البداية والنهاية/الجزء الرابع/مرجعه عليه السلام من الطائف



مرجعه عليه السلام من الطائف


قال ابن إسحاق: ثم خرج رسول الله حين انصرف عن الطائف على دحنا حتى نزل الجعرانة فيمن معه من المسلمين ومعه من هوازن سبي كثير، وقد قال له رجل من أصحابه يوم ظعن عن ثقيف: يا رسول الله ادع عليهم.

فقال: «اللهم اهد ثقيفا وائت بهم»، قال: ثم أتاه وفد هوازن بالجعرانة وكان مع رسول الله من سبي هوازن ستة آلاف من الذراري والنساء ومن الإبل والشاء ما لا يدرى عدته.

قال ابن إسحاق: فحدثني عمرو بن شعيب وفي رواية يونس بن بكير عنه قال عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: كنا مع رسول الله بحنين، فلما أصاب من هوازن ما أصاب من أموالهم وسباياهم أدركه وفد هوازن بالجعرانة وقد أسلموا فقالوا:

يا رسول الله إنا أصل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا منَّ الله عليك وقام خطيبهم زهير بن صرد، أبو صرد فقال:

يا رسول الله إنما في الحظائر من السبايا خالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك ولو أنا ملحنا لابن أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك رجونا عائدتهما وعطفهما، وأنت رسول الله خير المكفولين، ثم أنشأ يقول:

أمنن علينا رسول الله في كرمٍ * فإنك المرء نرجوه وننتظر

أمنن على بيضةٍ قد عاقها قدر * ممزقٍ شملها في دهرها غير

أبقت لنا الدهر هتافا على حزن * على قلوبهم الغماء والغمر

إن لم تداركها نعماء تنشرها * يا أرجح الناس حلما حين يختبر

أمنن على نسوة قد كنت ترضعها * إذ فوك تملؤه من مخضها الدرر

أمنن على نسوة قد كنت ترضعها * وإذ يزنيك ما تأتي وما تذر

لا تجعلنا كمن شالت نعامته * واستبق منا فإنا معشر زهر

إنا لنشكر آلاء وإن كفرت * وعندنا بعد هذا اليوم مدخر

قال فقال رسول الله : «نساؤكم وأبناؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟».

فقالوا: يا رسول الله خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا؟ بل أبناؤنا ونساؤنا أحب إلينا.

فقال رسول الله : «أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وإذا أنا صليت بالناس فقوموا فقولوا إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين؛ وبالمسلمين إلى رسول الله في أبنائنا ونسائنا فإني سأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم».

فلما صلى رسول الله بالناس الظهر، قاموا فقالوا ما أمرهم به رسول الله فقال: «أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم».

فقال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله ، وقالت الأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله ، وقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا، وقال عيينة: أما أنا وبنو فزارة فلا، وقال العباس بن مرداس السلمي: أما أنا وبنو سليم فلا، فقالت بنو سليم: بل ما كان لنا فهو لرسول الله .

قال: يقول عباس بن مرداس لبني سليم: وهنتموني؟

فقال رسول الله : «من أمسك منكم بحقه، فله بكل إنسان ستة فرائض، من أول فيء نصيبه»، فردوا إلى الناس نساءهم وأبناءهم.

ثم ركب رسول الله وأتبعه الناس يقولون: يا رسول الله اقسم علينا فيئنا، حتى اضطروه إلى شجرة فانتزعت رداءه فقال: «أيها الناس ردوا عليّ ردائي فوالذي نفسي بيده لو كان لكم عندي عدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا».

ثم قام رسول الله إلى جنب بعير فأخذ من سنامه وبرة فجعلها بين إصبعيه ثم رفعها فقال: «أيها الناس والله مالي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس، والخمس مردود عليكم فأدوا الخياط والمخيط، فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة».

فجاء رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال: يا رسول الله أخذت هذه لأخيط بها برذعة بعير لي دبر.

فقال رسول الله : «أما حقي منها فلك».

