من التراب، وسمعنا صلصلة من السماء كمر الحديد على الطست الحديد، فهزمهم الله عز وجل.
ورواه أبو داود السجستاني في (سننه): عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة به نحوه.
وقال الإمام أحمد: ثنا عفان، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا الحارث بن حصين، ثنا القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: قال عبد الله بن مسعود:
كنت مع رسول الله ﷺ يوم حنين فولى عنه الناس، وثبت معه ثمانون رجلا من المهاجرين والأنصار، فنكصنا على أعقابنا نحوا من ثمانين قدما ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة.
قال: ورسول الله ﷺ على بغلته يمضي قدما، فحادت به بغلته فمال عن السرج، فقلت له: ارتفع رفعك الله.
فقال: «ناولني كفا من تراب» فضرب به وجوههم فامتلأت أعينهم ترابا قال: «أين المهاجرين والأنصار؟»
قلت: هم أولاء، قال: «اهتف بهم» فهتفت بهم فجاؤوا سيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب، وولى المشركون أدبارهم. تفرد به أحمد.
وقال البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القنطري، ثنا أبو قلابة، ثنا أبو عاصم، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، أخبرني عبد الله بن عياض بن الحارث الأنصاري، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ أتى هوازن في اثني عشر ألفا، فقتل من أهل الطائف يوم حنين مثل من قتل يوم بدر.
قال: وأخذ رسول الله ﷺ كفا من حصى، فرمى بها في وجوهنا فانهزمنا.
ورواه البخاري في(تاريخه) ولم ينسب عياضا.
وقال مسدد: ثنا جعفر بن سليمان، ثنا عوف بن عبد الرحمن، مولى أم برثن، عمن شهد حنينا كافرا قال:
لما التقينا نحن ورسول الله ﷺ لم يقوموا لنا حلب شاة، فجئنا نهش سيوفنا بين يدي رسول الله ﷺ حتى إذ غشيناه، فإذا بيننا وبينه رجال حسان الوجوه فقالوا: شاهت الوجوه فارجعوا، فهزمنا من ذلك الكلام. رواه البيهقي.
وقال يعقوب بن سفيان: ثنا أبو سفيان، ثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم، ثنا الوليد بن مسلم، حدثني محمد بن عبد الله الشعبي، عن الحارث بن بدل النصري، عن رجل من قومه شهد ذلك يوم حنين وعمرو بن سفيان الثقفي قالا: انهزم المسلمون يوم حنين فلم يبق مع رسول الله ﷺ إلا عباس وأبو سفيان بن الحارث.
قال: فقبض رسول الله ﷺ قبضة من الحصباء فرمى بها في وجوههم.
قال: فانهزمنا فما خيل إلينا إلا أن كل حجر أو شجر فارس يطلبنا.
قال الثقفي: فأعجزت على فرسي حتى دخلت الطائف.
وروى يونس بن بكير في (مغازيه) عن يوسف بن صهيب بن عبد الله أنه لم يبق مع رسول الله يوم حنين إلا رجل واحد اسمه زيد.
وروى البيهقي من طريق الكديمي، ثنا موسى بن مسعود، ثنا سعيد بن السائب بن يسار الطائفي، عن السائب بن يسار، عن يزيد بن عامر السوائي أنه قال: عند انكشافة انكشفها المسلمون يوم حنين، فتبعهم الكفار وأخذ رسول الله ﷺ قبضة من الأرض، ثم أقبل على المشركين فرمى بها وجوههم، وقال: «ارجعوا شاهت الوجوه» فما أحد يلقى أخاه إلا وهو يشكو قذى في عينيه.
ثم روى من طريقين آخرين عن أبي حذيفة: ثنا سعيد بن السائب بن يسار الطائفي، حدثني أبي السائب بن يسار سمعت يزيد بن عامر السوائي - وكان شهد حنينا مع المشركين ثم أسلم بعد - قال: فنحن نسأله عن الرعب الذي ألقى الله في قلوب المشركين يوم حنين كيف كان؟
قال: فكان يأخذ لنا بحصاة فيرمي بها في الطست فيطن، قال: كنا نجد في أجوافنا مثل هذا.
وقال البيهقي: أنبا أبو عبد الله الحافظ، ومحمد بن موسى بن الفضل قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد قال: حدثنا محمد بن بكير الحضرمي، ثنا أيوب بن جابر، عن صدقة بن سعيد، عن مصعب بن شيبة، عن أبيه قال:
خرجت مع رسول الله ﷺ يوم حنين، والله ما أخرجني إسلام ولا معرفة به، ولكن أبيت أن تظهر هوازن على قريش فقلت وأنا واقف معه: يا رسول الله إني أرى خيلا بلقا، فقال: «يا شيبة إنه لا يراها إلا كافر» فضرب يده في صدري ثم قال: «اللهم اهد شيبة».