فقال الرجل: أما إذا بلغ الأمر فيها فلا حاجة لي بها فرمى بها من يده.

وهذا السياق يقتضي أنه عليه السلام رد إليهم سبيهم قبل القسمة كما ذهب إليه محمد بن إسحاق بن يسار خلافا لموسى بن عقبة وغيره.

وفي (صحيح البخاري) من طريق الليث بن عقيل، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم أن رسول الله قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين، فسألوا أن ترد إليهم أموالهم ونساؤهم فقال لهم رسول الله : «معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال؟ وقد كنت استأنيت بكم».

وكان رسول الله انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف، فلما تبين لهم أن رسول الله غير راد إليهم أموالهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: إنا نختار سبينا، فقام رسول الله في المسلمين وأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: «أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء قد جاؤوا تائبين وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم فمن أحب أن يطيب ذلك فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول مال يفيء الله علينا فليفعل».

فقال الناس: قد طيبنا ذلك يا رسول الله.

فقال لهم: «إنا لا ندري من أذن منكم ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم».

فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله فأخبروه بأنهم قد طيبوا وأذنوا.

فهذا ما بلغنا عن سبي هوازن.

ولم يتعرض البخاري لمنع الأقرع وعيينة وقومهما بل سكت عن ذلك والمثبت مقدم على النافي فكيف الساكت.

وروى البخاري: من حديث الزهري أخبرني عمر بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، أخبره جبير بن مطعم أنه بينما هو مع رسول الله ومعه الناس مقفله من حنين، علقت الأعراب برسول الله يسألونه حتى اضطروه إلى شجرة فخطفت رداءه، فوقف رسول الله ثم قال: «أعطوني ردائي فلو كان عدد هذه العضاة نعما لقسمته بينكم ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذوبا ولا جبانا». تفرد به البخاري.

وقال ابن إسحاق: وحدثني أبو وجزة يزيد بن عبيد السعدي: أن رسول الله أعطى علي بن أبي طالب جارية يقال لها: ريطة بنت هلال بن حيان بن عميرة، وأعطى عثمان بن عفان جارية يقال لها: زينب بنت حيان بن عمرو بن حيان، وأعطى عمر جارية فوهبها من ابنه عبد الله.

وقال ابن إسحاق: فحدثني نافع عن عبد الله بن عمر قال: بعثت بها إلى أخوالي من بني جمح، ليصلحوا لي منها ويهيئوها حتى أطوف بالبيت، ثم آتيهم وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها، قال: فجئت من المسجد حين فرغت، فإذا الناس يشتدون، فقلت ما شأنكم؟

قالوا: رد علينا رسول الله نساءنا وأبناءنا.

قلت: تلكم صاحبتكم في بني جمح فاذهبوا فخذوها فذهبوا إليها فأخذوها.

قال ابن إسحاق: وأما عيينة بن حصن فأخذ عجوزا من عجائز هوازن، وقال حين أخذها: أرى عجوزا إني لأحسب لها في الحي نسبا وعسى أن يعظم نداؤها، فلما رد رسول الله السبايا بست فرائض أبى أن يردها.

فقال له زهير بن صرد: خذها عنك فوالله ما فوها ببارد، ولا ثديها بناهد، ولا بطنها بوالد، ولا زوجها بواجد، ولا درها بماكد، إنك ما أخذتها والله بيضاء غريرة، ولا نصفا وثيرة، فردها بست فرائض.

قال الواقدي: ولما قسم رسول الله الغنائم بالجعرانة أصاب كل رجل أربع من الإبل، وأربعون شاة.

وقال سلمة عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر: أن رجلا ممن شهد حنين قال: والله إني لأسير إلى جنب رسول الله على ناقة لي، وفي رجلي نعل غليظة، إذ زحمت ناقتي ناقة رسول الله ، ويقع حرف نعلي على ساق رسول الله فأوجعه، فقرع قدمي بالسوط وقال: «أوجعتني فتأخر عني» فانصرفت.

فلما كان الغد إذا رسول الله يلتمسني.

قال: قلت: هذا والله لما كنت أصبت من رجل رسول الله بالأمس.

قال: فجئته وأنا أتوقع، فقال: «إنك أصبت قدمي بالأمس فأوجعتني فقرعت قدمك بالسوط، فدعوتك لأعوضك منها» فأعطاني ثمانين نعجة بالضربة التي ضربني.

والمقصود من هذا أن رسول الله رد إلى هوازن سبيهم بعد القسمة، كما دل عليه السياق وغيره.

وظاهر سياق حديث عمرو بن شبيب الذي أورده محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله رد إلى هوازن سبيهم قبل القسمة، ولهذا لما رد السبي وركب علقت الأعراب برسول الله ، يقولون له: أقسم علينا فيئنا حتى اضطروه إلى سمرة.

فخطفت رداءه فقال: «ردوا علي ردائي أيها الناس، فوالذي نفسي بيده لو كان لكم عدد هذه العضاة نعما لقسمته فيكم ثم لا تجدوني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا».

كما رواه البخاري، عن جبير بن مطعم بنحوه.

وكأنهم خشوا أن يرد إلى هوازن أموالهم، كما رد إليهم نساءهم، وأطفالهم فسألوه قسمة ذلك، فقسمها عليه الصلاة والسلام بالجعرانة، كما أمره الله عز وجل وآثر أناسا في القسمة، وتألف أقواما من رؤساء القبائل وأمرائهم.

فعتب عليه أناس من الأنصار حتى خطبهم، وبين لهم وجه الحكمة فيما فعله تطبيبا لقلوبهم، وتنقد بعض من لا يعلم من الجهلة والخوارج، كذي الخويصرة وأشباهه قبحه الله، كما سيأتي تفصيله وبيانه في الأحاديث الواردة في ذلك وبالله المستعان.

قال الإمام أحمد: حدثنا عارم، ثنا معتمر بن سليمان، سمعت أبي يقول: ثنا السميط السدوسي، عن أنس بن مالك قال: فتحنا مكة ثم إنا غزونا حنينا، فجاء المشركون بأحسن صفوف رأيت، فصفت الخيل، ثم صفت المقاتلة، ثم صفت النساء من وراء ذلك، ثم صفت الغنم، ثم النعم.

قال: ونحن بشر كثير قد بلغنا ستة آلاف، وعلى مجنبة خيلنا خالد بن الوليد.

قال: فجعلت خيلنا تلوذ خلف ظهورنا.

قال: فلم نلبث أن انكشف خيلنا، وفرت الأعراب، ومن نعلم من الناس.

قال: فنادى رسول الله : «يا للمهاجرين، يا للمهاجرين، يا للأنصار؟».

قال أنس: هذا حديث عمته.

قال: قلنا: لبيك يا رسول الله.

قال: وتقدم رسول الله .

قال: «وأيم الله ما أتيناهم حتى هزمهم الله».

قال: فقبضنا ذلك المال، ثم انطلقنا إلى الطائف فحاصرناهم أربعين ليلة، ثم رجعنا إلى مكة.

قال: فنزلنا فجعل رسول الله يعطي الرجل المائة، ويعطي الرجل المائتين.

قال: فتحدث الأنصار بينها، أما من قاتله فيعطيه، وأما من لم يقاتله فلا يعطيه؟! فرفع الحديث إلى رسول الله ، ثم أمر بسراة المهاجرين والأنصار أن يدخلوا عليه، ثم قال: «لا يدخلن علي إلا أنصاري - أو الأنصار -».

قال: فدخلنا القبة حتى ملأناها، قال نبي الله : «يا معشر الأنصار» أو كما قال: «ما حديث أتاني؟».

قالوا: ما أتاك يا رسول الله؟

قال: «ما حديث أتاني؟».

قالوا: ما أتاك يا رسول الله.

قال: «ألا ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وتذهبون برسول الله حتى تدخلوه بيوتكم؟»

قالوا: رضينا يا رسول الله.