ثم ضربها الثانية فقال: «اللهم اهد شيبة».
ثم ضربها الثالثة ثم قال: «اللهم اهد شيبة».
قال: فوالله ما رفع يده عن صدري في الثالثة حتى ما كان أحد من خلق الله أحب إلي منه.
ثم ذكر الحديث في التقاء الناس، وانهزام المسلمين ونداء العباس، واستنصار رسول الله ﷺ حتى هزم الله المشركين.
وقال البيهقي: أنبا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو محمد أحمد عبد الله المزني، ثنا يوسف بن موسى، ثنا هشام بن خالد، ثنا الوليد بن مسلم: حدثني عبد الله بن المبارك، عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة مولى ابن عباس، عن شيبة بن عثمان قال:
لما رأيت رسول الله ﷺ يوم حنين قد عري: ذكرت أبى وعمي وقتل علي وحمزة إياهما فقلت: اليوم أدرك ثأري من رسول الله ﷺ.
قال: فذهبت لأجيئه عن يمينه فإذا بالعباس بن عبد المطلب قائم عليه درع بيضاء كأنها فضة، ينكشف عنها العجاج، فقلت: عمه ولن يخذله.
قال: ثم جئته عن يساره، فإذا أنا بأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، فقلت: ابن عمه ولن يخذله.
قال: ثم جئته من خلفه فلم يبق إلا أن أساوره سورة بالسيف إذ رفع شواظ من نار بيني وبينه كأنه برق، فخفت أن يمحشني، فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقرى، فالتفت رسول الله ﷺ وقال: «يا شيب ادن مني، اللهم أذهب عنه الشيطان».
قال: فرفعت إليه بصري ولهو أحب إلي من سمعي وبصري، فقال: «يا شيب قاتل الكفار».
وقال ابن إسحاق: وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار قلت: اليوم أدرك ثأري من محمد - وكان أبوه قد قتل يوم أحد - اليوم أقتل محمدا.
قال: فأدرت برسول الله ﷺ لأقتله فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي، فلم أطق ذاك، وعلمت أنه ممنوع مني.
وقال محمد بن إسحاق: وحدثني والدي إسحاق بن يسار عمن حدثه، عن جبير بن مطعم قال: إنا لمع رسول الله ﷺ يوم حنين والناس يقتتلون إذا نظرت إلى مثل البجاد الأسود يهوي من السماء، حتى وقع بيننا وبين القوم، فإذا نمل منثور قد ملأ الوادي، فلم يكن إلا هزيمة القوم، فما كنا نشك أنها الملائكة.
ورواه البيهقي عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق به.
وزاد فقال خديج بن العوجا النصري - يعني في ذلك -:
ولما دنونا من حنين ومائه * رأينا سوادا منكر اللون أخصفا
بملمومة شهباء لو قذفوا بها * شماريخ من عروى إذا عاد صفصفا
ولو أن قومي طاوعتني سراتهم * إذا ما لقينا العارض المتكشفا
إذا ما لقينا جند آل محمد * ثمانين ألفا واستمدوا بخندفا
وقد ذكر ابن إسحاق من شعر مالك بن عوف النصري رئيس هوازن يوم القتال، وهو في حومة الوغا يرتجز ويقول:
أقدم مجاج إنه يوم نكر * مثلي على مثلك يحمي ويكر
إذا أضيع الصف يوما والدبر * ثم احزالت زمر بعد زمر
كتائب يكل فيهن البصر * قد أطعن الطعنة تقدي بالسبر
حين يذم المستكن المنحجر * وأطعن النجلاء تعوي وتهر
لها من الجوف رشاش منهمر * تفهق تارات وحينا تنفجر
وثعلب العامل فيها منكسر * يا زين يا ابن همهم أين تفر
قد أنفذ الضرس وقد طال العمر * قد علم البيض الطويلات الخمر
إني في أمثالها غير غمر * إذ تخرج الحاصن من تحت الستر
وذكر البيهقي من طريق يونس بن بكير، عن أبي إسحاق أنه أنشد من شعر مالك أيضا حين ولى أصحابه منهزمين، وذلك قوله بعد ما أسلم وقيل هي لغيره:
أذكر مسيرهم والناس كلهم * ومالك فوقه الرايات تختفق
ومالك مالك ما فوقه أحد * يوم حنين عليه التاج يأتلق
حتى لقوا الناس حين البأس يقدمهم * عليهم البيض والأبدان والدرق
فضاربوا الناس حتى لم يروا أحدا * حول النبي وحتى جنه الغسق
حتى تنزل جبريل بنصرهم * فالقوم منهزم منا ومعتلق
منا ولو غير جبريل يقاتلنا * لمنعتنا إذا أسيافنا الفلق
وقد وفى عمر الفاروق إذ هزموا * بطعنة كان منها سرجه العلق
قال ابن إسحاق: ولما هزم المشركون وأمكن الله رسوله منهم قالت امرأة من المسلمين:
قد غلبت خيل الله خيل اللات * والله أحق بالثبات
قال ابن هشام: وقد أنشدنيه بعض أهل الرواية للشعر:
قد غلبت خيل الله خيل اللات * وخيله أحق بالثبات
قال ابن إسحاق: فلما انهزمت هوازن استحر القتل من ثقيف في بني مالك، فقتل منهم سبعون رجلا تحت رايتهم، وكانت مع ذي الخمار، فلما قتل أخذها عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن حبيب فقاتل بها حتى قتل، فأخبرني عامر بن وهب بن الأسود: أن رسول الله ﷺ لما بلغه قتله قال: «أبعده الله فإنه كان يبغض قريشا».