قال: فرضوا أو كما قال.

وهكذا رواه مسلم من حديث معتمر بن سليمان، وفيه من الغريب قوله: أنهم كانوا يوم هوازن ستة آلاف، وإنما كانوا في اثني عشر ألفا، وقوله: إنهم حاصروا الطائف أربعين ليلة، وإنما حاصروها قريبا من شهر ودون العشرين ليلة، فالله أعلم.

وقال البخاري: ثنا عبد الله بن محمد، ثنا هشام، ثنا معمر، عن الزهري، حدثني أنس بن مالك قال: قال ناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله ما أفاء من أموال هوازن، فطفق النبي يعطي رجالا المائة من الإبل.

فقالوا: يغفر الله لرسول الله ، يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟

قال أنس بن مالك: فحدث رسول الله بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة أدم، ولم يدع معهم غيرهم.

فلما اجتمعوا قام النبي فقال: «ما حديث بلغني عنكم؟»

قال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا، وأما ناس منا حديثة أسنانهم، فقالوا: يغفر الله لرسول الله ، يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم.

فقال رسول الله : «فإني لأعطي رجالا حديثي عهد بالكفر أتألفهم، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وتذهبون بالنبي إلى رحالكم؟ فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به».

قالوا: يا رسول الله قد رضينا.

فقال لهم النبي : «فستجدون أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض».

قال أنس: فلم يصبروا.

تفرد به البخاري من هذا الوجه.

ثم رواه البخاري ومسلم، من حديث ابن عوف، عن هشام بن زيد، عن جده أنس بن مالك قال: لما كان يوم حنين التقى هوازن ومع النبي عشرة آلاف والطلقاء فأدبروا، فقال: «يا معشر الأنصار».

قالوا: لبيك يا رسول الله وسعديك، لبيك نحن بين يديك.

فنزل رسول الله فقال: «أنا عبد الله ورسوله» فانهزم المشركون، فأعطى الطلقاء والمهاجرين ولم يعط الأنصار شيئا، فقالوا فدعاهم فأدخلهم في قبته، فقال: «أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون برسول الله ؟».

قالوا: بلى.

فقال رسول الله : «لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار».

وفي رواية للبخاري من هذا الوجه: قال لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم، ومع رسول الله عشرة آلاف والطلقاء، فأدبروا عنه حتى بقي وحده، فنادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما.

التفت عن يمينه فقال: «يا معشر الأنصار؟»

قالوا: لبيك يا رسول الله، أبشر نحن معك.

ثم التفت عن يساره فقال: «يا معشر الأنصار؟».

فقالوا: لبيك يا رسول الله أبشر نحن معك، وهو على بغلة بيضاء، فنزل فقال: «أنا عبد الله ورسوله».

فانهزم المشركون، وأصاب يومئذ مغانم كثيرة، فقسم بين المهاجرين والطلقاء، ولم يعط الأنصار شيئا.

فقالت الأنصار: إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا، فبلغه ذلك فجمعهم في قبة فقال: «يا معشر الأنصار ما حديث بلغني؟» فسكتوا.

فقال: «يا معشر الأنصار ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبون برسول الله تحوزونه إلى بيوتكم؟».

قالوا: بلى.

فقال: «لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار».

قال هشام: قلت يا أبا حمزة وأنت شاهد ذلك؟

قال: وأين أغيب عنه.

ثم رواه البخاري ومسلم أيضا، من حديث شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: جمع رسول الله الأنصار فقال: «إن قريش حديثو عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم، أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله إلى بيوتكم؟».

قالوا: بلى.

قال: «لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعب الأنصار».

وأخرجاه أيضا من حديث شعبة، عن أبي التياح يزيد بن حميد، عن أنس بنحوه، وفيه فقالوا: والله إن هذا لهو العجب، إن سيوفنا لتقطر من دمائهم والغنائم تقسم فيهم. فخطبهم وذكر نحو ما تقدم.

وقال الإمام أحمد: ثنا عفان، ثنا حماد، ثنا ثابت، عن أنس بن مالك، أن رسول الله أعطى أبا سفيان، وعيينة، والأقرع، وسهيل بن عمرو، في آخرين يوم حنين فقالت الأنصار: يا رسول الله سيوفنا تقطر من دمائهم، وهم يذهبون بالمغنم؟

فبلغ ذلك النبي ، فجمعهم في قبة له حتى فاضت فقال: «فيكم أحد من غيركم؟».

قالوا: لا إلا ابن أختنا.

قال: «ابن أخت القوم منهم».

ثم قال: «أقلتم كذا وكذا؟».

قالوا: نعم.

قال: «أنتم الشعار والناس الدثار، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبعير، وتذهبون برسول الله إلى دياركم؟».

قالوا: بلى.

قال: «الأنصار كرشي وعيبتي، لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعبهم، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار».

وقال: قال حماد: أعطى مائة من الإبل، فسمى كل واحد من هؤلاء.

تفرد به أحمد من هذا الوجه، وهو على شرط مسلم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس، أن رسول الله قال: «يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله بي؟ ألم آتكم متفرقين فجمعكم الله بي، ألم آتكم أعداء فألف الله بين قلوبكم؟».

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: «أفلا تقولون جئتنا خائفا فأمناك، وطريدا فأويناك، ومخذولا فنصرناك؟».

قالوا: بل لله المن علينا ولرسوله.

وهذا إسناد ثلاثي على شرط الصحيحين، فهذا الحديث كالمتواتر عن أنس بن مالك.

وقد روي عن غيره من الصحابة.

قال البخاري: ثنا موسى ابن إسماعيل، ثنا وهيب، ثنا عمرو بن يحيى، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد بن عاصم، قال: لما أفاء الله على رسوله يوم حنين، قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا في أنفسهم إذ لم يصيبهم ما أصاب الناس.

فخطبهم فقال: «يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي؟».

كلما قال شيئا، قالوا: الله ورسوله أمن.

قال: «لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبعير، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض».

ورواه مسلم من حديث عمرو بن يحيى المازني به.

وقال يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن أبي سعيد الخدري، قال: لما أصاب رسول الله الغنائم يوم حنين، وقسم للمتألفين من قريش وسائر العرب ما قسم، ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى قال قائلهم: لقي والله رسول الله قومه.

فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله ، فقال: يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم.

فقال: «فيم؟»

قال: فيما كان من قسمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب، ولم يكن فيهم من ذلك شيء.

فقال رسول الله : «فأين أنت من ذلك يا سعد؟».

قال: ما أنا إلا امرؤ من قومي.

قال: فقال رسول الله : «فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، فإذا اجتمعوا فأعلمني».

فخرج سعد فصرخ فيهم، فجمعهم في تلك الحظيرة فجاء رجل من المهاجرين فأذن له فدخلوا، وجاء آخرون فردهم، حتى إذا لم يبق من الأنصار أحد إلا اجتمع له أتاه، فقال: يا رسول الله قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار حيث أمرتني أن أجمعهم.

فخرج رسول الله ، فقام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: «يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟».

قالوا: بلى.

ثم قال رسول الله : «ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟».

قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وبماذا نجيبك؟ المن لله ولرسوله.

قال: «والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدقتم، جئتنا طريدا فأويناك، وعائلا فآسيناك، وخائفا فأمناك، ومخذولا فنصرناك».

فقالوا: المن لله ولرسوله.

فقال رسول الله :

«أوجدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاء والبعير، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم، فوالذي نفسي بيده لو أن الناس سلكوا شعبا وسلكت الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار».

قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا بالله ربا ورسوله قسما ثم انصرف وتفرقوا.

وهكذا رواه الإمام أحمد: من حديث ابن إسحاق، ولم يروه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه، وهو صحيح.