وذكر ابن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة أنه قتل مع عثمان هذا غلام له نصراني، فجاء رجل من الأنصار ليسلبه، فإذا هو أغرل فصاح بأعلى صوته: يا معشر العرب إن ثقيفا غرل.
قال المغيرة بن شعبة الثقفي: فأخذت بيده وخشيت أن تذهب عنا في العرب، فقلت: لا تقل كذلك فداك أبي وأمي إنما هو غلام لنا نصراني، ثم جعلت أكشف له القتلى فأقول له: ألا تراهم مختتنين كما ترى؟
قال ابن إسحاق: وكانت راية الأحلاف مع قارب بن الأسود، فلما انهزم الناس أسند رايته إلى شجرة وهرب هو وبنو عمه وقومه، فلم يقتل من الأحلاف غير رجلين؛ رجل من بني غيرة يقال له وهب، ورجل من بني كبة يقال له الجلاح.
فقال رسول الله ﷺ حين بلغه قتل الجلاح: «قتل اليوم سيد شباب ثقيف إلا ما كان من ابن هنيدة» يعني الحارث بن أويس.
قال ابن إسحاق: فقال العباس بن مرداس يذكر قارب بن الأسود، وفراره من بني أبيه، وذا الخمار وحبسه نفسه وقومه للموت:
ألا من مبلغ غيلان عني * وسوف أخال يأتيه الخبير
وعروة إنما أهدى جوابا * وقولا غير قولكما يسير
بأن محمدا عبد رسول * لرب لا يضل ولا يجور
وجدناه نبيا مثل موسى * فكل فتى بخايره مخير
وبئس الأمر أمر بني قسي * بوج إذا تقسمت الأمور
أضاعوا أمرهم ولكل قومٍ * أمير والدوائر قد تدور
فجئنا أسد غابات إليهم * جنود الله ضاحية تسير
نؤم الجمع جمع بني قسي * على حنق نكاد له نطير
وأقسم لو هموا مكثوا لسرنا * إليهم بالجنود ولم يغوروا
فكنا أسدلية ثم حتى * أبحناها وأسلمت النصور
ويوم كان قبل لدى حنين * فأقلع والدماء به تمور
من الأيام لم تسمع كيوم * ولم يسمع به قوم ذكور
قتلنا في الغبار بني حطيط * على راياتها والخيل زور
ولم يك ذو الخمار رئيس قوم * لهم عقل يعاقب أو نكير
أقام بهم على سنن المنايا * وقد بانت لمبصرها الأمور
فأفلت من نجا منهم حريضا * وقتل منهم بشر كثير
ولا يغني الأمور أخو التواني * ولا الغلق الصريرة الحصور
أحانهم وحان وملكوه * أمورهم وأفلتت الصقور
بنو عوف يميح بهم جياد * أهين لها الفصافص والشعير
فلولا قارب وبنو أبيه * تقسمت المزارع والقصور
ولكن الرياسة عمموها * على يمن أشار به المشير
أطاعوا قاربا ولهم جدود * وأحلام إلى عز تصير
فإن يهدوا إلى الإسلام يلفوا * أنوف الناس ما سمر السمير
فإن لم يسلموا فهموا أذان * بحرب الله ليس لهم نصير
كما حكمت بني سعد وجرت * برهط بني غزية عنقفير
كأن بني معاوية بن بكر * إلى الإسلام ضائنة تخور
فقلنا أسلموا أنا أخوكم * وقد برأت من الإحن الصدور
كأن القوم إذ جاؤوا إلينا * من البغضاء بعد السلم عور