وقد رواه الإمام أحمد، عن يحيى بن بكير، عن الفضل بن مرزوق، عن عطية بن سعد العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال رجل من الأنصار لأصحابه: أما والله لقد كنت أحدثكم أنه لو استقامت الأمور قد آثر عليكم.

قال: فردوا عليه ردا عنيفا، فبلغ ذلك رسول الله فجاءهم فقال لهم أشياء لا أحفظها.

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: «وكنتم لا تركبون الخيل» وكلما قال لهم شيئا، قالوا: بلى يا رسول الله، ثم ذكر بقية الخطبة كما تقدم.

تفرد به أحمد أيضا.

وهكذا رواه الإمام أحمد منفردا به من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد بنحوه.

ورواه أحمد أيضا عن موسى بن عقبة، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر مختصرا.

وقال سفيان بن عيينة عن عمر بن سعيد بن مسروق، عن أبيه، عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج، عن جده رافع بن خديج:

أن رسول الله أعطى المؤلفة قلوبهم من سبي حنين مائة من الإبل، وأعطى أبا سفيان بن حرب مائة، وأعطى صفوان بن أمية مائة، وأعطى عيينة بن حصن مائة، وأعطى الأقرع بن حابس مائة، وأعطى علقمة بن علاثة مائة، وأعطى مالك بن عوف مائة، وأعطى العباس بن مرداس دون المائة، ولم يبلغ به أولئك، فأنشأ يقول:

أتجعل نهبي ونهب العبيد * بين عيينة والأقرع

فما كان حصن ولا حابس * يفوقان مرداس في المجمع

وما كنت دون امرئ منهما * ومن تخفض اليوم لا يرفع

وقد كنت في الحرب ذا تدري * فلم أعط شيئا ولم أمنع

قال: فأتم له رسول الله مائة.

رواه مسلم من حديث ابن عيينة بنحوه، وهذا لفظ البيهقي.

وفي رواية ذكرها موسى بن عقبة، وعروة بن الزبير، وابن إسحاق، فقال:

كانت نهابا تلافيتها * بكري على المهر في الأجرع

وإيقاظي الحي أن يرقدوا * إذا هجع الناس لم أهجع

فأصبح نهبي ونهب العبد * بين عيينة والأقرع

وقد كنت في الحرب ذا تدرئ * فلم أعط شيئا ولم أمنع

إلا أفايل أعطيتها * عديد قوائمها الأربع

وما كان حصن ولا حابس * يفوقان مرداس في المجمع

وما كنت دون امرئ منهما * ومن تضع اليوم لا يرفع

قال عروة وموسى بن عقبة، عن الزهري: فبلغ ذلك رسول الله فقال له: «أنت القائل أصبح نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة؟».

فقال أبو بكر: ما هكذا قال يا رسول الله، ولكن والله ما كنت بشاعر، وما ينبغي لك.

فقال: «كيف قال؟». فأنشده أبو بكر.

فقال رسول الله : «هما سواء ما يضرك بأيهما بدأت».

ثم قال رسول الله : «اقطعوا عني لسانه» فخشي بعض الناس أن يكون أراد المثلة به، وإنما أراد النبي العطية.

قال: وعبيد فرسه.

وقال البخاري: حدثنا محمد بن العلاء، ثنا أسامة، عن يزيد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: كنت عند النبي وهو نازل بالجعرانة، بين مكة والمدينة ومعه بلال، فأتى رسول الله أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟

فقال له: «أبشر».

فقال: قد أكثرت علي من أبشر!

فأقبل على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان، فقال: «رد البشرى فاقبلا أنتما» ثم دعا بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه وفيه ومج فيه، ثم قال: «اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما، وأبشرا» فأخذا القدح ففعلا، فنادت أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما، فأفضلا لها منه طائفة. هكذا رواه.

وقال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير، ثنا مالك، عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس بن مالك قال: كنت أمشي مع رسول الله وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجذبه جذبة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته.

قال: مر لي من مال الله الذي عندك.

فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء.

وقد ذكر ابن إسحاق الذين أعطاهم رسول الله يومئذ مائة من الإبل وهم:

أبو سفيان صخر بن حرب، وابنه معاوية، وحكيم بن حزام، والحارث بن كلدة أخو بني عبد الدار، وعلقمة بن علاثة، والعلاء بن حارثة الثقفي حليف بني زهرة، والحارث بن هشام، وجبير بن مطعم، ومالك بن عوف النصري، وسهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، وعيينة ابن حصن، وصفوان بن أمية، والأقرع بن حابس.

قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي: أن قائلا قال لرسول الله من أصحابه: يا رسول الله أعطيت عيينة والأقرع مائة مائة، وتركت جعيل بن سراقة الضمري؟!

فقال رسول الله : «أما والذي نفس محمد بيده، لجعيل خير من طلاع الأرض كلهم مثل عيينة والأقرع، ولكن تألفتهما ليسلما، ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه».

ثم ذكر ابن إسحاق من أعطاه رسول الله دون المائة ممن يطول ذكره.

وفي الحديث الصحيح عن صفوان بن أمية أنه قال: ما زال رسول الله يعطيني من غنائم حنين وهو أبغض الخلق إلي، حتى ما خلق الله شيئا أحب إلي منه.

البداية والنهاية - الجزء الرابع
سنة ثلاث من الهجرة غزوة نجد | غزوة الفرع من بحران | خبر يهود بني قينقاع في المدينة | سرية زيد بن حارثة إلى ذي القردة | مقتل كعب بن الأشرف | غزوة أحد في شوال سنة ثلاث | مقتل حمزة رضي الله عنه | فصل نصر الله للمسلمين يوم بدر | فصل فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ من المشركين قبحهم الله | فصل رد رسول الله عين قتادة بن النعمان عندما سقطت يوم أحد | فصل مشاركة أم عمارة في القتال يوم أحد | فصل في أول من عرف رسول الله بعد الهزيمة كعب بن مالك | دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد | فصل سؤال النبي عليه السلام عن سعد بن الربيع أهو حي أم ميت | الصلاة على حمزة وقتلى أحد | فصل في عدد الشهداء | فصل نعي رسول الله لحمنة بنت جحش أخيها وخالها وزوجها يوم أحد | خروج النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه على ما بهم من القرح والجراح في أثر أبي سفيان | فصل فيما تقاول به المؤمنون والكفار في وقعة أحد من الأشعار | آخر الكلام على وقعة أحد | سنة أربع من الهجرة النبوية | غزوة الرجيع | سرية عمرو بن أمية الضمري | سرية بئر معونة | غزوة بني النضير وفيها سورة الحشر | قصة عمرو بن سعدي القرظي | غزوة بني لحيان | غزوة ذات الرقاع | قصة غورث بن الحارث | قصة الذي أصيبت امرأته يومذاك | قصة جمل جابر | غزوة بدر الآخرة | فصل في جملة من الحوادث الواقعة سنة أربع من الهجرة | سنة خمس من الهجرة النبوية غزوة دومة الجندل | غزوة الخندق أو الأحزاب | فصل نزول قريش بمجتمع الأسيال يوم الخندق | فصل في دعائه عليه السلام على الأحزاب | فصل في غزوة بني قريظة | وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه | فصل الأشعار في الخندق وبني قريظة | مقتل أبي رافع اليهودي | مقتل خالد بن سفيان الهذلي | قصة عمرو بن العاص مع النجاشي | فصل في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة | تزويجه بزينب بنت جحش | نزول الحجاب صبيحة عرس زينب | سنة ست من الهجرة | غزوة ذي قرد | غزوة بني المصطلق من خزاعة | قصة الإفك | غزوة الحديبية | سياق البخاري لعمرة الحديبية | فصل في السرايا التي كانت في سنة ست من الهجرة | فصل فيما وقع من الحوادث في هذه السنة | سنة سبع من الهجرة غزوة خيبر في أولها | فصل فتح رسول الله عليه السلام للحصون | ذكر قصة صفية بنت حيي النضرية | فصل محاصرة النبي عليه السلام أهل خيبر في حُصنيهم | فصل فتح حصونها وقسيمة أرضها | فصل تخصيص شيء من الغنيمة للعبيد والنساء ممن شهدوا خيبر | ذكر قدوم جعفر بن أبي طالب ومسلمو الحبشة المهاجرون | قصة الشاة المسمومة والبرهان الذي ظهر | فصل انصراف رسول الله إلى وادي القرى ومحاصرة أهله | فصل من استشهد بخيبر من الصحابة | خبر الحجاج بن علاط البهزي | فصل مروره صلى الله عليه وسلم بوادي القرى ومحاصرة اليهود ومصالحتهم | فصل تقسيم الثمار و الزروع في خيبر بين المسلمين و اليهود بالعدل | سرية أبي بكر الصديق إلى بني فزارة | سرية عمر بن الخطاب إلى تُرَبَة وراء مكة بأربعة أميال | سرية عبد الله بن رواحة إلى يسير بن رزام اليهودي | سرية أخرى مع بشير بن سعد | سرية بني حدرد إلى الغابة | السرية التي قتل فيها محلم بن جثامة عامر بن الأضبط | سرية عبد الله بن حذافة السهمي | عمرة القضاء | قصة تزويجه عليه السلام بميمونة | ذكر خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة بعد قضاء عمرته | فصل إرسال سرية ابن أبي العوجاء إلى بني سليم | فصل رد رسول الله عليه السلام ابنته زينب على زوجها أبي العاص | سنة ثمان من الهجرة النبوية | طريق إسلام خالد بن الوليد | سرية شجاع بن وهب الأسدي إلى هوازن | سرية كعب بن عمير إلى بني قضاعة | غزوة مؤتة | فصل إصابة جعفر وأصحابه | فصل عطف رسول الله عليه السلام على ابن جعفر عند إصابة أبيه | فصل في فضل زيد وجعفر وعبد الله رضي الله عنهم | فصل في من استشهد يوم مؤتة | ما قيل من الأشعار في غزوة مؤتة | كتاب بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الآفاق وكتبه إليهم | إرساله صلى الله عليه وسلم إلى ملك العرب من النصارى بالشام | بعثه إلى كسرى ملك الفرس | بعثه صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب مدينة الإسكندرية واسمه جريج بن مينا القبطي | غزوة ذات السلاسل | سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر | غزوة الفتح الأعظم وكانت في رمضان سنة ثمان | قصة حاطب بن أبي بلتعة | فصل استخلاف كلثوم بن حصين الغفاري على المدينة | فصل إسلام العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم | فصل نزول النبي عليه السلام إلى مر الظهران | صفة دخوله صلى الله عليه وسلم مكة | فصل عدد الذين شهدوا فتح مكة | بعثه عليه السلام خالد بن الوليد بعد الفتح إلى بني جذيمة من كنانة | بعث خالد بن الوليد لهدم العزى | فصل في مدة إقامته عليه السلام بمكة | فصل فيما حكم عليه السلام بمكة من الأحكام | فصل مبايعة رسول الله الناس يوم الفتح على الإسلام والشهادة | غزوة هوازن يوم حنين | الوقعة وما كان أول الأمر من الفرار ثم العاقبة للمتقين | فصل هزيمة هوازن | فصل في الغنائم | فصل أمره صلى الله عليه وسلم أن لا يقتل وليدا | غزوة أوطاس | من استشهد يوم حنين وأوطاس | ما قيل من الأشعار في غزوة هوازن | غزوة الطائف | مرجعه عليه السلام من الطائف | قدوم مالك بن عوف النصري على الرسول | اعتراض بعض أهل الشقاق على الرسول | مجيء أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة عليه بالجعرانة | عمرة الجعرانة في ذي القعدة | إسلام كعب بن زهير بن أبي سلمى وذكر قصيدته بانت سعاد | الحوادث المشهورة في سنة ثمان والوفيات